التمويل والتنمية الصحة العاملية املعركة من أجل اخملاطر على الصحة العاملية يف القرن احلادي والعشرين
|
|
- Φωτεινή Γερμανού
- 7 χρόνια πριν
- Προβολές:
Transcript
1 اخملاطر على الصحة العاملية يف القرن احلادي والعشرين التمويل مالمح من حياة ألفين روث صانع الوفاق الصين تتعلم التانغو والتنمية ديسمبر 2014 املعركة من أجل الصحة العاملية I N T E R N A T الدوليI O N A النقد صندوقM L O N E T A R Y F U N D
2 التمويل والتنمية جملة فصلية تصدر باللغات اإلجنليزية والعربية والصينية والفرنسية والروسية واإلسبانية الطبعة العربية ISSN رئيس التحرير جيفري هايدن مدير التحرير مارينا بريموراك حمررون أوائل خالد عبد القادر هيون-سونغ كانغ جيتا بات ناتايل راميريز-جومينا جاكلين ديلورييه جيمس رو غلين غوتسيليغ سايمون ويلسن حمررون مساعدون مورين بيرك بروس إدواردس اختصاصي اإلنتاج الطباعي واإللكتروين ليجون يل مدير وسائط التواصل االجتماعي سارة حداد مساعد رئيس حترير أول نيكول براينن-كيماين مساعد رئيس التحرير جيمين يو مدير اإلبداع لويزا منجيفار احملررون الفنيون ستيف كوملان ميشيل مارتن مستشارو رئيس التحرير برناردين آكيتوبي لورا كودريس باس باكر باولو ماورو هيلج برغر جيان ماريا ميليس-فيريتي تيم كالن بول ميلز بول كاشين إجني أوتكر-روب آدريين شيستي لورا بابي ستين كاليسنز أوما راماكريشنان لويس كوبيدو عبد احلق الصنهاجي آلفريدو كويفاس جانيت ستوتسكي دومينيكو فانيتز آليسون ستوارت جيمس غوردن ناتاليا تاميريسا توماس هلبلينغ 2014 الناشر صندوق النقد الدويل.جميع احلقوق حمفوظة. للحصول على إذن بإعادة طبع أو استنساخ أي حمتوى من جملة التمويل والتنمية يقدم طلب عن طريق اإلنترنت على استمارة متوافرة يف املوقع اإللكتروين ) أو بإرسال بريد إلكتروين ويمكن أيضا احلصول على إذن ألغراض جتارية من مركز الترخيص بحقوق الطبع Copyright Clearance Center ( مقابل رسم رمزي. اآلراء الواردة يف املقاالت وغيرها من املواد تعبر عن أصحابها وال تعبر بالضرورة عن سياسة صندوق النقد الدويل. لالستفسار بشأن خدمات االشتراك وتغيير العنوان واإلعالن: IMF Publication Services Finance & Development PO Box Washington, DC, 20090, USA Telephone: (202) Fax: (202) مدير البريد :ترسل اخلطابات بشأن تغيير العناوين على العنوان التايل: Finance & Development, International Monetary Fund, PO Box 92780, Washington, DC, 20090, USA تدفع الرسوم البريدية للدوريات يف واشنطن العاصمة ويف مكاتب البريد اإلضافية. طبعت النسخة اإلجنليزية يف مطبعة Dartmouth Printing Company, Hanover, NH. التمويل والتنمية تحقيقات املعركة من أجل الصحة العاملية التمويل والتنمية جملة فصلية تصدر عن صندوق النقد الدويل ديسمبر العدد. 51 الرقم ٤ شكل الصحة العاملية 6 العامل حقق تقدما كبيرا حتى اآلن لكن الطريق ال يزال 6 طويال ديفيد بلوم التحول إلى المحلية ١٢ اإلنفاق على الصحة العامة يف االقتصادات الصاعدة والنامية ينتقل من احلكومات املركزية إىل الواليات واملدن فيكتوريا فان وأماندا غالسمان اخملاطر التي تهدد الصحة العاملية يف القرن احلادي والعشرين ١٦ العامل أصبح أفضل صحة اليوم لكن البشرية ال تزال تواجه مشكالت كبرى أولغا جوناس وإيان بيري ودان شيشولم ونيك بناتفاال ورامانان الكسميناريان تكلفة التقدم ٢١ أسعار األدوية اجلديدة تهدد اإلصالح الصحي يف كولومبيا أليخاندرو غافيريا 22 فاتورة الصحة ٢٢ التباطؤ األخير يف نمو اإلنفاق على الصحة العامة يف االقتصادات املتقدمة ال يرجح أن يدوم بنيديكت كليمنس وساجنيف غوبتا وباوبينغ شانغ اإلشراف على الصحة العالمية ٢٦ أطراف فاعلة جديدة بأولويات جديدة تزحم ساحة كانت تشغلها منظمة الصحة العاملية ذات يوم وحدها ديفي سريدهار وشيلسي كلينتون زيادة الكفاءة: ضرورة ملحة ٣٠ طالبات التمريض بمستشفى باتانغاس اإلقليمي مدينة باتانغاس الفلبين ديفيد كودي ومورا فرانسيس وباوبينغ شانغ االستعداد بالغ األهمية ٣٣ تبين اجلهود التي تبذلها رواندا ملنع انشار فيروس إيبوال يف البلد أن هناك حاجة إىل منهج متعدد القطاعات يتجاوز قطاع الصحة بمفرده. أغنيز بينغواهو 34 القطاع الخاص مقابل القطاع العام ٣٤ في العديد من البلدان ينبغي أال يجرى النقاش حول مصدر الرعاية الصحية األولية ولكن حول جودتها هورهيه كوراسا وجيشنو داس وجيفري هامر سالمة المالية العامة ٣٧ االنتقال إىل استخدام الضرائب حلفز السلوك الصحي له حدوده باتريك بيتي وماريو منصور وفيليب وينغيندر اشترك عن طريق املوقع اإللكتروين
3 ٣٨ االهتمام باالبتكار ثمة عقبات أمام تطوير العقاقير ملكافحة األمراض اجلديدة كارول ناسي ويف هذا العدد أيضا ٣٩ تباطؤ النشاط التجاري جزء من تباطؤ التجارة العاملية منذ اندالع األزمة مرتبط بعوامل هيكلية وليس بعوامل دورية كريستينا كونستانتينسكو وأديتيا ماتو وميشيل روتا ٤٤ تنين وسط زواحف اإلغوانا العالقات االقتصادية واملالية بين الصين وأمريكا الالتينية تمثل أهمية متزايدة بالنسبة للمنطقة. أنطوين إلسون ٤٧ الجانب الطيب في البيانات الكبيرة يمكن استخدام أدوات حتليل البيانات من أجل تعزيز النمو يف العامل النامي. كريستوفر سورداك وسارة أغاروول ٥٢ تقاسم الثروة ينبغي للبلدان التي تشهد طفرة يف املوارد توخي احلكمة حول توزيعها كافة بشكل مباشر على شعوبها ساجنيف غوبتا وأليكس سيغورا-أوبييرغو وإنريكي فلوريس أبواب ثابتة ٢ شخصيات اقتصادية الم صل ح مورين بيرك تقدم نظرة عامة على ألفن روث احلائز على جائزة نوبل والذي يستخدم نظرية املباريات لتحسين حياة الناس ٤٢ تأمل معي االنتقال إلى أعلى سيعيش ثلثا سكان العامل يف مناطق حضرية بحلول عام 2050 ناتايل راميريز-جومينا ٥٠ عودة إىل األسس المبادئ الضريبية حتقيق أقصى استفادة من شر ضروري رود دو مواج ومايكل كين ٥٦ استعراض الكتب كيف يستطيع آدم سميث أن يغير حياتك: دليل غير متوقع للطبيعة اإلنسانية والسعادة راس روبرتس اجلانب االجتماعي للنقود نايجل دود الثروة األوىل «الصحة رسالة من المحرر هي الثروة األوىل«كلمات كتبها الفيلسوف األمريكي رالف والدو إميرسون يف عام وت ذكرنا مقولة إميرسون التي ينقلها عنه ديفيد بلوم أستاذ االقتصاد والصحة العامة يف جامعة هارفارد يف املقالة الرئيسية ضمن هذا العدد بأن الصحة اجليدة هي ركيزة البناء بناء الصحة واجملتمع واالقتصاد. وقد خطت اإلنسانية خطوات واسعة يف جمال تطوير اللقاحات والتقنيات الطبية التي تسمح لنا بأن نحيا حياة أفضل وأكثر صحة. وهناك تطورات أخرى مثل زيادة توفير املياه النظيفة واملرافق الصحية ساعدت على التصدي ألمراض مزمنة وتمهيد السبيل لتحسين املستوى الصحي. ولكن القصة ال تقتصر على تقدم ال يتوقف. فحين كان هذا العدد على وشك الصدور كان العامل يواجه فاشية لفيروس إيبوال هي األسوأ على اإلطالق يف تذكرة قاسية لنا بمدى ضعفنا وباملسافة التي ال يزال علينا أن نقطعها. ورغم أن التفاوت الكبير يف املستوى الصحي قلما يحتل عناوين األخبار وهو التفاوت الذي جتسده أمور مثل الفارق البالغ 38 سنة بين العمر املتوقع يف اليابان )83 سنة( وسيراليون )45 سنة( فإنه يثير قضايا تتعلق بالعدالة ويشير إىل ضرورة التقدم يف عدة جبهات. ويف هذا العدد جنمع لفيفا من املؤلفين البارزين للحديث عن الصحة العاملية من زوايا خمتلفة حيث يتناولون النظم الصحية اليوم مزيج األشخاص واملمارسات والقواعد واملؤسسات الذي يخدم االحتياجات الصحية للسكان واالقتصاديات التي تقف وراءها. ويشدد بلوم يف مقاله الشامل على دور الصحة اجليدة يف قدرة الفرد أو األسرة على البقاء عند خط الفقر أو االرتفاع عنه. ويضم العدد عدة مقاالت تستكشف موضوع اإلنفاق على الرعاية الصحية حيث تناقش فيكتوريا فان وأماندا غالسمان حتويل اإلنفاق على الصحة العامة من احلكومات املركزية إىل الواليات واملدن وينظر بنديكت كليمنس وساجنيف غوبتا وباوبينغ شانغ فيما إذا كان التراجع الذي شهده اإلنفاق على الصحة العامة مؤخرا يف االقتصادات املتقدمة تراجعا دائما. ونقدم عدة تقارير من اخلطوط األمامية: وزيرا الصحة يف كل من كولومبيا ورواندا يناقشان أكبر التحديات يف وظيفتهما والرئيس التنفيذي إلحدى الشركات الصيدالنية ينظر يف املعوقات أمام تطوير عقاقير ملكافحة األمراض الناشئة. وهناك مقال خاص يتناول أربعة خماطر جسيمة تهدد الصحة يف القرن احلادي والعشرين. ويف هذا العدد أيضا تعرض مورين بيرك مالمح من حياة ألفين روث الفائز بجائزة نوبل لعام 2012 بينما يطرح باب»تأمل معي«رؤية لعاملنا الذي يتزايد فيه التوسع احلضري. جيفري هيدن رئيس التحرير الرسوم التوضيحية: 45, p. pp. 42, 43, ThinkStock Images; p. 44, Michael Gibbs; ThinkStock Images and Michelle Martin/IMF. الصور الفوتوغرافية: Cover, Narinder Nanu/AFP/Getty Images; p. 2, Noah Berger; p. 6 Jodie Coston/Getty Images; p. 12, William Campbell/Corbis; p. 16, Ministerio de Defensa de España/Corbis; p. 17, Michael Prince/Corbis; p. 18, Edward Rozzo/Corbis; p. 19, Science Stills/Visuals Unlimited/Getty; p. 21, Herminso Ruiz; p. 23, Amélie Benoist/BSIP/Corbis; p. 26, Stéphane Saporito, WHO; p. 28, WHO; p. 30, Karen Kasmauski/Corbis; p. 33, Stephanie Novak; p. 34, Jaipal Singh/epa/ Corbis; p. 37, ThinkStock Images/Getty Images; p. 38, Violetta Markelou; p. 39, Tim Martin/Getty Images; p. 42, Frederic Soltan/Corbis; p. 43, Stephen Jaffe/IMF; p. 47, G.M.B. Akash/Panos; p. 52, Greg A. Syverson/Getty Images; pp. 56, 57, Michael Spilotro/IMF. إقرأ على املوقع اإللكتروين صفحة جملة التمويل والتنمية على الفيسبوك التمويل والتنمية ديسمبر
4 شخصيات اقتصادية امل صل ح مورين بيرك تقدم نظرة عامة على ألفن روث احلائز على جائزة نوبل والذي يستخدم نظرية املباريات لتحسين حياة الناس ال يزال ألفن روث يتذكر شعوره باالضطراب من أعماقه يف عام 1995 عندما تلقى مكاملة بوب بيران من البرنامج الوطني لتوظيف األطباء املقيمين. وكان مركز تبادل المعلومات»ماتش«الذي يقوم سنويا بالتوفيق بين الوظائف المتاحة وآالف األطباء األمريكيين حديثي التخرج يبحث عن شخص يشرف على إعادة تصميم املركز. ويذكر روث كيف راح يفكر وقد انتابه شعور بعدم االرتياح:»ملاذا أنا بالذات «. وبالطبع فقد كان يعرف ملاذا اختاره بيران من بين اآلخرين. فقد كتب روث كتابا عن التوفيق بين اخلريجين والوظائف ودرس الكثير من إخفاقات السوق التي حتول دون عمل العرض والطلب بشكل سليم بما يف ذلك سوق العمل يف اجملال الطبي. وقد حققت له أبحاثه بشأن مراكز تبادل املعلومات وعمليات التوفيق املثلى كتلك التي تتم بين العرائس والعرسان وبين األطباء واملستشفيات شهرة كبيرة يف هذا اجملال. ولكن كصاحب نظريات مل يكن ثمة ما يدعوه إىل القلق إزاء التفاصيل الالزمة لتنفيذ آلية لضمان التوافق املستقر حسبما ي طلق على املزاوجة املثالية. فقد كان يكفي حتديد املشكالت التي تتضمنها هذه العملية. أما إذا وافق على إعادة تصميم مركز ماتش فسيتعين عليه إيجاد حلول. وكان هذا املشروع هو أول مشروع جريء يدخل به روث عامل املمارسة احلقيقية لتصميم السوق وينتهي به إىل احلصول على جائزة نوبل يف االقتصاد باالشتراك مع لويد شابلي يف عام.2012 الطبيب والسوق الصحي كان روث قد درس سوق األطباء اجلدد. وكان يعرف أن التنافس من أجل جذب العدد القليل من طالب الطب يف أربعينات القرن العشرين قد دفع املستشفيات إىل عرض فرص اإلقامة للطالب بشكل متزايد يف بداية حياتهم الدراسية وحتى عام من التخرج يف بعض األحيان. وكان من الواضح أن هذا النظام يعاين من أوجه ضعف فجرى تنقيحه بعد عدد قليل من السنوات عندما وافقت كليات الطب على عدم الكشف عن أي معلومات تتعلق بطالبهم حتى تاريخ معين ولكن برزت قضايا أخرى بعد ذلك. فقد كان الطالب املدرجة أسماؤهم على قوائم االنتظار باملستشفيات التي تمثل بالنسبة لهم االختيار األول يرفضون العروض املقدمة من املستشفيات التي كانت تمثل اختيارهم الثاين ويتمسكون برفضهم ألطول فترة ممكنة. ونتيجة لذلك بقيت قوائم االنتظار على حالها حتى نهاية فترة االختيار حيث ت تخذ القرارات على عجل. وعندما كان العرض ي رفض يف النهاية يكون الوقت قد فات بالنسبة للمستشفى لتقديم عروض إىل مرشحين آخرين مرغوبين. 2 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
5 واتسمت عملية التوفيق بين األطباء اجلدد واملستشفيات باالرتباك ومل يرض عنها طالب الطب أو أصحاب العمل احملتملين. ولتحقيق مواءمة أفضل بين أفضليات كل من طالب الطب واملستشفيات جرى استحداث برنامج ماتش يف بداية خمسينات القرن العشرين للتوفيق بين الطالب واملستشفيات باستخدام قوائم مفاضلة تعتمد على التصنيف ويضعها الطرفان. غير أن مشكالت جديدة ظهرت. فقد زاد عدد طالبات الطب زيادة كبيرة وطلب عدد كبير من األزواج والزوجات ممن التقوا يف كلية الطب اإلقامة يف نفس املدينة. ومل يستطع برنامج ماتش تلبية هذه الطلبات فلجأ كثير من األشخاص إىل جتاهله وهو ما مثل إشارة إىل بداية انهيار النظام. ووافق روث على تنقيح البرنامج وحتديثه ووضع باالشتراك مع إليوت بيرانسون اإلجراءات الرياضية أو اخلوارزمية التي ال تزال تستخدم حتى اليوم للتوفيق بين األطباء اجلدد وأصحاب العمل. وقد استخدمت هذه اخلوارزمية يف أكثر من ثالثين مركزا لتبادل املعلومات عن سوق العمل. توفيق األسواق عمد خبراء االقتصاد يف املاضي إىل دراسة األسواق التي تتعدل فيها األسعار بحيث يكون العرض مساويا للطلب. ولكن روث من اخلبراء يف نظرية املباريات ومتخصص يف»توفيق األسواق «أي األسواق التي ال تؤدي فيها التغيرات يف األسعار وحدها إىل تسوية األوضاع يف السوق. وال يستطيع املشاركون يف هذه األسواق اختيار ما يريدون حتى إذا كان بمقدورهم حتمل التكلفة بل يجب أن يتم اختيارهم أيضا. وانظر مثال إىل نظام قبول الطالب بالكليات أو سوق التعارف بين الناس. ويعتبر روث رائدا لفرع جديد من فروع علم االقتصاد يسمى تصميم السوق وهو يستخدم األدوات الرياضية اخلاصة بنظرية املباريات يف إصالح األنظمة التي أخفقت آلية أسواقها. ويضطلع مصممو األسواق بمهمة حمددة بوضوح يف األسواق التي ال وجود لألسعار فيها ألنه إذا كانت األسعار ال تؤدي دورا إشاريا فال بد من وجود آلية أخرى لتسوية السوق. ويساعد االقتصاديون من أمثال روث على تصميم هذه اآلليات. وأوضح روث يف مقالة له نشرت يف جملة Harvard Business Review يف عام 2007 أن مصممي األسواق يسعون إىل فهم»القواعد واإلجراءات التي جتعل األنواع اخملتلفة من األسواق تعمل بشكل جيد أو بشكل غير سليم.«وأضاف أن»هدفهم هو معرفة أساليب عمل ومتطلبات أسواق معينة بالدرجة الكافية إلصالحها عندما تتعطل أو لبناء أسواق من الصفر يف حالة عدم وجودها«. ويستند جزء كبير من عمل روث إىل النظرية التي طرحها شيبلي. وأشارت األكاديمية امللكية السويدية للعلوم عند منحها جائزة نوبل للخبيرين إىل»نظرية التوزيعات املستقرة وممارسة تصميم السوق.«وي نس ب الفضل بصفة عامة إىل شيبلي إلسهامه النظري وإىل روث لوضعه النظرية موضع التنفيذ العملي. وتعتبر خوارزمية القبول املؤجل التي اقترحها شيبلي وديفيد غيل يف دراستهما يف عام «College Admissions and the Stability 1962 The American Mathematical املنشورة يف جملة of Marriage» Monthly هي أساس هذا العمل. وتبحث هذه اخلوارزمية كيفية التوفيق بين 10 نساء و 10 رجال على أساس التفضيالت الفردية لكل منهم. فيمكن للنساء أن يخترن الرجال كما يمكن للرجال أن يختاروا النساء. ويف السيناريو التقليدي تبدأ العملية بأن يتقدم كل رجل للمرأة التي يحبها أكثر من غيرها. وتنظر كل امرأة بعد ذلك يف العروض اخملتلفة التي تلقتها )إذا كانت قد تلقت أي عروض( وت بقي على ما تراه أفضل عرض )دون أن تقبله حتى ذلك الوقت( وترفض العروض األخرى. ثم يتقدم الرجال الذين ر فضوا يف اجلولة األوىل إىل اختياراتهم الثانية يف حين حتتفظ النساء مرة أخرى بأكثر العروض جاذبية لهن ويرفضن باقي العروض. ويستمر ذلك حتى ال يرغب أي من الرجال يف تقديم مزيد من العروض. وتقبل كل امرأة بالعرض الذي حتتفظ به وال تكون هناك حاجة إىل تكرار أي عروض أخرى. وأثبت غيل وشيبلي رياضيا أن هذه اخلوارزمية تؤدي دائما إىل عملية توفيق تتسم باالستقرار أي عملية ال ينفصل فيها أي زوجين لتكوين حاالت توافق جديدة جتعلهم أفضل حاال. واستخدم روث تنويعات من هذه اخلوارزمية للتوفيق بين الطالب والكليات وكتبة احملامين والقضاة وغيرهم. ويقول روث ببساطة»إن األسواق تساعد الناس على أن يحيوا حياتهم بشكل أفضل. وينبغي أن نحسنها عندما نستطيع ذلك.«الطفل املثير للمشاكل ولد ألفن روث يف عام 1951 يف حي كوينز بمدينة نيويورك. وكان والداه وهما من األمريكيين من اجليل األول يعمالن بتدريس النسخ واالختزال يف منظومة املدارس الثانوية العامة. وكان روث دائما»طفال يثير املشاكل«كما يزعم. ومل يكن سعيدا يف املدرسة فتركها يف سن السادسة عشرة. ويف ذلك الوقت التحق ببرنامج املتفوقين يف العلوم بجامعة كولومبيا والذي كان يتضمن فصوال لدراسة الرياضيات والعلوم صباح أيام السبت للشباب املوهوب من منطقة مدينة نيويورك. وبمساعدة أشخاص ذوي صلة ببرنامج املتفوقين التحق ببرنامج بكالوريوس الهندسة بجامعة كولومبيا دون أن يحصل على شهادة املدرسة الثانوية. وتخرج بعد ثالث سنوات وحصل على درجة البكالوريوس يف بحوث العمليات. ويقول روث»من كان يدري أنني مل أكن أمانع االلتحاق بالفصول املدرسية والتعلم ولكنني مل أكن أحب املدرسة الثانوية كثيرا. فلم يكن بيننا توافق جيد«. وانتقل روث إىل جامعة ستانفورد يف عام 1971 لدراسة الدكتوراه يف جمال بحوث العمليات الذي يوصف يف بعض األحيان على أنه منهج علمي إلدارة األنظمة املعقدة. وهناك اجنذب إىل نظرية املباريات وكان الذي أثار اهتمامه فصل دراسي كان يحاضر فيه األستاذ الزائر مايكل ماشلر من اجلامعة العبرية يف القدس. كما اتصل روث ببوب ويلسون وهو من اخلبراء يف نظريات املباريات ويدرس يف كلية األعمال بجامعة ستانفورد وأصبح مرشدا مهما للطالب. وحلت رسالة الدكتوراه التي أعدها روث مشكلة أثيرت قبل ثالثين عاما يف الكتاب البارز املعنون نظرية املباريات والسلوك االقتصادي خلبير الرياضيات جون فون نويمان واخلبير االقتصادي أوسكار مورغنشتيرن وهو الكتاب الذي فتح اجملال أمام نظرية املباريات. ويقلل روث من أهمية هذا اإلجناز قائال إنه قد اتضح يف النهاية أن املوضوع كله كان طريقا مسدودا. ولكن الطرق املسدودة كما يضيف روث ليست سيئة بالضرورة. كما أضاف»أن هذا امليدان حقق تقدما كبيرا باستكشاف الطرق املسدودة«. وقبل مغادرته كاليفورنيا لتويل منصب يف جمال التدريس بجامعة إلينوي يف شامبين-أوربانا قام بما يشبه احلج لزيارة شيبلي الذي كان يف ذلك الوقت من اخلبراء البارزين يف نظرية املباريات يف شركة راند وهي مستودع فكر يف سانتا مونيكا. ومل يكن الشاب روث يعرف شيبلي يف ذلك الوقت ولكن نظرا ألن اجملال كان صغيرا جدا يف تلك األيام فقد كان السعي إىل رواده له معنى إىل حد ما. ويقول روث»مل يكن من الصعب أن تدرك أنك إذا أثبت مسألة جديدة يف نظرية املباريات عليك التوجه إىل شيبلي إلبالغه بها.«ويف هذه األثناء كانت حدود هذا العلم تتغير. ويقول روث»بعد حصويل على الدكتوراه يف عام 1974 بوقت قصير بدا كما لو أن نظرية املباريات ستزدهر باعتبارها جزءا من بحوث العمليات. ولكن مل يحدث ذلك وازدهرت يف علم االقتصاد«. التمويل والتنمية ديسمبر
6 ويف إلينوي حيث ع ين روث يف سن الثانية والعشرين أستاذا مساعدا يف قسم االقتصاد وإدارة األعمال بدأ يجري جتارب باستخدام نظرية املباريات مع زمالئه من املتخصصين يف علم النفس ومن بينهم كيث مورنيغان. ويتذكر مورنيغان وهو اآلن أستاذ بكلية كيلوغ إلدارة األعمال بجامعة نورث وسترن روث كشخص ذكي. ويقول مورنيغان»لقد شعر روث بالقلق لفترة من أنه لن يجد أي أفكار عظيمة بعد أن يبلغ اخلامسة والعشرين«نظرا ألن علماء الرياضيات عادة ما يبلغون ذروة تألقهم وهم يف سن صغيرة. األسواق تساعد األشخاص على أن يحيوا حياتهم بشكل أفضل. وينبغي أن نحسنها عندما نستطيع ذلك. واكتشف روث بعد فترة من الزمن أن التخصصين يختلفان يف بعض األفكار املتعلقة بطريقة اختبار توقعات نظرية املباريات يف اخملتبر. ولكن استمر اهتمامه بعلم االقتصاد التجريبي وهو ال يزال يرى العمل يف اخملتبرات كوسيلة مهمة الختبار االفتراضات املتعلقة بالسلوك. ويوضح روث قائال»إذا كنت من خبراء نظرية املباريات فإن القواعد هي بيانات. ومن األمور التي أرغب يف معرفتها عن السوق ما هي قواعده وما هي أحدث القواعد ألنك عندما تراقب الناس وهم يضعون القواعد يساورك الشك يف أنهم يرون سلوكا معينا يحاولون تعديله.«ويعطي ذلك بدوره للباحث نافذة على السوق ويزوده بإشارات إىل ما يمكن أن يكون عليه التصميم األمثل للسوق. تبادل الكلى انتقل روث يف عام 1982 إىل كلية االقتصاد بجامعة بتسبرغ يف حين بدأت زوجته إميلي وهي من علماء النفس اإلدراكي وكان قد قابلها يف إلينوي عملها يف مركز البحث والتنمية بشركة وستنغهاوس يف بتسبرغ. وتواكبت إقامتهما يف بتسبرغ والتي استمرت لستة عشر عاما مع حدثين بارزين. فقد افت تح مركز زرع األعضاء بجامعة بتسبرغ يف عام 1985 وهو من مستشفيات زرع األعضاء البارزة على مستوى العامل ويديره توماس ستارزل )الذي أصبح املركز يحمل اسمه اآلن( والذي كثيرا ما يطلق عليه أبو زرع األعضاء. وبعد عدة سنوات حصل جوزيف مواري اجلراح من بوسطن على جائزة نوبل يف الطب إلجرائه أول عملية زرع كلى ناجحة. وليس من املستغرب أن جتذب مشكلة التوفيق بين املرضى الذين يحتاجون إىل عمليات زرع كلى والكلى التي يمكن زرعها انتباه روث. ففي مطلع األلفية الثالثة بدأت املستشفيات يف إجراء عدد حمدود من عمليات تبادل الكلى احلية التي يشترك فيها زوجان من املرضى املتبرعين. ويف هذه املبادالت كان املريض من كل من الزوجين املرضى املتبرعين غير املتوافقين متوافقا مع املتبرع يف الزوج اآلخر بما يسمح لكل مريض باحلصول على كلية من املتبرع املستهدف للشخص اآلخر. ومع ذلك كان هناك نقص كبير يف الكلى. ويف عام 2002 بلغ عدد املرضى املسجلين على قائمة االنتظار يف الواليات املتحدة لكلى متبرعين موتى أكثر من 55 ألف مريض. ومات نحو 3400 مريض أثناء وجودهم على قائمة االنتظار وأصبح 900 آخرون يف حالة مرضية ال تسمح لهم بزرع األعضاء. وأجرى روث الذي كان يعمل يف ذلك الوقت يف جامعة هارفارد دراسة يف عام 2004 اشترك فيها أوتكو أونفر وتايفون زونميز حيث أدعوا فيها أن عدد عمليات الزرع يمكن أن يزيد زيادة كبيرة جدا إذا و جد»مركز لتبادل املعلومات يكون مصمما بطريقة مناسبة«ويستند إىل قاعدة بيانات لألزواج غير املتوافقين من املرضى واملتبرعين. وكان اقتراحهم الذي نشر يف جملة Quarterly Journal of Economics ينطوي على عمليات تبادل بدون أي قيود على العدد. وأرسلوا هذه الدراسة إىل العديد من اجلراحين ومل يرد عليهم إال جراح واحد فقط وهو فرانك ديلمونيكو الذي كان يف ذلك الوقت املدير الطبي ملصرف األعضاء يف نيو إنغالند. وأسفر عملهم مع ديلمونيكو عن وضع برنامج نيو إنغالند لتبادل الكلى الذي جمع 14 مركزا من مراكز زرع الكلى يف املنطقة. ولكن على الرغم من النجاح يف تنظيم عمليات تبادل الكلى فقد الحظ روث أن عدد عمليات اجلراحة التي كان ينظمها برنامج نيو إنغالند لتبادل الكلى كان يتقدم بوتيرة أبطأ بكثير من املتوقع. ويقول روث»لقد كنت أعمل مع زميلة يل هي إيتاي أشالغي من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا لفهم ما كان يحدث.«ويف اجملتمع العام للمرضى كان عدد املرضى الذين يسهل التوفيق بينهم أكبر من عدد املرضى الذين يصعب التوفيق بينهم. ولكن عند االطالع على األشخاص الذين كانوا يسجلون يف عملية التبادل وجدوا عددا أقل من األزواج الذين يسهل التوفيق بينهم من املتوقع وعددا أكبر بكثير من املتوقع من األزواج التي يصعب التوفيق بينها. ويقول روث»إن ما كان يحدث هو أمر يتعلق بنظرية املباريات. فعندما بدأنا يف عملية تبادل الكلى كنا نتعامل يف معظم األحيان مع املرضى وجراحيهم ولكن عندما أصبح تبادل الكلى جزءا منتظما من زرع األعضاء يف أمريكا )وإن كان ذلك ال يزال على مستوى صغير( تغير الالعبون وأصبح الالعبون املهمون هم مديري مراكز زرع األعضاء.«ويوضح روث أن ملديري مراكز زرع األعضاء استراتيجيات خمتلفة عن فرادى اجلراحين ألنهم يرون عددا أكبر بكثير من املرضى واملتبرعين. ويقول روث»لقد بدأوا ]املديرون[ يف االحتفاظ باألزواج الذين يسهل التوفيق بينهم ويف التوفيق بينهم داخليا يف مستشفياتهم مع عدم اطالعنا إال على األزواج الذين يصعب التوفيق بينهم.«ويقول روث أيضا إن هذه كانت مشكلة يمكن إصالحها ولكنها كانت مشكلة شائكة ألبعادها السياسية. ويقول روث»ولكن ذلك من األشياء املمتعة يف تصميم السوق.«ويضيف»ال يقتصر األمر على أن السوق ليس على نفس الصورة التي تصورناها بشكل دقيق عندما كتبنا دراستنا األوىل ولكن حقيقة وجود سوق قد غير املسألة بالفعل.«ويقول روث أن عمليات زرع الكلى تنظم بشكل متزايد من خالل ما يعرف باسم»السالسل غير املتزامنة«التي يمكن فيها إجراء سلسلة طويلة من عمليات زرع األعضاء على فترة طويلة من الوقت وتبدأ بوجود متبرع حمب لآلخرين على استعداد للتبرع بكلية ولكن ليس لديه متلق معين. وتبدأ السلسلة عندما يعطي هذا املتبرع كلية ملريض يتمتع املتبرع الراغب يف التبرع له بصحة جيدة ولكنه ال يتوافق معه من حيث املناعة. ثم يتبرع املتبرع املرتقب للمتلقي األول بكلية ملريض يف زوج آخر غير متوافق وهكذا حتى تنتهي السلسلة يف وقت ما عندما يعطي آخر متبرع كلية ملريض على قائمة االنتظار. وهذه السالسل التي اشترك فيها نحو 60 شخصا تسمح بوصول برامج التبرع إىل عدد أكبر بكثير من األشخاص مما تسمح به عمليات التبادل األصلية. 4 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
7 هل هناك احتمال لبيع األعضاء بالطبع يمكن أن ينخفض النقص يف الكلى انخفاضا كبيرا إذا ما أمكن شراء هذه األعضاء وبيعها بشكل قانوين كما يرى البعض. ويمكن جلسم اإلنسان أن يعمل بشكل جيد تماما بكلية واحدة. ولذلك فإن تنفيذ عملية التبرع بالشكل الصحيح يمثل إجراء منخفض اخملاطر يمكن أن ينقذ أرواحا. وبالتايل فإن التردد واسع النطاق يف بحث األسواق النقدية من املسائل التي يحرص روث على أن يفهما بصورة أفضل. فشراء الكلى وبيعها غير قانوين يف كل مكان إال يف إيران حيث ال يوجد نقص يف الكلى على ما يبدو. ويقول روث»إن هذا يدهشني كنقطة مهمة يف البيانات نخاطر بتجاهلها.«ويضيف قائال إنه»ربما أمكننا السير يف هذا االجتاه وذلك بأن نوضح بدقة كيف يمكن لسوق جيد التنظيم أن يحقق فوائد التبادل الطوعي بين البالغين بالتراضي.«ويضيف»لكن عندما ترى شيئا خمالفا للقانون يف كل مكان تقريبا فإن عليك أيضا أن تفكر يف أنه العمليات املنفرة ملاذا ينبغي أن نهتم ثمة عمليات يفضلها بعض الناس ويرغب آخرون يف حظرها. وقد كتب روث عن هذه العمليات يف دراسته التي اضطلع بها يف عام 2007»النفور كقيد على األسواق«ويرى أنها تستحق املزيد من الدراسة. وحتى إذا كان هناك من هو على استعداد لعرض أشياء معينة ومن يطلبها فإن تخوف اآلخرين منها قد يقيد العملية أو يحول دون إتمامها كما يقول روث. والدعارة مثال على»العمليات املنفرة «وشراء العاج وبيعه مثال آخر. ويتباين ما يمثل عملية منفرة تباينا واسعا عبر الثقافات. ونظام األم البديلة الذي يتمثل يف دفع مبلغ من املال المرأة مقابل حمل طفل امرأة أخرى هو نظام قانوين يف كاليفورنيا ولكنه ليس كذلك يف مناطق اختصاص قضائي أخرى كثيرة. وما يعتبره الناس منفرا يمكن أن يتغير مع مرور الزمن. فقد كان نظام الرق التعاقدي مثال طريقة شائعة يف وقت من األوقات يلجأ إليها األوروبيون لشراء حق عبور احمليط األطلسي إىل أمريكا. أما اآلن فتعتبر هذه املمارسة غير مقبولة وغير قانونية. وحدث عكس ذلك مع مسألة زواج املثليين. فرغم حظره يف كل مكان يف الواليات املتحدة حتى وقت قريب فقد أصبح مشروعا اآلن يف أكثر من 30 والية وما زال يكتسب املزيد من القبول. ويقول روث»إنه من الصعب أن نحدد بدقة العوامل اخلارجية السلبية التي جتعل بعض الناس يعترضون على زواج بعض األشخاص اآلخرين ولكن الناس يعترضون فعال«. وتصبح بعض املعامالت املقبولة تماما كتبادالت عينية منفرة بمجرد إضافة املال إىل املعادلة. ومن األمثلة على ذلك التعويض املايل مقابل التبرع باألعضاء. وتوجد ثالث حجج شائعة ضد ذلك وهي أنه سينظر إىل أعضاء جسم اإلنسان كأشياء وقد يشعر الفقراء بأنهم مضطرون إىل بيع أعضائهم وأن هذه العمليات ستؤدي إىل ممارسات ضارة مثل استخدام األعضاء كضمان للقروض. ولكن ملاذا ينبغي أن يدرس خبراء االقتصاد العمليات املنفرة ويشير روث إىل حظر الكنيسة لفرض فائدة يف أوروبا يف العصور الوسطى وهو نوع من النفور الذي ال يزال موجودا يف بعض الثقافات ولكن يبدو من الصعب تخيل ذلك على نطاق كبير يف عصرنا هذا. ويقول روث»سيكون من الصعوبة بمكان أن يكون لدينا اقتصاد رأسمايل إذا مل يكن لدينا سوق لرأس املال.«وبالتايل فإن دور خبير االقتصاد وفقا لروث هو معرفة ما يجده الناس منفرا على وجه الدقة يف معامالت معينة ثم حماولة تصميم األسواق وتنظيمها بطريقة تفيد اجملتمع بدون األضرار املتصورة. ربما كانت هناك عقبة ما يف الطريق حتى وإن مل تفهمها تماما حتى ذلك الوقت«. وهذه املواقف اخملتلفة جتاه بيع األعضاء»والعمليات املنفرة«األخرى وهي عمليات يؤيدها بعض الناس بينما يرغب آخرون يف حظرها قد دفعت روث إىل دراسة هذه الظاهرة بتعمق أكبر )راجع اإلطار(. وأمضى روث يف كمبردج نفس الفترة التي أمضاها يف بتسبرغ تقريبا أي 14 عاما مقسما وقته بين كلية االقتصاد بجامعة هارفارد وكلية هارفارد إلدارة األعمال. وكتب روث يف بيانه اخلاص بسيرته الذاتية يف موقع جائزة نوبل اإللكتروين»لقد شغلت وظيفتين يف جامعة هارفارد وكنت أعبر نهر تشارلز مرتين كل يوم تقريبا حيث كنت أسير من كلية هارفارد إلدارة األعمال إىل كلية االقتصاد ثم أعود على دراجتي أو يف سيارتي عائدا إىل بيتي. وقد كان الطريق قصيرا ولكني كنت أشعر أحيانا به كما لو كان تغيرا كبيرا يف املنظور. فقد كنت سعيدا بوصفي مصمما للسوق بقدرتي على العمل على جانبي ما بدا يل أحيانا نهرا واسعا بين النظرية والتطبيق وبين األحكام اجملردة البسيطة والتفاصيل املضطربة.«وباإلضافة إىل عمله يف جمال تبادل الكلى فقد كان روث يساعد يف هذه الفترة على إعادة تصميم أنظمة اختيار الكليات العامة يف مدينتي نيويورك وبوسطن باستخدام شكل معدل من خوارزمية القبول املؤجل. كما ساعد يف إصالح أسواق العمل األمريكية على مستوى التسجيل بالنسبة ألطباء اجلهاز الهضمي واالقتصاديين من حملة الدكتوراه اجلدد ضمن غيرهم. وكتب روث عن كل من هذه احلاالت بالتفصيل ملقيا الضوء على العدد الضخم من الوسائل التي يمكن أن تتكشف بها األسواق. وهو يفعل ذلك بطريقة يمكن إداركها بشكل مذهل. ويقول باراغ باثاك اخلبير بمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا والذي درس تصميم السوق على يد روث يف هارفارد ثم عمل معه بعد ذلك على إعادة تصميم نظام اختيار الكليات يف مدينة نيويورك»إن روث يتمتع بمهارة بارعة يف تناول املفاهيم االقتصادية وشرحها لعامة الناس.«ويضيف»أنه كان قادرا على ترجمة أفكارنا إىل قطعة يسهل فهمها تستطيع وزارة التعليم بعد ذلك استخدامها يف الشرح ملكوناتها التأسيسية ملاذا كان تغيير النظام.«ويقول أتيال عبد القادر أوغلو أستاذ علم االقتصاد بجامعة ديوك والذي عمل أيضا مع روث يف جمال اختيار الكليات»من السهل حقا أن تفقد طريقك يف عامل العلوم وأن تخلق عاملك اخلاص وأن تظل منفصال عن الواقع. أما مع روث»فإنه دائما ما يسأل عن من الذي سيستفيد من هذا البحث خارج اجملتمع العلمي.«ويف صيف 2012 عاد روث إىل ستانفورد بعد ما يقرب من 40 عاما ولكنه عاد يف هذه املرة إىل كلية االقتصاد كأستاذ كرسي كريغ وسوزان ماكاو لالقتصاد )وهو ال يزال أستاذا فخريا يف جامعة هارفارد(. وبعد أشهر قليلة منح روث جائزة نوبل وهو ما قال عنه إنه»شرف كبير«ولكن نتج عنه أيضا هجوم من الرسائل اإللكترونية وارتباطات بإلقاء حماضرات والتزامات أخرى. وقال ضاحكا:»بعد عام من السفر الدائم بدأت أشعر بالقلق من أنه قد حكم علي بأن أظل أتكلم إىل األبد عن عمل قمت منذ زمن بعيد وليس عن العمل الذي أقوم به اآلن.«ومع ذلك فقد ساعدت اجلائزة يف حسم جزء من عمل غير منجز. فبعد أن عرفت مدرسته الثانوية مارتن فان بورين بحصوله على جائزة نوبل منحته يف عام 2014 شهادة الثانوية وإن كانت شهادة فخرية. مورين بيرك هي حمرر مساعد ضمن فريق العاملين يف جملة التمويل والتنمية. التمويل والتنمية ديسمبر
8 شكل الصحة العالمية العامل حقق تقدما كبيرا حتى اآلن لكن الطريق ال يزال طويال ديفيد بلوم هيمنت أنباء فاشية إيبوال على أخبار الصحة العاملية خالل معظم النصف الثاين من عام 2014 وهو أمر يمكن تفهمه نظرا لطبيعة مرض فيروس اإليبوال املفزعة واملميتة ولعدم وجود لقاح مضاد أو عالج يف الوقت الراهن باإلضافة إىل توقعات سرعة انتشار اإليبوال وعلى نطاق واسع يف ظل النظم الصحية الضعيفة والبطيئة يف ردود أفعالها على املستويات احمللية واإلقليمية والعاملية األمر الذي يزداد فداحة يف ظل توقعات وقوع األخطاء البشرية يف التعامل معه. وفاشية إيبوال يمكنها أيضا أن تلقي عبئا اقتصاديا ثقيال على كاهل البلدان المتضررة وتتسبب في حالة من الذعر وتنشر القالقل السياسية واالجتماعية في المشهد العام الذي يتسم بالهشاشة بالفعل. وتجلب فاشية إيبوال إلى األذهان مقارنات مع غيرها من األمراض المعدية القاتلة مثل الطاعون الدبلي والجدري وشلل األطفال واإلنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية )اإليدز(. لكن رغم الهجمات الكبرى السابقة واألخطار المعاصرة على الصحة العامة يجب أال ننسى أن البشرية حققت إنجازات هائلة في الوقاية من األمراض المعدية والتعامل معها. ويرجع جانب كبير الرسم البياني ١ امتداد العمر يتزايد متوسط العمر المتوقع حول العالم وينتظر استمرار هذه الزيادة في العقود القادمة. من هذا التقدم الزدياد فرص الحصول على المياه النقية ومرافق الصرف الصحي وتطوير اللقاحات اآلمنة والفعالة واستخدامها على نطاق واسع وتحقيق ثورة في عالم التشخيص والعالج الطبي وتحسين مستويات التغذية والتعليم والدخل. وكانت هناك مساهمات كبيرة أيضا من النظم الصحية وهي مزيج من جهود األفراد والقواعد التنظيمية والمؤسسات الرسمية والممارسات غير الرسمية وغيرها من الموارد التي تلبي االحتياجات الصحية للسكان. ومن النظم الفعالة بصفة خاصة تلك النظم التي تؤكد على الوقاية من األمراض وتهدف إلى توفير التغطية الشاملة للسكان والقادرة على إجراء أعمال الرقابة لتقصي األخطار الفعلية والمحتملة على الصحة العامة مما يؤدي إلى تحسين السلوكيات الصحية ورفع المعايير الصحية ومستوى البرامج التدريبية باإلضافة إلى المحافظة على العاملين في مجال الرعاية الصحية وتحفيزهم وتمكينهم. وال جدال أن الصحة هي أحد الجوانب األساسية للرخاء وهناك مسارات عديدة يمكن من خاللها تحسين وحماية الرفاهية البشرية لألفراد والمجتمعات على السواء. ورغم األخطار المستقبلية فإن االبتكارات التكنولوجية والمؤسسية تبشر بإنجازات كثيرة تجعل العالم أكثر صحة وثراء ومساواة وأمنا. واإلنفاق على الصحة ال يتوقف على مجرد أنه نفقات استهالكية تشكل عبئا على الموازنة فهو استثمار في اإلنتاجية ونمو الدخل والحد من الفقر. مزيد من األعوام من أوضح مؤشرات التقدم في الرعاية الصحية الزيادة الحادة التي تحققت في أعمار المواطنين. فعلى مدار العقود الستة الماضية زاد متوسط العمر المتوقع عالميا بأكثر من 23 عاما ومن المتوقع طبقا لتوقعات»شعبة السكان في األمم المتحدة«أن يزداد قرابة 7 أعوام أخرى بحلول عام 2050 )انظر الرسم البياني 1(. ويوضح الرسم البياني التقديرات المتوقعة لعمر األطفال المولودين في سنة معينة إذا خضعوا طوال عمرهم لمعدالت الوفيات لفئة عمرية محددة خالل هذه السنة. وتعكس الزيادة المطردة في متوسط العمر المتوقع بين عامي 1950 و 2010 حدوث هبوط حاد في معدالت وفيات المواليد واألطفال )فانخفض معدل وفيات المواليد عالميا من 135 حالة وفيات لكل ألف مولود حي في عام 1950 إلى 37 حالة فقط في 2010( وزيادة في طول أعمار البالغين. وقد تأرجح متوسط العمر المتوقع من 25 إلى 30 سنة طوال معظم تاريخ البشرية ومن ثم فإن المكاسب األخيرة والمتوقعة في هذا المجال تدخل في زمرة أكبر إنجازات البشرية. (متوسط العمر المتوقع سنوات) ٩٠ ٨٠ ٧٠ ٦٠ ٥٠ العالم المناطق الا كثر نموا المناطق الا قل نموا ٤٠ ٣٠ ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠ ٢٠ ٢٠ ٢٠٣٠ ٢٠٤٠ ٢٠٥٠ المصدر: الا مم المتحدة التوقعات السكانية في العالم لعام ٢٠١٣ ملحوظة: تصنف شعبة السكان في الا مم المتحدة «المناطق الا كثر نموا» با نها أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا/نيوزيلندا واليابان وتتا لف «المناطق الا قل نموا» من إفريقيا وآسيا (عدا اليابان) وأمريكا اللاتينية والكاريبي وميلانيزيا ومايكرونيزيا وبولينيزيا. البيانات بعد عام ٢٠١٢ هي توقعات. 6 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
9 الصحة العالمية تباين أعباء املرض األمراض املعدية هي من أكبر األسباب املفضية للموت يف االقتصادات النامية بينما األمراض غير السارية أكثر انتشارا يف االقتصادات املتقدمة. )%( األمراض غير السارية أمراض القلب والشرايين األورام اخلبيثة االضطرابات العقلية والسلوكية اضطرابات العضالت والعظام أمراض السكري واألجهزة التناسلية والدم والغدد الصماء أمراض اجلهاز التنفسي املزمنة االضطرابات العصبية تليف الكبد أمراض اجلهاز الهضمي أمراض غير سارية أخرى األمراض املعدية اإلسهال وعدوى اجلهاز التنفسي السفلي واألمراض املعدية الشائعة األخرى فيروس نقص املناعة البشرية/اإليدز والسل األمراض االستوائية املهملة واملالريا أخرى نسبة سنوات العمر املعدلة الحتساب اإلعاقة نسبة الوفيات عاملي نامية متقدمة عاملي نامية متقدمة ومع ذلك فإن االنعكاسات االقتصادية والمالية العامة لتحسن متوسط العمر المتوقع ومغزى إطالة األعمار بالنسبة للرخاء البشري غير مؤكدة. فالباحثون يعرضون صورة مختلطة حول ما إذا كان التأجيل المتصور للموت يؤجل أيضا السن الذي يبدأ عنده عقل اإلنسان وجسده في التدهور وفقدان استقاللية وظائفهما. ورغم أن امتداد العمر قد ال يعني دائما تحسن مستوى المعيشة فإن المكاسب المتحققة في متوسط العمر المتوقع هي مؤشر واعد بما يمكن تحقيقه في مواجهة األخطار الصحية المزمنة والجديدة. ومن هذه األخطار أمراض معدية مثل اإليبوال والمالريا والسل واإليدز والتهاب الكبد الفيروسي واإلسهال وحمى الضنك )بما في ذلك األشكال المقاومة للعقاقير من هذه الفيروسات وغيرها من مسببات المرض( إلى جانب األسقام المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكري واألمراض العصبية والنفسية واختالالت أجهزة اإلحساس واضطرابات العضالت والعظام. وفي عام 2013 توفي 6.3 مليون طفل قبل بلوغهم العام الخامس من العمر مما يمثل تراجعا في أعداد الوفيات من 90 حالة وفاة بين األطفال لكل ألف مولود حي في 1990 إلى 46 حالة وفاة في ورغم أن هذا يمثل تحسنا كبيرا فإن حتى هذا المستوى المنخفض من الوفيات في سنوات الطفولة المبكرة يسلط الضوء على ضعف كبير في النظم الصحية. ومن الممكن منع حاالت الوفيات في سن الطفولة المبكرة استنادا إلى قدر المعرفة المتاحة والتدخالت غير المكلفة نسبيا مثل التحصين باللقاحات ومعالجة الجفاف عن طريق الفم وتحسين التغذية وإمكانية الحصول على وسائل منع الحمل واستخدام شبكات األسرة )الناموسيات( المعالجة بالمبيدات الحشرية وتحسين الرعاية قبل الوالدة واالعتماد على العمالة الماهرة القائمة بعمليات التوليد. وتمثل حاالت الحمل غير المقصود عامال مهما يساهم في وفيات المواليد واألمهات. وقد ق د رت حاالت الحمل غير المخطط لها بحوالي %40 من مجموع حاالت الحمل على المستوى العالمي في عام 2012 وتبلغ 213 مليون حالة حمل. وقد نتجت حاالت والدة عن %38 من حاالت الحمل غير المخطط له وتشكل نسبة غير متجانسة من وفيات األمهات البالغة قرابة 300 ألف حالة نتيجة تعقيدات الحمل أو الوالدة املصدر: معهد Institute for Health Metrics and Evaluation تقرير DiseaseGlobal Burden of لعام.2010 ملحوظة: تستخدم سنوات العمر املعدلة الحتساب اإلعاقة لقياس سنوات العمر الفعلية الضائعة نتيجة املرض أو اإلعاقة أو الوفاة. وتضم فئة»أخرى«الوفيات الناجمة عن اإلصابات واضطرابات التغذية وتعقيدات احلمل والوالدة. األمراض غير السارية على وجه العموم تعتبر الحمالت التي أدت إلى القضاء التام على مرض الجدري والقضاء شبه التام على شلل األطفال أنجح التدخالت في مجال الصحة العامة. لكن لم تتضح بعد الدروس المستخلصة من جهود القضاء على هذين المرضين حتى يمكن استخدامها في مكافحة األمراض غير السارية التي تمثل نحو ثلثي وفيات العالم السنوية وتقدر بين 53 إلى 56 مليون حالة. وذلك ألن الموت أو عدم حدوثه ليس هو المشكلة الوحيدة في التعامل مع األمراض غير السارية. فأسلوب الحياة الصحي مهم أيضا. ويستخدم مقياس»سنوات العمر المعدلة الحتساب اإلعاقة«ليس الموت أو عدم حدوثه هو المشكلة الوحيدة في التعامل مع األمراض غير السارية )DALY( لقياس سنوات العمر الفعالة التي ضاعت نتيجة اإلعاقة أو الوفاة المبكرة. ويوضح الجدول توزيع الوفيات و«سنوات العمر المعدلة الحتساب اإلعاقة«حسب سبب الوفاة عالميا وهي مقسمة حسب البلدان المتقدمة والنامية. وتسهم األمراض المعدية بحصة أكبر غير متناسبة من الوفيات في البلدان النامية بينما تتسم األمراض غير السارية بأنها أكثر أهمية نسبيا في البلدان المتقدمة. ويعكس هذا التناقض ظاهرة تعرف بالتحول الوبائي. وبينما يعد هذا التحول بمثابة عالمة على التقدم ألن األمراض المعدية غالبا ما تصيب المرضى في مراحل مبكرة من العمر فإن الحقيقة تبقى قائمة من أن وفيات كثيرة من األمراض غير السارية تكون وفيات مبكرة من حيث حدوثها قبل سن السبعين. وهناك بعض البلدان مثل بنغالديش وغانا لم تصل حتى اآلن إلى منتصف طريق التحول الوبائي وتواجه عبئا مزدوجا ثقيال من األمراض المعدية وغير السارية. ومن األمراض غير السارية تمثل أمراض القلب والشرايين السبب الرئيسي للوفيات ويليها السرطان. وتشير مقاييس»سنوات العمر المعدلة الحتساب اإلعاقة«إلى أن المرض العقلي مساهم رئيسي في عبء األمراض العالمي بما له من انعكاسات سلبية على إنتاجية العمل وجودة الحياة. ومن المتوقع أن تساهم األمراض غير السارية بحصة متنامية في عبء األمراض الكلي سواء الناتجة عن شيخوخة السكان وعن اآلثار السيئة الستخدام التبغ وعدم ممارسة النشاط البدني والتغذية غير السليمة واالستخدام الضار للكحوليات. التمويل والتنمية ديسمبر
10 الرسم البياني ٢ إنفاق محدود إنفاق كبير تتباين مستويات الا نفاق على الصحة بدرجة كبيرة في مختلف أنحاء العالم. (عدد من البلدان حسب في ة الا نفاق) +٤٠٠٠ دولار أمريكي ٤٠٠٠-١٠٠٠ دولار أمريكي ١٠٠٠-٥٠٠ دولار أمريكي ٥٠٠-١٥٠ دولار أمريكي ١٥٠-٥٠ دولار أمريكي صفر -٥٠ دولار أمريكي صفر نصيب الفرد من الا نفاق على الصحة بالدولار الا مريكي المصدر: تقرير «مو شرات التنمية العالمية» (٢٠١٤) الصادر عن البنك الدولي. ملحوظة: البيانات عن عام ٢٠١٢. ويبلغ حاليا عدد المدخنين في العالم 967 مليون مدخن )%18 من تعداد السكان من البالغين( مع قرابة 6 ماليين حالة وفيات سنويا مرتبطة باستخدام التبغ. وس ج ل ت أعلى مستويات استخدام التبغ في أوروبا الشرقية وشرق وجنوب شرق آسيا. كذلك ي ستهلك التبغ بطرق أخرى غير التدخين وذلك في شرق وجنوب شرق آسيا غالبا. ورغم انخفاض معدل التدخين العالمي )وكذلك عدد السجائر التي يستهلكها كل مدخن( بنحو 10 نقاط مئوية منذ عام 1980 فإن أعداد المدخنين قد زاد نتيجة النمو السكاني. ويتمثل السبب الرئيسي لحاالت المرض والوفيات المرتبطة باستخدام التبغ في مرض االنسداد الرئوي المزمن الذي يؤدي إلى ما يقدر بنحو 3 ماليين حالة وفاة سنويا و 77 مليون سنة معدلة الحتساب اإلعاقة. أما سرطان الرئة فيتسبب في 1.5 مليون حالة وفاة سنويا و 32 مليون سنة معدلة الحتساب اإلعاقة. وعلى وجه العموم يالحظ أن معدالت تدخين النساء أقل كثيرا من الرجال رغم أن الفجوة بين الجنسين ضاقت في العقود األخيرة. السلوكيات المستقرة زاد نمو التوظيف في قطاع الخدمات على حساب قطاعي الزراعة والصناعة واتسع نطاقه في العقود األخيرة واقترن بارتفاع السلوكيات المستقرة. وتعاظم هذا التحول مع زيادة نسبة سكان العالم الذين يعيشون في المناطق الحضرية حيث تقل غالبا فرص ممارسة األنشطة البدنية. ففي عام 1950 بلغت نسبة من يعيشون في المناطق الحضرية %30 من سكان العالم بينما تبلغ هذه النسبة حاليا %54 )راجع مقال»التحرك إلى األعلى«في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية(. وتفيد تقديرات منظمة الصحة العالمية بأن %31 من البالغين حول العالم في عام 2008 كانوا يفتقرون للياقة البدنية الكافية. ومع تراجع تناول الناس للفاكهة والخضروات في وجباتهم الغذائية وزيادة تناولهم للنشويات المكررة والسكر والملح والدهون غير الصحية ارتفعت أعداد من يعانون من زيادة الوزن والبدانة بين البالغين )من %29 من سكان العالم في عام 1980 إلى %38 في 2013( واألطفال )من حوالي %10 إلى %14 خالل نفس الفترة(. وتساهم مشكالت زيادة الوزن في أمراض ارتفاع ضغط الدم وارتفاع السكر بالدم وارتفاع الكوليسترول إلى جانب زيادة اإلصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري وأنواع معينة من السرطان. ويتزايد استهالك الكحوليات عالميا وخاصة في الصين والهند. وقد ارتفعت معدالت اإلسراف في تناول المشروبات الكحولية الرسم البياني ٣ الا غنياء يتمتعون بصحة أفضل أعمار المواطنين في البلدان مرتفعة الدخل تمتد أطول من مواطني البلدان منخفضة الدخل. (متوسط العمر المتوقع سنوات) ١٢٠ دولار أمريكي ١٠٠ دولار أمريكي ٨٠ دولار أمريكي ٦٠ دولار أمريكي ٤٠ دولار أمريكي ٢٠ دولار أمريكي ٤٠ صفر دولار أمريكي نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي با لاف الدولارات الحالية المصدر: تقرير "مو شرات التنمية العالمية" (٢٠١٤) الصادر عن البنك الدولي. ملحوظة: البيانات عن عام ٢٠١٢. ٩٠ ٨٠ ٧٠ ٦٠ ٥٠ في العديد من القطاعات السكانية مما يؤدي إلى اإلصابة بتليف الكبد وأمراض القلب والسرطان واإلصابات. وتبلغ معدالت تناول المسكرات في الحفالت مستويات شديدة االرتفاع في أوكرانيا وروسيا وتتجه نحو االرتفاع غالبا مع ارتفاع متوسط دخل الفرد في مختلف البلدان. وت عزى نسبة %6 تقريبا من حاالت الوفيات حول العالم لتناول الكحوليات )%7.6 بين الرجال و %4 بين النساء(. تفاوتات م ر ب كة على مختلف األصعدة يتبين أن أكبر صدمة تلقيناها على ساحة الصحة العالمية تتمثل في التفاوت الهائل بين إنجازاتنا وإخفاقاتنا. فعلى سبيل المثال: هناك فجوة قدرها 38 عاما بين البلد صاحب أطول متوسط عمر متوقع وهو اليابان حيث يسجل متوسطا قدره 83 عاما والبلد صاحب أقصر متوسط عمر متوقع وهو سيراليون الذي يسجل 45 عاما. هناك أربعة عشر بلدا يسجل متوسط عمر متوقع عند الوالدة أقل من 55 عاما بينما يسجل 25 بلدا متوسط عمر متوقع أكثر من 80 عاما. زاد متوسط العمر املتوقع على مدار العقدين املاضيين يف كل بلد صناعي غني لكنه انخفض يف خمسة بلدان إفريقية هي بوتسوانا وليسوتو وجنوب إفريقيا وسوازيلند وزيمبابوي مما يرجع أساسا للوفيات املرتبطة بفيروس نقص املناعة البشرية )اإليدز(. سجل تسعة عشر بلدا معدالت وفيات بين األطفال الر ض ع أكثر من 60 طفال لكل 1000 مولود حي بينما سجل 32 بلدا معدالت أقل من 4 وفيات من الرضع لكل 1000 مولود حي. تسعة وتسعون باملئة من وفيات األطفال حتدث يف البلدان ذات الدخل املنخفض واملتوسط. يزيد معدل وفيات األطفال يف البلدان منخفضة الدخل 12 ضعفا على نظيره يف البلدان ذات الدخل املرتفع. من املتوقع أن يمتد عمر املرأة أكثر من أربع سنوات مقارنة بالرجل. لكن هذا االختالف ينخفض إىل أقل من سنتين يف 24 بلدا مما يفترض رجوعه لتفضيل املواليد الذكور الذي يتضح يف سوء معاملة األطفال اإلناث والعنف القائم على نوع اجلنس وعدم املساواة بين اجلنسين مثل القيود املفروضة على فرص حصول املرأة على القدر الكايف من التغذية والراعية الصحية. يف عام 2012 أنفق 28 بلدا )معظمها يف إفريقيا جنوب الصحراء تمثل قرابة %13 من سكان العامل( أقل من 50 دوالرا للفرد على الرعاية الصحية بينما أنفق 16 بلدا )%10 من سكان العامل( أكثر من 4 آالف دوالر )انظر الرسم البياين 2(. وكانت النرويج صاحبة ٥٠ ٤٠ ٣٠ ٢٠ ١٠ 8 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
11 أكبر مستوى إنفاق حيث أنفقت 9055 دوالرا للفرد أي حوايل 600 ضعف إنفاق إريتريا البالغ 15 دوالرا للفرد على النقيض اآلخر. أهمية الصحة كتب الفيلسوف األمريكي»رالف والدو إميرسون«في إحدى مؤلفاته الشهيرة في عام 1860 أن»الصحة هي أولى الثروات«. فالصحة مهمة ألن الناس يولون أهمية كبيرة للعيش حياة طويلة خالية قدر اإلمكان من أي اعتالل بدني أو عقلي. ويوضح خبراء اقتصاديات التنمية باستمرار الرابطة القوية بين الدخل والصحة وهو ما يتضح على أساس ق ط ري في الرسم البياني 3. فالسكان في البلدان ذات الدخل األكثر ارتفاعا غالبا ما يتمتعون بمستويات أفضل من الصحة مما يعتبر عادة نتيجة التغذية المتميزة وزيادة فرص الحصول على مياه الشرب اآلمنة والصرف الصحي والرعاية الصحية التي يوفرها الدخل المرتفع. سالمة الصحة العامة والتناسلية هي محرك قوي للنمو االقتصادي لكن إلى جانب الصحة الشخصية للفرد فإن صحة اآلخرين مهمة أيضا ألسباب منها المشاغل المعنوية واألخالقية واإلنسانية وكذلك ما يتعلق بقانون حقوق اإلنسان. والصحة العامة مهمة أيضا نظرا لما تقدمه من إسهامات في بناء المجتمعات المتماسكة اجتماعيا والمستقرة سياسيا. فعلى سبيل المثال نجد أن عدم قدرة الحكومات على تلبية احتياجات شعوبها الصحية األساسية تتسبب في إضعاف الثقة وقد تتسبب في نوبات متكررة من عدم االستقرار واالنهيار. وهذا هو أحد األسباب التي حدت بمجلس األمن التابع لألمم المتحدة في سبتمبر 2014 إلى إعالن إيبوال خطرا يهدد السالم واألمن وليس مجرد أزمة في الصحة العامة وهو تقييم سبق أن وضعته قبل سنوات بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/اإليدز. وفي السنوات األخيرة قام الخبراء االقتصاديون بتعميق فهمهم ألهمية الصحة من الناحية االقتصادية واعتبروها أحد أشكال رأس المال البشري الذي يمكن استخدامه بشكل أفضل على غرار المعرفة والمهارات لدى الشعوب. وما دامت الصحة تمثل عامال محددا أساسيا لقيمة العمل وهو األصل الرئيسي الذي يمتلكه معظم الشعوب الفقيرة فإنها تتسم بأهمية خاصة لقدرة األفراد واألسر على النهوض بمستوياتهم المعيشية أو إبقائها فوق خط الفقر. وتتمثل أدق األدلة على قيمة الصحة من الناحية االقتصادية في تحليالت االقتصاد الجزئي ألنها تقوم في المعتاد على حجم العينات الكبير وأدوات القياس الوفيرة لمستويات الصحة والدخل ومحدداتها. وباإلضافة إلى ذلك هناك دراسات جزئية عديدة تركز على القضايا المتعلقة بصحة األفراد تقوم على أساس التجارب العشوائية الخاضعة للرقابة وتعتبر عموما بمثابة القاعدة الذهبية في هذا المجال. وقد اتضحت من خالل بعض الدراسات األكثر دقة اآلثار اإليجابية ألمور منها: آثار العالج من الديدان على االلتحاق باملدارس واملكاسب الالحقة يف كينيا وآثار عالج نقص احلديد بالدم على املشاركة يف قوى العمل واإلنتاجية ومكاسب الدخل يف إندونيسيا وآثار عالج نقص األيودين بالدم على الوظائف اإلدراكية يف تنزانيا وآثار العالج من الديدان اخلطافية واملالريا على االلتحاق باملدارس وعائدات العمل يف األمريكتين خالل القرن املاضي. أما دراسات االقتصاد الكلي التي تستعرض الصورة األكبر فهي بطبيعتها أقل دقة لكنها تفيد بأن سالمة الصحة العامة والتناسلية هي محرك قوي للنمو االقتصادي حيث يزداد نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بما يقدر بنحو %4 من كل سنة إضافية في متوسط العمر المتوقع. ويبدو أن هناك عدة قنوات تعمل في هذا المسار ومنها اآلثار اإليجابية للصحة على إنتاجية قوى العمل ومعدل االلتحاق بالمدارس والتحصيل العلمي والوظيفة اإلدراكية للبشر ومعدالت االدخار ألن الناس يدخرون أكثر تحسبا لفترات التقاعد األطول أجال واالستثمار األجنبي المباشر الذي يقترن غالبا بالتكنولوجيا الحديثة وتوفير فرص العمل وزيادة التجارة. وتتراجع معدالت الخصوبة أيضا في المجتمعات السكانية األكثر صحة مما يؤدي إلى ما يعرف بالكسب الديمغرافي من تزايد الدخول بوجه عام ألن القوى العاملة تنمو بسرعة أكبر من حصة نمو السكان )من الشباب والكبار( التي تعتمد عليها. التركيز على المستقبل زادت أهمية الصحة العالمية بدرجة هائلة خالل العقدين الماضيين مع شغل هذا الموضوع مكانة رئيسية كمؤشر وأداة للتنمية االجتماعية واالقتصادية. ووفقا لما ورد في مقال نشر في نوفمبر 2013 في مجلة The Atlantic حول أكبر 20 ابتكارا ساهمت أكثر من سواها في صياغة طبيعة الحياة الحديثة منذ اختراع العجلة قبل 6000 عام فإن خمسة من هذه االبتكارات يرتبط مباشرة بالصحة وهي البنسلين وعدسات النظر والتحصين باللقاحات ونظم الصرف الصحي وعقاقير منع الحمل عن طريق الفم. واالبتكارات في مجال الصحة غزيرة. فالطب بالغ الدقة والمخصص ألفراد بعينهم المعزز بالتقدم المحرز في اختبارات الجزيئات والجينات الوراثية يفتح المجال أمام فرص جديدة للتنبؤ باألمراض وعالجها على المستوى الفردي. واالبتكارات التكنولوجية مثل إنتاج اللقاحات واألدوية الجديدة أو المتطورة والكائنات العضوية المعدلة وراثيا تبشر بالنجاح في منع اإلصابة باألمراض ومعالجتها. ومع قدوم عصر الصحة الرقمية بما في ذلك العالج الطبي عن بعد والمجسات التي يمكن ارتدائها والملفات الطبية اإللكترونية واإلنفراجات التي تحققت في قدراتنا لتحليل كميات كبيرة من البيانات واألساليب الجديدة لنقل المعلومات والتوصيات الصحية تفتح المجال أمام فرص جديدة ومثيرة لتوفير الرعاية الصحية عالية الجودة بتكلفة منخفضة. كذلك فإن األجهزة التشخيصية والمساعدة والعالجية الجديدة تفتح المجال أمام فرص مماثلة. غير أنه يتعين التعامل مع العديد من المشكالت قبل أن تبدأ وعود هذه االبتكارات في التحول إلى حقيقة بالكامل في أنحاء العالم. ولتحقيق هذا الهدف سوف يتعين توافر القوة المالية واإلرادة السياسية والتعاون بين العديد من األطراف المعنية واألطراف الفاعلة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة ووسائل اإلعالم والدوائر األكاديمية والمجتمع الطبي واإلدارات الحكومية في قطاع الصحة والقطاعات ذات الصلة داخل البلد الواحد وفيما بين البلدان المختلفة. وسوف يتطلب تنفيذ بعض الحلول ببساطة توفير الموارد الالزمة لتمكين مقدمي الرعاية الصحية من االستفادة بصورة أفضل من المعرفة المتاحة حول كيفية تطوير الصحة ووقايتها. وسيتطلب تنفيذ حلول أخرى تشييد البنية التحتية الالزمة لتوفير الصرف الصحي ومياه الشرب وخدمات النقل واالتصاالت والتعليم والطاقة وهي جميعا مكونات مهمة في توفير وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية ذات الجودة العالية. غير أن هناك حلول أخرى التمويل والتنمية ديسمبر
12 فاشية حمى اإليبوال اكتشف العلماء فيروس إيبوال في عام 1976 بعد تفشي الوباء في جمهورية الكونغو الديمقراطية )بالقرب من نهر إيبوال( وفي السودان. وتقترن الفاشيات الحالية في كل من غينيا وليبيريا وسيراليون بنوع الفيروس إيبوال زائير الذي يعتقد بأنه أشد أنواع الفيروس الخمسة المعروفة فتكا بالحياة. والوباء الحالي هو األسوأ على المستوى القياسي وربما بفارق كبير نظرا للتدني الشديد في درجة اإلبالغ باإلصابة باإليبوال بسبب الخوف والعار وضعف رقابة نظم الصحة العامة. وينتقل الفيروس إلى البشر على األرجح عبر مالمسة دماء الحيوانات المصابة أو السوائل التي تخرج منها. وبمجرد ظهور األعراض على المصاب )والتي تستغرق عادة بين بضعة أيام وبضعة أسابيع( يمكن أن ينتقل الفيروس إلى أشخاص آخرين بمالمسة سوائل الجسم التي تخترق األغشية المخاطية أو أي تشقق بالجلد بما في ذلك الحاالت التي تقع بعد الوفاة على سبيل المثال إذا لم ت تخذ االحتياطيات المناسبة عند تجهيز جسد المتوفي للجنازة. وفي النظم الصحية الضعيفة التي تعاني من شدة نقص الموظفين والمخصصات يتراوح معدل وفيات اإليبوال بين %40 و %80. وباإلضافة إلى ذلك ينتشر المرض إلى عاملي الرعاية الصحية ومع انخفاض أعداد هؤالء العاملين تزداد معدالت المرض والوفاة نتيجة اإلصابة بأمراض أخرى ولظروف أ خر ى. ومن المتوقع أن تتسبب هذه الفاشيات في خسائر بمليارات الدوالرات نتيجة تكلفة المرض في حد ذاته ومن خشية اإلصابة بالعدوى األمر الذي تترتب عليه زيادة غياب الموظفين عن أعمالهم وتعطيل العديد من األنشطة االقتصادية. وتدفع مخاوف العدوى أيضا بالمواطنين إلى إخالء المناطق الموبوءة مما قد يزيد من انتقال الفيروس ويزيد من صعوبة تقفي أثر المتصلين بالمصابين. ويعالج األطباء مرضى اإليبوال أساسا بالعقاقير لمعالجة أعراض المرض وتعويض السوائل المفقودة من الجسم. ويجري حاليا اختبار أدوية تجريبية تهاجم الفيروس إلى جانب استخدام مصل الدم من الناجين بعد إصابتهم بالفيروس. وقد تم إنتاج لقاحات واعدة لكنها لم تختبر حتى اآلن على اإلنسان. وسيكون توزيع هذه اللقاحات على األرجح محفوفا بالتحديات في مناطق تعاني من ضعف البنية التحتية وتتجاوز فيها االحتياجات المتاحة من اإلمدادات. وهناك مخاوف أيضا من احتمال تحور الفيروس. وباإلضافة إىل احلاالت املثبتة يف غينيا وليبيريا وسيراليون ظهرت حاالت اشتباه وحاالت مؤكدة يف نيجيريا والسنغال وإن كان البلدان سرعان ما سيطرا على الفاشيتين وتم إعالن خلوهما من حاالت انتقال فيروس اإليبوال. وحتى وقت كتابة هذه السطور تم رصد بعض حاالت قليلة يف مايل وإسبانيا والواليات املتحدة. وباإلضافة إىل زيادة الوعي باملمارسات التي تعرض املواطنين خلطر العدوى بفيروس إيبوال والتشجيع على ممارسات الوقاية من العدوى فقد تضمنت حتركات نظم الصحة العامة ملواجهة اإليبوال فرض احلجر الصحي على املشتبه يف إصابتهم بالعدوى وحتديد هوية من اتصل بهم واقتفاء أثرهم ومتابعة حالتهم الصحية. ستتطلب اعتماد سياسات وترتيبات مؤسسية جديدة لتشجيع الناس على إجراء تغييرات إيجابية في أسلوب الحياة وتشجيع ابتكار دوائر األعمال في تصميم المنتجات الداعمة للصحة وإيصالها للمواطنين مثل اللقاحات واألدوية وكذلك الخدمات مثل الفحوص الطبية ورسائل التوعية بالصحة العامة والجراحات. ويجب أن تستمر جوانب التقدم العلمي في دعم العمليات المؤدية إلى هذه المنتجات وسالسل العرض والتصدي للتحديات الهائلة التي تفرضها المخاطر الصحية الناجمة عن أمراض مثل فيروس اإليبوال وداء الشيكونغونيا )وهو عدوى فيروسية تنتقل عن طريق البعوض وتتسبب عادة في اإلصابة بالحمى وآالم المفاصل( وفيروس MRSA )العنقوديات الذهبية المقاومة للميثيسيلين( وغيره من أشكال العدوى المقاومة للمضادات الحيوية والمخاطر غير المعدية مثل البدانة واالكتئاب ومشكالت الصحة البيئية )راجع مقال»مخاطر الصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين«في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية(. ويجب زيادة إمكانات النظم الصحية وتوسيع نطاقها من خالل االستعانة بنماذج جديدة إلجراء أعمال الرقابة الوبائية وكفاءة توظيف األطباء والممرضين والصيادلة والعاملين في مجال الصحة المجتمعية واالستشاريين. وسوف يتعين تنسيق جهود مختلف األطراف المعنية واألطراف الفعالة على المستويات المحلية والوطنية والعالمية وذلك لتجنب ازدواجية الجهود وضمان تبادل المعلومات المؤثرة ووضع األولويات على أساس قوي ومعقول وتحقيق الكفاءة الفنية واالقتصادية. ويتعين التنسيق أيضا لوقاية الصحة من انتقال تداعيات التقدم االقتصادي والعولمة مثل حرية الحركة عبر الحدود وتغير المناخ والتصحر والجفاف والتلوث الغذائي والدوائي. وسوف يتعين بذل كل هذه الجهود على نحو يتسم بالمسؤولية المالية األمر الذي سيزداد صعوبة مع نمو السكان وتقدمهم في العمر لما بعد سنوات العمل التقليدية وكذلك مع توسع النظم الصحية واتساع نطاق صالحياتها لتقديم الخدمات. وسوف تؤدي مشكالت المالية العامة في كثير من البلدان إلى جعل األمر صعبا على الحكومات لتخصيص موارد إضافية للصحة )راجع مقال»ضرورة الكفاءة«في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية(. وعندما يتعلق األمر باستراتيجيات الصحة فإن مفهوم الحل الواحد الذي يناسب الجميع ليس له أساس من الصحة نظرا للتباين الكبير بين البلدان من حيث البناء االجتماعي والعادات والنظم السياسية واإلمكانات االقتصادية والموروثات التاريخية. فعلى سبيل المثال من غير المقبول في بعض الخلفيات الثقافية أن يقوم األطباء الذكور بتوقيع الفحص الطبي على النساء أو معالجتهن. وفي ثقافات أخرى تتوقع األسر أن تشارك بفاعلية في تقديم الرعاية السريرية لمرضاهم. كذلك تشهد الخلفيات الثقافية المختلفة تباينا في معايير اعتماد الممارسين في المجال الطبي وحتى في فلسفة وطبيعة الممارسة الطبية )على سبيل المثال طب االتجاه السائد والطب البديل )homeopathic( والطب الهندوسي القديم )ayurvedic( والطب الصيني التقليدي(. ومن األمور األخرى التي ينبغي مراعاتها إلغاء مركزية النظم الصحية الوطنية )راجع مقال»التحول إلى المحلية«في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية( وتنفيذ نماذج»الدفع مقابل األداء«والنهوض بمستويات صحة ورفاهية السكان في الحاضر والمستقبل من خالل مناهج التحويالت النقدية الطارئة التي تكافئ األسر من السكان األصليين لقيامها بأعمال محددة مثل تحصينات األطفال )أو اإلبقاء عليهم في المدارس(. وللحكومة دور طبيعي في التدخالت التي تتسم بفعالية التشجيع على بلوغ مستويات تقديم الرعاية الصحية على النحو المحبذ اجتماعيا. وسوف يتعذر على األسواق غير الخاضعة للتنظيم القيام بهذا األمر ألسباب منها آثار انتقال التداعيات المصاحبة لألمراض المعدية وفي بعض األحيان السلوك االنتهازي لمقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص الذين يستخدمون معلوماتهم المتميزة ومكانتهم في األذهان فيسيئون استغالل المستهلكين بتقديم المشورة لهم بإجراء عمليات غير ضرورية ومكلفة. ويمثل تنظيم العمل في نظم الرعاية الصحية مسألة بالغة األهمية. فالجدل دائر بصفة مستمرة بين الباحثين في مجال الصحة وصناع السياسات حول ما إذا كان المنهج األفضل من حيث الفعالية والتطبيق العملي لتنظيم العمل في نظم الرعاية الصحية هو المنهج الرأسي كمجموعة من البرامج المتعلقة بأمراض واضطرابات 10 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
13 محددة )تهدف إلى التعامل على سبيل المثال مع فيروس نقص المناعة البشرية/اإليدز والمالريا( أم المنهج األفقي كنظام موحد للتعامل مع كل األمراض واالضطرابات. ورغم أن البرامج الرأسية يمكن اعتبارها األكثر تحقيقا للنجاح في الصحة العامة وأكثر قابلية للتقييم الدقيق فقد حدث تحول ملحوظ في السياسات في غضون السنوات األخيرة من التدخالت الرأسية إلى التدخالت األفقية )ونحو التدخالت المائلة التي تستخدم فيها المبادرات المعنية بأمراض محددة لتحقيق تحسينات في النظام بأكمله(. وقد حدث هذا التحول جزئيا نتيجة مخاوف من نجاح البرامج الرأسية غالبا على حساب استنزاف أجزاء أخرى من القطاع الصحي من مواردها البشرية والمالية الحيوية. ويرجع هذا التحول أيضا لوجهة النظر بأن النظم الصحية التي يجري تنظيم العمل فيها رأسيا تؤدي إلى ازدواجية تفتقر للفعالية في البنية التحتية وآليات إيصال الرعاية الصحية للمواطنين. ويرى كثير من المتخصصين أيضا أن البرامج األفقية مؤهلة بصورة أفضل للتطور عند ظهور أي مخاطر صحية جديدة كما أنها قادرة بشكل أفضل على صياغة البيئة االجتماعية حولها على سبيل المثال عن طريق تشجيع أساليب الحياة الصحية وااللتزام ببرامج المعالجة الدوائية. دور القطاع الخاص هناك أهمية أيضا للمؤسسات الخاصة في تحسين الصحة وربما تضطلع بدور موسع في هذا الشأن. ومن مواطن قوتها قنوات توجيه الرسائل والتوزيع والقدرة على االبتكار والتنفيذ وسرعة التوسع وااللتزام بالمبادئ التجارية التي تشجع االستقرار المالي. ويتسم اإلنفاق الخاص على الصحة )أكثر من 2.9 تريليون دوالر عالميا في عام 2012 منه %44 إنفاق مباشر من األسر( بضخامته في كل البلدان ولكن باألخص في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط )راجع مقال»الخاص مقابل العام«في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية(. وبالرغم من فضائل قوة القطاع الخاص يجب أن تشارك الحكومات مع ذلك في األنشطة األساسية بما في ذلك توفير شبكة أمان لمن ال يحصلون على الخدمة الكافية من مقدمي الخدمات من القطاع الخاص ومراقبة وتنظيم أسواق الخدمات الصحية لمنع االستغالل والفساد وغير ذلك من المخالفات القانونية. والشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تجمع بين الحكومات واألجهزة متعددة الجنسيات والعمليات الخاصة لتمويل وتوفير الرعاية الصحية هي أسلوب محبذ على وجه الخصوص عندما تحقق كفاءة اقتسام العمالة بين القطاعين. وتتسم أنشطة الوقاية والرصد المبكر والعالج والرعاية وتحقيق التوازن بينها بطابع مهم دائما. وسوف تحتل الوقاية من األمراض صدارة المشهد في المستقبل وذلك على األرجح من خالل التوسع في برامج التحصين باللقاحات وتخصيص مزيد من األماكن غير المسموح فيها بالتدخين وحظر الدعاية عن التبغ وفرض ضرائب على التبغ وزيادة التركيز على صحة األجنة واألطفال في سن الطفولة المبكرة. ويمثل التقصي المبكر لألمراض عامال حاسما ألن األمراض التي ت كتشف مبكرا يسهل عادة عالجها وتقل تكلفتها. وينبغي عند معالجة المرضى وخاصة األكبر سنا مع كثرة متاعبهم مراعاة تفاعالت الحالة الصحية واألدوية ومن ثم تحويل التركيز من الشفاء إلى جودة الحياة. ويرجح أيضا أن الدولة ستضطر إلى تحمل عبء أكبر بتقديم الرعاية طويلة األجل ألن تراجع مستويات الخصوبة وزيادة مشاركة النساء في قوى العمل المدفوع يخفض عدد أفراد األسرة القادرين على تقديم الرعاية البدنية والرفقة لكبار السن. وقد يؤدي االستثمار في الصحة إلى تحقيق عائدات مجزية وتشجيع المالءة المالية وخاصة إذا كان ذلك يحد من تكاليف الرعاية الصحية بالتركيز على الوقاية من األمراض والتقصي المبكر لها مما يساعد المواطنين على العمل لفترات أطول وبإنتاجية أكبر. ويتعين تعزيز حوكمة الصحة العالمية أي البنيان المتنامي والمتشعب وتفاعل المؤسسات التي ينصب تركيزها على الصحة العالمية من أجل تشجيع الشفافية والمساءلة والكفاءة واتساع نطاق المشاركة الفعالة والمنسقة بغية التعامل مع المجموعة المتشابكة من مشكالت الصحة الوطنية وحلولها )راجع المقال»اإلشراف على الصحة العالمية«في هذا العدد من مجلة التمويل التقصي المبكر لألمراض يمثل عامال حاسما ألن األمراض التي ت كتشف مبكرا يسهل في العادة عالجها وتقل تكلفتها والتنمية(. وقد ظلت منظمة الصحة العالمية لفترة طويلة حجر األساس لحوكمة الصحة العالمية. لكن هناك أشكاال جديدة وملحة من الشراكات العالمية ظهرت في السنوات األخيرة مثل»إتفاقية منظمة الصحة العالمية اإلطارية بشأن مكافحة التبغ«و«منظمة التحالف العالمي للقاحات والتحصين«)GAVI( )المعنية بزيادة فرص الحصول على التحصين في البلدان الفقيرة( و«الصندوق العالمي لمكافحة اإليدز والسل والمالريا«لتمويل أنشطة الوقاية والعالج(. غير أنه يتعين توفير آليات جديدة أيضا لتشجيع مزيد من جهود الرقابة على المرض والتحرك لمواجهته في الوقت المناسب وبفعالية وتبادل المعلومات على المستوى الدولي وتشجيع وضع معايير الملكية الفكرية التي تضمن توفير الحوافز المالية المالئمة للقطاع الخاص وخاصة شركات األدوية إلجراء البحوث والتطوير مع الحفاظ على القدر المالئم من المرونة للتعامل مع االحتياجات الصحية الطارئة للفقراء. ومن األمثلة الرائعة للحوكمة السليمة في الصحة العالمية»األهداف اإلنمائية لأللفية«التي وضعتها هيئة األمم المتحدة في عام 2000 بهدف تحسين مستويات الفقر والتعليم والصحة. ورغم أن هذه األهداف ليست ملزمة قانونا فإنها تتمتع بشرعية كبيرة نظرا إلقرارها من 189 بلدا عضوا في األمم المتحدة. كذلك يمكن استخدام هذه األهداف في المساءلة ألنها مقاسة بالفعل ومعلن عنها. ورغم أنه من غير الممكن وضع تقديرات دقيقة لمدى مساهمة األهداف اإلنمائية لأللفية في التحسينات المدخلة على الصحة العالمية فقد أدت هذه األهداف على ما يبدو إلى تركيز انتباه المجتمع اإلنمائي الدولي على قضايا الصحة وحفزت زيادة اإلنفاق على الصحة وخاصة في البلدان منخفضة الدخل. وتبرز األهداف اإلنمائية للتنمية أيضا الحاجة لزيادة الجهود الرامية إلى التصدي لمشكالت الجوع ووفيات األطفال ونقص التغذية المزمن بين األطفال ووفيات األمهات. وسوف تظل الصحة في مركز الصدارة بالتأكيد في جدول أعمال التنمية لمرحلة ما بعد 2015 رغم أنه لم يتم بعد توضيح طبيعة الهدف الجديد )أو األهداف( وبؤرة تركيزه ومؤشراته الملموسة. ومن األمور التي يجدر االهتمام بها بصفة خاصة مكانة األمراض غير السارية والتركيز على اإلجراءات والمدخالت وعوامل الخطر وليس النتائج الصحية والدروس التي يستخلصها المجتمع العالمي من انتشار أمراض مثل إيبوال ويطبقها في تحديد مجموعة جديدة من األهداف للصحة العالمية. ديفيد بلوم هو أستاذ االقتصاد ودراسات اإلحصاءات السكانية في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد األمريكية. التمويل والتنمية ديسمبر
14 التحول إلى المحلية اإلنفاق على الصحة العامة في االقتصادات الصاعدة والنامية ينتقل من الحكومات المركزية إلى الواليات والمدن زيارة إلى مستشفى أنشأتها منظمة»شركاء من أجل الصحة«لحساب وزارة الصحة الرواندية في منطقة بوتارو بإقليم بوريرا رواندا. ال شيء مؤكد يف هذا العامل سوى املوت والضرائب أو هكذا يقال. وقد يضيف االقتصاديون أمرا مؤكدا ثالثا وهو نمو اإلنفاق على الرعاية الصحية. فمع نمو البلدان اقتصاديا يتقارب اثنان من االتجاهات العامة المهمة في سياق التحول في تمويل الرعاية الصحية أي زيادة نصيب الفرد من اإلنفاق على الصحة وانخفاض النفقات التي يتحملها في الخدمات الصحية )راجع الرسم البياني 1(. الرسم البياني ١ إلى الا على والا على وبعيدا يتزايد الا نفاق على الصحة باطراد في شتى أنحاء العالم بينما تتناقص الحصة التي يتحملها المرضى من تلك النفقات. ٤٠٠ النفقات الحكومية على الصحة ٣٤ (المقياس الا يسر) ٢٠٠ ٣٣ نفقات الصحة التي يتحملها الفرد ( OOP المقياس الا يسر) صفر ١٩٩٥ ١٩٩٧ ١٩٩٩ ٢٠٠١ ٢٠٠٣ ٢٠٠٥ ٢٠٠٧ ٢٠٠٩ ٣٢ المصدر: دراسة (2014) Savedoff. Fan and ملحوظة: البيانات هي متوسط ١٢٦ اقتصادا من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الا سواق الصاعدة والاقتصادات النامية. = OOP/THE النفقات التي يتحملها الفرد كنسبة مي وية من مجموع النفقات. لكن إذا كانت الزيادات في مجموع اإلنفاق على الصحة تبدو أمرا حتميا فإن التراجع في مدفوعات الرعاية الصحية التي تتسبب في إفقار المواطنين ليس حتميا بالضرورة. ورغم انخفاض متوسط اإلنفاق من األموال الخاصة للمواطن فال يزال هناك العديد من األسر التي ترزح تحت وطأة الفواتير الطبية وخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض. وتشير البحوث إلى ضرورة زيادة تعبئة الموارد الحكومية أو العامة من أجل الصحة إلى جانب السياسات التي ترفع من كفاءة استخدام األموال العامة في النظم الصحية الوطنية إذا كان اإلنفاق من األموال الخاصة التي يتحملها المواطنون يتقلص باستمرار. ومع ذلك فإن جانبا كبيرا من اإلنفاق العام على الصحة ال يتحقق على المستوى الوطني ال سيما في البلدان ذات الكيانات اإلقليمية التي تتمتع بالحكم الذاتي مثل الواليات واألقاليم )راجع الرسم البياني 2(. وهناك العديد من القرارات الصعبة حول كفاءة وفاعلية تخصيص األموال العامة للصحة التي ال يتم اتخاذها في العاصمة وإنما تتخذها الحكومات اإلقليمية والمحلية. وال يعد هذا األمر جديدا على االقتصادات المتقدمة. ولكن مع ارتفاع الدخول في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية ومع مواصلة هذه االقتصادات جهودها للتحول إلى النظام الديمقراطي وإلى الالمركزية والتحضر فمن األرجح أن يستمر نمو االتجاه نحو تولي الحكومات دون المركزية مسؤولية اإلنفاق. فعلى سبيل المثال ارتفع إنفاق الكيانات دون المركزية على الصحة في البرازيل من %25 إلى %55 من مجموع اإلنفاق العام على الصحة بين عامي 1980 و 2009 )راجع الرسم البياني 3(. ٨٠٠ ٦٠٠ (النفقات التي يتحملها الفرد من مجموع النفقات السنوية على الصحة) ٣٧ OOP/THE (المقياس الا يمن) ٣٦ مجموع نفقات الصحة ( THE المقياس الا يسر) ٣٥ فيكتوريا فان وأماندا غالسمان (نصيب الفرد من النفقات السنوية على الصحة بالدولار) ١,٠٠٠ 12 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
15 الصحة العالمية غير أن هناك تباينا كبيرا في مدى فعالية إنفاق النظم الصحية في الحكومات اإلقليمية والمحلية على تحسين المخرجات الصحية والحد من إفقار المواطنين بالنفقات الطبية. باإلضافة إلى ذلك ففي كثير من الحاالت يالحظ أن نظم الصحة العامة التي تهدف إلى حماية رفاهية المواطنين من خالل برامج الوقاية كالتحصين باللقاحات ومراقبة األوبئة والسيطرة عليها كما في حالة فاشية إيبوال األخيرة تشغل مرتبة أدنى من حيث األهمية مقارنة بالوظائف الطبية األخرى األكثر وضوحا واألعلى مكانة في تقديم العالج لألمراض في المستشفيات غالبا باستخدام الوسائل التكنولوجية المكلفة محققة بذلك مكاسب صحية محدودة. وتستدعي هذه االتجاهات العامة فحص إنفاق الكيانات دون المركزية على الصحة بما في ذلك اإلصالحات الناجحة في قطاع الصحة المحلية في اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية وجهود الحكومات المركزية لتحفيز االبتكار واألداء على المستوى المحلي. التحركات على المستوى المحلي هناك كثير من الكيانات دون المركزية عاكفة على تنفيذ إصالحات ناجحة في قطاع الصحة والرعاية الصحية والسالمة حتى مع تعثر اإلصالحات على المستوى الوطني. وتشمل هذه اإلصالحات إحداث تغييرات في نظم التمويل والمدفوعات واإلجراءات المتعلقة بالتنظيم والقواعد وحتى محاوالت تغيير سلوكيات األفراد بالتشجيع على ممارسة الرياضة أو االمتناع عن التدخين. وقد شهدت االقتصادات المتقدمة بعض هذه التغييرات. ففي الواليات المتحدة مثال قامت والية ماساتشوستس بتوسيع نطاق التأمين الصحي في عام وقضت بضرورة قيام األشخاص غير المؤم ن عليهم صحيا بشراء وثائق التأمين من القطاع الخاص وقدمت الدعم للفقراء لشراء مثل هذا التأمين. وأصبحت هذه التجربة بمثابة نموذج قياسي لعملية جدلية جارفة لتوسيع نطاق التأمين على المستوى الوطني دخلت حيز النفاذ في عام وفي الوقت نفسه تشهد اقتصادات األسواق الصاعدة واالقتصادات النامية كثيرا من هذه التغييرات: الصين: اضطلعت شنغهاي وهي أكبر المدن التجارية في الصين بتنفيذ إصالح متعدد األبعاد في الرعاية الصحية بهدف الحد من نفقات الرعاية الصحية التي يتحملها المواطن وتحسين قطاع الصحة وبتكلفة أقل )دراسة 2013.) Cheng, فعلى سبيل المثال كانت مستوصفات الصحة المجتمعية في شنغهاي تصرف للمواطنين 1000 دواء في إطار قائمة األدوية األساسية حتى من قبل أن تبدأ الصين تنفيذ إصالحات الصحة الوطنية في عام 2009 التي أتاحت صرف 307 دواء لجميع المواطنين في شتى أنحاء البالد. ومدينة شنغهاي لديها على األرجح أحدث نظم تكنولوجيا المعلومات الصحية في البالد وأكثرها تكامال حيث يتم ربط شبكة المستشفيات واألطباء بالملفات الطبية للمرضى األمر الذي يساعد الجهات التنظيمية في متابعة سلوكيات األطباء ومراقبة التكاليف وتحسين المخرجات الصحية في نهاية المطاف. وتشغل المدينة أيضا موقع الصدارة في تطوير نظام متكامل إليصال الخدمة إلى المواطنين عبر مختلف درجات الرعاية الصحية األولية والثانوية والرعاية من المستوى الثالث. وتتابع أقاليم الصين األخرى حاليا اإلجراءات المتخذة في شنغهاي عن كثب. كولومبيا: بدأت الحكومة في مدينة ميديلين ثاني أكبر مدن هذا البلد الواقع في أمريكا الالتينية بتشغيل شبكة موحدة لتقديم الرعاية الصحية للحد من التباين في جودة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء المدينة )دراسة 2014 others,.) Guerrero and باكستان: في إقليم البنجاب وضعت الحكومة نموذجا يسمح بتخصيص الموارد على أساس األداء بغرض الربط مباشرة بين التمويل المتاح لكل منطقة واحتياجاتها الصحية. وفي ظل هذا النموذج تحصل كل منطقة في البنجاب تلقائيا على %70 من مخصصاتها األساسية. وحتى تحصل على النسبة المتبقية والتي تبلغ %30 يجب أن تقوم بتحسين أدائها وفق مؤشرات محددة مثل نسبة الوالدات في المرافق الصحية أو تحت إشراف طبي ماهر ونسبة األطفال الذين أتموا تحصيناتهم بين عمر 18 و 30 شهرا. ويتيح هذا المنهج القائم على األداء حافزا واضحا إلقليم البنجاب لتحسين المخرجات الصحية. البرازيل: تنظم مدينة ساو باولو البرازيلية»برنامج أجيتا ساو باولو«الذي يروج التباع أسلوب حياة مفعم بالنشاط من خالل رسالتها للتوعية بأن 30 دقيقة من النشاط البدني يوميا هي هدف صحي ممتع وسهل التحقيق. وتعقد مدينة ساو باولو أيضا فعاليات كبيرة لتشجيع المواطنين على تغيير سلوكياتهم وتحسين أحوالهم الصحية بوجه عام. وقام العديد من المدن البرازيلية األخرى بمحاكاة هذه الحمالت )دراسة 2011.) PAHO, التحفيز من المستويات األعلى لكن حتى مع انتقال اإلنفاق واالبتكار إلى الحكومات اإلقليمية فإن الحكومة الوطنية لها دور حيوي في اإلشراف على الكيانات دون المركزية وإدارتها واستخدام األموال التي تحولها الحكومات المركزية إليها لدعم أنشطتها الصحية. ويمكن للحكومات المركزية الرسم البياني ٣ الا قاليم تحقق زيادة ارتفع الا نفاق على الصحة في الولايات والبلديات في البرازيل من ٢٥ من مجموع الا نفاق على الصحة في عام ١٩٨٠ إلى ٥٥ في عام ٢٠٠٩. (مصروفات الحكومات على الصحة العامة من ا موع) الحكومة الوطنية حكومات الولايات حكومات البلديات ١٠٠ ٨٠ ٦٠ ٤٠ ٢٠ صفر ١٩٨٠ ١٩٩٥ ٢٠٠٠ ٢٠٠١ ٢٠٠٢ ٢٠٠٣ ٢٠٠٤ ٢٠٠٥ ٢٠٠٦ ٢٠٠٧ ٢٠٠٨ ٢٠٠٩ المصدر: دراسة (2012). Langevin الرسم البياني ٢ الا نفاق المحلي في كثير من اقتصادات الا سواق الصاعدة والاقتصادات النامية يتجاوز الا نفاق على الرعاية الصحية من الحكومات الا قليمية والمحلية إنفاق الحكومات المركزية. (الحصة من مجموع الا نفاق على الصحة على المستوى دون المركزي ) ١٠٠ إندونيسيا (٢٠٠٥) الهند (٢٠٠٧) إثيوبيا (٢٠٠٥) نيجيريا (٢٠٠٥) الا رجنتين (٢٠٠٤) البرازيل (٢٠٠٩) جنوب إفريقيا (٢٠٠٥) ٨٠ ٦٠ ٤٠ ٢٠ صفر المصدر: حسابات المو لفتين. ملحوظة: تختلف السنة المستندة إليها البيانات حسب البلد وهي مبينة بين قوسين. التمويل والتنمية ديسمبر
16 أن تقرر كيفية تحويل األموال إلى الحكومات اإلقليمية أو أداء المدفوعات لمقدمي الرعاية الصحية للتحفيز على تحسين األداء في الواليات واألقاليم وحتى في المستويات األدنى كالبلديات. وفي رواندا على سبيل المثال استحدثت الحكومة الوطنية نظاما لمدفوعات الحوافز لمقدمي الخدمات الصحية من القطاع العام والمؤسسات العقائدية في الكيانات دون المركزية وغيرها. وهذه المدفوعات مشروطة بتحقيق تحسينات في حجم الخدمات وجودة الرعاية المقدمة لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية/ اإليدز واألمهات واألطفال. وتصدر الموافقة على المدفوعات على أساس المراجعات المستقلة والممثلة لتقارير األداء. ونتيجة لهذا البرنامج تحسنت تغذية األطفال بدرجة ملحوظة وزادت مستويات تقديم خدمات الرعاية الصحية بنسبة %20 )دراسة Gertler and.)vermeersch, 2013 وفي األرجنتين تستخدم الحكومة الفيدرالية الحوافز لتشجيع أقاليم الدولة على تحسين نتائج عمليات الوالدة. وتستند الحكومة الوطنية في تقديم الحوافز إلى التحاق األسر غير المؤم ن عليها ببرنامج المواليد Nacer Plan الذي وضعته الحكومة وانخفاض الوفيات بين المواليد وتوفير الجودة العالية من الرعاية في مرحلة ما قبل الوالدة. ويصرف البرنامج لألقاليم مبلغ 5 دوالرات شهريا للفرد عن كل شخص يلتحق بالبرنامج ومبلغ 3 دوالرات إضافية شهريا لبلوغ أهداف محددة مثل تحسين وزن المواليد وتوسيع نطاق تغطية التحصينات. وبعبارة أخرى تستند نسبة %60 من المكافأة المقدمة إلى عدد األشخاص الملتحقين بالبرنامج بينما تستند نسبة %40 من المكافأة إلى توسيع نطاق تغطية الصحة ومخرجاتها. وتمثلت محصلة هذا األمر في تحقيق انخفاض بنسبة %22 في معدل وفيات المواليد بين عامي 2004 و 2008 )دراسة Gertler,.)Giovagnoli, and Martinez, 2014 غير أن برنامج التأمين الصحي الوطني في الهند Rashtriya (RSBY) Swasthya Bima Yojana قد حدد الحوافز المقدمة لواليات الدولة من أجل تأييد البرنامج. وتتنافس شركات التأمين الخاصة سنويا في كل والية حسب كل منطقة على حدة. وتتولى هيئة محددة في كل والية عملية اختيار اشتراكات التأمين األكثر تنافسية واألفضل قيمة بالنسبة لكل منطقة ثم تدفع الواليات نسبة %25 من قيمة االشتراكات لكل شخص يشمله التأمين وتدفع الحكومة المركزية الجزء المتبقي. وال ت قدم أي مدفوعات نظير األداء. ومن ثم يكون لدى شركات التأمين على مستوى المناطق الدافع لتشجيع أكبر عدد من المواطنين لاللتحاق بالبرنامج رغبة منها في تعظيم إيراداتها. وفي الوقت الراهن يغطي البرنامج الذي بدأ في عام 2007 أكثر من 100 مليون مواطن للحصول على مجموعة خدمات سخية نسبيا للعالج بالمستشفيات. غير أن النتائج األولية تشير إلى انخفاض دخل عدد محدود من المواطنين بشدة نتيجة المدفوعات التي يتحملها الفرد للحصول على الرعاية الصحية )دراسة La 2012 Nagpal,.)Forgia and ويعد برنامج التأمين الصحي الوطني )RSBY( برنامجا غير مكلف نسبيا وال يمثل إال جزءا صغيرا من مجموع اإلنفاق العام على الصحة في الهند. مشكلة القدرات رغم أن إلغاء المركزية يبشر بالنجاح فإن هناك تحديات جسيمة أمام نقل وظائف الحكومات ومسؤوليات اإلنفاق إلى المستويات دون المركزية. وحتى عندما تتاح للحكومات اإلقليمية صالحيات كبيرة لصنع القرار فقد تجد الواليات واألقاليم صعوبة في الوفاء بهذه المسؤولية بسبب ضعف قدراتها اإلدارية أو عدم توافر أدوات المساءلة وفي أغلب األحيان للسببين. وفي المكسيك على سبيل المثال حيث يتم تنفيذ الجانب األكبر من اإلنفاق على الصحة على المستوى اإلقليمي أو المحلي قامت الحكومة الفيدرالية بمحاولة لقياس مستوى أداء الواليات المكسيكية إزاء معايير حدية للخدمات الصحية مثل التقصي المبكر لسرطان الثدي وعالجه )دراسة 2006 others,.) Lozano and غير أن بعض الواليات توقفت في بعض الحاالت عن اإلبالغ بالبيانات فأوقفت الحكومة الفيدرالية نشر النتائج بعد جولة واحدة فقط من تسجيل المعايير الحدية. وفي كثير من السياقات يقترن تزايد المسؤولية واإلنفاق على المستوى دون المركزي بفروق كبيرة في معيار الرعاية الصحية يمكن لصناع السياسات حتقيق فائدة كبيرة باعتماد منهج يدعم التجربة والتعلم والمساواة والفرق بين مخرجات أغنى وأفقر المناطق في البلد المعني. وهناك أسباب كثيرة لهذه الفجوات ومنها الفروق في الصفات المميزة للسكان كالعمر والدخل والصحة العامة األساسية والمخاطر والسلوكيات واختالف قاعدة اإليرادات وأولويات االستثمار المحلي. وتظهر هذه الفجوات في االقتصادات المتقدمة أيضا. ففي المملكة المتحدة تضم ن تقرير Variation Atlas of لعام 2011 الصادر عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية توضيحا للفروق الكبيرة في الخدمات الصحية حسب أماكن إقامة المواطنين. وفي الهند يالحظ أن الواليات األضعف أداء واألفقر في شمال وسط البالد مثل بيهار وأتار براديش تفتقر للقدرات اإلدارية وتجد صعوبة في إنفاق األموال المخصصة لها من الحكومة المركزية. وتتراوح القدرة على إنفاق األموال المخصصة للصحة من الحكومة المركزية بين %42 )أتار براديش( و %89 )مهاراشترا(. ومع الفروق في توفير الخدمات الصحية على المستوى اإلقليمي نتيجة التباين في الموارد واألولويات يتضح أنه ما لم تكن هناك سياسات تضمن نقل المزايا الصحية بين الواليات أو األقاليم فإن األسر التي تنقل مقر إقامتها داخل البالد قد تجد نفسها بدون تغطية صحية. وفي الصين يرتبط حصول المواطن على الرعاية الصحية بالمنطقة المسجلة فيها أسرته المعيشية )دراسة Roberts,.)2012 وفي بعض الحاالت تم تفويض أجهزة إقليمية للقيام بوظائف يفترض أداؤها أصال على المستوى القومي فترتبت على ذلك آثار ضارة. فعلى سبيل المثال نجد أن الضرائب التي تهدف إلى تحسين الرعاية الصحية كالضرائب على التبغ والكحول ومراقبة األمراض وإجراءات مواجهة الطوارئ وتجميع المخاطر بالنسبة لألمراض المكلفة والنادرة هي وظائف غالبا ما يكون اختيارها أكثر منطقية على المستوى الوطني. فقد تتسبب حالة واحدة من األمراض مرتفعة التكلفة والنادرة في إفالس النظام الصحي المحلي ما لم تكن هناك آليات مالئمة للمشاركة في المخاطر المالية. فيمكن ألي وباء سريع االنتشار يستلزم التحرك على مستوى البلد بأكمله للسيطرة عليه مثل فاشية فيروس اإليبوال في أجزاء من غرب إفريقيا )حيث اإلنفاق العام على الصحة هو بالفعل منخفض للغاية( أن يتسبب في إرباك السلطات المحلية بسهولة. وعلى وجه العموم يالحظ أن وظائف الصحة العامة كخدمات التحصين باللقاحات والخدمات الوقائية التي ال تحقق ربحية نتيجة نقص الطلب عليها تحظى باهتمام بسيط على المستويين الوطني ودون المستوى المركزي. وقد قامت بعض الحكومات اإلقليمية والمحلية في بعض البلدان بإعادة تنظيم إداراتها الصحية على نحو يدعم ترجيح الخدمات الطبية )عالج األمراض واألوضاع الصحية( ويهمل الصحة العامة التي تركز على الوقاية من األمراض وضمان صحة المواطنين. وفي الهند كانت والية تاميل نادو هي الوالية الوحيدة التي لم تدمج وحدة إدارة الصحة المعنية بالصحة العامة في اإلدارة الطبية. وربما يكون نتيجة هذا التركيز 14 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
17 على الوقاية أن النتائج الصحية لوالية تاميل نادو هي من أفضل النتائج الصحية المسجلة بين الواليات الهندية حيث تعد من بين أدنى مراتب اإلنفاق على الرعاية الصحية. ونادرا ما يكون التغلب على التحديات المحيطة بالسياسات باألمر اليسير وإنما يلزم اللجوء إلى محاوالت وحلول متعددة. وبإمكان صناع السياسات تحقيق فائدة كبيرة باعتماد منهج يدعم التجربة والتعلم. لكن التجربة واالبتكار والتعلم هي أمور صعبة التنفيذ من الناحية الفنية كما أنها كثيفة االستخدام للموارد وغالبا ما تهدد األفكار القائمة منذ فترة طويلة واالهتمامات الراسخة. وفي بعض البلدان تتولى الواليات واألقاليم الريادة في التجربة واالبتكار وقد سعى بعضها إلى إنشاء مؤسسات تعنى بإجراء التجارب. ففي الواليات المتحدة يتولى»مركز االبتكار«التابع للمركزين األمريكيين لخدمات التأمين الصحي الفيدرالي )Medicare( والمساعدة الطبية لمحدودي الدخل )Medicaid( مسؤولية تيسير وضع الحلول بانتظام لمعالجة مشكلتي انخفاض القيمة وارتفاع التكلفة في النظام الصحي األمريكي. ومع ضمان توفير التمويل لمدة 10 سنوات على نحو مستقل عن جهة السداد أي التأمين الصحي الفيدرالي )مديكير( والمساعدة الطبية لمحدودي الدخل )مديكيد( يعمل مركز االبتكار على تخفيف أثر عوائق ومخاطر االبتكار. وقد وضع المركز مجموعة من النماذج والمناهج التجريبية بما في ذلك إنشاء»منظمات الرعاية المسؤولة«و«البيوت الطبية«التي تعكف على المشاركة في المخاطر المالية بين شركات التأمين ومقدمي الخدمات لتحسين التنسيق في رعاية المرضى مع تخفيض التكاليف. وتسمح المساعدة الطبية لمحدودي الدخل )مديكيد( وهي البرنامج المشترك بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الواليات لتقديم الخدمات الصحية للفقراء بالتباين الكبير بين الواليات األمريكية من حيث نطاق التغطية الصحية. ومن خالل الدعم المالي والفني المقدم من»مركز االبتكار«يمكن للواليات إجراء التجارب على النماذج المعدة خصيصا لتالئم احتياجات كل منها. تجارب الصين ال تقتصر التجارب المؤسسية على الواليات المتحدة وغيرها من البلدان مرتفعة الدخل. فقد سبق أن أجرت الصين التجارب عادة على نطاق ضيق في البداية في عدد قليل من مقاطعاتها التي يبلغ عددها 2800 مقاطعة تقريبا. وقامت بتجربة برنامجها الرائد للتأمين الصحي في الريف وهو»النظام الصحي التعاوني الجديد«في عدد قليل من المقاطعات قبل أن تتوسع في تنفيذه على المستوى الوطني في عام ويوفر هذا البرنامج أساسا التأمين الصحي األساسي للمقيمين في المناطق الريفية الذين كانوا يتحملون إلى حد كبير نفقات الرعاية الصحية. وفي جنوب إفريقيا شجعت الحكومة الفيدرالية تنفيذ المشروعات التجريبية للتأمين الصحي في 11 مقاطعة من مجموع المقاطعات البالغ عددها 54 مقاطعة في أنحاء البالد بهدف اعتماد برنامج وطني للتأمين الصحي ليكون مكمال للنظام العام الحالي للمرافق الصحية. ومع ذلك أثبتت المشروعات التجريبية نقص القدرات الفنية في هذه المقاطعات وعدم كفاية المساعدة الفنية المقدمة من الحكومة المركزية. ولم يتم اإلعالن عن اتخاذ أي مبادرات كبيرة بشأن التأمين الصحي الوطني منذ تنفيذ تلك المشروعات التجريبية. وبوسع المانحين الدوليين أن يكون لهم دور في دعم التجربة على المستوى دون المركزي. فعلى سبيل المثال قدم البنك الدولي و«جمعية التعاون الدولي«)GIZ( وهي وكالة التنمية التابعة للحكومة األلمانية دعما فنيا كبيرا لبرنامج التأمين الصحي الوطني في الهند.)RSBY( ويقدم البنك الدولي قروضه لحكومات الواليات واألقاليم حيث تراوحت في عام 2008 من %10 من مجموع قروضه الق طرية في حالة المكسيك إلى أكثر من %60 في حالة بلدان مثل الهند وباكستان )تقرير البنك الدولي Bank, World 2009(. لكن هذه العمليات تقتضي ضمانات سيادية قد تؤدي أو ال تؤدي إلى تسهيل االبتكار في الكيانات دون المركزية التي يمكنها خدمة الدين. فالحكومات دون المركزية مؤهلة نظريا للحصول على الدعم في هيئة منح ونادرا ما حصلت عليه من الشراكات بين القطاعين العام والخاص مثل»الصندوق العالمي لمكافحة اإليدز والسل والمالريا«و«منظمة التحالف العالمي للقاحات والتحصين«)GAVI( المعنية بتعزيز الصحة العامة عن طريق دعم لقاحات التحصين والمناعة. فإذا أولت جهات تمويل الصحة مزيدا من االهتمام بالحكومات دون المركزية فقد تسفر زيادة المناهج اإلبداعية عن تحقيق مكاسب كبيرة في مجال الصحة أو زيادة االستفادة منها. ويتزايد تحول النظم الصحية حاليا نحو المحلية األمر الذي ي فترض أن يحدث تغيرا في كيفية تعامل صناع السياسات على المستويين الوطني والدولي مع قضايا التمويل والتحويالت من المالية العامة وسياسات المدفوعات والتخصيصات. وكحد أدنى يتعين زيادة االهتمام بطرق إنفاق الحكومات دون المركزية على الصحة وكيف يمكن لحوافز األداء أن تنتقل من الحكومات المركزية إلى الواليات. ولن يتحقق حلم زيادة الصالحيات المحلية في مجال الصحة إال إذا توافقت السياسة على كافة المستويات من أجل تحسين أداء النظم الصحية. فيكتوريا فان هي أستاذ مساعد يف جامعة هاواي يف مانوا وزميل باحث يف مركز التنمية العاملية وأماندا غالسمان هي مدير إدارة سياسات الصحة العاملية يف مركز التنمية العاملية. املراجع: Cheng, Tsung-Mei, 2013, Explaining Shanghai s Health Care Reforms, Successes, and Challenges, Health Affairs, Vol. 32, No. 12, pp Fan, Victoria, and William D. Savedoff, 2014, The Health Financing Transition: A Conceptual Framework and Empirical Evidence, Social Science and Medicine, Vol. 105 (March), pp Gertler, Paul, and Christel Vermeersch, 2013, Using Performance Incentives to Improve Medical Care Productivity and Health Outcomes, NBER Working Paper No (Cambridge, Massachusetts: National Bureau of Economic Research). Gertler, Paul, Paula Giovagnoli, and Sebastian Martinez, 2014, Rewarding Provider Performance to Enable a Healthy Start to Life: Evidence from Argentina s Plan Nacer, World Bank Policy Research Working Paper 6884 (Washington). Guerrero, Ramiro, Sergio Prada, Dov Chernichovsky, and Juan Urriago, 2014, La Doble DescentralizaciÓn en el Sector Salud: EvaluaciÓn y Alternativas de Polίtica Pública, PROESA Report (Cali, Colombia: Icesi University). La Forgia, Gerard, and Somil Nagpal, 2012, Government-Sponsored Health Insurance in India: Are You Covered? World Bank Policy Note (Washington). Langevin, Mark S., 2012, Brazil s Healthcare System: Towards Reform? (Washington: BrazilWorks). Lozano, Rafael, and others, 2006, Benchmarking of Performance of Mexican States with Effective Coverage, The Lancet, Vol. 368, No. 9548, pp Pan American Health Organization (PAHO), 2011, Non- Communicable Diseases in the Americas: Cost-Effective Interventions for Prevention and Control, Issue Brief (Washington). Roberts, Dexter, 2012, China May Finally Let Its People Move More Freely, Business Week, March 15. World Bank, 2009, World Bank Engagement at the State Level: The Cases of Brazil, India, Nigeria, and Russia, Independent Evaluation Group Report (Washington). التمويل والتنمية ديسمبر
18 المخاطر التي تهدد الصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين العامل أصبح أفضل صحة اليوم لكن البشرية ال تزال تواجه مشكالت كبرى الصحة العاملية حتسنا ملموسا يف القرن املاضي. فقد تم القضاء على أشد شهدت األمراض فتكا باإلنسان كاجلدري وشلل األطفال أو تم احتواؤها. فهناك نسبة كبيرة من سكان العامل يحصلون حاليا على املياه النقية ومستوى أفضل من خدمات الصرف الصحي. واألدوية قادرة على شفاء أو حتسين حاالت صحية كثيرة كانت تتسبب يف إعاقة أصحابها أو تودي بحياتهم منذ بضعة عقود فقط. ومع ذلك ال تزال صحة اإلنسان تتعرض ألخطار جسيمة وهو ما تبين من تفشي فيروس إيبوال مؤخرا. خطر الجوائح أولغا جوناس بين جميع صناع السياسات الذين يشعرون من بالقلق إزاء احتمال وقوع اجلوائح فقط املتفائلون هم الذين يعتقدون أن اجلوائح العنيفة ال حتدث إال مرة كل قرن من الزمان. لكن قبل بداية وباء اإليبوال في 2014 نادرا ما كان معظم الناس بما فيهم صناع السياسات يفكرون بشأن الجوائح )انتشار األوبئة في أنحاء العالم( مما يفسر أسباب عدم إدارة مخاطر العدوى على النحو المالئم ووقوع أزمة اإليبوال بأي حال. وال يزال المجتمع العالمي يواجه أخطارا جسيمة من جراء األمراض المعدية حسبما يتضح من أزمة اإليبوال الجارية. فال يزال وباء إيبوال محصورا إلى حد كبير في ثالثة بلدان صغيرة في غرب إفريقيا حيث بلغت األضرار البشرية واالجتماعية واالقتصادية معدالت مرتفعة بالفعل. وإذا لم يتم احتواء األزمة فسوف تتكرر اآلثار الصحية واالقتصادية الضارة في البلدان النامية األخرى وحتى على المستوى العالمي في حالة حدوث جائحة. وتبدأ العدوى بغتة ثم تزداد سوءا نتيجة عدم إدراك السلطات والجمهور لمخاطر وانعكاسات انتشارها السريع. وحتى مع عدم انتشار فاشيات األمراض حول العالم فإن تكلفتها قد تكون باهظة. وتحدث هذه الفاشيات بتواتر مخيف فقد شهدت السنوات األخيرة ظهور»المتالزمة التنفسية الحادة الوخيمة«)سارس( وفيروسي إنفلونزا الطيور H5N1 وH7N9 وها نحن اآلن نواجه أزمة اإليبوال. وفي ظل السياسات الراهنة فإن إحدى هذه الفيروسات أو غيرها من العوامل الم م رضة ستتسبب في وقوع جائحة. ووفقا لما ذكره االقتصادي»لورنس سامرز«فإن درجة الوعي بمخاطر الجوائح منخفضة للغاية وينبغي»أن يعرف كل طفل عن جائحة األنفلونزا التي وقعت في عام 1918 وأودت بحياة 100 مليون نسمة من مجموع سكان العالم البالغ آنذاك 2 مليار نسمة. وعلى الرغم مما ورد في تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي ويعر ف 16 التمويل والتنمية ديسمبر 2014 الجوائح بأنها أحد أهم ثالثة مخاطر في العالم بجانب تغير المناخ واألزمات المالية فإن معظم المناقشات والتقارير والرسائل الرسمية ال تولي اهتماما بمخاطر الجوائح. ونتيجة لذلك ال تحقق الحكومات تقدما يذكر في سبيل الحد من المخاطر رغم أن التدابير الالزمة معروفة وتكاليفها منخفضة وتنطوي غالبا على تقوية نظامي الطب البيطري والصحة العامة الكتشاف الفاشيات والسيطرة عليها. فالعدوى في نهاية األمر ال تبدأ من فراغ. ففي البلدان النامية هناك عدد مذهل قدره 2.3 مليار من مسببات العدوى التي يحملها الحيوان وتؤثر على اإلنسان سنويا. فأمراض الماشية التي ال تتم السيطرة عليها حتى مع عدم انتشار فاشيات األمراض حول العامل فإن تكلفتها قد تكون باهظة والتعرض للعوامل الم م رضة من الحياة البرية قد تؤدي إلى عدوى واسعة النطاق ألن نظم الطب البيطري والصحة العامة الضعيفة ال تستطيع أن توقف الفاشيات وتسمح لها باالنتشار. ومن ثم تشكل السياسات بداية انتقال العدوى. فاإلهمال المزمن للصحة البيطرية والبشرية العامة هو اختيار كارثي على مستوى السياسات وهو أيضا الممارسة السائدة في معظم البلدان وبرامج المانحين. والضرورة االقتصادية في هذا الشأن ملحة. فالخوف الذي قد ينتشر أسرع من المرض يبد ل سلوكيات المستهلكين ودوائر األعمال والحكومات. ورغم سرعة احتواء فيروس السارس في عام
19 الصحة العالمية 2003 فقد بلغ تكلفته 54 مليار دوالر وهو ثمن حفزته الصدمات التي تعرضت لها ثقة األعمال والمستهلكين. وتسببت فاشية إيبوال في حدوث اضطرابات حادة للتجارة واإلنتاج والرعاية الصحية في معظم البلدان المتضررة. وفي حالة الجائحة سوف تتدفق آثار مماثلة على المستوى العالمي وتكون نتائجها حسب وصف وزارة الدفاع األمريكية أشبه بوقوع»حرب عالمية«. فهبوط إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة %4.8 هو نتيجة منطقية لجائحة إنفلونزا حادة ويعادل 3.6 تريليون دوالر )على أساس إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2013(. وحتى إذا صدقت توقعات المتفائلين بأن احتماالت حدوث جائحة ال تتعدى نسبة %1 سنويا فإن المخاطر المحيطة باالقتصاد العالمي تبلغ 36 مليار دوالر سنويا على امتداد قرن من الزمن. وينفق العالم حاليا قرابة 500 مليون دوالر سنويا للوقاية من الجوائح لذا من المؤكد أن إنفاق 36 مليار دوالر سنويا سيكون أكثر من كاف للقضاء على الخطر. ومن ثم فإن زيادة مبلغ اإلنفاق إلى هذا المستوى له ما يبرره. ولحسن الطالع ال تكلف الوسائل الدفاعية من العوامل الم م رضة إال جزءا يسيرا من هذا المبلغ. فقد خلصت دراسة أجراها البنك الدولي (2012) Bank World إلى أن إنفاق 3.4 مليار دوالر سنويا سيرفع معايير أداء نظم الطب البيطري والصحة البشرية العامة في جميع البلدان النامية إلى معايير األداء التي حددتها منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان. وتشمل هذه المعايير القدرة على االكتشاف المبكر للعدوى والتشخيص السليم وسرعة وفعالية السيطرة عليها. )لم تستوف أي من البلدان التي تعرضت لفاشية إيبوال في 2014 ألي من هذه المعايير(. وسوف تسيطر نظم الصحة العامة القوية على العوامل الم مرضة التي قد تتسبب في وقوع الجوائح واألمراض األخرى الخطيرة على المستوى المحلي. وتتضح هشاشة دفاعاتنا من واقع التحركات لمواجهة فيروسي إنفلونزا الطيور H5N1 وH1N1. فقد شهد التمويل قفزة حادة من عام 2006 إلى 2009 مدفوعا بزيادة الوعي بالمخاطر لكنه انخفض بعد ذلك بشدة عندما توقف صناع السياسات عن إبداء االهتمام )انظر الرسم البياني(. والتقلب في التمويل ال يرتبط بمستوى الخطر فالخطر يزداد عندما تنخفض إمكانات الصحة العامة نتيجة نضوب التمويل المتاح بمجرد انتهاء الفاشية. وتقتضي فعالية البنية األساسية للدفاع توفير الدعم المطرد. وما لم تكن نظم الصحة العامة قوية في جميع أنحاء العالم فإن التوقعات األليمة تشير إلى أن وباء اإليبوال الذي ال يزال مستمرا في االنتشار لن يكون األزمة األخيرة وال األسوأ من جراء التأخر في اكتشاف فاشية أحد األمراض والعجز في السيطرة عليها. أولغا جوناس تعمل كمستشار اقتصادي يف البنك الدويل. املراجع: United Nations and World Bank, 2010, Animal and Pandemic Influenza, a Framework for Sustaining Momentum (New York and Washington). World Bank, 2012, People, Pathogens and our Planet: The Economics of One Health (Washington). ارتفاع وانخفاض ارتفعت معدلات التمويل للوقاية من الجواي ح أثناء الخوف العام من فاشية الا نفلونزا في عام ٢٠٠٦ و ٢٠٠٩ وانخفضت عندما تراجع الوعي العام (المساعدة المقدمة للسيطرة على الا مراض في البلدان النامية بمليارات الدولارات) ٢ ٠ ١ ٥ ١ ٠ ٠ ٥ صفر ٢٠٠٦ ٢٠٠٨ ٢٠٠٧ ٢٠٠٦ ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ٢٠١١ ٢٠١٢ المصادر: تقرير (2010) Bank United Nations and World وتقرير World.Bank (2012) ملحوظة: في البيي ة عالية ا اطر ستبلغ التكلفة ٣ ٤ مليار دولار سنويا لرفع معايير أداء نظم الطب البيطري والصحة العامة في ١٣٩ بلدا ناميا إلى معايير السيطرة على الا مراض التي حددتها منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان. الخطر البيئي إيان بيري رغم أن هناك العديد من األخطار البيئية التي تهدد الصحة البشرية بما يف ذلك تلوث املياه وانبعاثات املواد السامة من املصانع وأراضي دفن النفايات فإن أكبر مصدرين للقلق هما تلوث الهواء واالحترار العاملي وكالهما يرجع غالبا الحتراق الوقود األحفوري. ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية WHO,( 2014( فإن تلوث الهواء الداخلي والخارجي مسؤوالن عن وقوع 7 ماليين حالة وفاة مبكرة سنويا أي ث من حاالت الوفيات حول العالم. ويسهم تلوث الهواء الخارجي بحد ذاته في وقوع 2.7 مليون حالة وفيات وتلوث الهواء الداخلي 3.3 مليون حالة وفيات بينما تقع مليون حالة وفيات سنويا نتيجة مزيج من تلوث الهواء الداخلي والخارجي. ويتسبب التلوث في الموت نتيجة استنشاق الناس جسيمات صغيرة جدا لدرجة أنها تخترق الرئة ومجرى الدم مما يؤدي إلى تزايد انتشار أمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز التنفسي. وتقع نسبة %90 تقريبا من وفيات تلوث الهواء الخارجي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ذات الكثافة السكانية العالية ال سيما في منطقتي غرب المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا. وتتباين تكلفة األضرار الصحية نتيجة تلوث الهواء الخارجي بدرجة كبيرة حسب كل بلد ونوع الوقود األحفوري الذي يتم حرقه. وعلى سبيل المثال تشير تقديرات صندوق النقد الدولي )دراسة others, 2014 )Parry and في عام 2010 أن التكاليف الصحية الستخدام الفحم في الصين حيث ترتفع درجة تعرض السكان لتلوث الهواء مع ضعف السيطرة على االنبعاثات بلغت دوالر لكل غيغاجول من الطاقة أكثر من ضعف سعر الطاقة العالمي من الفحم. وفي المقابل نجد أن األضرار في أستراليا حيث تقل كثافة السكان وتتعرض أعداد أقل من السكان النبعاثات الفحم بلغت 0.80 دوالر لكل غيغاجول. والفحم عموما هو أكثر مسببات تلوث الهواء لكل وحدة طاقة ويليه الديزل بينما يتسبب الغاز الطبيعي والبنزين في أقل درجة من التلوث. ومن المرجح أن تؤدي زيادة استخدام تكنولوجيات التحكم )كالتكنولوجيا المستخدمة في تنقية ثاني أكسيد الكبريت في التمويل والتنمية ديسمبر
20 محطات الطاقة التي تعمل بحرق الفحم( إلى خفض معدالت االنبعاثات من إنتاج الطاقة ومن ثم تخفض المخاطر الصحية. غير أن هذه الفائدة تتراجع أمام تزايد الطلب على الطاقة في بلدان العالم النامية والنمو السكاني الحضري مما يتسبب في زيادة تعرض السكان للتلوث. وتتركز جميع حاالت الوفيات تقريبا الناجمة عن تلوث الهواء الداخلي )من وقود الطهي والتدفئة( في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ويمكن تخفيض أعداد هذه الوفيات بتشجيع استخدام الوقود األنظف )الفحم النباتي بدال من الحجري مثال( و التكنولوجيا المتطورة )المواقد المزودة بوسائل تهوية أفضل( وتوفير الكهرباء لمزيد من األسر. ويمثل احتراق الوقود األحفوري أيضا السبب الرئيسي في ارتفاع تركيز غازات االحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون في الغالف الجوي. ورغم أن أهم سبب في التخفيف من آثار انبعاثات غازات الدفيئة هو درء المخاطر البالغة على كوكب األرض كاالحترار السريع واالرتفاعات الهائلة في منسوب البحار نتيجة ذوبان الطبقات الجليدية وتحول مسار التيار الخليجي )دراسة )Nordhaus, 2013 فإن تغير المناخ يمكن أن يؤثر على صحة اإلنسان على المستوى المحلي بطرق مختلفة. ووفقا لتقرير البنك الدولي (2014) Bank World على سبيل المثال فإن األحداث المرتبطة بالتغيرات في األحوال الجوية كالفياضانات والجفاف ودرجات الحرارة الشديدة ظلت مستمرة في اتجاهها الصعودي وخاصة في آسيا ومنطقة الكاريبي وهي من أهم أسباب الوفيات )من خالل المجاعات على سبيل المثال( والخسائر االقتصادية. ومن المخاطر الصحية أيضا اإلصابة بلفحات الحرارة البالغة وانتشار األمراض المعدية وتدني مستويات األمن الغذائي والمائي وتفاقم تلوث الهواء. ومن أهم ما يثير القلق األخطار الصحية الناجمة عن زيادة انتشار حاالت اإلسهال )التي تصيب السكان الذين يعانون من ضعف نظم الصرف الصحي( والمالريا )من هجرة البعوض في المناطق االستوائية( وسوء التغذية )من انخفاض مستويات المعيشة(. غير أنه يمكن التخفيف من حدة المخاطر المستقبلية من خالل تحسين الدخل ونظم الصرف الصحي والرعاية الصحية وتطوير التكنولوجيا )مثل استئصال المالريا( وزيادة التكيف مع البيئة )مثل زيادة استخدام ناموسيات األس رة للحماية من قرصات الحشرات(. اتخاذ اإلجراءات يمكن لسياسات تخفيض استخدام الوقود األحفوري أن حتقق منافع صحية كبيرة على املستوى الداخلي وهي ليست بحاجة لالنتظار للتنسيق العاملي. وينبغي حتسين نتائج الصحة البيئية يف سياق استراتيجية أوسع نطاقا تشمل تسعير الكربون واالستثمارات يف التكنولوجيا النظيفة والتحويالت إىل االقتصادات النامية واحلد من الدعم ملصادر الطاقة غير اخلضراء. وهناك أهمية بالغة بصفة خاصة لدقة انعكاس التكاليف البيئية على أسعار الطاقة األمر الذي سيؤدي على املستوى العاملي إىل انخفاض قدره %63 يف الوفيات املتعلقة بتلوث الهواء اخلارجي نتيجة احتراق الوقود األحفوري وانخفاض قدره %23 يف انبعاثات الكربون املتعلقة بالطاقة. ويف نفس الوقت فإن اإلجراءات الرامية إىل انعكاس التكاليف البيئية على أسعار الطاقة ستؤدي إىل تعبئة إيرادات جديدة بما يعادل %2.6 من إجمايل الناجت احمللي. )دراسة others, 2014.Parry and إيان باري هو اخلبير الرئيسي يف سياسة املالية العامة البيئية يف إدارة شؤون املالية العامة بصندوق النقد الدويل. املراجع: Nordhaus, William, 2013, The Climate Casino: Risk, Uncertainty, and Economics for a Warming World (New Haven, Connecticut: Yale University Press). Parry, Ian, Dirk Heine, Eliza Lis, and Shanjun Li, 2014, Getting Energy Prices Right: From Principle to Practice (Washington: International Monetary Fund). World Bank, 2014, World Development Report 2014: Risk and Opportunity (Washington). World Health Organization (WHO), 2014, Public Health, Environmental and Social Determinants of Health (Geneva). هناك أهمية بالغة بصفة خاصة لدقة انعكاس التكاليف البيئية على أسعار الطاقة. األمراض غير السارية واالضطرابات العقلية دان شيشولم ونيك بناتفاال االضطرابات العقلية واألمراض غير السارية األخرى وأهمها األمراض القلبية الوعائية والسكري والسرطان وأمراض اجلهاز التنفسي املزمنة حتصد العديد من األرواح قبل األوان وتتسبب يف اعتالل الصحة بدرجة هائلة كما تهدد التنمية البشرية واالقتصادية باخلطر. ففي عام 2011 تويف قرابة 15 مليونا من سكان العامل يف سن مبكرة )قبل بلوغ 70 عاما من العمر( من جراء اإلصابة بمثل هذه األمراض منهم %85 يف البلدان ذات الدخل املنخفض واملتوسط. وباإلضافة إىل ذلك فإن %80 من السنوات التي يعيشها الناس وهم يعانون من اإلعاقة هي من نتاج األمراض غير السارية وخاصة األمراض العقلية والسلوكية. ومع ذلك فإن املشكالت الصحية املصاحبة لها يمكن الوقاية منها أو التخفيف من حدتها. وتنشأ األعباء المتزايدة لألمراض غير السارية ومشكالت الصحة العقلية لعدة أسباب بما في ذلك شيخوخة السكان والتحضر السريع وغير المخطط له واختيارات أسلوب الحياة كاالستهالك والطعام غير الصحي )مما يرجع جزئيا ألساليب التسويق غير المسؤولة وانخفاض الوعي بالمخاطر(. ويعاني كثير من الناس من مثل هذه األمراض نتيجة استخدام التبغ واستهالك األطعمة ذات المحتوى العالي من الملح والدهون والسكر. ووفي المناطق الحضرية تتمثل العوامل المساهمة في اإلصابة بهذه األمراض في تغيرات النظام الغذائي والنشاط البدني والتعرض لتلوث الهواء وتوافر المشروبات 18 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
21 الكحولية وتناولها على نطاق واسع. ومع هيمنة مثل هذه القوى على المجتمعات تعمل بضع حكومات ناهيك عن األفراد على مواكبة الحاجة التخاذ تدابير وقائية مثل قوانين منع التدخين والقواعد التنظيمية لتشجيع االمتناع عن استهالك الدهون السيئة والملح والسكر والسياسات التي تهدف إلى الحد من سوء استخدام الكحوليات والتخطيط الحضري على نحو أفضل لتشجيع النشاط البدني. واألمر ببساطة أن األولويات تتركز غالبا ضد االختيارات السليمة في أسلوب الحياة. وتؤدي األمراض غير السارية واالضطرابات العقلية إلى زيادة معدالت الفقر بين األفراد واألسر وإعاقة التنمية االجتماعية واالقتصادية. فهناك حوالي 100 مليون شخص يقعون تحت وطأة الفقر سنويا نتيجة دفع تكاليف الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها. وفي البلدان منخفضة الموارد قد يؤدي العالج من األمراض إلى استنزاف موارد األسرة سريعا. وتصاب دوائر األعمال أيضا بالضرر من خالل تناقص عرض العمالة واإلنتاجية. وتشير التقديرات الواردة في تحليل»المنتدى االقتصادي العالمي«في عام 2008 إلى أن البرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا وروسيا وهي أكبر اقتصادات األسواق الصاعدة خسرت أكثر من 20 مليون سنة عمر إنتاجي نتيجة األمراض القلبية الوعائية وحدها في عام 2000 ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم بأكثر من %50 بحلول عام وإذا لم يطرأ أي تغيير على جهود الوقاية فإن الخسائر االقتصادية العالمية على أساس تراكمي من جراء األمراض غير السارية واالضطرابات العقلية قد تصل إلى 47 تريليون دوالر على مدار العقدين القادمين. وسوف يتسبب هذا االرتفاع السريع في زيادة فداحة الضرر الذي يلحق باقتصادات األسواق الصاعدة في سياق نموها )دراسة Bloom 2011 others,.)and وتشير التقديرات الواردة في إحدى الدراسات المستقلة إلى أن تكلفة الخرف على مستوى العالم والمنتظر أيضا أن تسجل زيادة سريعة - بلغت 604 مليار دوالر في عام 2010 )دراسة 2010.) ADI, وتقترن الوقاية من هذه األمراض وتوفير الرعاية للمصابين بها بتكلفة كبيرة لكنها في نفس الوقت تكلفة محدودة نسبيا مقارنة بالتكاليف المتوقعة لعدم اتخاذ أي إجراءات. فمتوسط التكلفة السنوية مثال لتنفيذ الخطط األعلى مردودية للتكلفة للوقاية والحد من األمراض القلبية الوعائية في جميع االقتصادات النامية تقدر بنحو 8 مليارات دوالر سنويا. غير أن العائد المتوقع لمثل هذا االستثمار أي انخفاض قدره %10 في معدل الوفيات من أمراض الوريد القلبي التاجي والجلطات الدماغية - سيخفض من حجم الخسائر االقتصادية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بنحو 25 مليار دوالر سنويا )دراسة 2011.) WEF, مقاومة المضادات الحيوية رامانان الكسميناريان املضادات احليوية كانت وراء التحول الذي طرأ يف ممارسة الطب. غير أن الزيادة احلادة يف استخدامها أدت إىل زيادة السالالت املقاومة لألدوية من البكتريا املسببة لألمراض وانخفاض فعالية املضادات احليوية عامليا. وقد أدى ارتفاع الدخول يف البلدان ذات الدخل املنخفض واملتوسط إىل توليد طلب هائل على املضادات احليوية لكن ارتفاع مستويات اإلصابة بالعدوى واستخدامات املضادات احليوية دون سيطرة يف هذه البلدان يترتب عليه فشل عالج املرضى غير القادرين على حتمل التكلفة املرتفعة ألدوية اخلط الثاين عندما ال حتقق املضادات احليوية مفعولها. وال يزال مستوى استخدام املضادات احليوية مرتفعا يف البلدان ذات الدخل املرتفع وبلدان وبالنسبة للصحة العقلية فإن االستثمارات الحالية ضئيلة بصفة خاصة فالعديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تخصص أقل من %2 من موازنة الصحة لعالج االضطرابات العقلية والوقاية منها. ولذلك هناك أعداد هائلة من المرضي ال يتم عالجهم من االضطرابات العقلية سواء الحادة أو الشائعة. وتشمل الجهود الصحية المجدية وذات التكلفة المعقولة ومردودية التكلفة وضع استراتيجيات للحد من استهالك التبغ والكحوليات وتشجيع االختيارات السليمة في أسلوب الحياة واتخاذ تدابير للحد من تناول الملح في الطعام ومعالجة االضطرابات العقلية الشائعة في مراكز الرعاية األولية وإدارة شؤون المواطنين المعرضين األولويات تتركز غالبا ضد االختيارات السليمة يف أسلوب احلياة. لمخاطر اإلصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية. ومن شأن هذه الجهود مجتمعة أن تؤدي إلى الحد من معدالت الوفاة المبكرة من األمراض غير السارية بنسبة %25 على األقل بتكلفة سنوية ال تتعدى بضعة دوالرات للفرد. ومثل هذه الجهود تستدعي التزاما سياسيا وشراكة قوية متعددة القطاعات وإعادة هيكلة نظم الرعاية الصحية وتوجيهها نحو الوقاية من األمراض المزمنة )بدال من الحادة( والتحكم فيها. دان شيشومل هو مستشار النظم الصحية ونيك بناتفاال هو مستشار أول وكالهما يف جمموعة األمراض غير السارية والصحة العقلية يف منظمة الصحة العاملية. وال تمثل وجهات نظر املؤلفين بالضرورة قرارات منظمة الصحة العاملية أو سياساتها أو وجهات نظرها. املراجع: Alzheimer s Disease International (ADI), 2010, World Alzheimer Report 2010: The Global Economic Impact of Dementia (London). Bloom, David E., and others, 2011, The Global Economic Burden of Noncommunicable Diseases (Geneva: World Economic Forum). World Economic Forum (WEF), 2008, Working towards Wellness: The Business Rationale (Geneva). World Economic Forum (WEF), 2011, From Burden to Best Buys : Reducing the Economic Impact of Non-Communicable Diseases in Lowand Middle-Income Countries (Geneva). الشريحة األعلى من فئة الدخل املتوسط وخاصة يف املستشفيات وتواصل تكاليف العالج ارتفاعها نتيجة مقاومة املضادات احليوية. وال تزال أعداد الوفيات الناجمة عن ضعف فرص الحصول على المضادات الحيوية أكبر من الوفيات نتيجة مقاومة البكتريا له لكن المضادات الحيوية ليست بديال لسياسة الصحة العامة السليمة وال التحصينات وال المياه النقية والصرف الصحي المالئم. وتتجاوز معدالت الوفيات من األمراض المعدية في البلدان منخفضة الدخل وبلدان الشريحة األدنى من فئة الدخل المتوسط بدرجة كبيرة في الوقت الحالي المعدالت المسجلة في البلدان مرتفعة الدخل قبل ظهور المضادات الحيوية في عام التمويل والتنمية ديسمبر
22 انتشار سريع ظهرت حالات عناصر إنزيم نيو دلهي ميتالو بيتا لاكتاميز الوراثية التي تجعل البكتريا مقاومة للمضادات الحيوية لا ول مرة في عام ٢٠٠٨ في الهند وباكستان وتظهر حاليا في شتى أنحاء العالم. عدد الحالات متوطنة ٢٠٠ ١٠١ ١٠٠ ٥١ ٥٠ ١١ ١٠ ٢ ١ لا توجد بيانات المصدر: حسابات المو لف. وتستخدم معظ المضادات الحيوية على مستوى العالم في مجال الزراعة - حيث تضاف بكميات قليلة لعلف الحيوانات لتنشيط نموها ووقايتها من المرض. وعلى غرار ما يحدث في المستشفيات أصبحت المضادات الحيوية بديال أقل تكلفة للنظافة الجيدة والسيطرة على العدوى التي تقي من األمراض في المقام األول. ويحظر استخدام المضادات الحيوية لتنشيط نمو الحيوانات هناك عوامل حملية حتفز املقاومة لكن عواقبها وخيمة على املستوى العاملي في االتحاد األوروبي حيث تبين األدلة أن معظم وظائف الحيوانات يمكنها االستغناء عنها. لكن حاالت الحظر تواجه معارضة في الواليات المتحدة وغيرها من البلدان. وتتسارع حاليا وتيرة املقاومة للمضادات احليوية - وهي ظاهرة طبيعية - ألنه ال يوجد حافز للمرضى أو األطباء أو املستشفيات أو شركات التأمين أو شركات األدوية للحد من استخدام املضادات احليوية. وبينما تدفع شركات التأمين الصحي وأطراف ثالثة تكاليف األدوية التي يتحملها املرضى فإن تكاليف التحكم يف العدوى ال يتم يف العادة تعويضها. ومثل تغير املناخ هناك عوامل حملية حتفز املقاومة لكن عواقبها وخيمة على املستوى العاملي وهو ما يتضح من مثالين: مرض السيالن املقاوم للمضادات احليوية الذي ظهر يف فييت نام يف عام 1967 ثم انتشر إىل الفلبين وأخيرا إىل الواليات املتحدة حيث بلغت نسبة مقاومة املرض للبنسلين %100 يف أقل من عشر سنوات. وقد ظهرت ألول مرة حاالت عناصر إنزيم»نيو دلهي ميتالو بيتا الكتاميز«الوراثية التي جتعل البكتريا مقاومة للمضادات احليوية يف عام 2008 يف الهند وباكستان وتظهر حاليا يف شتى أنحاء العامل )انظر اخلريطة(. ورغم أن هناك قصورا في قياس العبء العالمي لمقاومة المضادات الحيوية فإنه على األرجح يتركز في ثالث فئات هي تكاليف حاالت العدوى والتلوث المقاومة للمضادات الحيوية وتكاليف المضادات الحيوية وعدم القدرة على إجراء العمليات التي تعتمد على المضادات الحيوية لمنع العدوى والتلوث. فالمرضى المصابون بسالالت البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية يحتاجون في العادة إلى البقاء لفترات أطول في المستشفيات وتحمل تكاليف عالجية أعلى. واألخطر من ذلك هو األثر الواقع على نظام الرعاية الصحية. فالعديد من العمليات الجراحية مثل عمليات زراعة األعضاء وعمليات تحويل المسار تستلزم استخدام المضادات الحيوية لضمان عدم إصابة المريض بالعدوى والتلوث. وقبل ظهور المضادات الحيوية كانت العمليات الجراحية حتى البسيط منها مثل استئصال الزائدة الدودية تؤدي إلى كثير من حاالت الوفاة ولم يكن السبب في ذلك الجراحة في حد ذاتها بل ألنه لم يكن باإلمكان التحكم في تلوث مجرى الدم. وتشكل مقاومة المضادات الحيوية حاليا مصدر خطر في عالج السرطان وعمليات زراعة األعضاء وحتى عمليات معالجة أقنية جذور األسنان. ويقتضي الحفاظ على فعالية المضادات الحيوية على المدى الطويل تحقيق التوازن بين المحافظة على فعالية المضادات الحيوية الحالية واالبتكار في تطوير الدواء. وتتحقق المحافظة على الفعالية بخفض الحاجة للمضادات الحيوية )من خالل التحصينات والسيطرة على العدوى( واستخداماتها غير الضرورية )من خالل تشخيص األمراض وتقديم الحوافز للمتخصصين في العيادات لتقليل الوصفات الطبية بالمضادات الحيوية وتقييد الحصول على المضادات الحيوية القوية والتوعية العامة(. فالقواعد التي تحكم العالقة بين الطبيب والمريض إلى جانب توقعات المرضى هي عوامل تتسبب في االستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية. ونظرا لعدم فرض أي عقوبات على األطباء لكتابة الوصفات الطبية بالمضادات الحيوية وعدم تعويضهم عن الوقت الذي يستغرقه شرح أسباب عدم جدواها فال تزال معدالت كتابة هذه الوصفات مرتفعة. وقد تم مؤخرا تطوير مضادات حيوية جديدة لكن تكلفة تسويق أي دواء جديد مرتفعة للغاية. وتتراجع حاليا وتيرة اكتشاف مكونات المضادات الحيوية الجديدة. فقد اكتشفت أربع عشرة فئة من مجموع فئات المضادات الحيوية السبع عشرة المستخدمة اليوم قبل عام ومعظم االبتكارات حاليا تنطوي على إعادة صياغة المكونات الحالية وليس اكتشاف آليات جديدة. وهناك ما يبرر في الوقت الحالي االستثمار العام في المضادات الحيوية ألن نقص األدوية الفعالة يمكن أن يخلق حاالت طوارئ في الصحة العامة. فعلى سبيل المثال تزداد ضراوة العدوى البكتيرية الثانوية أثناء جوائح اإلنفلونزا. وتشجع الواليات المتحدة وأوروبا حاليا جهود تطوير األدوية الجديدة. لكن ما لم يتم ربط حوافز تطوير األدوية بإجراءات الوقاية فقد تتسبب هذه المبادرات ببساطة في تأجيل حل مشكلة ستكون لها آثار بالغة على المجتمعات. رامانان الكسميناريان هو مدير مركز ديناميكية األمراض واالقتصاد والسياسة وهو باحث علمي أول يف جامعة برينستون األمريكية. 20 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
23 الصحة العاملية تعليقات تكلفة التقدم أسعار األدوية اجلديدة تهدد اإلصالح الصحي يف كولومبيا أليخاندرو غافيريا يف غضون سنوات تزيد قليال على عقدين حققت كولومبيا خطوات كبيرة صوب توفير الرعاية الصحية للجميع. وهي تغطي اآلن نحو %97 من مواطنيها بنفس حزمة املنافع وتضمن استفادة الشرائح األكثر فقرا من السكان من التكنولوجيات اجلديدة وخفضت املصروفات التي يتحملها املواطن من ماله اخلاص بدرجة تزيد على أي بلد نام آخر )دراسة Savedoff, 2014.)Fan and إال أن األدوية اجلديدة ومرتفعة الثمن وضعت ضغوطا كبيرة على ذلك التقدم. ففي عام 1993 اضطلعت كولومبيا بإصالح لنظام الرعاية الصحية لديها لضمان توفير احلماية املالية جلميع السكان وكفالة حصولهم بالتساوي على خدمات الرعاية الصحية. وزاد اإلصالح بدرجة كبيرة من مقدار املال العام املوجه للرعاية الصحية وحشد موارد القطاع اخلاص وهو ما أدى إىل انتعاش املستشفيات وشركات التأمين اخلاصة. وأدى تزايد مشاركة القطاع اخلاص إىل إحداث تغييرات إيجابية مما زاد الكفاءة وساعد على األقل لبعض الوقت يف احتواء التكاليف. وكان اإلصالح ناجحا من وجوه كثيرة. ففي عام 1993 كانت نسبة الكولومبيين من شريحة اخلمس األفقر من السكان الذين أفادوا أن خدمات الرعاية الصحية مل تكن متاحة لهم يف حالة األمراض اخلطيرة تبلغ %30. وبعد 20 عاما من ذلك تراجعت هذه النسبة إىل %3. واليوم يحصل أكثر من 20 مليون شخص أي نصف عدد السكان على تأمين صحي تدعمه الدولة بالكامل. ويحصل كثير من فقراء املناطق احلضرية على نفس الرعاية التي يحصل عليها ذوو االمتيازات األكبر. إال أن هذا النجاح هش. فكثير من التغيرات اإليجابية أصبحت مهددة بسبب الضغوط التكنولوجية. ففي النصف الثاين من العقد األخير بدأ سداد ثمن األدوية اجلديدة غير املدرجة يف حزمة املنافع التي تغطيها شركات التأمين من األموال العامة. وسرعان ما فطنت الشركات الصيدالنية ومقدمو اخلدمات واألطباء أن الدولة على استعداد لدفع جميع التكاليف تقريبا )بأي سعر تقريبا(. وزادت مدفوعات األدوية اجلديدة وتزايدت املشكالت املالية. ونمت الديون مع مقدمي اخلدمات بسرعة. وتدهورت ثقة اجلمهور يف النظام. واألسوأ من ذلك أن هذه التطورات انتقصت من جانب املساواة يف اإلصالحات. ففي عام 2000 صنفت منظمة الصحة العاملية نظام الرعاية الصحية الكولومبي يف الترتيب األول من حيث عدالة املساهمة املالية. ففي كولومبيا يساهم األفراد يف النظام كل حسب دخله وتغطي الدولة األقساط للفقراء بالكامل ويحصل اجلميع على نفس حزمة املنافع. ومن املؤسف أن الضغوط التكنولوجية عكست جزءا من هذه العدالة. منصرفات انحدارية معظم مدفوعات الحكومة الكولومبية لتغطية تكاليف الا دوية الجديدة التي لا تغطيها حزمة التا مين المعيارية آلت إلى الفي ات الا على دخلا. (مدفوعات الا دوية الجديدة من ا موع) صفر خ ٥ خ ٤ خ ٣ خ ٢ خ ١ المصدر: صندوق الصحة الكولومبي. ملحوظة: تتعلق البيانات بعام ٢٠١٢. وتتراوح الفي ات المستفيدة من الشريحة الخمسية الدنيا (أدنى ٢٠ ) من الدخل (خ ١ ) إلى الشريحة الخمسية العليا (أعلى ٢٠ ) من الدخل (خ ٥ ). وتبي ن أن سداد فاتورة التكنولوجيات غير املدرجة يف حزمة املنافع له أثر انحداري إىل حد ما. ويوضح الرسم البياين توزيع املدفوعات حسب الشرائح اخلمسية للدخل. وخصص أقل من %1 من جمموع املدفوعات إىل أشخاص يف الشريحة اخلمسية الدنيا )أدنى %20( بينما خصص %40 منه إىل أشخاص يف الشريحة اخلمسية العليا )أعلى %20 ( الذين يملكون معلومات أفضل وقدرة أكبر على الذهاب إىل أطباء خمتصيين مقارنة باألشخاص األفقر. ومن حيث النظرية مل تتغير اإلتاحة للجميع ولكن من حيث التطبيق ليس األمر كذلك. ومن الصعب تصور استخدام املال العام بأثر انحداري أكبر. وتبلغ نفقات الرعاية الصحية للشخص يف كولومبيا خمسها يف أي من البلدان املتقدمة العادية. إال أن إدراج تكنولوجيات جديدة ضروري للحفاظ على شرعية النظام مما يجعل استمراريته إشكالية. وتواجه كولومبيا حاليا صعوبات يف سداد تكاليف األدوية اجلديدة مرتفعة الثمن. ووافق البرملان الكولومبي على قانون يسمح باستبعاد املدفوعات للتكنولوجيات غير الفعالة. وأنشأت احلكومة هيئة لتقييم جميع التكنولوجيات اجلديدة. واعت مدت الئحة أسعار وأعدت سياسة للتعامل مع صيغ مماثلة من األدوية البيولوجية )املصنعة من بروتينات كائنات حية وليست املركبة كيميائيا(. وعارضت الصناعة الصيدالنية التي استفادت كثيرا من عدم خضوع البيئة للتنظيم بعضا من هذه السياسات. وهناك ثالثة عناصر يف قصة الرعاية الصحية يف كولومبيا هي: حدوث إصالح تدريجي يف الرعاية الصحية حقق تقدما اجتماعيا كبيرا يف وقت قصير. ظهور ضغوط تكنولوجية مصدرها الرئيسي األدوية اجلديدة مرتفعة الثمن هددت استمرارية اإلصالحيات وتقدمها املتدرج. إنشاء مؤسسات بهدف دمج التكنولوجيات اجلديدة بطريقة منظمة وقانونية بسرعة على الرغم من وجود مقاومة. وتقدم جتربة كولومبيا يف إخضاع أسعار األدوية للتنظيم والسماح بالتنافس يف جمال تصنيع أدوية بيولوجية بدون عالمات جتارية وتقييم التكنولوجيات دروسا مهمة للبلدان النامية التي يتعين عليها التجاوب يف آن واحد مع التحديات املاثلة يف جمال الرعاية الصحية ومع الضغوط التكنولوجية. أليخاندرو غافيريا هو وزير الصحة يف كولومبيا. املراجع: Fan, Victoria, and William D. Savedoff, 2014, The Health Financing Transition: A Conceptual Framework and Empirical Evidence, Social Science and Medicine, Vol. 105 (March), pp ٥٠ ٤٠ ٣٠ ٢٠ ١٠ التمويل والتنمية ديسمبر
24 فاتورة الصحة التباطؤ األخير يف نمو اإلنفاق على الصحة العامة يف االقتصادات املتقدمة ال يرجح أن يدوم بنيديكت كليمنس وساجنيف غوبتا وباوبينغ شانغ اقتصادي يمثل احتواء نمو اإلنفاق العام على الصحة واحدة من أهم قضايا املالية العامة التي تواجهها االقتصادات املتقدمة. وقد نما هذا اإلنفاق بصورة كبيرة على مدى العقود الثالثة املاضية )دراسة Gupta, 2012 )Clements, Coady, and ويمثل نحو نصف الزيادة يف اإلنفاق احلكومي بدون فوائد على مدى هذه السنوات. وخالل نفس الفترة ارتفع أيضا اإلنفاق اخلاص على الصحة الذي يمثل يف املتوسط نحو ربع النفقات الكلية على الصحة يف االقتصادات املتقدمة. ويف حين تزامنت زيادة اإلنفاق مع حدوث حتسن هائل يف الصحة فقد وضع أيضا ضغوطا كبيرة على امليزانيات وخصوصا يف الوقت احلايل حين بلغ جمموع الدين العام كنسبة مئوية من إجمايل الناجت احمللي مستويات غير مسبوقة يف االقتصادات املتقدمة. ومنذ عام 2010 تباطأ نمو اإلنفاق العام على الرعاية الصحية ومن الضروري فهم ما يعنيه ذلك. وهل سيستمر هذا التباطؤ وهل اإلنفاق على الصحة حتت السيطرة يف املاضي كانت فترات النمو البطيء تتبع يف الغالب بفترات تتسارع فيها وتيرة النمو )راجع الرسم البياين 1(. فهل سيكون تباطؤ النشاط االقتصادي احلايل خمتلفا تنطوي اإلجابات على هذه األسئلة على انعكاسات مهمة على اآلفاق االقتصادية طويلة األجل لالقتصادات املتقدمة. فتزايد اإلنفاق على الرعاية الصحية يف تلك االقتصادات يمكن أن يرغم احلكومات إما على خفض اإلنفاق يف اجملاالت األخرى ذات األولوية )كالتعليم والبنية التحتية( أو إبطاء تقدمها يف خفض الدين العام ويمكن أن يكون لكال اخليارين أثر على آفاق النمو يف هذه االقتصادات. تباطؤات متزامنة حدث تباطؤ النمو يف اإلنفاق العام على الصحة الذي بدأ يف عام 2010 يف جميع االقتصادات املتقدمة تقريبا. ويشمل اإلنفاق العام على الصحة مصروفات اخلدمات املقدمة يف املستشفيات اخلاصة واملرافق الصحية احلكومية ومصروفات التأمين العام على الصحة الذي يسدد فاتورة العالج يف املستشفيات اخلاصة ولألطباء واملمرضات واملمرضين من القطاع اخلاص. ويف املتوسط انخفض اإلنفاق على الصحة العامة يف هذه االقتصادات من %7.4 من إجمايل الناجت احمللي يف عام 2009 إىل %7.1 من إجمايل الناجت احمللي يف عام ويف عام 2012 وهو أخر عام تتوافر فيه بيانات قابلة للمقارنة بين البلدان ارتفع متوسط اإلنفاق العام على الصحة بصورة طفيفة كحصة يف إجمايل الناجت احمللي. ونفس الشيء حدث بالنسبة لنمو اإلنفاق العام على الصحة املعدل ملراعاة التضخم حيث انخفض من %4.5 يف عام 2009 إىل نحو صفر يف عام ويف حين شهد نمو اإلنفاق احلقيقي ارتدادة إيجابية يف عامي 2011 و 2012 فقد ظل دون متوسطه التاريخي بكثير. وكان تباطؤ اإلنفاق أكبر يف البلدان التي تضررت بشدة من األزمة املالية العاملية وشهدت تراجعا حادا يف الناجت اليونان وآيسلندا وأيرلندا والبرتغال وإسبانيا. أما يف يف البلدان التي تضررت بدرجة أقل من األزمة مثل أملانيا وإسرائيل واليابان فقد تباطأ النمو قليال أو مل يتباطأ على اإلطالق )راجع الرسم البياين 2(. ومس هذا التباطؤ جميع فئات اإلنفاق على الرعاية الصحية تقريبا: مرضى العيادات الداخلية واخلارجية والصناعات الدوائية والطب الوقائي والصحة العامة.)Morgan and Astolfi, 2013( ويشير تباطؤ النمو يف جميع أنواع اإلنفاق يف جميع االقتصادات املتقدمة تقريبا ويف نفس الوقت تقريبا إىل أنه يعزى إىل عامل مشترك. ويبدو أن هذا العنصر املشترك هو األزمة املالية العاملية التي أثرت على النشاط االقتصادي وعلى قدرة احلكومات على تمويل النمو املستمر يف اإلنفاق على الرعاية الصحية. وسواء كان هذا التباطؤ سيستمر أم ال فتلك مسألة تعتمد على كيفية تغير العوامل األساسية الدافعة لإلنفاق يف املستقبل. وهناك خمسة عوامل دفع. شيخوخة السكان: تتزايد احتياجات األشخاص من الرعاية الصحية غالبا مع تقدم العمر. ويتوقع أن يرتفع متوسط عمر السكان يف االقتصادات املتقدمة على مدى العشرين سنة القادمة نتيجة للزيادات املستمرة يف متوسط العمر املتوقع ويرجح أن يسهم ذلك يف استمرار الزيادات يف اإلنفاق على الرعاية الصحية. نمو الدخل: يرتبط نمو الدخل غالبا بتزايد الطلب على خدمات صحية أكثر وأفضل. إال أن القيمة الدقيقة ملرونة الدخل )أي تغير الطلب على اخلدمات الصحية استجابة لتغير الدخل( موضوع نقاش ساخن ويتسم بعدم اليقين. وتشير دراسات أجريت مؤخرا إىل أن مرونة الطلب إىل الدخل بالنسبة للرعاية الصحية أقل من أو يف حدود and( 1.0 Maisonneuve.)Martins, 2013 التقدم التكنولوجي: تمثل التحسينات يف التكنولوجيات الطبية أهم العوامل احملددة لإلنفاق على الرعاية الصحية. فقد أدى التطوير املستمر الرسم البياني ١ المستقبل موضع شك هل سيستمر التباطو الحالي في زيادات الا نفاق على الرعاية الصحية (الخط الا خضر المتقطع) أم كما حدث سابقا ستتبعه زيادة جديدة (الخط البنفسجي المتقطع) (الا نفاق العام على الرعاية الصحية من إجمالي الناتج المحلي) التباطو الا خير حالات التباطو السابقة ١٠ ٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٤ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠ ٢٠٢٠ ٢٠٣٠ المصادر: منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قاعدة بيانات الا حصاءات الصحية لعام ٢٠١٤ وتقديرات المو لفين. ملحوظة: الا ماكن المحاطة بداي رة تمثل فترات التباطو في زيادات الا نفاق على الرعاية الصحية في الاقتصادات المتقدمة. 22 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
25 الصحة العاملية طبيب أطفال يفحص طفال يف لوسان سويسرا. لإلجراءات واألدوية اجلديدة إىل زيادة هائلة يف الوقاية من مشكالت صحية ويف عالجها ولكنه نظرا الرتفاع تكلفة التكنولوجيا أسهم أيضا يف سرعة نمو اإلنفاق. أثر بومول: يشير هذا األثر املسمى باسم منشئه االقتصادي ويليام ج. بومول إىل الزيادة الكبيرة نسبيا يف تكاليف وحدة العمل يف القطاعات التي يصعب فيها حتقيق مكاسب يف اإلنتاجية بما يف ذلك يف اخلدمات املقدمة من احلكومة. ويف قطاع الصناعات التحويلية يمكن حتسين اإلنتاجية بتنفيذ عمليات جديدة تخفض عدد العمالة الالزمة إلنتاج مستوى معين من الناجت. ولكن يف الرعاية الصحية يصعب حتسين اإلنتاجية بسبب حمدودية إمكانية خفض عدد األطباء واملمرضات/املمرضين دون املساس بمستوى اخلدمات. وترتفع املرتبات يف جمال الرعاية الصحية تمشيا مع املتوسطات السائدة يف االقتصاد إال أن اإلنتاجية ال ترتفع ومن ثم تزيد تكاليف وحدة العمل بصوة أكثر حدة يف قطاع الصحة. الرسم البياني ٢ حالات التباطو البلدان التي تضررت على النحو الا شد من الا زمة المالية العالمية هي التي شهدت التباطو الا كبر في زيادات الا نفاق على الرعاية الصحية. (متوسط نمو الا نفاق على الرعاية الصحية ٢٠١٠-٢٠١٢) كوريا هولندا اليابان الولايات كندا النرويج نيوزيلندا المتحدة أستراليا إسراي يل بلجيكا سويسرا النمسا فرنسا ألمانيا سلوفاكيا السويد إستونيا الجمهورية فنلندا المملكة المتحدة التشيكية الدانمرك إيطاليا سلوفينيا آيسلندا إسبانيا لكسمبرغ البرتغال آيرلندا اليونان صفر ١٢ صفر ٢ ٤ ٦ ٨ ١٠ ١٢ (متوسط نمو الا نفاق على الرعاية الصحية ٢٠٠٠-٢٠٠٩) المصادر: منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قاعدة بيانات الا حصاءات الصحية لعام ٢٠١٤ وتقديرات المو لفين. ملحوظة: جميع البيانات واردة بقيم حقيقية ومعدلة لمراعاة التضخم. والبلدان التي تحيط بها داي رة باللون الا خضر هي التي كان تباطو النمو فيها محدودا أو منعدما. والبلدان التي تحيط بها داي رة باللون البرتقالي هي التي شهدت أكبر تباطو في النمو. السياسات واملؤسسات الصحية: يمكن أن تؤثر السياسات واملؤسسات املعنية بالرعاية الصحية على اإلنفاق من خالل آثارها على كل من العرض والطلب. ففي جانب الطلب حتدد السياسة تغطية حزم املنافع العامة أو درجة تقاسم التكاليف مع املرضى )على سبيل املثال املدفوعات املشتركة عن زيارات األطباء أو األدوية املوصوفة(. ويف جانب العرض تؤثر السياسة على اإلنفاق بصورة مباشرة )مثال بالنسبة لعيادات الصحة العامة( أو بصورة غير مباشرة من خالل املدفوعات التي تؤدى للمستشفيات اخلاصة أو أطباء القطاع اخلاص واملمولة من نظم التأمين الصحي العام )مثل نظام ميديكير يف الواليات املتحدة األمريكية(. وال يوجد دليل على أن شيخوخة السكان أو التقدم التكنولوجي أو أثر بومول قد تغير بصورة كبيرة يف السنوات األخيرة. وال يرجح أن تفسر هذه العوامل التباطؤ املفاجئ الذي شوهد يف اإلنفاق العام على الصحة منذ عام وهذا التباطؤ يمكن أن يفسره بطء نمو الدخل نتيجة لألزمة االقتصادية األخيرة أو التغيرات يف السياسات واملؤسسات املعنية بالرعاية الصحية. إال أنه من املهم التمييز بين اإلصالحات الهيكلية التي تهدف إىل حتسين عمل وكفاءة نظام الرعاية الصحية والتدابير التي تدخل يف باب االستجابات املؤقتة )ولكن غير القابلة لالستمرار( ألوضاع االقتصاد الكلي واملالية العامة. ويرجح أن يكون للتغيرات الهيكلية أثر دائم على نمو اإلنفاق العام على الصحة بينما يرجح أن تتضاءل آثار التدابير املؤقتة مع حتسن أوضاع االقتصاد الكلي واملالية العامة. وفورات فورية إضافة إىل بطء نمو الدخل يعزى تراجع اإلنفاق أثناء تباطؤ النمو األخير إىل السياسات التي حتد من مستوى اإلنفاق يف األجل القصير استجابة لتشديد أوضاع االقتصاد الكلي واملالية العامة. ومن ثم ال يرجح أن تؤثر هذه السياسات على نمو اإلنفاق على الرعاية الصحية يف األجل الطويل. وقد تركزت التدابير التي بدأ تطبيقها يف كثير من البلدان بصفة أساسية على توليد وفورات فورية بدال من حتسين كفاءة وجودة اإلنفاق على الصحة. وقد ركزت التدابير على إجراء تخفيضات شاملة يف ميزانيات الصحة الوطنية يف اليونان وأيرلندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا وتخفيضات يف أسعار املستحضرات الصيدالنية وغيرها من السلع الطبية يف النمسا وبلجيكا واليونان وأيرلندا وهولندا والبرتغال وإسبانيا وتخفيض املدفوعات ملقدمي اخلدمات الصحية يف اجلمهورية التشيكية وإستونيا وأيرلندا وإسبانيا وتخفيض األجور ٨ ٤ ٤ ٨ التمويل والتنمية ديسمبر
26 واملرتبات يف اجلمهورية التشيكية والدانمرك واليونان وأيرلندا والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا واململكة املتحدة )دراسة Mladovsky others, 2012.)and ويف حين يمكن أن تساعد هذه التدابير املتخذة على مستوى االقتصاد الكلي )املسماة كذلك ألنها تؤثر على اإلنفاق الكلي بطريقة غير مستهدفة( على خفض اإلنفاق يف األجل القريب فإنها أقل فعالية يف احتواء نمو اإلنفاق يف األجل الطويل ما مل تكن مصحوبة بإصالحات على سبيل املثال اإلصالحات التي تتيح التنافس وحتسن احلوافز من أجل تقديم رعاية فعالة التكلفة )دراسة الرسم البياني ٣ كما هو متنبا به يرتبط الا نفاق العام على الرعاية الصحية بصورة وثيقة بالتطورات الاقتصادية مثل البطالة والناتج وهو ما يشير إلى أن وتيرة نمو الا نفاق ستتسارع مع تعافي الاقتصادات المتقدمة من الا زمة المالية العالمية. (الا نفاق على الرعاية الصحية نصيب الفرد من النمو الحقيقي ) فعلي متنبا به محاكى صفر ١ ١٩٨٤ ١٩٨٨ ١٩٩٢ ١٩٩٦ ٢٠٠٠ ٢٠٠٤ ٢٠٠٨ ٢٠١٢ المصادر: منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قاعدة بيانات الا حصاءات الصحية لعام ٢٠١٤ وتقديرات المو لفين. ملحوظة: جميع البيانات واردة بقيم حقيقية ومعدلة لمراعاة التضخم. وتشير عبارة متنبا به إلى معدلات النمو في التنبو بالا نفاق على الرعاية الصحية في نموذج اقتصادي يستند إلى عوامل اقتصادية كلية مثل البطالة والنمو الاقتصادي والدين الحكومي. ويتوافق السلوك المتنبا به بشكل معقول بصورة وثيقة مع النمو الفعلي في الفترة من ١٩٨٠ إلى ٢٠١٢. ويشير الخط المحاكى بعد عام ٢٠٠٨ إلى توقع النموذج لنمو الا نفاق على الرعاية الصحية لو لم تكن الا زمة العالمية قد حدثت. (وهو يستعيض عن الا داء الفعلي للعوامل الاقتصادية الكلية في الفترة ٢٠٠٨-٢٠١٢ بمتوسطاتها في الفترة ٢٠٠٠-٢٠٠٧.) Gupta, 2012.)Clements, Coady, and وعالوة على ذلك يمكن أن تؤدي بعض هذه التدابير الكلية مثل التخفيضات يف جمال حتسين الصحة والوقاية من األمراض إىل زيادة ضغوط اإلنفاق على املدى األطول ألن آثارها السلبية على الصحة يمكن أن تزيد احلاجة إىل تدخالت طبية أعلى تكلفة يف املستقبل. ويشير التحليل االقتصادي الكلي إىل أن املؤشرات االقتصادية الكلية واملالية العامة )مثل النمو االقتصادي والبطالة وإجمايل الدين احلكومي( عوامل مهمة لتحديد نمو اإلنفاق العام على الرعاية الصحية بسبب أثرها املباشر أو غير املباشر على بعض العوامل الرئيسية الدافعة لذلك اإلنفاق التي سبق بيانها. وقد بين التحليل الذي يستند إىل نموذج يستخدم بيانات سنوية جلميع االقتصادات املتقدمة خالل الفترة أن حدوث تباطؤ يف النمو االقتصادي وتزايد معدل البطالة يؤديان إىل خفض نمو اإلنفاق على الرعاية الصحية. ويؤدي أيضا ارتفاع الدين احلكومي إىل خفض اإلنفاق ألن احلكومات التي تواجه مديونيات كبيرة ال يسعها أن تزيد اإلنفاق كثيرا. ويمكن أن تفسر هذه العوامل تقريبا كل التراجع يف نمو اإلنفاق العام على الصحة بين عامي 2008 و ٢٠١٠. وبالنسبة لهذه الفترة يكون النمو املشاهد يف اإلنفاق على الرعاية الصحية والقيمة التي يتنبأ بها نموذجنا متقاربين للغاية )راجع الرسم البياين 3(. وعالوة على ذلك يتنبأ النموذج أيضا بشكل صائب بالزيادات الالحقة يف نمو اإلنفاق على الصحة العامة يف عامي 2011 و ولو مل تكن األزمة االقتصادية قد حدثت لظل نمو اإلنفاق على الصحة كما يتنبأ النموذج دون تغيير إىل حد كبير عن مساره قبل األزمة. ويف حين تفتقر هذه النتائح إىل احلسم فإنها تشير إىل أن تباطؤ النمو األخير هو مؤقت يف معظمه. مستقبل اإلنفاق تشير البيانات املتاحة عن اإلنفاق على الرعاية الصحية من سبع بلدان )فنلندا وأملانيا وآيسلندا وإيطاليا وكوريا وهولندا والنرويج( إىل حدوث زيادة أخرى مقدارها %0.1 من إجمايل الناجت احمللي يف عام 2013 وهو ما يتسق مع تنبؤات النموذج. ويف الواليات املتحدة األمريكية تشير البيانات املأخوذة من مكتب التحليل االقتصادي إىل حدوث نمو أسرع يف اإلنفاق االستهالكي للمستشفيات ودور التمريض وزيارات األطباء وغيرها من خدمات الرعاية الصحية خالل الربع األول من عام 2014 وإن كان بعضها قد يعزى إىل برنامج توسيع املظلة التأمينية وفقا لقانون حماية املرضى والرعاية بتكلفة مقبولة )املسمى أوباماكير(. وتشير الدراسات األحدث عن الواليات املتحدة أيضا إىل أن التباطؤ كان يعزى يف معظمه إىل األوضاع االقتصادية وليس إىل تغير هيكلي يف قطاع الرعاية الصحية )دراستا Chandra, Holmes, and Skinner, 2013; Dranove, Garthwaite, and Ody,.)2014 ويف حين يرجح أن يكون التباطؤ مؤقتا يف معظمه فإنه يظل من املمكن أن يحدث تأثيرا دائما على اإلنفاق على الرعاية الصحية يف بعض االقتصادات املتقدمة لسببين: عندما ي ستأنف معدل النمو التاريخي لإلنفاق العام على الصحة سيستمد ذلك النمو من قاعدة إنفاق أضيق كنسبة مئوية من إجمايل الناجت احمللي مقارنة بالوضع لو مل تكن هناك أزمة. ال يتوقع أن تعود بعض العوامل االقتصادية الكلية وعوامل املالية العامة التي حتد من نمو اإلنفاق )مثل ارتفاع نسب الدين العام( إىل مستويات ما قبل األزمة يف املستقبل القريب. وحسب توقعاتنا )راجع الرسم البياين 4( نقوم بدمج مستويات اإلنفاق األدنى التي تعزى إىل تدابير أخيرة وافتراض أن معدالت نمو اإلنفاق لن تعود إىل املتوسطات التاريخية إال تدريجيا مع تعايف االقتصادات.يرة وافتراض أن الرسم البياين 4( نقوم بدمج مستويات اإلنفاق األقل التي تعزى إىل التدابير األخمقارنة بالوضع لو مل تكن ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١ الرسم البياني ٤ تزايد الا نفاق يتوقع أن يزيد الا نفاق بنحو ١ ٥ من إجمالي الناتج المحلي في الاقتصادات المتقدمة على مدى الخمس عشرة سنة القادمة. وأقل من نصف العدد سيكون من شيخوخة السكان والبقية ستا تي من التكنولوجيا وارتفاع مستوى الدخول والعوامل الهيكلية (الزيادات في الا نفاق على الرعاية الصحية من إجمالي الناتج المحلي المتوسطات المتوقعة (٢٠٣٠-٢٠١٤ ٥ نمو التكاليف الزاي دة شيخوخة السكان المتوسط = ١.٥ ٤ ٣ ٢ ١ الولايات المتحدة هولندا سويسرا نيوزيلندا بلجيكا كوريا أستراليا كندا الممكلة المتحدة النرويج اليابان فنلندا النمسا الدانمرك آيسلندا إسبانيا اليونان سلوفينيا ألمانيا البرتغال الجمهورية السلوفاكية فرنسا آيرلندا إيطاليا الجمهورية التشيكية لكسمبرغ إسراي يل إستونيا السويد المصادر: منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قاعدة بيانات الا حصاءات الصحية لعام ٤١٠٢ وتقديرات المو لفين. ملحوظة: جميع البيانات معدلة لمراعاة التضخم. نمو التكاليف الزاي دة هو نمو الا نفاق على الصحة العامة الذي يتجاوز نمو إجمالي الناتج المحلي بعد تحييد أثر عامل شيخوخة السكان. وهو يعزى إلى تحسن التكنولوجيا برغم ارتفاع تكلفتها ونمو الدخل وزيادة تكاليف عمل الوحدة (أثر بومول). صفر 24 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
27 هناك أزمة. العام على الصحة سيكون ذلك النمو يف صورة وعاء أضيق لإلنفاق كنسبة مئوية من إجمايل ي بعض االقتص وتستند التوقعات حتى عام 2019 إىل التوقعات االقتصادية الكلية الواردة يف تقرير آفاق االقتصاد العاملي لصندوق النقد الدويل )النمو االقتصادي ونسب الدين العام إىل إجمايل الناجت احمللي لدى احلكومة العامة ومعدل البطالة(. ويف السنوات بعد 2019 تفترض التوقعات أن نمو التكاليف الزائدة )الفرق بين نمو اإلنفاق احلقيقي على الرعاية الصحية ونمو إجمايل الناجت احمللي بعد تعديله ملراعاة آثار شيخوخة السكان( سيعود تدريجيا إىل متوسطه التاريخي بحلول عام ويف املتوسط نتوقع أن يزيد اإلنفاق على الصحة العامة بمقدار 1.5 نقطة مئوية من إجمايل الناجت احمللي خالل الفترة ويتوقع أن يعزى أقل من نصف الزيادة إىل شيخوخة السكان ويتوقع أن يعزى اجلزء املتبقي إىل نمو اإلنفاق الزائد بسبب حتسن التكنولوجيا برغم ارتفاع تكلفتها ونمو الدخل وأثر بومول والسياسات واملؤسسات الصحية. وتشير النتائج أيضا إىل أنه ستكون هناك فروق كبيرة يف زيادات اإلنفاق بين البلدان يف العقد ونصف العقد القادم. ففي الواليات املتحدة يتوقع أن يزيد اإلنفاق العام على الصحة )بما يف ذلك جميع البرامج الصحية للحكومة االحتادية وحكومات الواليات( بمقدار 4.5 نقاط مئوية من إجمايل الناجت احمللي. ويتوقع أن يزيد اإلنفاق العام على الصحة يف اليونان وآيسلندا وأيرلندا والبرتغال وإسبانيا يف املتوسط بأقل من نقطة مئوية واحدة من إجمايل الناجت احمللي. ويدل ذلك على اآلثار املتبقية من األزمة العاملية على املاليات العامة واألوضاع االقتصادية الكلية يف هذه البلدان. االنعكاسات على سياسة املالية العامة تنطوي التوقعات بشأن املاليات العامة لالقتصادات املتقدمة يف األجل الطويل على انعكاسات كبيرة. فحتى تتمكن هذه االقتصادات من بلوغ أهداف املالية العامة اخلاصة بها يف األجل املتوسط سيتعين عليها زيادة اإليرادات أو االستمرار يف خفض اإلنفاق. وإحدى سبل قياس حجم التصحيح املطلوب هي تقدير املستوى الذي يتعين على هذه البلدان أن ترفع عنده أرصدتها األولية )اإليرادات خمصوما منها النفقات عدا الفائدة( على مدى الفترة لتحقيق أهدافها. وتشير التقديرات األخيرة إىل أن التصحيح املطلوب سيكون يف حدود 2.25 نقطة مئوية يف املتوسط من إجمايل الناجت احمللي )2014.)IMF, واألهم من ذلك أنه سيتعين على البلدان التعامل مع زيادة اإلنفاق على املعاشات التقاعدية التي يتوقع أن تزيد بمقدار نقطة مئوية واحدة من إجمايل الناجت احمللي على مدى اخلمس عشرة سنة القادمة نتيجة لشيخوخة السكان. ونتيجة لذلك يبلغ جمموع احتياجات ضبط أوضاع املالية العامة )بما يف ذلك الزيادات املتوقعة يف اإلنفاق على الصحة( 4.75 نقاط مئوية من إجمايل الناجت احمللي وهي نسبة كبيرة تؤكد على ضرورة حتسين كفاءة اإلنفاق احلكومي وهو أمر ممكن يف عدد من اجملاالت. وتشمل هذه اجملاالت إصالح األجور والتعيينات يف القطاع العام وتقريب اإلنفاق على التعليم بدرجة أكبر من االحتياجات املتغيرة والتي تتغير بتغير أعمال السكان وتوجيه املنافع االجتماعية لألسر املعيشية منخفضة الدخل وهو ما من شأنه أن يتيح للحكومة حتقيق أهدافها فيما يتعلق باملساواة بتكلفة أقل. وعندما يتعلق األمر بالرعاية الصحية فإن االقتصادات املتقدمة ليست مغلوبة على أمرها وبإمكانها اتخاذ خطوات للحد من اإلنفاق واحتواء الزيادة يف هذه املصروفات يف السنوات القادمة. ومن بين اإلجراءات التي يمكن أن تتخذها ما يلي: تنفيذ إصالحات تعزز التنافس واالختيار يمكن أن تتضمن املنافسة بين شركات التأمين ومقدمي خدمات الرعاية الصحية واإلفصاح عن املعلومات بشأن األسعار وجودة اخلدمات الصحية. زيادة التأكيد على الرعاية األولية والوقائية التي يمكن أن تقلل احلاجة إىل الرعاية األعلى تكلفة بإبقاء السكان يف حالة صحية جيدة. إدخال حتسينات يف نظم أداء املدفوعات للهيئات املقدمة للخدمات من أجل زيادة احلوافز لتوفير عالج فعال التكلفة. فالتحول عن النظم البسيطة لرد املدفوعات على أساس التكاليف التي تتحملها هذه الهيئات أو اخلدمات التي تقدمها يمكن أن حتد من احلوافز لتوفير الرعاية غير الضرورية. ويمكن أن تتضمن هذه التحسينات مدفوعات للخدمات على أساس اجملموعات املتصلة بالتشخيص التي حتدد بروتوكوالت العالج جملموعة معينة من احلاالت الطبية وهيكل الرسوم املتصل بها. التوسع يف اعتماد نظم إدارة املعلومات الصحية من أجل جمع بيانات املرضى وتخزينها وتبادلها. وتملك هذه النظم إمكانات تعزيز النتائج الصحية وخفض التكاليف يف آن واحد. وبعبارة أخرى ال يخضع اإلنفاق على الرعاية الصحية للسيطرة الكاملة يف االقتصادات املتقدمة وهو ما يؤكد على ضرورة االضطالع بإصالحات هيكلية طويلة األمد من أجل احلفاظ على املكاسب الكبيرة التي حتققت يف جمال الرعاية الصحية يف املاضي وتمديد هذه املكاسب واحلد من نمو هذا اإلنفاق للهبوط به إىل وتيرة تكون قابلة لإلدارة بدرجة أكبر. بنيديكت كليمنس رئيس قسم وسانغيف غوبتا نائب مدير وباوبينغ شانغ اقتصادي وجميعهم يف إدارة الشؤون املالية يف صندوق النقد الدويل. املراجع: Chandra, Amitabh, Jonathan Holmes, and Jonathan Skinner, 2013, Is This Time Different? The Slowdown in Healthcare Spending, Brookings Papers on Economic Activity (Fall). Clements, Benedict, David Coady, and Sanjeev Gupta, eds., 2012, The Economics of Public Health Care Reform in Advanced and Emerging Economies (Washington: International Monetary Fund). Dranove, David, Craig Garthwaite, and Christopher Ody, 2014, Health Spending Slowdown Is Mostly Due to Economic Factors, Not Structural Change in the Health Care Sector, Health Affairs, Vol. 33, No. 8, pp International Monetary Fund (IMF), 2014, Fiscal Monitor (Washington, October). Maisonneuve, Christine, and Joaquim Oliveira Martins, 2013, A Projection Method for Public Health and Long-Term Care Expenditures, OECD Economics Department Working Paper No (Paris: Organisation for Economic Co-operation and Development). Mladovsky, Philipa, Divya Srivastava, Jonathan Cylus, Marina Karanikolos, Tamás Evetovits, Sarah Thomson, and Martin McKee, 2012, Health Policy Responses to the Financial Crisis in Europe, Policy Summary No. 5 (Copenhagen: World Health Organization). Morgan, David, and Roberto Astolfi, 2013, Health Spending Growth at Zero: Which Countries, Which Sectors Are Most Affected? OECD Health Working Paper No. 60 (Paris: Organisation for Economic Co-operation and Development).) ال يخضع اإلنفاق على الرعاية الصحية للسيطرة الكاملة يف االقتصادات املتقدمة. التمويل والتنمية ديسمبر
28 اإلشراف على الصحةالعالمية أطراف فاعلة جديدة بأولويات جديدة تزحم ساحة كانت تشغلها منظمة الصحة العاملية ذات يوم وحدها ديفي سريدهار وشيلسي كلينتون تفشي فيروس إيبوال مؤخرا يف يسل ط غرب أفريقيا وهو فيروس مع د بدرجة كبيرة وفتاك يف كثير من احلاالت الضوء على ضرورة التعاون العاملي يف جمال الصحة. واألزمة الراهنة الناجمة عن فيروس إيبوال - إىل جانب تفشي متالزمة الشرق األوسط التنفسية وعودة ظهور شلل األطفال يف الشرق األوسط وإفريقيا إنما هي آخر مثال على عدم قدرة احلكومات على السيطرة على انتشار األمراض املعدية عندما تتصرف بمفردها: وهناك ضرورة بالغة إىل التوصل عن طريق التفاوض فيما بين احلكومات إىل قواعد عاملية من أجل حماية صحة املواطنين. إن تفشي فيروس إيبوال هو بالضبط نوع األزمة الذي كان يف بال احلكومات العاملية عندما أسست منظمة الصحة العاملية يف عام 1948 ووضعتها يف مركز حوكمة الصحة العاملية. حملة توعية بمرض إيبوال تنفذها منظمة الصحة العالمية في قرية كولوبينغو غينيا وتتطلب مكافحة فيروس إيبوال الذي أعلنت املنظمة يف أغسطس 2014 أنه يشكل طوارئ دولية اإلبالغ الدقيق عن انتشار املرض حتى يتسنى للسلطات تتبعه وحتى يتسنى تنسيق اجلهود الدولية الحتوائه وتوفير املوارد ملعاجلة املصابين به. وتتصل هذه االحتياجات بحوكمة الصحة العاملية أي القواعد وما يتصل بها من مؤسسات وأعراف وعمليات رسمية وغير رسمية حتكم سياسة الصحة العاملية أو تؤثر عليها بصورة مباشرة. وتتضمن الوظائف األساسية حلوكمة الصحة التي تدخل عموما ضمن نطاق اختصاصات منظمة الصحة العاملية وجملس إدارتها الدعوة إىل عقد اجتماعات للجهات املعنية الرئيسية وتعريف القيم املشتركة ووضع معايير وأطر تنظيمية وحتديد األولويات وحشد املوارد وتنسيقها وتعزيز البحوث. وتتطلب احلوكمة العاملية تخلي احلكومات عن جوانب من سيادتها بتفويض اختصاصات وصالحيات معينة إىل هيئة دولية مثل منظمة الصحة العاملية. وأحد األمثلة الواضحة على هذا النوع من تفويض السلطات قواعد من قبيل اللوائح الصحية العاملية التي توجه استجابات البلدان للمخاطر الصحية الدولية مثاال واضحا لذلك النوع من تفويض السلطات. ولكن يف السنوات األخيرة بدأت منظمات جديدة تزحم ساحة الصحة العاملية. وأدت شواغل حمددة لنقل مثال بشأن فيروس نقص املناعة البشرية/ اإليدز أو وفيات األمومة إىل ضخ مزيد من األموال يف نظام الصحة العاملي. إال أن تلك األموال اإلضافية غالبا ما توجه من خالل املؤسسات اجلديدة. ويعمل بعض هذه املؤسسات داخل منظمة الصحة العاملية وبعضها خارج املنظمة وأخرى داخل املنظمة وخارجها. وعلى عكس الوالية الواسعة املتكاملة ملنظمة الصحة العاملية فإن تركيز معظم هذه املنظمات اجلديدة رأسي وحول أهداف ضيقة مثل مرض معين أو حالة معينة. 26 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
29 الصحة العاملية وتتطلب حماية صحة املواطنين يف خمتلف بلدان العامل االستثمار طويل األجل يف منظمة الصحة العاملية وواليتها العريضة. إال أن املانحين بأهدافهم املركزة قصيرة األجل يحركون جزءا كبير من أنشطة املنظمة وبدأت الشراكات اجلديدة التي قامت لتستهدف أمراضا وقضايا حمددة تكتسب أهمية. إال أن هناك وعيا متناميا بضرورة تعزيز النظم الصحية أي األشخاص واملنظمات واملوارد الواقعة يف قلب التقديم الفعلي خلدمات الرعاية الصحية من أجل تكميل اجلهود املوجهة نحو أمراض بعينها. واألكثر من ذلك أن اجلهود األخيرة التي تبذلها بلدان يف أمريكا الالتينية وآسيا وإفريقيا لالضطالع بدور أكبر يف املؤسسات العاملية تؤثر حاليا يف حوكمة الصحة العاملية. زحام متزايد كان الغرض األصلي من إنشاء منظمة الصحة العاملية هو التأكد يف جملة أمور من أن احلكومات ستتعاون بشأن املسائل الصحية من منظور األجل الطويل. ولذلك كانت الصالحيات واملوارد التي أعطيت لها أكبر من تلك التي كانت معطاة للمنظمة سلفها التابعة لعصبة األمم. وكل حكومة يف العامل تقريبا عضو يف جمعية الصحة العاملية على أساس الصوت الواحد للبلد الواحد التي حتكم منظمة الصحة العاملية. نتيجة لهذه البيئة املتغيرة تواجه منظمة الصحة العاملية صعوبات يف جمايل التمويل واحلوكمة. إال أن منظمة الصحة العاملية مل تعد هي املؤسسة الصحية العاملية الوحيدة وهي تواجه منافسة حامية من عدد من أطراف فاعلة جديدة مثل الصندوق العاملي ملكافحة اإليدز والسل واملالريا )الصندوق العاملي( والتحالف العاملي للقاحات والتحصين ومؤسسة بيل وميليندا غيتيس أكبر مؤسسة خاصة يف العامل ينصب تركيزها األساسي على الصحة العاملية. وعلى مدى نصف القرن املاضي أصبح للبنك الدويل أيضا تأثيرا متزايدا يف الرعاية الصحية العاملية مع امتالكه ملوارد كبيرة وقدرته على التواصل مع كبار صناع السياسات يف وزارات املالية وللدراية الفنية الداخلية. وقد أقرض البنك مليارات الدوالرات حلكومات ملساعدتها على حتسين خدماتها الصحية. ونتيجة لهذه البيئة املتغيرة تواجه منظمة الصحة العاملية صعوبات يف جمايل التمويل واحلوكمة. ورغم أن جمموع مواردها مل يتناقص فإنه مل يزد كثيرا يف السنوات األخيرة كذلك. فميزانية املنظمة يف الفترة كانت 3.95 مليارات دوالر أمريكي وكانت ميزانية الفترة تبلغ 3.97 مليارات دوالر أمريكي )2013.)WHO, إال أن التحدي احلقيقي يكمن يف القيود على الطريقة التي يمكن بها إنفاق األموال. ويأتي نحو %80 من ميزانية املنظمة من تمويل طوعي من جهات مانحة لها واليات حمددة وال يمكن إنفاقه عادة لألغراض العامة. وكان نقص األموال غير املقيدة أحد العوامل التي أعاقت املنظمة عن التصدي لتفشي فيروس إيبوال مؤخرا )راجع اإلطار(. وأدت االنتقادات بشأن ما وصف بأنه بطء يف رد الفعل األويل للتصدي للوباء إىل قيام دعوات إىل إنشاء صندوق عاملي جديد يتصدى لتفشي األمراض املعدية. ويمكن تخصيص األموال الطوعية اآلتية من حكومات مانحة مثل الواليات املتحدة واليابان ومن مصادر خاصة الستهداف أمراض حمددة أو مبادرات حمددة مثل شراكة القضاء على داء السل التصدي لفيروس إيبوال ت نتقد منظمة الصحة العالمية لبطء وضعف استجابتها األولية الحتواء تفشي فيروس إيبوال في غرب إفريقيا. وتذكر المنظمة أن السبب في ذلك هو غياب الخبرات والكوادر الفنية الداخلية. ونظرا ألن جزءا كبيرا من ميزانيتها يقرره المانحون الذين يخصصون أمواال ألولوياتهم قصيرة األجل ضمرت القوة األساسية لمنظمة الصحة العالمية في استجاباتها لحاالت الطوارئ وتصديها لألمراض الوبائية والمتوطنة على مدى العقد الماضي. وقد انخفضت بمقدار النصف ميزانيتها المخصصة لجهود التصدي لتفشي األوبئة ولألزمات من ٤٦٩ مليون دوالر أمريكي في الفترة ٢٠١٢-٢٠١٣ إلى ٢٤١ مليون دوالر أمريكي في الفترة ٢٠١٤- )2013 ٢٠١٥ )WHO, وتم حل اإلدارة المعنية بالتصدي لألمراض الوبائية والمتوطنة وتوزيع مهامها على إدارات أخرى York( New.)Times, 2014 وفي سبتمبر ٢٠١٤ تعهد مانحون من قبيل مؤسسة بيل وميليندا غيتس بأموال لمنظمة الصحة العالمية إال أن هناك ضرورة لتمويل المنظمة في األجل الطويل وعلى نحو قابل لالستمرار نظرا ألنها تقع في قلب حوكمة الصحة العالمية. ونتيجة لهذه البيئة المتغيرة تواجه المنظمة صعوبات من حيث التمويل والحوكمة. أو مناطق حمددة مثل األمريكتين. وعلى مدى السنوات االثنتي عشرة املاضية زادت التبرعات بمقدار %183 بينما مل تزد املساهمات األساسية املقتطعة من البلدان األعضاء إال بنسبة %13 )2014.)Clift, وخالل الفترة كان لدى منظمة الصحة العاملية قدرة استنسابية فيما يتعلق باستخدام %7.6 فقط من أموال التبرعات. وعالوة على ذلك اقتربت التكاليف اإلدارية املترتبة على إدارة جهات التبرع التي يزيد عددها على 200 جهة من مبلغ 250 مليون دوالر أمريكي أي أكثر من %5 من ميزانية املنظمة. ومع ذلك لو مل يكن هناك تمويل طوعي للمنظمة لكانت ميزانيتها أصغر بكثير على األرجح. وتظل احلكومات بوجه عام املصدر الرئيسي لتمويل منظمة الصحة العاملية )من خالل مبالغ مقتطعة أو تبرعات( إال أن نفوذ املنظمات غير احلكومية يتزايد. فالتبرع البالغ 300 مليون دوالر املقدم من مؤسسة غيتس للمنظمة على سبيل املثال جعل هذه املؤسسة أكبر املساهمين على اإلطالق يف تمويل املنظمة. ويف بعض احلاالت تساعد املنظمات غير احلكومية يف تنفيذ برامج املنظمة ومن أمثلة ذلك شراكة القضاء على داء السل التي ترمي إىل استئصال السل. وتسعى املنظمات غير احلكومية إىل السلطة والصوت يف حوكمة الصحة العاملية من خالل احلق يف عضوية جمالس اإلدارة واحلق يف الصوت إال أن مركزها ال يتجاوز مركز مراقب يف منظمة الصحة العاملية وتظل احلكومات هي التي توجه السياسة. والتحدي الذي تواجهه املنظمة هو العمل بصورة مفيدة مع هذه الطائفة األوسع من اجلهات املعنية مع احلفاظ على وضعها كهيئة حكومية دولية حمايدة تفيد جميع أعضائها بالتساوي. وقد كان على منظمة الصحة العاملية أن تتعامل مع بعض حاالت االستياء بشأن تلك املسألة. فعلى سبيل املثال يف عام 2007 رفض وزير الصحة اإلندونيسي تزويد املنظمة بعينات من فيروس H5N1 إىل املنظمة لتحليله وحتضير اللقاح الالزم على الرغم من القلق العاملي بشأن تفشي أنفلونزا الطيور )2014.)Gostin, وقال الوزير إن اللقاحات واألدوية املستمدة من عيناته الفيروسية لن تتاح على األرجح للبلدان النامية واستحضر مبدأ السيادة الفيروسية الحتجاز العينات إىل أن ينشأ نظام أكثر إنصافا إلتاحة اللقاحات يف حالة تفشي الوباء. وبعد مفاوضات مكثفة وافقت الدول األعضاء يف عام 2011 على إطار التأهب جلائحة األنفلونزا إلتاحة فيروسات األنفلونزا وإمكانية االستفادة من اللقاحات ومنافع أخرى. ويسعى االتفاق إىل املوازنة بين حتسين وتعزيز إتاحة فيروس األنفلونزا واجلهود الرامية التمويل والتنمية ديسمبر
30 إىل زيادة إمكانية حصول البلدان النامية على اللقاحات واللوازم األخرى املتصلة باجلائحة. وكما تبين هذه احلادثة اإلندونيسية يتعين على املؤسسات الدولية املوازنة بين إقناع األقوياء )الذين غالبا ما تكون لديهم درجة خاصة من النفوذ( واحلاجة إىل طمأنة جميع األعضاء بمن فيهم األقل قوة بأن مصاحلهم تراعى على األوجه األفضل عندما ينتمون إىل املنظمة ويشاركون فيها. ويجب أن تكون البلدان على ثقة من أن املنظمة الدولية ستقوم بإبالغ الدول باألخطار املعدية واستخدام املعلومات الصحية التي جتمعها للصالح العام دون وصم أو حتقير البلدان التي تنشأ فيها هذه األخطار. وتقتضي اللوائح الصحية الدولية لعام 2005 املعدلة بقيام البلدان املوقعة البالغ عددها نحو 200 بلد بإبالغ املنظمة بأحداث معينة يف جمال الصحة العامة تكون مصدر قلق دويل )مثل تفشي فيروس إيبوال( ووضع إجراءات يتعين على منظمة الصحة العاملية والدول األعضاء فيها اتباعها حفاظا على أمن الصحة العامة العاملية. وتسعى اللوائح إىل موازنة احلقوق السيادية بااللتزام املتبادل بمنع انتشار املرض على الصعيد الدويل. أما اجلانب األقل بروزا من ظهور أطراف فاعلة جديدة على ساحة كانت تشغلها ذات يوم منظمة الصحة العاملية وحدها هو أنه توجد لدى البلدان التي تلتمس أفضل السبل لبلوغ غاياتها الصحية خيارات أكثر. وعلى سبيل املثال يمكن أن تتقدم البلدان إىل الصندوق العاملي أو مؤسسة غيتس بطلب أموال ملكافحة داء السل وااللتفاف حول منظمة الصحة العاملية مما يرغب هذا الطرف الفاعل الرئيسي القديم أن ينظر يف دوره وربما يعمل بطابع استراتيجي أكبر. ومل يكن من املقاصد أبدا أن تضطلع منظمة الصحة العاملية بكل وظيفة تتعلق بالصحة العاملية لسبب جزئي هو أنه لدى تأسيسها كانت هناك بالفعل هيئات إقليمية معنية بالصحة العامة )مثل منظمة الصحة للبلدان األمريكية(. وتكمن قوتها الرئيسية يف كونها منتدى يجمع خمتلف اجلهات املعنية ولكن يسمح للحكومات األعضاء فقط بالتفاوض بشأن قواعد الصحة العاملية وحتديد الدعم الذي تتلقاه البلدان من املنظمة لنشر تلك القواعد وتنفيذها. الشراكة على أن التطور الذي ال يزال جديدا نسبيا يف جمال التعاون الصحي العاملي هو ظهور شراكات بين القطاعين العام واخلاص مثل الصندوق العاملي والتحالف العاملي للقاحات والتحصين. وتختلف هياكل احلوكمة لهذين الصندوقين الرأسيين من وجوه مهمة عن هياكل احلوكمة لدى منظمة الصحة العاملية والبنك الدويل )2012.)Sridhar, فالصناديق الرئيسية تنشد غايات حمددة بشكل ضيق بخالف الواليتين الواسعتين ملنظمة الصحة العاملية ) بلوغ أعلى مستوى من الصحة جلميع الناس ( والبنك الدويل ) تخفيف حدة الفقر وحتسن نوعية احلياة (. وتتمثل والية الصندوق العاملي يف جذب وصرف املوارد للوقاية والعالج من فيروس نقص املناعة البشرية/اإليدز والسل واملالريا أما والية التحالف العاملي للقاحات والتحصين فهي إنقاذ أرواح األطفال وحماية الصحة بشكل أوسع بزياة إتاحة التحصينات لألطفال يف البلدان الفقيرة. ويدعي النقاد أن هذه املوارد الصحية العاملية اجلديدة تذهب لتهدئة شواغل املانحين وأنه من األفضل توزيعها من خالل هيئة متعددة األطراف مثل منظمة الصحة العاملية. ولكن يبدو من غير املرجح أن هذه املوارد التي تمثل زيادة صافية يف تمويل الصحة على الصعيد العاملي ستتاح على أي نحو آخر خلدمة والية منظمة الصحة العاملية األوسع. وقد وفرت مؤسسة غيتس الدافع األويل للتحالف العاملي للقاحات والتحصين بتعهدها بمبلغ 750 مليون دوالر أمريكي وقامت حكومات جمموعة الثمانية )كندا وفرنسا وأملانيا وإيطاليا واليابان وروسيا واململكة املتحدة والواليات املتحدة( بصورة حمددة بتجاوز األمم املتحدة بإطالق الصندوق العاملي يف عام وتقوم الصناديق الرأسية بتمكين جمموعة متنوعة من اجلهات املعنية على عكس منظمة الصحة العاملية التي تفوض احلكومات فقط يف سلطة تنسيق السياسات ويف بعض األحيان تنسيق اإلجراءات اجلماعية. ويضم جملس إدارة الصندوق العاملي أعضاء لهم حق التصويت من اجملتمع املدين والقطاع اخلاص ومؤسسة غيتس وكذلك ممثلين عن البلدان النامية واملانحة. كما يضم أعضاء ليس لهم حق التصويت كشركاء من قبيل منظمة الصحة العاملية والبنك الدويل. ولدى التحالف العاملي للقاحات والتحصين أيضا جملس إدارة مؤلف من أصحاب املصلحة يضم أعضاء دائمين لهم حق التصويت مثل مؤسسة غيتس ومنظمة األمم املتحدة للطفولة )اليونيسيف( ومنظمة الصحة العاملي والبنك الدويل و 18 عضوا متناوبا من حكومات البلدان النامية واملانحة وشركات تصنيع اللقاحات واجملتمع املدين. وقد أدى إشراك األطراف الفاعلة من غير احلكومات يف خلق شرعية أكبر للتحالف العاملي للقاحات والتحصين وللصندوق العاملي بين تلك اجملموعات )دراسة Brown, 2010.)Wallace وهذه املبادرات تمول بالكامل من التبرعات بينما يستند نموذج التمويل لدى كل من منظمة الصحة العاملية والبنك الدويل إىل املساهمات املقتطعة على الرغم من تزايد عدد التبرعات ملنظمة الصحة العاملية. ويتلقى الصندوق العاملي تبرعات من احلكومات واألفراد والشركات واملؤسسات اخلاصة. ويعتمد التحالف على التبرعات لدعم تطوير اللقاحات وتصنيعها. وتمثل احلكومات مصدر التمويل األهم ولكن حصرا من خالل آليات التبرعات. وإضافة إىل ذلك فإن التحالف والصندوق العاملي ال يعمالن بصورة مباشرة يف البلدان املستفيدة على عكس منظمة الصحة العاملية والبنك الدويل اللذين يعمالن من خالل هيئات حكومية ولديهما مكاتب وموظفون يف البلدان املستفيدة. ويعتمد الصندوق العاملي على آليات التنسيق القطرية إلعداد اقتراحات باملنح وتقديمها واختيار املنظمات املناسبة لتنفيذها. وعادة ما تتضمن هذه اآلليات ممثلين من حكومة البلد الطالب واملنظمات غير احلكومية احمللية والدولية واملانحين وممثلي القطاع اخلاص املهتمين واألشخاص املصابين باملرض املستهدف. ويقوم التحالف العاملي بتمويل احلكومات الوطنية التي تستخدم املوارد لزيادة عدد املستفيدين من اللقاحات. كذلك فإن الصندوق العاملي والتحالف يستمدان شرعيتهما من فعاليتهما يف حتسين النواجت والنتائج الصحية املعر فة بصورة حمددة على عكس منظمة الصحة العاملية والبنك الدويل اللذين يعتمدان على وضعهما كهيئتين حكوميتين دوليتين تشاركيتين وشاملتين. التحرك باجتاه إنشاء نظم صحية ال تزال الصناديق الرأسية تنتشر وال تزال املساهمات املوجهة تمثل اجلزء األعظم من التمويل املقدم من مانحين ملنظمة الصحة العاملية. إال أن االقتصادات املتقدمة والبلدان النامية تركز بصورة متزايدة على ضرورة وجود نظم قوية للرعاية األولية واملستشفيات أي منهج أفقي. ويبين انتشار فيروس إيبوال يف بلدان غرب إفريقيا احلاجة إىل تعزيز النظم الصحية ليس فقط من أجل توفير الرعاية الصحية لألمهات واألطفال والتصدي لألمراض غير املعدية كالسرطان وأمراض القلب ولكن أيضا للكشف عن األمراض املعدية ومعاجلتها. وعلى سبيل املثال أنشأت إثيوبيا برامج لبناء نظم صحية شاملة ممولة من زيادة االستثمار احمللي والدعم املقدم من مانحين. 28 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
31 على أن الصناديق الرأسية ظلت خارج اجلهود الرامية إىل تعزيز النظم الصحية أو كفالة الرعاية الصحية جلميع أفراد اجملتمع )التغطية الصحية للجميع(. ويف األعم األغلب يعتقد هؤالء املانحون أن املوارد احمللية تنمو بسرعة كافية لتمكين البلدان املستفيدة من تعزيز نظمها الصحية وتوفير التغطية الصحية للجميع. وهم يشعرون بالقلق من أن تستخدم احلكومات الصناديق اجلديدة كذريعة لتقليص استثمارها يف الصحة. ويعتقد هؤالء املانحون أن البرامج الوطنية يجب أن تكون لها قيادة قطرية وأن تكون مصممة حمليا بسبب الفروق بين النظم الصحية )على سبيل املثال ما إذا كان لدى البلد املعني نظام حملي لتوفير الرعاية اخلاصة( وأسواق التأمين احمللية ومناهج احلكومات إزاء الوقاية من األمراض غير املعدية. ويحذر كثير من املانحين أيضا من زيادة جتزؤ حوكمة الصحة العاملية. إال أن االنتشار السريع لفيروس إيبوال يف غرب إفريقيا سلط الضوء على الصعوبات التي واجهتها النظم الصحية غير املمولة بالقدر الكايف يف حتديد املرض ثم احتوائه. وقد تعهدت الواليات املتحدة بأكثر من 250 مليون دوالر أمريكي واململكة املتحدة بأكثر من 200 مليون دوالر أمريكي لدعم جهود التصدي لتفشي الفيروس يوجه جزء منها لتحسين النظم الصحية. ومن غير الواضح ما إذا كانت أزمة فيروس إيبوال ستحفز مساهمات أكثر استمرارا من املمولين الرأسيين لتحسين النظم الصحية. سطوع جنم األسواق الصاعدة يف السنوات األخيرة طالبت اقتصادات األسواق الصاعدة دورا أكبر يف املؤسسات متعددة األطراف من صندوق النقد الدويل إىل األمم املتحدة. وقد تداعت هذه الروح التأكيدية إىل الصحة العاملية حيث تضطلع اقتصادات األسواق الصاعدة الكبرى بدور يدل على كل من احتياجاتها احمللية والقيود التي تواجهها. وعندما شاركت اقتصادات األسواق الصاعدة األكثر تقدما من الناحية االقتصادية البرازيل وروسيا والهند والصين )جمموعة بريكس( يف جمال الصحة العاملية فقد كانت هذه املشاركة بوجه عام يف اجملاالت املتعلقة بمسائل حمددة مثل إتاحة األدوية األساسية أو التعاون التكنولوجي مثال يف عالج داء السل. ويبدو أيضا أن الشواغل اإلقليمية حترك العمل يف جمال التعاون الدويل وكانت وراء تأسيس عدد من الهيئات اإلقليمية املتصلة بالصحة يف إفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية. وعلى سبيل املثال قام االحتاد اإلفريقي منذ إنشائه يف عام 2002 بإشراك وزراء الصحة يف الدول األعضاء يف قضايا صحية إقليمية مثل األمراض املعدية والتمويل الصحي واألمن الغذائي والتغذية. وقد وافقت البرازيل والهند وجنوب إفريقيا على العمل معا على تنسيق التواصل الدويل يف جمال الصحة والطب. وسواء كانت هذه التطورات ستعزز منظمة الصحة العاملية مع تصرف الهيئات اإلقليمية بدرجة كبيرة باعتبارها تكميلية وغير أساسية للمنظمة أو تنتقص تدريجيا من سلطتها فذلك أمر يصعب التنبؤ به. وعلى وجه اخلصوص تشغل قضايا الصحة العاملية مكانا متأخرا بالنسبة للقضايا الدولية األخرى مثل سياسات التمويل واألمن القومي يف الصين والهند وروسيا. وقد تبنت البرازيل القضايا الصحية باعتبارها حمورية يف جدول أعمال سياستها اخلارجية ولكن قياسا بمشاركتها يف الصندوق العاملي مل حتدث زيادة يف تمويلها. ويدعو مديرو الصندوق العاملي باستمرار اقتصادات األسواق الصاعدة إىل حتمل بعض األعباء املالية املترتبة على مكافحة فيروس نقص املناعة البشرية/اإليدز والسل واملالريا إال أن البرازيل التي تلقت منحا بقيمة 45 مليون دوالر أمريكي مل تسهم إال بمبلغ 200 ألف دوالر أمريكي. وقد حدث الشيء نفسه مع البلدان األخرى يف جمموعة بريكس. فقد تلقت الهند 1.1 مليار دوالر أمريكي ومل تتبرع إال بمبلغ 10 ماليين دوالر أمريكي وتلقت الصين ملياري دوالر أمريكي ومل تتبرع إال بمبلغ 16 مليون دوالر أمريكي. وسجل روسيا أفضل إذ تلقت 354 مليون دوالر أمريكي وتبرعت بمبلغ 254 مليون دوالر أمريكي. وخالل األزمة املالية العاملية قامت االقتصادات املتقدمة املتضررة بشدة بتقليص التزاماتها جتاه الصندوق العاملي أو حتى إلغائها. وجتاوزت بلدان جمموعة بريكس األزمة بصورة أفضل من كثير من االقتصادات املتقدمة. وعدم زيادتها لاللتزامات جتاه الصندوق العاملي )أو التحالف العاملي( منذ األزمة يثير تساؤالت بشأن التزامها طويل األجل بقيادة الصحة العاملية. وإىل أي وقت ينبغي أن تستمر بلدان بريكس أكبر أربعة اقتصادات من اقتصادات األسواق الصاعدة يف تلقي مساعدة إنمائية للصحة وتمثل الهند أكبر مستفيد من التمويل الصحي اخلارجي بينما تأتي الصين يف الترتيب العاشر والبرازيل يف الترتيب اخلامس عشر. ومن املسائل املطروحة ما إذا كان ينبغي مواصلة املعونة لدعم البلدان التي يمكن القول بإنها قادرة على توفير الرعاية الصحية األساسية على األقل والتي لها مصلحة اقتصادية متزايدة يف وقف األمراض املعدية سواء كانت آفات قديمة مثل السل أو الشواغل التي استجدت مثل فيروس أنفلونزا الطيور. ولكن برغم وضع البرازيل والصين والهند كبلدان متوسطة الدخل فإنها تظل فقيرة نسبيا من منظور نصيب الفرد ويجب أن تركز على النمو االقتصادي. ونظرا ألنها تواجه أيضا مشكالت صحية كبيرة ال يزال املانحون يعتقدون أن هناك مبررا ملواصلة تقديم املساعدة الصحية. إال أن املؤسسات متعددة األطراف واجلهات املانحة الثنائية يجب أن تنظر باستمرار فيما إذا كان ينبغي أن تظل البلدان متوسطة الدخل تتلقى املعونة التي يمكن أن تستخدم بشكل أفضل يف البلدان األكثر فقرا. وأحد الدروس املستفادة من أزمة إيبوال هو ضرورة أن تكون جهود االستجابة العاملية قوية ومنظمة وأن يتوفر ملنظمة الصحة العاملية قدر كاف من التمويل والسلطة لتمكينها من قيادة هذه اجلهود. وستكون القضية احلاسمة يف جمال احلوكمة يف السنوات القليلة القادمة هي ما إذا كان تفشي الفيروس يرغم الدول األعضاء واجلهات املعنية القوية األخرى على تعزيز موارد منظمة الصحة العاملية وسلطتها أو إنشاء مؤسسة أخرى ملكافحة تفشي األمراض. ديفي سريدهار أستاذ مشارك يف مركز علوم الصحة السكانية يف كلية الطب بجامعة إدنبره وشلسي كلينتون أستاذ مساعد منتدب يف كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا. املراجع: Clift, Charles, 2014, What s the World Health Organization For? Final Report from the Centre on Global Health Security Working Group on Health Governance (London: Royal Institute of International Affairs, Chatham House). Gostin, Lawrence O., 2014, Global Health Law (Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press). New York Times, 2014, Cuts at WHO Hurt Response to Ebola Crisis, Sept. 3. Sridhar, Devi, 2012, Who Sets the Global Health Research Agenda? The Challenge of Multi-Bi Financing, PLoS Medicine, Vol. 9, No. 9, p. e Wallace Brown, Garrett, 2010, Safeguarding Deliberative Global Governance: The Case of the Global Fund to Fight AIDS, Tuberculosis and Malaria, Review of International Studies, Vol. 36, No. 2, pp World Health Organization (WHO), 2013, Proposed Programme Budget (Geneva). التمويل والتنمية ديسمبر
32 زيادة الكفاءة ضرورةملحة طالبات التمريض بمستشفى باتانغاس اإلقليمي مدينة باتانغاس الفلبين ديفيد كودي ومورا فرانسيس وبوبينغ شانغ يجب أن يصبح اإلنفاق على الصحة العامة أكثر كفاءة لتجنب أي ضغوط مفرطة على مالية احلكومة. مستويات الصحة حتسنا كبيرا على مستوى العامل حتسنت على مدار العقود اخلمسة املاضية. فعلى سبيل املثال ازداد متوسط العمر املتوقع عند الوالدة بنحو 11 عاما يف البلدان املرتفعة الدخل و 26 عاما يف البلدان يف الشريحة األعلى من فئة الدخل املتوسط و 21 عاما يف البلدان يف الشريحة األدنى من فئة الدخل املتوسط و 20 عاما يف البلدان ذات الدخل املنخفض. وبينما تعكس هذه التحسينات جمموعة كبيرة من العوامل - بما فيها الدخول املتزايدة والتكنولوجيا الطبية املتقدمة - كانت زيادة اإلنفاق العام على الصحة من العوامل املهمة أيضا. فارتفع متوسط اإلنفاق العام يف االقتصادات املتقدمة من %3.75 من إجمايل الناجت احمللي يف عام 1970 إىل %7 تقريبا يف عام وزاد اإلنفاق يف اقتصادات السوق الصاعدة من %2.75 يف عام 1995 إىل %3.25 يف عام 2012 كما ارتفع اإلنفاق خالل الفترة نفسها من %3 من إجمايل الناجت احمللي إىل %3.75 يف االقتصادات النامية. ورغم املنافع الكبيرة احملققة من زيادة اإلنفاق العام على الصحة تتسبب زيادة هذه النفقات يف مشكالت مالية على جانب املوازنات احلكومية. إذ يشكل اإلنفاق العام على الصحة نسبة كبيرة بالفعل من املوازنات العامة ويتوقع ازدياده جمددا )دراسة Gupta, Clements, Coady, and 2012(. ويف االقتصادات املتقدمة التي يجب عليها بالفعل تخفيض العجز للتصدي الرتفاع الدين العام ستفرض زيادة اإلنفاق مزيدا من األعباء على املالية العامة. ويف اقتصادات السوق الصاعدة واالقتصادات النامية يجب أن يتم اإلنفاق بالتوازي على الصحة واألولويات اإلنمائية األخرى كالتعليم والبنية التحتية. وترى بلدان عديدة أن زيادة كفاءة اإلنفاق العام على الصحة هي السبيل األساسي لضمان التحسن املستمر يف مستويات الصحة دون فرض أعباء إضافية على املالية العامة فضال على أن احتواء زيادة اإلنفاق من خالل حتسين الكفاءة سيكون مقبوال بدرجة أكبر من الناحية السياسية على األرجح مقارنة بالعزوف عن حتسين مستوى الصحة أو خفض اإلنفاق يف اجملاالت األخرى. غير أن فعالية هذه االستراتيجية تتوقف على حجم أوجه عدم الكفاءة يف نظام الصحة العامة وقدرة احلكومات على احلد منها. عدم كفاءة اإلنفاق من الصعب حتديد حجم أوجه عدم الكفاءة التي تشوب آليات اإلنفاق. فأوال يصعب تعريف عدم الكفاءة نظرا ألن اإلنفاق العام على الصحة له أكثر من هدف واحد. فوفقا ملنظمة الصحة العاملية تنقسم األهداف الرئيسية إىل حتسين صحة السكان وحماية األسر من اخملاطر املالية وتلبية توقعات الناس. ولكن 30 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
33 الصحة العاملية معظم الدراسات التي تتناول عدم كفاءة اإلنفاق تركز على مستوى الصحة مثل قياس متوسط العمر املتوقع. ورغم أن تلك الدراسات قد ترصد بوضوح هدف حتسين الصحة فإنها ال تعكس سوى صورة جزئية - نظرا ألن متوسط العمر املتوقع يرتبط ارتباطا كبيرا بمؤشرات الصحة األخرى ذات الصلة. وثانيا عادة ما يتم قياس أوجه عدم الكفاءة بمقارنة نظام صحة ما بآخر يتسم»بالكفاءة«. ونظرا ألن مستوى الصحة يتأثر بعوامل عديدة بخالف اإلنفاق تتفاوت من بلد آلخر فمن الصعب حتديد احلد األدنى لإلنفاق الالزم لتحقيق مستوى الصحة املستهدف. مصادر عدم الكفاءة وال تزال الدراسات تكشف عن قدر كبير من عدم الكفاءة يف استخدام املوارد العامة يف قطاع الصحة. فيشير تقرير الصحة العاملية لعام 2010 )راجع )WHO, 2010 والذي يستند إىل دراسات عن نظم الرعاية الصحية حول العامل إىل أن نسبة تتراوح من %20 إىل %40 من جمموع اإلنفاق )العام واخلاص( على الصحة يف البلدان مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة الدخل ليس لها تأثير يذكر على حتسين الصحة البشرية. وتوصلت دراسة عن بلدان منظمة التعاون والتنمية يف امليدان االقتصادي إىل أن أوجه عدم الكفاءة يف تلك البلدان تؤدي إىل انخفاض العمر املتوقع بحوايل عامين يف املتوسط )دراسة Joumard, Nicq, 2010.)André, and وتشير دراسة أحدث 2014( )IMF, تتضمن تعديل العمر املتوقع حسب جودة نظام الصحة إىل أن أوجه عدم الكفاءة تتسبب يف تراجع العمر املتوقع املعدل حسب مستوى الصحة )راجع اإلطار( بأكثر من عامين يف املتوسط )راجع الرسم البياين 1( وهو تراجع حاد أخذا يف االعتبار أن زيادة اإلنفاق على الصحة بنسبة %50 لن تطيل العمر املتوقع املعدل حسب مستوى الصحة سوى بعام واحد يف املتوسط مما يشير إىل وجود فرصة كبيرة لزيادة الكفاءة يف جميع البلدان. وتنشأ أوجه عدم الكفاءة تلك عن مصادر عديدة ويوجد عدد من التدابير التصحيحية احملتملة ملواجهتها. وتشير الشواهد يف حالة بلدان منظمة التعاون والتنمية يف امليدان االقتصادي إىل أن نوع نظام الصحة العامة ال يبدو من العوامل الرئيسية املؤثرة )دراسة Nicq, 2010.)Joumard, André, and فاحلكومة يف معظم البلدان تضطلع بدور كبير يف قطاع الصحة ويمكن أن يأخذ هذا الدور أشكاال متنوعة بما يف ذلك توفير اخلدمات الصحية بشكل مباشر وتوفير التمويل الالزم من خالل النظام الضريبي وتنظيم اخلدمات املقدمة من القطاع اخلاص. ولكن عند تصنيف نظم الرعاية الصحية حسب دور آليات السوق يف توفير وتمويل تلك النظم جند أن الفوارق يف مستوى الكفاءة داخل اجملموعات أكبر من الفوارق بين اجملموعات. ويشير ذلك إىل توقف درجة الكفاءة على عوامل أكثر حتديدا مثل العناصر املكونة جملموعة مزايا الرعاية الصحية وكيفية سداد مستحقات مقدمي اخلدمة من القطاع اخلاص وهيكل تقاسم التكلفة وكيفية وضع وإنفاذ املبادئ التوجيهية التي تنظم عملية العالج. ومن العوامل املهمة أيضا تكوين خدمات الرعاية الصحية واإلنفاق على الصحة. فتشير الشواهد إىل أن خدمات الرعاية الصحية األولية والوقائية أكثر كفاءة عموما من حيث التكلفة مقارنة بخدمات مقياس العيش بصحة جيدة متوسط العمر المتوقع المعدل حسب مستوى الصحة هو عدد السنوات التي ي توقع أن يعيشها الفرد في صحة جيدة. وينفق قطاع الصحة جزءا ضخما من موارده للتخفيف من وطأة األمراض إذ يمكن زيادة الكفاءة من خالل وتحسين جودة حياة األفراد. ولرصد هذا العنصر ي راعى في قياس متوسط العمر المتوقع المعدل حسب مستوى الصحة مدى انتشار األمراض وحاالت اإلصابة بها ومدة المرض إلى جانب بيانات عن السنوات التي يقضيها الفرد في أوضاع صحية مختلفة. الرعاية الصحية املقدمة يف املستشفيات. ولكن يوجد تفاوت كبير بين العالجات اخملتلفة من حيث درجة كفاءة التكاليف حتى داخل كل نوع من أنواع خدمات الرعاية الصحية. فعلى سبيل املثال جند أن األدوية البديلة فعالة مثلها مثل األدوية األصلية ذات العالمة التجارية ولكن تكلفتها أقل بكثير. لذلك ينبغي أن تتضمن جمموعة املنافع العامة أو تشجع استخدام العالجات األكثر كفاءة من حيث التكلفة دون غيرها. وأحد العوامل املهمة أيضا تكوين املنتفعين من اإلنفاق العام على الصحة وخصائصهم. ففي حالة عدم اإلنفاق على خدمات الرعاية الصحية تكون احتماالت حصول الفقراء والفئات احملرومة على خدمات الرعاية الصحية بطرق بديلة ضئيلة للغاية وبالتايل فإن اإلنفاق على الفقراء أكثر جدوى من اإلنفاق على األثرياء. وكلما حتسنت صحة السكان يف البلدان يقل عادة التفاوت يف مستوى الصحة بين خمتلف الفئات السكانية. وقد صنف تقرير منظمة الصحة العاملية لعام 2010 املصادر الرئيسية لعدم الكفاءة إىل خمس فئات عامة: املوارد البشرية يف قطاع الصحة والتي تشمل استخدام عمالة غير مؤهلة للعمل يف هذا اجملال أو عمالة عالية التكلفة وتقاعس العاملين والدواء ويشمل عدم استخدام األدوية البديلة بالقدر الكايف واالرتفاع املفرط يف أسعار األدوية واستخدام أدوية دون املستوى ومقلدة وعدم استخدام األدوية بطريقة مالئمة وفعالة واملستشفيات وتشمل فرط استخدام التقنيات العالجية مرتفعة التكلفة )كالتصوير بالرنين املغناطيسي( وحجم املستشفيات غير املالئم واألخطاء الطبية وتدين جودة خدمات الرعاية الصحية عن املستوى األمثل وإهدار املوارد والفساد واالحتيال وعدم كفاءة ومالءمة مزيج العالجات املقدم. وبالتصدي ألوجه عدم الكفاءة تلك يمكن تخفيض جمموع اإلنفاق على الصحة بأكثر من %40 يف املتوسط )راجع الرسم البياين 2(. معاجلة أوجه عدم الكفاءة حدد الباحثون عددا من جماالت اإلصالح التي من شأنها احلد من أوجه عدم الكفاءة يف نظام الصحة. من الضروري إعادة توزيع اإلنفاق على الصحة وتوجيهه نحو استخدام اخلدمات والعالجات األكثر كفاءة من حيث التكلفة وتقديم احلوافز ملكافأة السلوكيات التي حتقق الكفاءة. فعلى سبيل املثال غالبا ما يكون املقد م واملستخد م من خدمات الرعاية الصحية األولية والوقائية أقل من الالزم - وتتراوح هذه اخلدمات ما بين الزيارات املعتادة لألطباء والتحصين والوقاية من فيروس نقص املناعة الرسم البياني ١ تراجع مستويات الصحة تنتقص أوجه عدم الكفاءة في نظام الرعاية الصحية أكثر من عامين من العيش الصحي من متوسط عمر الفرد. (الانخفاض في عدد سنوات العمر المعدل حسب مستوى الصحة ٢٠٠٠-٢٠١٠). آسيا النامية أمريكا اللاتينية إفريقيا والكاريبي جنوب الصحراء الشرق الا وسط الاقتصادات وشمال إفريقيا المتقدمة أوروبا الوسطى والشرقية/ ٣ ٢ ١ صفر كومنولث الدول المستقلة المصادر: دراسة (٢٠١٤) IMF وتقديرات المو لفين. ملحوظة: يقصد بسنوات العمر المعدل حسب مستوى الصحة عدد السنوات التي ي توقع أن يعيشها الفرد في صحة جيدة. وتغطي البيانات ١٢٧ اقتصادا: أوروبا الوسطى والشرقية وكومنولث الدول المستقلة (١٦ اقتصادا) والاقتصادات المتقدمة (٢٩) والشرق الا وسط وشمال إفريقيا (٧) وإفريقيا جنوب الصحراء (٤٠) وأمريكا اللاتينية والكاريبي (٢٤) وآسيا الصاعدة (١١). التمويل والتنمية ديسمبر
34 البشرية ومن التدخين والسمنة. ويتضح من ذلك أهمية دور احلكومة يف دعم إعداد األبحاث والتطوير وتقديم خدمات الرعاية الصحية العامة ووضع القواعد التنظيمية واملبادئ التوجيهية املنظمة لعملية العالج والتدابير الضريبية )دراسة others, 2013.)Jamison and فضال على ذلك يمكن تصميم هيكل تقاسم التكلفة على نحو يشجع استخدام خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة من حيث التكلفة ال سيما يف بلدان السوق الصاعدة والبلدان ذات الدخل املنخفض التي ال توفر تغطية تأمينية صحية شاملة. وينبغي لهذه البلدان أن تسعى إىل توفير التغطية الشاملة من خالل تقديم جمموعة من املنافع التي ال تغطي سوى اخلدمات األساسية واألكثر فعالية من حيث التكلفة وذلك حلين ازدياد قدرة تلك البلدان على توفير التمويل الالزم لزيادة اإلنفاق العام على الصحة. وهذا من شأنه أن يساعد ليس يف احلد من أوجه عدم املساواة فحسب بل سيؤدي أيضا إىل حتسن صحة السكان ككل. وينبغي على احلكومات تشجيع املنافسة وحرية االختيار. ويقوم هذا اإلصالح على إتاحة الفرصة للمرضى لالستفادة من املنافسة بين شركات التأمين ومقدمي اخلدمات ونشر معلومات عن أسعار اخلدمات الصحية ومستوى جودتها. وقد يجبر ذلك مقدمي خدمات الرعاية الصحية على العمل بكفاءة أكبر من خالل تدابير مثل االستعانة بمزيج مالئم من األطباء واملمرضين واملوظفين اإلداريين واستخدام البنية التحتية بشكل أفضل. وقد ثبت أن زيادة املنافسة وحرية االختيار ترتبط ارتباطا موجبا بتحسن مستوى الصحة وإن كان تأثيرها على التكلفة أقل وضوحا )دراسة Moreno- Gaynor, Propper, 2013.).)Serra, and وال يزال للتنظيم دور كبير يف ضمان سالمة آليات عمل السوق واحلد من اإلخفاقات السوقية كاإلخفاق يف توفير الكم الالزم من خدمات التأمين الصحي والرعاية الصحية. وقد ينطبق ذلك بصورة أكبر على االقتصادات املتقدمة نظرا ملا يتطلبه تطبيق القواعد التنظيمية املتطورة من مستوى عال من القدرات اإلدارية. ويتعين حتسين نظم سداد مستحقات مقدمي اخلدمات. ويتضمن هذا اإلصالح التحول من النظام القائم على دفع رسوم مقابل اخلدمات املقدمة الذي يحصل فيه مقدم اخلدمة على الرسوم املستحقة عن كل خدمة يقدمها إىل نظام دفع على أساس احلالة كنظام األجرة على الفرد )حيث يحصل مقدمو اخلدمات على مبلغ ثابت عن كل مريض يتولون رعايته( ونظام تصنيف املرضى حسب التشخيص والذي يحصل فيه مقدم اخلدمة على مبلغ يحدد على أساس نوع خدمات الرعاية الصحية الذي يحصل عليها املريض عادة عند إصابته بمرض معين. ويمكن أن يساعد نظام الدفع على أساس احلالة يف احلد من احلوافز التي قد تشجع مقدمي اخلدمات على تقديم عالجات غير ضرورية. ولكن يتعين فرض مبادئ توجيهية عالجية مشددة على مقدمي اخلدمات وإحكام الرقابة عليهم ملنعهم من عدم تقديم العالج الالزم للمرضى. وينطبق ذلك على معظم االقتصادات التي يكون حجم قطاع الصحة اخلاص فيها كبيرا. ويتعين على احلكومات حتسين عمليات املؤسسات العامة. ويمكن زيادة الكفاءة من خالل االتساق يف توزيع املسؤوليات بين مستويات احلكومة )عن طريق جتنب التداخل بين املسؤوليات والتكاليف اإلدارية املفرطة(. ويمكن أن يساعد وضع وإنفاذ القواعد التنظيمية العالجية املالئمة يف احلد من االستخدام املفرط أو غير املالئم للعالج. وقد تساعد زيادة شفافية القواعد التنظيمية وحتسين آليات إنفاذها ال سيما القواعد التنظيمية اخلاصة باملشتريات وسداد املستحقات يف احلد من الفساد واالحتيال املستشريين بدرجة كبيرة على ما يبدو يف جميع االقتصادات. وهكذا فمن الضروري للغاية زيادة كفاءة اإلنفاق العام على خدمات الرعاية الصحية يف جميع االقتصادات. ويتعين تنفيذ اإلصالحات الهادفة إىل زيادة كفاءة اإلنفاق العام بما يتناسب مع ظروف كل بلد. ففي االقتصادات املتقدمة يعني ارتفاع عدد املسنين ومستوى الدين العام أنه يجب على احلكومات تثبيت أو احتواء الزيادة يف نسبة اإلنفاق العام على الصحة إىل إجمايل الناجت احمللي دون التأثير على مستوى الصحة. ويتعين على االقتصادات النامية االستمرار يف حتسين مستويات الصحة مع احلفاظ على استمرارية املالية العامة. ديفي كودي كبير خبراء اإلنفاق االجتماعي ومورا فرانسيس مستشارة املساعدة الفنية وبوبينغ شانغ اقتصادي وجميعهم يعملون يف إدارة شؤون املالية العامة بصندوق النقد الدويل. املراجع Clements, Ben, David Coady, and Sanjeev Gupta, 2012, Economics of Public Health Care Reform in Advanced and Emerging Economies (Washington: International Monetary Fund). Gaynor, Martin, Rodrigo Moreno-Serra, and Carol Propper, 2013, Death by Market Power: Reform, Competition, and Patient Outcomes in the National Health Service, Economic Policy, Vol. 5, No. 4, pp Hillestad, Richard, and others, 2005, Can Electronic Medical Record Systems Transform Healthcare? Potential Health Benefits, Savings, and Costs, Health Affairs, Vol. 24, No. 5, pp International Monetary Fund (IMF), 2014, Fiscal Monitor (Washington, April). Jamison Dean T., and others, 2013, Global Health 2035: A World Converging within a Generation, The Lancet, Vol. 382, No. 9908, pp Joumard, Isabelle, Christophe André, and Chantal Nicq, 2010, Health Care Systems: Efficiency and Institutions, OECD Economics Department Working Paper No. 769 (Paris: Organisation for Economic Co-operation and Development). World Health Organization (WHO), 2010, World Health Report Health Systems Financing: The Path to Universal Coverage (Geneva). الرسم البياني ٢ مصادر عديدة أوجه عدم الكفاءة في نظام الرعاية الصحية تتخذ أشكالا عديدة. (عدم الكفاءة من مجموع الا نفاق على الرعاية الصحية ٢٠١٠) الموارد البشرية الا دوية المستشفيات التبديد مجموعة إجراءات التدخل الطبي الاقتصادات الاقتصادات متوسطة الدخل الاقتصادات مرتفعة الدخل منخفضة الدخل المصدر: منظمة الصحة العالمية (٢٠١٠) ملحوظة: تتضمن مصادر عدم الكفاءة الموارد البشرية مثل فريق العمل الطبي وكيفية استخدامه والدواء مثل الاستخدام غير الكافي للا دوية البديلة واستخدام أدوية دون المستوى ومقلدة وعدم استخدام الا دوية بطريقة ملاي مة وفعالة والمستشفيات كالاستخدام المفرط للا جهزة وإجراءات التدخل الطبي والتبديد كا هدار الموارد والفساد والاحتيال ومجموعة إجراءات التدخل الطبي كعدم كفاءة أو ملاءمة مستوى العلاج. وتم إعداد القيم المستخدمة في الرسم البياني على أساس تقديرات متوسطة. ونظرا لا ن مكاسب الكفاءة من المصادر ا تلفة لا تكون قابلة للجمع بالضرورة تشير تقديرات متحفظة صادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة ٢٠ إلى ٤٠ من مجموع الا نفاق على الصحة تستخدم بطرق ليس لها تا ثير يذكر على تحسين مستويات الصحة. زيادة كفاءة اإلنفاق على خدمات الرعاية الصحية العامة أمر بالغ األهمية. 32 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
35 الصحة العاملية تعليقات االستعداد بالغ األهمية تبين اجلهود التي تبذلها رواندا ملنع انتشار فيروس اإليبوال يف البلد أن هناك حاجة إىل منهج متعدد القطاعات يتجاوز قطاع الصحة بمفرده. أغنيز بينغواهو أكبر التحديات التي تواجه التقدم يف جمال أحد الصحة العاملية يكمن يف النظرة الضيقة يف أن االستثمار يف النظم الصحية فقط هو العالج إلدارة التهديدات الصحية. وبدال من ذلك من الضروري تعزيز جميع القطاعات التي تؤثر على احملددات االجتماعية للصحة والعوملة بما يف ذلك التمويل والنقل واألمن واالتصاالت لضمان استجابة تعاونية وفعالة لهذه التهديدات. وكمثال لذلك يمكن أن ننظر إىل كيفية إدارة بلدي رواندا للجهود الرامية إىل منع انتشار فيروس إيبوال الذي ضرب العديد من البلدان يف غرب إفريقيا. وإذ يعمل نظام الرعاية الصحية على منع وصول فيروس إيبوال إىل رواندا فال ينبغي أن يصرف نظره عن مكافحة الوفيات املبكرة نتيجة أمراض األمومة والطفولة وفيروس نقص املناعة البشرية/ اإليدز والسل واملالريا وغيرها من األمراض. ومن املهم تكييف وتعديل النظام عبر جميع القطاعات للتخفيف من حدة هذا املرض احلاد وغير املتوقع. القدرة على احلكم ال يختبر هذا التهديد نظام الرعاية الصحية فحسب بل إنه يختبر أيضا قدرة البلد على احلكم. فقد تطلبت استجابة رواندا آليات لصنع سياسات متعددة القطاعات وتعاونية فضال على تفكير مشترك لتحقيق أقصى استفادة من كل املوارد املتاحة. وعلى سبيل املثال هناك حاجة إىل أموال إلدارة عملية منع تفشي فيروس إيبوال مثال لتجهيز جميع املستشفيات العامة بوحدات عزل وتدريب أخصائيي الرعاية الصحية الذين يكونون يف مركز الصدارة عند احلاجة كما حتتاج وزارة الصحة إىل دعم القطاع املايل لقراراتها. وبالنظر إىل االنتقال احملتمل للفيروس من األشخاص القادمين إىل البلد كان علينا أن نعتمد على قطاع النقل ومكتب الهجرة لتنفيذ سياساتنا بشأن السفر إىل اخلارج. وباإلضافة إىل ذلك تعين على قطاع األمن إنفاذ إجراءات طوارئ مثل التأهب على مدار الساعة يف جميع أنحاء البلد الحتواء أي حالة إصابة حمتملة بفيروس إيبوال. ولتنسيق القرارات وإبقاء جميع أصحاب املصلحة على علم بهذا املوضوع وال سيما اجلمهور العام كان من املهم إشراك قطاع االتصاالت. ومل يتم ربط أجزاء هذا املنهج متعدد القطاعات ببعضها البعض ملواجهة هذه األزمة بالذات. ولكنه أعد بعناية وبشكل تعاوين مع مرور الوقت. وعلى سبيل املثال اعتاد قادة رواندا على اجتماع»جمموعات«السياسات بما يف ذلك اجملموعة االجتماعية التي تشترك يف رئاستها وزارة الصحة ووزارة التعليم. وبدال من عمل كل جهة بمفردها بوجهات نظر ضيقة فإننا نعقد اجتماعات شهرية كمجموعة ملناقشة إن تكلفة إدارة الوقاية من فيروس إيبوال باهظة للغاية. الصورة األكبر وبناء توافق يف اآلراء بشأن كيف يمكن أن نستخلص أقصى قيمة من كل استخدام للموارد احملدودة ولكن املتنامية يف البلد. وقد ألقى ذلك املسؤولية على عاتق مسؤويل خمتلف الوزارات للعمل التعاوين على حل املشكلة بدال من املنافسة من أجل احلصول على أموال احلكومة. مساع مكلفة بينما حققت هذه العادات فائدة كبيرة لصناع السياسات ونحن نتغلب على هذا التهديد فقد كانت تكلفة إدارة الوقاية من فيروس إيبوال باهظة من حيث املال والوقت أيضا. فكل ساعة نعمل فيها على الوقاية من فيروس إيبوال هي ساعة ال نستطيع أن نخصصها لألهداف اإلنمائية األخرى مثل حتسين تقديم خدمات الرعاية الصحية. وباإلضافة إىل ذلك أدت هذه اجلهود إىل أعباء مالية كبيرة على اقتصادنا. فاالستثمارات املطلوبة ملكافحة هذا التهديد احلاد على املدى القصير قد تؤجل أي خطة لبناء ملركز صحي أو مستشفى أو طريق جديد أو مدرسة جديدة. ويف حين كان هذا التعديل مكلفا فإن تكلفة عدم العمل أو العمل غير الكامل أو غير املنظم أكبر بكثير. وقد شكل تهديد فيروس إيبوال حتديات لنظام الرعاية الصحية يف البلد دفعته إىل مستوى جديد من األداء. وقد أوضح لنا كيف يمكن أن نفعل املزيد باملوارد احملدودة التي لدينا من املال والوقت يف نظام الرعاية الصحية نفسه وعبر القطاعات املشاركة يف االستجابة. وعلينا أن نسعى دائما إىل حتسين جهودنا التعاونية حلماية وحتسين صحة ورفاه شعبنا بما يف ذلك بالطبع زيادة االستثمارات لتعزيز قطاع الصحة. ففي نهاية املطاف لن نستطيع التغلب على أي تهديد صحي بدون األخصائيين يف جمال الصحة واألجهزة والبنية التحتية. ولكن علمتنا أزمة فيروس إيبوال أيضا أن علينا أن نعزز قدرة بلدنا على احلكم بشكل تعاوين لتحسين استجابتنا للتحدي القادم الذي قد ينتظرنا. وال يتمثل ذلك يف االستثمار يف تقديم خدمات الرعاية الصحية يف حاالت الطوارئ فقط ولكن يف جميع القطاعات عموما التي تؤثر على رفاه الشعب الذي يعد أعظم مورد لدينا. أغنيز بينغواهو هي وزيرة الصحة يف رواندا ومن كبار احملاضرين يف كلية الطب بجامعة هارفارد وأستاذة طب األطفال يف كلية غيزيل للطب بجامعة دارتموث. التمويل والتنمية ديسمبر
36 القطاع الخاص مقابل القطاع العام في العديد من البلدان ينبغي أال يجرى النقاش حول مصدر الرعاية الصحية األولية ولكن حول جودتها هورهيه كوراسا وجيشنو داس وجيفري هامر يوفر القطاع اخلاص ما بين ثلث إىل ثالثة أرباع جميع خدمات الرعاية الصحية األولية يف البلدان منخفضة الدخل حسب املسح املستخدم. ولكن بالنسبة ملعظم املرضى ال تشمل الرعاية الطبية التي يقدمها القطاع اخلاص املستشفيات الكبيرة واحلديثة ومقدمي اخلدمات املتكاملة. فالقطاع اخلاص من هذا النوع موجود خلدمة املرضى األثرياء نسبيا يف املناطق احلضرية. أما القطاع اخلاص املتاح للفقراء فهو مزيج يجمع بين مقدمي اخلدمات احلديثة الذين يديرون عيادات صغيرة بهدف الربح أو يعملون لدى مؤسسات غير هادفة للربح ومقدمي اخلدمات املدربين على األنظمة الطبية التقليدية واملعاجلين باألعشاب وممارسي الطب التجانسي وغيرهم عديدين من غير ذوي املؤهالت. ومن املستحيل التعميم فيما يتصل بدور القطاع اخلاص يف تقديم اخلدمات الطبية للفقراء. غير أنه يوجد تعميمان يشكالن جزءا كبيرا فيما يبدو من النقاش حول العالج الطبي اخلاص يف البلدان منخفضة الدخل. األول يصور القطاع اخلاص بوصفه حال شامال جلميع مشكالت القطاع العام وأوجه اخللل التي تشوب عمل هذا القطاع عموما والثاين يعتقد بأن املمارسات االستغاللية تستشري يف القطاع اخلاص بصورة تستوجب تنظيمه ومراقبته وربما إحالل العيادات املمولة واملدارة حكوميا حمله. واحلكم على صحة أي من الرأيين هو مسألة جتريبية تتوقف على طبيعة املشكالت التي تنشأ عن التفاعل بين املرضى ومقدمي خدمات الرعاية الصحية يف أسواق العالج الطبي وعلى قدرة احلكومة على حل تلك املشكالت. فعلى سبيل املثال قد ال يعترف املرضى بخدمات الرعاية الصحية اجليدة ومن ثم يطلبون عوضا عنها عالجات سريعة وأدوية مقلدة غير فعالة. ويف هذه احلالة سيقدم القطاع اخلاص لهم نوع العالج الذي يطلبونه. أو قد يصف مقدمو اخلدمات عالجات حتقق لهم منفعة مالية أكبر دون أن تلبي االحتياجات الصحية للمرضى. فعلى سبيل املثال قد يختار مقدم اخلدمة إجراء عمليات قيصرية عندما تكون الوالدات الطبيعية األقل تكلفة كافية أو صرف أدوية غير ضرورية سعيا وراء املكسب. ويوجد بالفعل اعتقاد شائع بأن»تفاوت املعلومات«أي عندما يعرف مقدم اخلدمة املزيد من املعلومات عن حالة املريض مقارنة بما يعرفه املريض - يؤدي إىل مشكالت يف خدمات الرعاية الصحية العالجية التي يقدمها القطاع اخلاص. ولكن ليس من الواضح أن احلكومات تقوم بدور أفضل يف هذا الصدد. فغالبا ما يصاحب تدين جودة اخلدمات املقدمة يف القطاع اخلاص وأوجه اخللل السوقي احلادة تدين جودة اخلدمات املقدمة يف القطاع العام. إذ تفتقر اجلهات التنظيمية احملتملة غالبا إىل القدرة على املراقبة واإلنفاذ. ويتعين على احلكومة االضطالع بتقديم السلع العامة احلقيقية - كالقضاء على مصادر األمراض )مثل البعوض( وحتسين خدمات الصرف الصحي. ولكن عندما يتعلق األمر بخدمات الرعاية الصحية العالجية فإن الصورة تكون أقل وضوحا. قطاع خاص كبير يوجد يف البلدان منخفضة الدخل قطاع رعاية صحية خاص كبير عموما وي ستخدم بشكل مطرد كمصدر خلدمات الرعاية الصحية األولية وذلك رغم زيادة التمويل املتاح للخدمات العامة وإلغاء الرسوم عليها يف العديد من البلدان. وقد س ئل أفراد األسر يف إطار املسوح الديمغرافية والصحية عن القطاع الذي أناس مصطفون للتسجيل يف نظام التأمين الصحي الوطني جامو الهند التمويل والتنمية ديسمبر
37 الصحة العاملية توجهوا إليه عند إصابة أحد األطفال باحلمى أو اإلسهال. وخالل الفترة بين 1990 و 2013 )224 مسحا يف 77 بلدا( جلأ نصف السكان إىل القطاع اخلاص وخالل الفترة ما بين 1998 و 2013 استعان خمسي السكان بخدمات الرعاية الصحية اخلاصة بما فيهم أفقر %40 )راجع دراسة.)Grepin, 2014 وبالنسبة ألمراض الكبار واألطفال جمتمعين بلغ استخدام القطاع اخلاص يف أوائل األلفينات )آخر بيانات متاحة( ما بين %25 يف إفريقيا جنوب الصحراء و %63 يف جنوب آسيا )دراسة.)Wagstaff, 2013 ومن األسباب املمكنة التي تفسر االعتماد الكبير على القطاع اخلاص هو عدم توافر العيادات العامة أو التزاحم الشديد عليها مما يدفع الناس إىل اللجوء إىل العيادات اخلاصة. ولكن الناس يقبلون على يقبل الناس على مقدمي اخلدمات يف القطاع اخلاص إقباال شديدا حتى يف حالة توافر العيادات العامة. مقدمي اخلدمات من القطاع اخلاص إقباال شديدا حتى يف حالة توافر العيادات العامة. وال يبدو أن الزحام الشديد يمثل لهم مشكلة. ففي تنزانيا والسنغال واملناطق الريفية يف ماديا برادش )بالهند( يقضي األطباء يف عيادات الرعاية الصحية األولية العامة من 30 دقيقة إىل ساعة يوميا فقط يف الكشف على املرضى. ويف نيجيريا تستقبل الوحدة العامة الريفية العادية مريضا واحدا خالل اليوم )راجع World.)Das and ودراسة Hammer, 2014 Bank, 2011 وقد يعكس أبعاد اجلودة استعداد املرضى لدفع مقابل مادي نظير احلصول على خدمات القطاع اخلاص التي كان من املمكن أن يحصلون عليها جمانا من وحدة عامة يرتادها مرضى قليلون كغياب مقدم اخلدمة يف الوحدات العامة أو عدم االعتناء الكايف باملرضى. ومن منظور الصحة والسياسات فإن تفضيل الوحدات اخلاصة يصبح مشكلة إذا كان مقدمو اخلدمة يف القطاع اخلاص أكثر استجابة من مقدمي اخلدمة يف الوحدات العامة لطلب املرضى على منتجات وخدمات غير مالئمة من الناحية الطبية )املضادات احليوية ومركبات الستيرويد على سبيل املثال( أو أكثر استعدادا لتقديم عالجات غير مالئمة حتقيقا للربح. فإذا كانت هاتان املشكلتان أقل شيوعا يف القطاع العام ينبغي على احلكومات النظر يف توسيع نطاق القطاع العام ليحل حمل القطاع اخلاص أو إحكام تنظيم العالج الطبي اخلاص. لذلك فالسؤال املهم هنا هو ما إذا كانت جودة الرعاية الطبية تختلف بين القطاعين أم ال. جودة الرعاية يف الواقع فإن جودة الرعاية الصحية ككل متدنية يف القطاعين. فيتراوح وقت االستشارة احملدود بين دقيقة ونصف )القطاع العام املناطق احلضرية بالهند( وثمان دقائق )القطاع اخلاص املناطق احلضرية يف كينيا(. ويسأل مقدمو اخلدمة يف املتوسط من ثالثة إىل خمسة أسئلة ويجرون ما بين اختبار روتيني واحد وثالثة اختبارات روتينية كقياس احلرارة والنبض وضغط الدم. ويف املناطق الريفية واحلضرية بالهند تقل نسبة العالج الصحيح للحاالت املرضية اخلطيرة عن %40 وتقل نسبة التشخيص الصحيح عن %15. ويشيع استخدام مقدمي اخلدمات يف القطاعين ألدوية غير ضرورية أو حتى ضارة وتستخدم األدوية التي يحتمل أن تنقذ حياة املرضى كمحاليل اجلفاف التي تعطى عن طريق الفم لألطفال املصابين باإلسهال يف أقل من ثلث احلاالت التي يتعامل معها مقدمي اخلدمات املؤهلين. وتقل نسبة املرضى الذين يحصلون على العالج املناسب فقط عند زيارتهم ملقدم اخلدمة عن %5. وقد تم إعداد دراستين منهجيتين يف اآلونة األخيرة حول الدراسات التي تناقش اجلودة والكفاءة يف تقديم اخلدمات الصحية يف القطاعين العام واخلاص وتوصلتا إىل استنتاجات متناقضة. فاألوىل تؤيد استخدام خدمات القطاع العام )دراسة )2012 others, Basu and والثانية تؤيد استخدام خدمات القطاع اخلاص دراسة Berendes and.)others, 2011 وعندما اطلعنا على الدراسات األصلية لتحديد أسباب هذا االختالف اضطررنا أن نستنتج بأن اإلجابة املبسطة جلميع األسئلة بما يف ذلك السؤال األساسي املتعلق بأفضلية جودة الرعاية الصحية يف القطاع العام أو القطاع اخلاص هي أننا»ال نعرف«. ويتعين أن تتوافر للدراسات بيانات من القطاع العام والقطاع اخلاص بما يمكنها من حتديد االختالفات يف مستوى اجلودة بين القطاعين. وينبغي أيضا استبعاد عوامل االلتباس الناشئة عن االختالفات يف املرضى ومستوى التدريب وتوافر املوارد. )فمن غير اجملدي مقارنة مقدم خدمات يف القطاع اخلاص مل يحصل على أي تدريب ويعمل يف عيادة صغيرة يف منطقة ريفية بطبيب مدرب يعمل يف مستشفى جيدة التجهيز يف القطاع العام(. ومن بين 182 دراسة تغطيها الدراستان املذكورتان تتحقق هذه املعايير يف دراسة واحدة فقط )دراسة Pongsupap and Van.)Lerberghe, 2006 فقد استخدمت هذه الدراسة أفرادا يتظاهرون باإلصابة بحالة مرضية معينة )عمالء مزيفون( لتقييم»أوجه التماثل«بين أطباء القطاع اخلاص والقطاع العام يف بانكوك يف عالج االضطراب النفسي. وهؤالء املرضى املزيفون - أفراد من بانكوك تم االتفاق معهم لعرض نفس احلالة املرضية على عدة مقدمي خدمات - يعتبرهم باحثون عديدون املعيار الذهبي يف هذا النوع من األبحاث نظرا ملا يتيحونه من مقياس موضوعي جلودة خدمات الرعاية الصحية بما يف ذلك مدى التزام مقدم اخلدمة بالقواعد وصحة الطرق العالجية املستخدمة ومدى استخدام طرق عالجية غير ضرورية. فهم يسمحون للباحثين بتقييم العالج الذي يحصل عليه نفس املريض من مقدمي خدمات خمتلفين. ويف هذه الدراسة أشار الباحثون إىل أن خدمات الرعاية الطبية يف القطاع اخلاص أكثر تمحورا حول املريض ولكن دون وجود أي اختالف بين القطاعين العام واخلاص من حيث صحة العالج املقدم. ومل يقدم أي طبيب العالج الصحيح )وكان العالج الصحيح هو عدم تقديم أي عالج على اإلطالق(. املناطق الريفية يف الهند ويف البحث الذي أجريناه يف املناطق الريفية بالهند أرسلنا مرضى مزيفون يتظاهرون باإلصابة بنفس احلالة املرضية إىل عينة عشوائية من مقدمي اخلدمات يف القطاعين العام واخلاص يف البداية ثم إىل جمموعة من األطباء املؤهلين يف القطاعين )دراسة others, Das and 2014(. وتوصلنا إىل عدة نتائج مهمة. أوال كانت أغلب خدمات الرعاية الصحية يف القطاعين العام واخلاص يقدمها أفراد غير حاصلين على تدريب طبي رسمي. ويعكس ذلك يف القطاع اخلاص ندرة يف املتخصصين املدربين الراغبين يف العمل باملناطق الريفية. أما يف القطاع العام يقوم موظف غير حاصل على تدريب طبي بتقديم الرعاية الصحية يف %64 من احلاالت نظرا لعدم وجود طبيب. فغالبا ما يتغيب عن العمل األطباء الذين يعملون بمرتب ثابت يف العيادات العامة - وفقا للدراسات الوطنية تبلغ نسبة التغيب %40 من الوقت يف الهند و %35 يف أوغندا وأكثر من %40 يف إندونيسيا. وثانيا كانت نسبة اخلدمات املتمحورة حول املريض ودقة العالج أعلى ما تكون يف عيادات القطاع اخلاص التي يعمل بها أطباء من القطاع العام. فالطبيب نفسه يف العيادات اخلاصة يقضي وقتا أطول ويسأل أسئلة أكثر وأكثر التزاما على األرجح باألسئلة والفحوصات املقررة وأكثر دقة يف حتديد العالج املالئم منه يف العيادات العامة )راجع الرسم البياين(. وال توجد أي فوارق بين القطاعين من حيث )ارتفاع( نسبة استخدام األدوية غير الضرورية. التمويل والتنمية ديسمبر
38 وثالثا كانت نسبة االستخدام املفرط للمضادات احليوية مرتفعة يف القطاعين. ففي القطاع اخلاص يصرف %48.2 من مقدمي اخلدمات املؤهلين و %39.4 من مقدمي اخلدمات غير املؤهلين بالكامل مضادات حيوية غير ضرورية. كذلك وصف أطباء القطاع العام يف عيادات الرعاية الصحية األولية مضادات حيوية لعالج اإلسهال يف %75.9 من احلاالت ومل يستغرقهم حتديد العالج سوى دقيقة ونصف. ورابعا صاحب زيادة االلتزام باإلجراءات العالجية املقررة وصحة العالج املوصوف يف القطاع اخلاص ارتفاع يف أسعار اخلدمات العالجية. ويتسق ذلك مع النماذج السوقية التي يدفع فيها املستهلكون عالوة على السعر مقابل احلصول على جودة أفضل ويعني أن املستهلكين مدركين جلودة اخلدمات ومهتمين بصحة العالج املقدم. ولكن أسعار اخلدمات مل تنخفض بسبب العالجات غير الضرورية مما يشير إىل أن املرضى مل يستطيعوا حتديد ما إذا كانت األدوية اإلضافية التي حصلوا عليها ضرورية أم ال. ويمكن أن يعكس فرط استخدام األدوية يف القطاع اخلاص عالقة بين األرباح التي يحققها مقدم اخلدمة ووصف األدوية: حيث توضح األبحاث أن األطباء قلما يصفون املضادات احليوية غير الضرورية إذا مل يكونوا يحصلون على مقابل مادي نظير وصفها للمرضى. ولكن يكثر استخدام املضادات احليوية يف القطاع العام أيضا. وبالتايل قد يكون دافع الربح جزءا من األسباب ولكنه ليس السبب الوحيد. وباملثل فإن االعتقاد الشائع بأن املرضى ال يستطيعون تقييم جودة اخلدمات يتعين دحضه هو اآلخر نظرا ألن الفروق احلقيقية يف جودة اخلدمات الطبية يترتب عليها ارتفاع يف أسعار تلك اخلدمات. التشجيع على حتسين جودة العالج وفقا للشواهد القليلة املتاحة هناك مبالغة بشأن مساوئ القطاع اخلاص. إذ يبدو أن املرضى يستندون يف اختيارهم إىل عوامل منطقية كاملسافة ووقت االنتظار واألسعار وجودة الرعاية. وال توجد أي شواهد تذكر على أن اختيار املرضى للعيادات اخلاصة جمرد اختيار عشوائي غير مرتبط بأسباب منطقية حمددة. ورغم أن األدوية يزداد استخدامها عادة عندما يكون مقدم اخلدمة يف القطاع اخلاص هو من يقوم بتشخيص حالة املريض ويحصل أيضا على مقابل نظير العالج إال أن هذه املشكالت نفسها توجد يف القطاع العام. وهكذا فإن املفاضلة بين القطاع العام والقطاع اخلاص غير مرتبطة بجهل املريض أو سلوكيات غير مبررة ولكنها مرتبطة باجلودة الكلية خلدمات الرعاية الصحية وهي متدنية يف القطاعين. وقد يكون تطوير البنية التحتية والتدريب أمرا ضروريا ولكنه غير كاف يف حد ذاته لزيادة جودة الرعاية الصحية )دراسة Hammer, 2014.)Das and ويجب أن تتغير سلوكيات مقدمي خدمات الرعاية الصحية وهياكل احلوافز التي تؤثر على عملهم. فيستلزم احلد من استخدام األدوية غير الضرورية وتطبيق سياسات تفصل بين التشخيص والعالج يف القطاعين على سبيل املثال. وسيتضمن ذلك الفصل القانوين بين مسؤوليات وصف الدواء وصرفه وإجراء الفحوصات الطبية. وال يوجد ما يستدعي توسيع نطاق نظام الرعاية الصحية العام ما مل يكن على األقل على نفس مستوى جودة اخلدمات التي سيحل حملها. فقد يكون من املالئم توسيع نطاق نظام الرعاية الصحية العام يف أحوال نادرة عندما يكون يف البلد قطاع خاص شديد اإلخفاق وقطاع عام يطبق آليات مساءلة فعالة. ولكن حتى يف هذه احلاالت سيتعين على احلكومات تعزيز قدرات القطاع العام بدرجة كبيرة ووضع إطار تنظيمي شامل. وقد يكون اخليار األسهل يف تلك احلاالت التركيز يف البداية على اخلدمات املتاحة بالفعل وحماولة حتسينها. فإذا أقر صناع السياسات عدم قبول الناس استخدام القطاع العام لتدين جودته والتركيز على حتسين األوضاع فسيختار املرضى اخليار األفضل. هورهيه كوراسا خبير اقتصادي أول وجيشنو داس كبير اخلبراء االقتصاديين وكالهما يعمل بالبنك الدويل وجيفري هامر أستاذ زائر يف التنمية االقتصادية بجامعة برنستون. املراجع: Basu, Sanjay, Jason Andrews, Sandeep Kishore, Rajesh Panjabi, and David Stuckler, 2012, Comparative Performance of Private and Public Healthcare Systems in Low- and Middle-Income Countries: A Systematic Review, PLoS Medicine, Vol. 9, No. 6, p. e Berendes, Sima, Peter Heywood, Sandy Oliver, and Paul Garner, 2011, Quality of Private and Public Ambulatory Health Care in Low and Middle Income Countries: Systematic Review of Comparative Studies, PLoS Medicine, Vol. 8, No. 8, p. e Das, Jishnu, and Jeffrey Hammer, 2014, The Quality of Primary Care in Low-Income Countries: Facts and Economics, Annual Review of Economics, Vol. 6, pp Das, Jishnu, Alaka Holla, Michael Kremer, Aakash Mohpal, and Karthik Muralidharan, 2014, Quality and Accountability in Health: Audit Evidence from Primary Care Providers (Washington: World Bank). Grepin, Karen, 2014, Trends in the Use of the Private Sector: : Analysis of Demographic and Health Surveys (unpublished; New York: New York University). Pongsupap, Yongyuth, and Wim Van Lerberghe, 2006, Choosing between Public and Private or between Hospital and Primary Care: Responsiveness, Patient-Centredness and Prescribing Patterns in Outpatient Consultations in Bangkok, Tropical Medicine & International Health, Vol. 11, No. 1, pp Wagstaff, Adam, 2013, What Exactly Is the Public-Private Mix in Health Care? Let s Talk Development (blog), Dec. 2. World Bank, 2011, Service Delivery Indicators: Pilot in Education and Health Care in Africa, African Economic Research Consortium Report (Washington). تحسين جودة العلاج الطبيب الذي يعمل في القطاعين العام والخاص في المناطق الريفية في الهند يكون أكثر استعدادا للالتزام بقاي مة الا سي لة والفحوصات المقررة في عياداته الخاصة منه في عيادته العامة. المصدر: دراسة 2014)4 ).Das and others ملحوظة: تم إجراء الدراسة في ولاية ماديا براديش الريفية بالهند. ٣٠ ٢٥ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ ٠ ٤ ٠ ٢ ٠ ٠ ينبغي أن تفصل السياسات بين التشخيص وتقديم العالج. (الدرجة التي حصل عليها المريض بعد خضوعه للا سي لة والفحوصات المقررة بالانحرافات المعيارية) ٠ ٦ ٠ ٢ ٠ ٤ ٠ ٦ أطباء القطاع العام في العيادات الخاصة (الالتزام بقاي مة الا سي لة والفحوصات المقررة ) الدرجة التي حصل عليها المريض بعد خضوعه للا سي لة والفحوصات المقررة (المقياس الا يمن) الالتزام بقاي مة الا سي لة والفحوصات المقررة (المقياس الا يسر) أطباء القطاع العام في العيادات العامة القطاع العام (ككل) صفر القطاع الخاص (ككل) 36 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
39 الصحة العاملية سالمة المالية العامة االنتقال إىل استخدام الضرائب حلفز السلوك الصحي له حدوده باتريك بيتي وماريو منصور وفيليب وينغيندر يوفر أكثر من نصف البالغين يف االقتصادات املتقدمة من زيادة الوزن أو السمنة وأعدادهم آخذة يف االزدياد )2014.)OECD, ويتسبب وباء السمنة يف وفاة 2,8 مليون شخص يف السنة )WHO( وبلغت تكلفته 147 مليار دوالر يف الواليات املتحدة وحدها يف عام 2008 )دراسة others, 2009.)Finkelstein and وقد بحثت السلطات العامة يف هذه البلدان أو اتخذت جمموعة من التدابير ملكافحة هذا الوباء )دراسة others, 2013 )Jamison and وكانت أكثرها إثارة للجدل الضريبة على الدهون والسكر. وتعتمد النظم الضريبية املعاصرة على الضرائب واسعة النطاق مثل الضرائب املفروضة على الدخل واالستهالك لتمويل موازنة احلكومة. غير أنه تفرض ضرائب إضافية يف بعض األحيان لتحقيق أهداف سياسات أوسع نطاقا مثل خفض العوامل اخلارجية التي تنشأ تأثيراتها على الغير بسبب اإلنتاج أو االستهالك ولكنها ال تنعكس يف األسعار. ويعد التلوث مثاال جيدا على ذلك. وعادة ما تكون هذه الضرائب يف شكل م ك س أي ضريبة على جمموعة صغيرة من السلع أو اخلدمات. وقد أدى جناح ضريبة امل ك س على التبغ إىل دفع اجلهود لفرض هذه الضريبة على األغذية غير الصحية اعتقادا أن زيادة األسعار ستؤدي إىل انخفاض االستهالك. ولكن هناك فروق بالغة بين التبغ واألغذية غير الصحية وأساسا تلك التي حتتوي على دهون وسكر. فالقاعدة الضريبة على التبغ سهلة التحديد ألنها تأتي يف عدد قليل من أشكال االستهالك على خالف الدهون والسكر ألن ليس لهما بدائل قريبة وسلسة عرض التبغ قصيرة وبسيطة ومركزة وبالتايل من األسهل مراقبتها ملنع التجارة غير املشروعة. وباإلضافة إىل ذلك فإن للتبغ تأثيرات خارجية واضحة يف شكل التدخين السلبي وتكاليف الرعاية الصحية وهو غير صحي على أي مستوى من االستهالك. وتبرر هذه اخلصائص فرض ضريبة امل ك س على التبغ وجتعلها قابلة للتطبيق من املنظورين االقتصادي والصحي. ومقارنة بذلك ال تؤثر الدهون والسكر على الصحة عند استهالكهما باعتدال ويؤديان إىل عدد قليل من العوامل اخلارجية. واألهم من ذلك أنهما يأتيان يف أشكال طبيعية واصطناعية كثيرة ويصالن إىل املستهلك من خالل سالسل قيمة شديدة االختالف والتعقيد. وبالتايل فإن تعريف القاعدة الضريبية لشكل حمدد من السكر أو الدهون صعب ويمكن أن يؤدي فرض ضريبة على أحد أنواع األغذية يحتوي على سكر أو دهون إىل االستعاضة عنه بمنتجات غير صحية أخرى. ونتيجة لذلك تكون الكفاءة النسبية للضرائب يف خفض االستهالك من بعض األغذية أقل وضوحا مقارنة بالتبغ. وباإلضافة إىل ذلك فبما أن الدهون والسكر يعتبران من املواد الغذائية فإنهما يكونان معفيان يف كثير من األحيان من ضرائب املبيعات العامة مما يجعل فرض الضرائب عليهما أقل تأثيرا. وهذا ال يعني أن ضريبة امل ك س ليس لها أي دور فيما يتعلق بالدهون والسكر. ففي بعض الظروف يمكن أن تؤدي الضرائب إىل هناك فروق بالغة بين التبغ واألغذية غير الصحية. زيادة اإليرادات واحلد من استهالك السعرات احلرارية غير املفيدة. وعلى سبيل املثال من السهل حتديد املشروبات الغازية التي تمثل مصدرا رئيسيا للسعرات احلرارية ألغراض الضرائب ويمكن أن يتأثر استهالكها باألسعار. ولكن بالنظر إىل اختالف العادات االستهالكية والسعر املقبول وأنماط االستبدال اختالفا كبيرا بين البلدان تكون هناك حاجة إىل سياسات قطرية. وباإلضافة إىل ذلك تتطلب ضرائب امل ك س يف بعض األحيان تنسيقا دوليا لتحقيق الغرض املنشود منها. وألغيت ضريبة دانمركية مفروضة على الدهون املشبعة يف أكتوبر 2011 بعد 15 شهرا من فرضها بسبب آثارها غير الواضحة على العادات االستهالكية وبسبب جلوء املشترون الدانمركيون إىل عبور احلدود للتسوق يف أملانيا. وحققت بلدان أخرى مثل فرنسا قدرا أكبر من النجاح يف استخدام امل ك س للحد من استهالك املشروبات الغازية وهناك دالئل على حدوث تأثيرات كبيرة على استهالك بعض الفئات االجتماعية واالقتصادية يف الواليات املتحدة )دراسة Chaloupka, Powell and.)2009 وربما لن يكون انتشار ضريبة امل ك س على الدهون والسكر بنفس قدر حجم انتشارها على التبغ أو تكون بنفس الفعالية ولكنها يمكن أن تؤدي دورا حمدودا يف بعض السياقات شريطة تصميمها وتعديلها بشكل جيد ألنماط االستهالك وسالسل عرض األغذية يف البلد. غير أن علينا أال ننسى أن السمنة معظمها بسبب اإلفراط يف األكل ويمكن أن ينطوي التغلب على هذه املشكلة على إعادة النظر يف السياسات األوسع نطاقا التي تؤثر على األسعار واالستهالك مثل فرض الضرائب على األغذية يف إطار ضريبة املبيعات العامة واللوائح واإلعانات. باتريك بيتي وماريو منصور من كبار اخلبراء االقتصاديين وفيليب وينغيندر خبير اقتصادي وجميعهم من إدارة شؤون املالية العامة بصندوق النقد الدويل. املراجع: Finkelstein, Eric A., Justin G. Trogdon, Joel W. Cohen, and William Dietz, 2009, Annual Medical Spending Attributable to Obesity: Payer- and Service-Specific Estimates, Health Affairs, Vol. 28, No. 5, pp Jamison, Dean T., and others, 2013, Global Health 2035: A World Converging within a Generation, The Lancet, Vol. 382, No. 9908, pp Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD), 2014, Obesity Update, June. Powell, Lisa M., and Frank J. Chaloupka, 2009, Food prices and Obesity: Evidence and Policy Implications for Taxes and Subsidies, The Milbank Quarterly, Vol. 87, No. 1, pp World Health Organization (WHO), Global Health Observatory Database (Geneva, various years). التمويل والتنمية ديسمبر
40 تعليقات الصحة العاملية االهتمام باالبتكار ثمة عقبات أمام تطوير العقاقير ملكافحة األمراض اجلديدة كارول ناسي ظهور تهديدات طبية جديدة مثل فيروس إيبوال يف إفريقيا عند فإننا نشجب اخلسائر البشرية ونتساءل عن السبب يف عدم قيام شركات األدوية بدور أكبر من أجل إيجاد حلول طبية للمشكلة )2014.)Surowiecki, وهناك عدة أسباب للبطء يف ظهور االبتكارات ومن بينها ضعف احلوافز االقتصادية وسوء إيصال الرسائل. وبعد تفشي املتالزمة التنفسية احلادة الوخيمة )سارس( يف الصين يف عام 2003 والتي انتشرت يف 37 بلدا وأدت إىل وفاة 775 شخصا أعد أطباء األمراض املعدية رسما بيانيا لصحيفة نيويورك تايمز يبرز حاالت الوفاة الناجتة عن سارس يف سياق تهديدات األمراض املعدية العاملية األخرى. وجاء السل على رأس قائمة األمراض األكثر تأثيرا. ويموت بسبب السل عدة ماليين من األشخاص كل عام يف جميع أنحاء العامل ومعظمهم يف ذروة إنتاجيتهم االقتصادية. ويؤدي هذا املرض إىل الوفاة إذا ما اقت رن باإلصابة بفيروس نقص املناعة البشرية/ اإليدز. ورغم أننا نتأمل عند ظهور أشكال جديدة من العدوى الغامضة مثل سارس وإيبوال فإننا قد جتاهلنا كثيرا السل الذي قتل أشخاصا على مدار السنوات املائة املاضية أكثر من أي مرض معد آخر. وإذا كان السل نفسه مل يستحث على بذل اجلهود لتطوير عقاقير جديدة حتى وقت قريب فكيف ستجد البحوث يف جمال األمراض املعدية ذات الطابع احمللى التشجيع الالزم ويكمن جانب من اإلجابة على هذا السؤال يف اتخاذ القرار بشأن كيفية تمويل التكلفة الضخمة للتطوير التي تقدر بأكثر من مليار دوالر للعقار الواحد PhRMA,( 2013( الستحداث عالج جديد ومبتكر للمخاطر الصحية العاملية التي ال تؤثر إال على عدة آالف من األشخاص. وبعبارة أخرى من الذي سيدفع غير أن اقتصاديات استحداث املنتجات اجلديدة ليست هي العامل الوحيد الذي يثني صناعة األدوية عن االهتمام باألمراض املعدية املنتشرة خارج االقتصادات املتقدمة) 2014 Journal, )Wall Street. ذلك أن إيصال الرسائل العامة املتعلقة بالصحة يؤدي أيضا دورا كبيرا وإن مل يكن مقصودا. فاحلكومات ومنظمات الصحة الدولية يف سعيها إلدارة موارد الصحة العامة الشحيحة دائما تميل إىل أن تركز جهودها على استخدام األدوات القائمة بمزيد من الكفاءة. وكثيرا ما تفسر الشركات املنتجة لألدوية هذا التأكيد على التحسينات يف تسليم العقاقير سواء كان هذا التفسير صحيحا أو خمطئا باعتباره إشارة إىل أن السلطات ترى أنه ليست هناك احتياجات مل تلب بل تتعلق املسألة بالكفاءة. والسل مثال ممتاز على كيف أدت عملية إيصال الرسائل املتعلقة بالصحة العامة إىل إعاقة تطوير العقاقير لعشرات السنين. ففي السنوات األربعين املاضية عولج السل بأربعة أنواع من املضادات احليوية التي اكتشفت ما بين عامي 1950 و وهذه العقاقير فعالة بدرجة معقولة إذا تم تناولها جمتمعة لعدة أشهر غير أن لها آثارا جانبية غير مرغوبة تشبه اإلنفلونزا وأثارا سامة مثل تلف الكبد. ونتيجة لفترة العالج التي تستمر لستة أشهر ولآلثار اجلانبية يتوقف كثير من املرضى عن تناول عقاقيرهم قبل الشفاء من العدوى. ونتيجة لذلك تطور بكتيريا السل املتبقية مقاومة للمضادات احليوية. وعندما تم إدراك هذه املشكلة العالجية اخلطيرة مل يكن احلل الذي توصلت إليه أجهزة الصحة العامة هو طلب عقاقير أكثر أمنا وأكثر سرعة من حيث التأثير بل البدء يف تنفيذ برنامج لتسليم العقاقير يساعد املرضى على تناول العقاقير التي يتراوح عمرها بين 40 و 60 عاما بأمان طوال مدة العالج الكاملة. وعلى الرغم من ذلك استمر املرضى يف التوقف عن العالج مبكرا وزادت مقاومة بكتيريا السل للعقاقير القديمة. وأصبحت بعض سالالت السل اآلن مقاومة جلميع أنواع املضادات احليوية املتوفرة. ويعتبر السل املقاوم للعقاقير تهديدا صحيا عامليا رئيسيا حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العاملية إىل تزيد تكلفة عالج السل املقاوم للعقاقير عشر مرات على األقل. أن عدد احلاالت اجلديدة من السل املقاوم للعقاقير املتعددة يزيد عن 500 ألف حالة من بين حاالت السل املبلغ عنها سنويا والتي تصل إىل 9 ماليين حالة. وتزيد تكلفة عالج السل املقاوم للعقاقير عشر مرات على األقل يف حين يصل معدل النجاح العاملي للعالج إىل أقل من 50 يف املائة. ويف السنوات اخلمس عشرة املاضية أقنعت اإلحصاءات اخلاصة بالسل املقاوم للعقاقير صناعة األدوية بأن السل هو من االحتياجات الطبية التي مل تلب واستجابت عدة شركات ببرامج الكتشاف عقاقير جديدة أكثر أمنا وتعمل بشكل أفضل من العقاقير املوجودة حاليا. والفترة الزمنية الالزمة لتطوير العقاقير اجلديدة والتي تتراوح ما بين 10 أعوام و 15 عاما من االكتشاف إىل اإلذن بالتسويق تعني أن الصناعة قد تصرفت يف الوقت املناسب تماما ملعاجلة األزمة املتنامية للسل املقاوم للعقاقير املتعددة. ووافقت السلطات يف االحتاد األوروبي والواليات املتحدة مؤخرا على عقارين جديدين للسل يف عامي 2012 و 2014 وشارفت عقاقير مبتكرة أخرى للسل على االنتهاء من تطويرها سريريا منها عقاران من إنتاج شركتي سيكويال. وبالتأكيد فإن هناك أمراضا معدية أخرى ندرك أنها يمكن أن تؤدي إىل خلل خطير يف اجملتمع املدين. ولتشجيع الصناعة على تطوير عقاقير يمكن أن تغير مسار األوبئة العاملية احملتملة يتعين على اجملتمع العاملي املعني بالصحة العامة أن يرسل الرسالة الصحيحة التي يطلب فيها االبتكار وليس الكفاءة فقط وأن يحدد بوضوح اجملاالت التي يرغب يف تخصيص املوارد البحثية لها وأن يوفر احلوافز االقتصادية ومعدالت الصرف التي تبرر تكاليف التطوير الباهظة لهذه العقاقير. كارول ناسي هي املديرة التنفيذية لشركة سيكويال وهي شركة خاصة تركز على تسويق أنواع العالج املبتكرة لألمراض املعدية املقاومة للمضادات احليوية. املراجع: PhRMA, 2013, Profile (Washington: Pharmaceutical Manufacturers of America). Surowiecki, James, 2014, Ebolanomics, The New Yorker, August 25. The Wall Street Journal, 2014, The Medical Innovation Threat, August التمويل والتنمية ديسمبر 2014
41 تباطؤ النشاط التجاري جزء من تباطؤ التجارة العاملية منذ اندالع األزمة مرتبط بعوامل هيكلية وليس بعوامل دورية كريستينا كونستانتينسكو وأديتيا ماتو وميشيل روتا حدث ملعدالت نمو التجارة العاملية فقد تباطأت ماذا على نحو غير متوقع عقب تعافيها يف عام 2010 من انخفاض غير مسبوق خالل فترة الركود الكبير. ومل يتجاوز معدل نمو النشاط التجاري %3 يف عامي 2012 و 2013 مقابل %7.1 يف املتوسط يف فترة ما قبل األزمة ) انظر الشكل البياين 1(. وهذه املرة األوىل على مدى ما يزيد على أربعة عقود التي يتباطأ فيها معدل النمو التجاري عن معدل نمو االقتصاد العاملي. ويتساءل خبراء االقتصاد عما إذا كان تباطؤ التجارة العاملية ظاهرة مرتبطة بالعوامل الدورية ستصحح مسارها تلقائيا بمرور الوقت أم أنه يرتبط بعوامل أعمق أثرا وأطول أجال )أي عوامل هيكلية( وعما تعنيه إجابة هذا السؤال بالنسبة ملستقبلالتجارة العاملية ونمو الدخل. عوامل دورية أم عوامل هيكلية يرى العديد من اخلبراء االقتصاديين أن تباطؤ التجارة العاملية هو ظاهرة دورية يف الغالب نشأت عن األزمة التي شهدتها أوروبا يف السنوات األخيرة. وهناك من الشواهد التجريبية ما يؤيد هذا الرأي. فاالحتاد األوروبي يشكل ثلث إجمايل حجم التجارة العاملية تقريبا نظرا ألنه جرى العرف على حساب التجارة بين بلدان االحتاد األوروبي ضمن جممالت التجارة العاملية. وقد أدت األزمة إىل تراجع الطلب على الواردات يف جميع بلدان أوروبا حيث انخفضت الواردات يف منطقة اليورو وهي مركز األزمة بنسبة %1.1 خالل 2012 وزادت بنسبة %0.3 فقط يف عام وي فترض من هذا املنطلق أن يرتفع معدل نمو التجارة العاملية جمددا يف حالة تعايف االقتصادات األوروبية. غير أن العناصر الدورية مثل األزمة األوروبية ليست سوى جزء من األسباب. فبالنظر إىل نسبة الواردات إىل إجمايل الناجت احمللي على مدى العشر سنوات املاضية يتضح وجود عناصر أطول أجال تساهم يف تباطؤ التجارة يف الوقت احلايل. فرغم استقرار نسبة الواردات إىل إجمايل الناجت احمللي يف معظم االقتصادات عقب األزمة يبدو أن ثبات أنصبة الواردات على هذا النحو يف الصين والواليات املتحدة سبق وقوع األزمة. فقد ظل حجم الواردات كنسبة من إجمايل الناجت احمللي احلقيقي يف هذين البلدين ثابتا تقريبا منذ عام ويبدو أن هذا»اجلمود الكبير«سبق فترة الركود الكبير مما يشير إىل وجود الرسم البياني ١ تباطو النمو تباطا ت التجارة العالمية تباطو ا ملحوظا خلال العامين الماضيين بعد ٣٠ ٢٥ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ صفر ٥ ١٠ ١٥ تعافيها عقب مرحلة الركود الكبير (مجموع التجارة ١٩٩٣=١٠٠) ٣٥٠ ٣٠٠ ٢٥٠ ٢٠٠ ١٥٠ مجموع النمو (المقياس الا يسر) مجموع التجارة (المقياس الا يمن) (معدل نمو التجارة ) ١٠٠ المصادر: تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي وحسابات المو لفين. التمويل والتنمية ديسمبر
42 عوامل أطول أجال تساهم يف تباطؤ التجارة العاملية )راجع الشكل البياين 2(. وهذا اجلمود املطول يعكس بالطبع عامال أكثر عمقا وهو التغير الهيكلي يف العالقة بين التجارة والدخل يف األلفينات مقارنة بتسعينات القرن املاضي. ويف دراسة حديثة )راجع دراسة Constantinescu, Ruta, 2014 )Mattoo, and قمنا بتحليل هذه العالقة على مدى العقود األربعة املاضية وتوصلنا إىل أن تأثير الدخل على التجارة أو ما يطلق عليه خبراء االقتصاد مرونة الدخل للتجارة يف األجل الطويل زاد بصورة ملحوظة يف تسعينات القرن املاضي وانخفض خالل األلفينات إىل مستويات سبعينات وأوائل ثمانينات القرن املاضي. فخالل التسعينات ترتب على زيادة الدخل العاملي بنسبة %1 ارتفاع يف حجم التجارة العاملية بنسبة %2.2. ولكن اجتاه معدل النمو التجاري نحو االرتفاع بما يزيد على ضعفي معدل نمو إجمايل الناجت احمللي انتهى مع بداية العقد اجلديد. فخالل العقد األول من األلفينات ترتب على زيادة الدخل العاملي بنسبة %1 ارتفاع يف حجم التجارة العاملية بنسبة %1.3 فقط. وقد تأكد لنا عن طريق البحث حدوث تغير دال إحصائيا يف عالقة التجارة بالدخل خالل تسعينات القرن املاضي مقارنة بما قبل هذه الفترة وما بعدها. وتشير هذه النتائج إىل أن معدل النمو التجاري قد تباطأ منذ األزمة املالية العاملية ليس بسبب تراجع نمو الدخل العاملي فحسب ولكن أيضا ألن النشاط التجاري نفسه أصبح أقل تأثرا بنمو الدخل. وهكذا فإن أسباب التباطؤ التجاري تتجاوز العوامل الدورية التي تؤثر على نمو إجمايل الناجت احمللي العاملي. ويوضح بالفعل حتليل العناصر الطويلة والقصيرة األجل املؤثرة على نمو التجارة أن تباطؤ التجارة العاملية يف الوقت احلايل وعلى عكس تدهور النشاط التجاري يف عام 2009 مرتبط يف أغلبه بعوامل هيكلية وليس بعوامل قصيرة األجل )انظر الشكل البياين 3(. الرجل الثمل والكلب إن دراسة العالقة بين التجارة والدخل العامليين أشبه بتحليل سلوك رجل ثمل وجروه فكالهما ال يسيران يف خط مستقيم ولكننا نتوقع أن يظال قريبين من بعضهما البعض. فالعامل يف نهاية املطاف هو عبارة عن اقتصاد مغلق ويجب بالتايل ربط حجم السلع واخلدمات املتبادلة بحجم النشاط االقتصادي. ولكن العالقة بين التجارة والدخل تتغير بمرور الوقت فعدد من العوامل يقربهما أحيانا ويبعدهما أحيانا أخرى. وتوجد عدة تفسيرات ممكنة لتراجع تأثير الدخل على حجم النشاط التجاري: التغيرات يف هيكل التجارة املرتبطة بتوسع أو انكماش سالسل العرض العاملي )راجع "القيمة املترابطة" يف جملة التمويل والتنمية عدد مارس ٢٠١٤( التغيرات يف تكوين التجارة العاملية مثل األهمية النسبية للسلع مقابل اخلدمات والتغيرات يف تكوين الدخل العاملي مثل األهمية النسبية لالستثمار واالستهالك والتغيرات يف نظام التجارة بما يف ذلك زيادة الضغوط احلمائية بما يؤدي إىل تفتت األسواق العاملية. ويتضح من التحليل الذي أجريناه أن تغير العالقة بين التجارة والدخل على مستوى العامل ينشأ أساسا عن التغيرات يف التجارة القائمة على سلسلة العرض يف االقتصادين التجاريين األكبر على اإلطالق وهما الواليات املتحدة والصين وليس عن الضغوط احلمائية أو تغير تكوين التجارة والدخل. وال يمكن أن يعكس تكوين التجارة تفسيرا شامال لتراجع مرونة التجارة يف األلفينات نظرا ألن مكونات التجارة )أي السلع واخلدمات( ظلت مستقرة إىل حد كبير خالل األعوام األخيرة. وباملثل فإن تغير تكوين الطلب ال يعطي تفسيرا كافيا نظرا لتماثل املرونة االستثمارية واالستهالكية للتجارة يف األجل الطويل. وأخيرا مل تزداد الضغوط احلمائية بدرجة كبيرة حتى يف أعقاب األزمة املالية مما يعني أن السياسات التجارية ليست لها دور كبير يف تفسير تراجع مرونة التجارة العاملية. ويتضح من حتليل قطري أن الواليات املتحدة والصين شهدتا تراجعا حادا يف تأثير النمو على التجارة )من 3.7 إىل 1.0 بالنسبة للواليات املتحدة ومن 1.5 إىل 1.1 بالنسبة للصين(. ومل تشهد أوروبا يف املقابل أي تغيرات تقريبا. وشهدت مناطق أخرى تغيرات كبيرة يف مرونة التجارة بمرور الوقت ولكنها تشكل نسبة صغيرة من التجارة ١٥ ١٠ ٥ ١٣٠ ١٢٠ ١١٠ الرسم البياني ٢ جمود شهدت الصين والولايات المتحدة خلال الفترة التي سبقت الا زمة جمودا في معدلات نمو أنصبة الواردات. (حجم الواردات من إجمالي الناتج المحلي ٢٠٠٥=١٠٠) الرسم البياني ٣ استمرار التباطو التجاري على عكس تراجع التجارة العالمية خلال ٢٠٠٩ نتج التباطو خلال الفترة ٢٠١٢-٢٠١٣ في أغلبه عن عوامل هيكلية. (معدل نمو التجارة ) ١٠٠ إفريقيا والشرق الا وسط اليابان أمريكا اللاتينية والكاريبي ٩٠ الولايات المتحدة منطقة اليورو الصين ٨٠ ٢٠٠٥ ٢٠٠٦ ٢٠٠٧ ٢٠٠٨ ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ٢٠١١ ٢٠١٢ ٢٠١٣ المصادر: تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي وحسابات المو لفين. صفر ٥ المكون قصير الا جل المكون طويل الا جل ١٠ نمو التجارة تنبو ات النموذج ١٥ ٢٠٠١ ٢٠٠٣ ٢٠٠٥ ٢٠٠٧ ٢٠٠٩ ٢٠١١ ٢٠١٣ المصادر: تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي وحسابات المو لفين. 40 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
43 العاملية وليس لها بالتايل سوى تأثير بسيط على تغير مرونة التجارة العاملية. وهكذا فإن التغيرات يف عالقة التجارة والدخل على مستوى املناطق والبلدان مرتبطة بتغير هيكل التجارة الدولية. ويف الصين مثال على القوى االقتصادية املؤثرة هذا الصدد. التغيرات يف سالسل العرض كان ازدياد املرونة الدخلية للتجارة خالل تسعينات القرن العشرين انعكاسا على األرجح لزيادة تفتت عملية اإلنتاج عبر احلدود )راجع دراسة Miroundot, 2010.)Escaith, Lindenberg, and فقد أدت صدمة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت خالل التسعينات إىل توسع سريع يف نطاق سالسل العرض العاملية مع زيادة حجم الواردات من القطع واألجزاء ألغراض التجهيز وإعادة التصدير ال سيما يف الصين. وقد نتج عن ذلك زيادة يف حجم التجارة االستيرادية والتصديرية يف األجزاء مما أدى إىل ارتفاع حجم التجارة عن الدخل القومي. ويف املقابل قد يكون تراجع مرونة التجارة يف الصين ناجتا عن تغير دور البلد يف عملية اإلنتاج الدويل. إذ تشير بعض الشواهد إىل أن سالسل العرض الدولية للصين بلغت طاقتها اإلنتاجية القصوى يف أوائل األلفينات مما أدى إىل تراجع مرونة التجارة الصينية جتاه إجمايل الناجت احمللي. وانعكس هذا التغير يف صورة تراجع يف الواردات الصينية من القطع واألجزاء كنسبة من جمموع الصادرات حيث انخفضت من مستوى الذروة عند %60 يف منتصف تسعينات القرن املاضي إىل حوايل %35 يف الوقت احلايل. وهذه التغيرات جميعها ال تعني أن الصين ستنسحب من دائرة العوملة. ولكن تراجع حجم الواردات من القطع واألجزاء كنسبة من جمموع الصادرات يعكس بالفعل إحالل الشركات الصينية ملدخالت اإلنتاج احمللية حمل الواردات األجنبية وهي النتيجة التي توصلنا إليها يف ضوء شواهد على زيادة القيمة املضافة احمللية يف الشركات الصينية )راجع دراسة Tang, 2014.)Kee and غير أن زيادة مدخالت اإلنتاج املتوافرة حمليا تم عزوها إىل االستثمار األجنبي املباشر. وهذه التغيرات قد يكون لها بعد جغرايف أيضا حيث بدأت املناطق الساحلية يف الصين يف زيادة االعتماد على متعاقدين من داخل الصين نظرا ألن تكلفة النقل واالتصاالت فيما بين املناطق الساحلية واملناطق الداخلية يف الصين تراجعت بدرجة أكبر منها فيما بين تلك املناطق الساحلية وبقية بلدان العامل. وقد يكون التكامل التجاري يف الوقت احلايل يف شكل مزيد من التجارة الداخلية وقليل من التجارة الدولية ولكن اإلحصاءات الرسمية عادة ما ترصد التجارة الدولية فقط. ويف حالة الواليات املتحدة األمريكية يعكس تراجع مرونة التجارة جتاه الدخل إىل حد ما التطورات التي شهدتها الصين. فقد كانت الواليات املتحدة هي املصدر الرئيسي للطفرة التي شهدتها الصين وغيرها من اقتصادات السوق الصاعدة يف الواردات من القطع واألجزاء كما كانت املقصد الرئيسي لصادرات هذه االقتصادات من السلع اجملمعة. وخالل تسعينات القرن املاضي ومع قيام الشركات األمريكية بنقل مزيد من عمليات اإلنتاج خارج الواليات املتحدة زادت مرونة التجارة جتاه التغيرات يف الدخل. وخالل السنوات األخيرة ورغم عدم التوقف عن نقل خدمات اإلنتاج إىل اخلارج تراجعت فيما يبدو معدالت تشتت عمليات اإلنتاج فيما بين البلدان. فقد ظل حجم واردات الصناعات التحويلية األمريكية كنسبة من إجمايل الناجت احمللي ثابتا عند مستوى %8 منذ بداية القرن بعدما كان يتضاعف تقريبا خالل العقد ونصف العقد السابقين. وعلى عكس الصين والواليات املتحدة األمريكية ظلت مرونة التجارة جتاه إجمايل الناجت احمللي مرتفعة يف منطقة اليورو خالل األلفينات. وقد يعود ذلك إىل استمرار امتداد سالسل العرض إىل أوروبا الوسطى والشرقية من بلدان منطقة اليورو كأملانيا. حمركات النمو يف املاضي ويف الوقت احلاضر هل سيستمر تباطؤ التجارة العاملية وهل ستكون لذلك انعكاسات على النمو العاملي والبلدان التي حتاول االعتماد على التجارة كمحرك للنمو تشير النتائج التي توصلنا إليها أن التباطؤ التجاري خالل الفترة نتج عن تغير هيكلي )وأطول أجال بالتايل( يف عالقة التجارة بالدخل مما يعني أن هذه الظاهرة قد تستمر خالل السنوات املقبلة. وقد يؤثر ذلك على مستوى النمو املمكن لالقتصاد العاملي نظرا ألن التجارة والدخل مرتبطان ببعضهما البعض. ولكن علينا أيضا أن ندرك أن التغير يف العالقة الطويلة بين التجارة والدخل والذي أدى إىل تباطؤ النشاط التجاري هو نتيجة لتغير أنماط اإلنتاج الدويل. فزيادة مرونة التجارة جتاه النمو خالل تسعينات القرن املاضي تعكس التفتيت املتزايد لعملية اإلنتاج الذي كان مدفوعا يف األساس بالواليات املتحدة والصين. ويبدو أن هذا احملرك حتديدا استنفد طاقته الدافعة يف الوقت احلايل. ولكن ال تزال هناك فرصة كبيرة لزيادة تفتيت العمل بين دول أوروبا وقد تعتمد عليه يف املستقبل املناطق التي مل حتقق بعد االستفادة القصوى من سالسل العرض العاملية مثل جنوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اجلنوبية. وينبغي أن يكون للخطط التجارية جملموعة االقتصادات املتقدمة والصاعدة العشرين دور يف ضمان عدم تفويت هذه الفرص. كريستينا كونستانتينسكو مساعد بحوث وميشيل روتا اقتصادي أول يف وحدة القطاع اخلارجي بإدارة االستراتيجيات والسياسات واملراجعة بصندوق النقد الدويل وأديتيا ماتو مدير أبحاث التجارة والتكامل الدويل يف البنك الدويل. املراجع: Constantinescu, Cristina, Aaditya Mattoo, and Michele Ruta, 2014, Global Trade Slowdown: Cyclical or Structural? (unpublished; Washington: IMF and World Bank). Escaith, Hubert, Nannette Lindenberg, and Sébastien Miroudot, 2010, International Supply Chains and Trade Elasticity in Times of Global Crisis, WTO Staff Working Paper ERSD (Geneva: World Trade Organization). Kee, Hiau Looi, and Heiwai Tang, 2014, Domestic Value Added in Exports: Theory and Firm Evidence from China (unpublished; Washington: World Bank). من املرجح أن تستمر حالة التباطؤ التي شهدتها الفترة خالل السنوات القادمة. التمويل والتنمية ديسمبر
44 تأمل معي االنتقال إىل أعلى سيعيش ثلثا سكان العامل يف مناطق حضرية بحلول عام 2050 يعيش أكثر من نصف سكان العامل اليوم يف مدن. وتشير التقديرات إىل أن هذه النسبة ستزيد إىل %66 بحلول عام 2050 وذلك وفقا لتقرير جديد صادر عن األمم املتحدة. ومن املتوقع أن تستأثر ثالثة بلدان فقط وهي الهند والصين ونيجيريا بنسبة %37 من نمو سكان العامل الذين يعيشون يف مناطق حضرية بين عامي 2014 و وتشتمل األقاليم التي بها أكثر مناطق حضرية اليوم على أمريكا الشمالية وأمريكا الالتينية. وعلى عكس ذلك ال تزال معظم املناطق يف إفريقيا وآسيا ريفية. وعلى مدار العقود القادمة من املتوقع أن يزيد التحضر يف جميع املناطق حيث سيكون التحضر يف إفريقيا وآسيا أسرع من بقية العامل. ويشير التقرير إىل أنه سيكون هناك أكثر من 40 مدينة عمالقة يف العامل بحلول عام 2030 عدد سكان كل واحدة منها 10 ماليين نسمة على األقل. وتعد طوكيو أكبر مدينة يف العامل بعدد سكان قدره 38 مليون نسمة. وعلى الرغم من أنه من املتوقع أن ينخفض عدد سكانها انخفاضا طفيفا فستظل طوكيو أكبر مدينة يف العامل يف عام 2030 بعدد سكان قدره 37 مليون نسمة تليها نيودلهي بعدد سكان قدره 36 مليون نسمة. ومع استمرار التحضر يف العامل ستكون أكبر التحديات اإلنمائية مركزة يف املدن وخاصة يف الفئة األدنى من البلدان متوسطة الدخل حيث تكون وتيرة التحضر هي األسرع. ويؤكد التقرير على أن املدن ستكون بحاجة إىل إدرار دخول أفضل واستحداث فرص عمل وضمان املساواة يف احلصول على اخلدمات وتوسيع البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنقل واإلسكان والطاقة واملعلومات واالتصاالت. ٧ معظم سكان العامل يعيشون يف مدن (عدد السكان بالمليارات) ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ الريفية ١ الحضرية صفر ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠ ٢٠٢٠ ٢٠٣٠ ٢٠٤٠ ٢٠٥٠ التمويل والتنمية ديسمبر ٢٠٥٠ ٢٠١٤ 1950 عدد السكان يف املناطق احلضرية 6.3 مليار 3.9 مليار 0.7 مليار
45 أكبر مدن العامل يف عام 2014 )عدد السكان باملاليين( طوكيو نيودلهي شنغهاي مكسيكو سيتي ساو باولو PT, corrected 10/9/2014 يختلف عدد املقيمين يف املناطق احلضرية اختالفا كبيرا حسب املنطقة (عدد السكان في المناطق الحضرية بالمليارات) عدد السكان يف املناطق احلضرية )النسبة من اإلجمايل( ٤ ٣ ١٩٩٠ ٢٠١٤ ٢٠٥٠ PT, 10/15/2014 ١٩٥٠ %30 30% ٢ ١ 54% أوقيانوسيا أمريكا الشمالية أمريكا اللاتينية أوروبا آسيا إفريقيا والكاريبي صفر 2014 %54 66% 20٥0 %66 41 عدد املدن العمالقة 2007 السنة التي جتاوز فيها عدد سكان املناطق احلضرية عدد سكان املناطق الريفية يف العامل من إعداد ناتايل راميريز-جومينا كبيرة احملررين يف جملة التمويل والتنمية. وتستند النصوص والرسوم البانية إىل تقرير توقعات التوسع احلضري يف العامل: النسخة املنقحة لعام 2014 املالمح البارزة الصادر عن األمم املتحدة يف يوليو والتقرير متاح على العنوان التايل: esa.un.org/unpd/wup/ Highlights/WUP2014-Highlights.pdf والتنمية ديسمبر التمويل
46 تنين وسط زواحف اإلغوانا العالقات االقتصادية واملالية بين الصين وأمريكا الالتينية تمثل أهمية متزايدة بالنسبة للمنطقة. أنطوين إلسون وصف الرئيس الصيني شي جينبينغ خالل زيارته إىل أمريكا الالتينية يف شهر يوليو 2014 العالقة بين بلده وأمريكا الالتينية»بمجتمع يجمعه مصير مشترك«. ولكن يبدو أن الصين هي التي تشكل هذا املصير. ومع انفتاح اقتصاد الصين عقب انضمامها إىل منظمة التجارة العاملية يف 2001 اضطلع البلد سريعا بدور رئيسي يف التجارة واالستثمار األجنبي املباشر يف االقتصاد العاملي. ويف عام 2012 أصبحت الصين أكبر دولة جتارية يف العامل كما أصبحت يف عام 2013 ثاين أكبر متلق لالستثمار األجنبي املباشر بعد الواليات املتحدة وثالث أكبر مصدر لالستثمار يف اخلارج بعد الواليات املتحدة واليابان. وكانت الصين قد قامت بزيادة الروابط االقتصادية واملالية بأمريكا الالتينية كجزء من توسعها الكبير يف التجارة العاملية ونشاط االستثمار منذ بداية القرن. وهذه املبادرات الصينية مل تقتصر على أمريكا الالتينية فحسب ولكنها جزء من استراتيجية»التوسع اجلغرايف«األعم التي تهدف من خاللها الصين إىل إقامة روابط جتارية ومالية مع عدد من املناطق النامية يف اجلنوب يف إفريقيا ووسط وجنوب شرق آسيا وأمريكا الالتينية. وقد ظهرت أهمية عالقة اجلنوبين املتنامية بين الصين والبرازيل خالل زيارة شي يف عام 2014 حيث تم االتفاق رسميا يف مدينة فورتاليزا بالبرازيل على ترتيبات جديدة يقوم بموجبها حتالف بلدان بريكس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا بتقديم قروض إىل االقتصادات النامية. تعزيز العالقات شهدت التجارة الثنائية بين الصين وأمريكا الالتينية نموا ملحوظا منذ أوائل األلفينات من 12 مليار دوالر أمريكي يف عام 2000 إىل 289 مليار دوالر أمريكي يف عام 2013 )راجع الرسم البياين(. وبينما زاد عدم التوازن بين الشريكين التجاريين لصالح الصين خالل هذه الفترة شابت عالقة التجارة الثنائية بينهما أوجه عدم اتساق أخرى تمثلت يف أن أهمية الصين ألمريكا الالتينية كشريك جتاري أكبر من أهمية أمريكا الالتينية للصين. إذ تمثل الصين يف الوقت احلايل ثاين أكبر مصدر لواردات أمريكا الالتينية )بعد الواليات املتحدة( وثالث أكبر مقصد لصادرات أمريكا الالتينية )بعد الواليات املتحدة واالحتاد األوروبي(. 44 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
47 وجميع صادرت أمريكا الالتينية للصين تقريبا سلع أولية )مواد هيدروكربونية ونحاس وخام احلديد وفول الصويا(. وطلب الصين على هذه السلع هي من أحد أسباب املكاسب الكبيرة يف معدالت التبادل التجاري التي جنتها أمريكا الالتينية يف األعوام اخلمسة التي سبقت األزمة املالية العاملية التي وقعت خالل الفترة وأدت هذه املكاسب يف معدالت التبادل التجاري وما صاحبها من نمو يف حجم الصادرات إىل نمو هائل يف إجمايل الناجت احمللي احلقيقي ومستويات الدخل يف املنطقة خالل العقد املاضي. وتعكس واردات الصين من أمريكا الالتينية طلب البلد الكبير على املواد اخلام الالزمة لدعم عملية التنمية. وترتفع نسبة تركز الواردات القادمة من املنطقة حيث يأتي أغلبها من األرجنتين والبرازيل وشيلي وبيرو وفنزويال. وقد أصبحت الصين الشريك األساسي لهذه البلدان يف جتارة التصدير. ولكن واردات الصين من املواد اخلام والسلع الوسيطة متنوعة للغاية نظرا ألنها تقوم بالشراء من موردين يف إفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية وذلك باستثناء النحاس حيث تستورد الصين %55 من إمدادات النحاس الالزمة من منطقة أمريكا الالتينية )منها %30 من شيلي(. ويف املقابل كانت أغلب صادرات الصين إىل أمريكا الالتينية سلع مصنعة وذلك اتساقا مع النمط التاريخي لعالقات التجارة الصناعية بين بلدان الشمال واجلنوب. غير أنه توجد استثناءات ملحوظة للعالقة التجارية التقليدية القائمة على مبادلة السلع املصنعة باملواد اخلام وأهم مثال على ذلك شراء الصين مؤخرا طائرة نفاثة من شركة إمبراير البرازيلية. ولكن بوجه أعم مل تستطع أمريكا الالتينية تصدير السلع املصنعة إىل الصين بسبب احلواجز اإلدارية الكثيرة التي تفرضها الصين وارتفاع تكلفة النقل مقارنة بأسواق نصف الكرة الغربي. وأشارت جلنة األمم املتحدة االقتصادية ألمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي إىل خماوف يف األرجنتين والبرازيل بشأن احتماالت إغراق أسواقهما بصادرات صينية مصنعة بسيطة كالصلب واألقمشة واألجهزة املنزلية. اإلقراض واالستثمار وازدادت الروابط املالية أيضا بين الصين وأمريكا الالتينية ازديادا ملحوظا منذ منتصف العقد املاضي ولكن نشاط الصين اإلقراضي واالستثماري كان أقل كثيرا بالقيمة املطلقة من وارداتها من املنطقة. فوفقا ملؤسسة احلوار بين البلدان األمريكية التي يقع مقرها يف واشنطن العاصمة بلغ جمموع التزامات اإلقراض املقدمة من بنك التنمية الصيني وبنك التصدير واالستيراد الصيني إىل أمريكا الالتينية منذ عام 2005 حوايل 100 مليار دوالر أمريكي. وقد قارب حجم اإلقراض املقدم من الصين يف عام 2010 القروض املقدمة من البنك الدويل وبنك التنمية للبلدان األمريكية وبنك الواليات املتحدة للتصدير واالستيراد جمتمعة ولكنه تراجع منذ ذلك الوقت. وعلى عكس القروض املقدمة من هذه الوكاالت خصصت الصين جزءا كبيرا من قروضها للبلدان التي ال يمكنها احلصول بسهولة على التمويل من املصادر الرسمية أو اخلاصة األخرى مثل األرجنتين وإكوادور وفنزويال. وتتوقع فنزويال التي يبلغ نصيبها يف جمموع القروض الصينية املقدمة للمنطقة النصف تقريبا أن تسدد اجلزء األكبر من تلك القروض يف صورة عينية من خالل الصادرات النفطية. ومل تفرض الصين سوى شروط حمدودة إن وجدت على اإلقراض املقدم للمنطقة والذي تم توزيعه على جمموعة متنوعة من مشروعات البنية التحتية. وخالل اجلولة األخيرة للرئيس الصيني يف أمريكا الالتينية أعلن عن قيام الصين بتقديم قروض جديدة بقيمة 35 مليار دوالر أمريكي لتمويل مزيد من مشروعات البنية التحتية والتنمية املهمة للصين والبلدان املتلقية يف أمريكا الالتينية على حد سواء. وسيقوم بإدارة اجلزء األكبر من هذه القروض التمويلية منتدى مشترك جديد بين الصين وجمموعة دول أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي أ علن عنه أيضا خالل زيارة الرئيس الصيني. والغرض من هذا املنتدى تعزيز التعاون بين الشريكين يف جمموعة أكبر من القضايا بخالف العالقات االقتصادية واملالية. ومن مشروعات البنية التحتية املهمة التي جتري مناقشتها بين الصين والبرازيل وبيرو إنشاء خط سكك حديدية عابر لقارة أمريكا اجلنوبية. وسيكون هذا املشروع األول من هذا النوع يف املنطقة. وجرت مناقشات أيضا بين مستثمر صيني من القطاع اخلاص وحكومة نيكاراغوا بشأن حفر قناة يف نيكاراغوا للربط بين احمليطات. وتعكس االستثمارات األجنبية املباشرة الوافدة من الصين نمط وارداتها وتوجه يف معظمها إىل التوسع يف استغالل املوارد الطبيعية يف أمريكا الالتينية )استخراج النحاس وخام احلديد والتنقيب عن املواد الهيدروكربونية وإنتاج فول الصويا(. وكانت األرجنتين والبرازيل وبيرو أكبر البلدان املتلقية لالستثمارات األجنبية املباشرة الوافدة من الصين والتي بلغت حوايل 32 مليار دوالر أمريكي خالل الفترة ومن املقرر أن تقوم الشركات الصينية بإقامة مشروعات كبيرة بقيمة 20 مليار دوالر أمريكي بهدف تنمية موارد النحاس يف بيرو. ويتجاوز ذلك حجم استثمارات شركات الواليات املتحدة وكندا جمتمعة والتي كانت تهيمن حتى اآلن على االستثمارات يف قطاع النحاس يف بيرو. ووفقا لإلحصاءات الصادرة عن مؤتمر األمم املتحدة للتجارة والتنمية تضخ الصين جزءا كبيرا من استثماراتها األجنبية املباشرة إىل أمريكا الالتينية من خالل جزر فرجن البريطانية وجزر كايمان. ولكن املقصد النهائي لهذه التدفقات ال يمكن حتديده بوضوح. وباستثناء التدفقات التي يتم ضخها من خالل هذه املراكز املالية التنين الهادر سجلت الصين زيادة ملحوظة في حجم التجارة الثناي ية مع أمريكا اللاتينية منذ بداية القرن وتجاوزت مبيعاتها للمنطقة حجم مشترياتها. (التجارة بين أمريكا اللاتينية والصين بمليارات الدولارات الا مريكية) ١٨٠ ١٦٠ الواردات ١٤٠ ١٢٠ ١٠٠ ٨٠ ٦٠ الصادرات ٤٠ ٢٠ صفر ٢٠٠٠ ٢٠٠٢ ٢٠٠٤ ٢٠٠٦ ٢٠٠٨ ٢٠١٠ ٢٠١٢ المصدر: بنك التنمية للبلدان الا مريكية. االستثمارات األجنبية املباشرة من الصين موجهة يف معظمها إىل تمويل التوسع يف استغالل املوارد الطبيعية يف أمريكا الالتينية. التمويل والتنمية ديسمبر
48 اخلارجية تبلغ االستثمارات األجنبية املباشرة من الصين حوايل %5 إىل %6 فقط من جمموع االستثمارات الوافدة إىل أمريكا الالتينية يف السنوات األخيرة ولكن من املتوقع أن ترتفع هذه النسبة. بعض السلبيات وسط اإليجابيات وقد حققت العالقات االقتصادية واملالية بين أمريكا الالتينية والصين مكاسب كبيرة للمنطقة خالل السنوات األخيرة يف صورة زيادة يف الصادرات وتدفقات رأسمالية أجنبية داخلة. ولكن قد تكون هناك تداعيات سلبية على املدى األطول. وترتبط إحدى املشكالت بظاهرة إعادة توجيه النشاط التصديري للمنطقة نحو السلع األساسية. فقد تراجعت نسبة املواد اخلام يف صادرات أمريكا الالتينية من حوايل %52 يف أوائل ثمانينات القرن املاضي إىل %27 يف أواخر التسعينات ولكنها ارتفعت جمددا إىل ما يزيد على %50 قبل اندالع األزمة املالية العاملية مباشرة. وواجهت أمريكا الالتينية مشكالت بسبب اعتمادها على مدى التاريخ على تصدير املوارد الطبيعية حيث تعرضت خملاطر تقلبات معدالت التبادل التجاري وتراجعت قدرة قطاع الصناعة التحويلية على املنافسة بسبب تقلبات أسعار الصرف. وزادت من حدة هذه الظاهرة زيادة واردات أمريكا الالتينية مؤخرا من السلع املصنعة الصينية والتي تدخل أغلبها يف منافسة مباشرة مع نشاط الصناعة التحويلية يف املنطقة املوجه نحو األسواق احمللية واإلقليمية. وقد يؤدي ذلك بدوره إىل تراجع الطلب على منتجات القطاعات األخرى الصناعية وغير الصناعية القائمة على توريد هذه السلع املصنعة. وتزيد قضايا اإلغراق املشار إليها آنفا من حدة هذه اخملاوف. ونظرا لطبيعة الصادرات الصينية إىل املنطقة فإن النفع احملقق من مساهمتها يف التقدم التكنولوجي للعملية اإلنتاجية يف املنطقة حمدود أو منعدم. ووفقا للبيانات التي أعدتها اللجنة االقتصادية ألمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي التابعة لألمم املتحدة تراجع حجم الصناعة التحويلية كنسبة من إجمايل الناجت احمللي للمنطقة من %25 يف عام 1980 إىل %21 يف عام 2000 وإىل %15 يف عام وخالل الفترة نفسها ارتفع حجم الصناعة التحويلية يف بلدان رابطة أمم جنوب شرق آسيا والصين إىل حوايل %40 من إجمايل الناجت احمللي. ووفقا لدراسة حديثة فإن الصادرات الصينية من السلع املصنعة منخفضة التكلفة إىل أمريكا الالتينية واألسواق األخرى أدت إىل تراجع قدرة أمريكا الالتينية على املنافسة يف تلك األسواق مما فرض عقبات كبيرة على توسع القاعدة الصناعية للمنطقة )راجع دراسة Porzecanski,2010.)Gallagher and وإىل جانب املنافسة من صادرات السلع املصنعة الصينية تأثرت أمريكا الالتينية سلبا بسبب التراجع األخير يف معدالت التبادل التجاري اخلارجي وانخفاض الطلب العاملي على سلعها األولية وهو ما يعود يف جزء منه إىل إعادة التوازن االقتصادي يف الصين من خالل خفض االستثمارات وزيادة االستهالك احمللي )راجع مقالة بعنوان»التحول الصيني«يف عدد يونيو 2014 من جملة التمويل والتنمية(. ويف ظل هذه التطورات تواجه املنطقة جمددا احتمالية حدوث تراجع حاد يف معدالت النمو وفقا للتنبؤات الواردة يف العدد األخير من تقرير آفاق االقتصاد العاملي الصادر عن صندوق النقد الدويل. ونتيجة هذه األوضاع املعاكسة تواجه مسيرة التنمية طويلة األجل يف املنطقة بعض من نفس التحديات التي أعاقت استمرارية النمو خالل املرحلة التي سبقت الشراكة مع الصين. ويتمثل أحد هذه املعوقات يف توفير مزيد من الدعم بخالف ما تقدمه الصين من أجل توسيع وحتديث البنية التحتية لقطاعات النقل والشحن وتوليد الطاقة. وخالل السنوات األخيرة نفذت أمريكا الالتينية استثمارات حمدودة يف البنية التحتية حيث بلغت االستثمارات العامة حوايل %2 من إجمايل الناجت احمللي سنويا خالل العقد املاضي وهي نسبة أقل من نصف املعدل السنوي لالستثمارات يف االقتصادات مرتفعة النمو يف شرق آسيا. ويتمثل أحد أهم جماالت تطوير البنية التحتية والذي أصبح من عوامل تنافسية قطاع التصدير املهمة يف جودة خدمات تسهيل التبادل التجاري التي يوفرها كل بلد التخليص اجلمركي وإجراءات النقل ونظم االتصاالت والتمويل التجاري وإجراءات تسجيل الشركات اجلديدة. ومع تزايد أهمية سالسل القيمة العاملية يف التجارة الدولية أصبحت هذه اخلدمات ال غنى عنها. وال تشارك أمريكا اجلنوبية سوى مشاركة حمدودة يف سالسل القيمة العاملية وهي مشاركة أقل يفترض أن تتيح إعادة توازن االقتصاد الصيني فرصا للنمو يف صادرات املنطقة من السلع املصنعة. كثيرا مقارنة بشرق آسيا على سبيل املثال. فقد سميت منطقة شرق آسيا باسم»مصنع آسيا«بفضل شبكة عالقاتها الصناعية الكثيفة عبر احلدود التي تدعم ديناميكية التصدير والتي تضطلع الصين بدور رئيسي فيها. ويتمثل ثاين اجملاالت املهمة للتنمية املستقبلية ألمريكا الالتينية يف االبتكار التكنولوجي وهو جمال ضروري لتحديث قاعدة الصناعة التحويلية وزيادة إنتاجية العمالة. فتنويع الصادرات القائم على زيادة مستوى التطور التكنولوجي للسلع املصنعة من العوامل األساسية يف تعزيز ارتفاع معدالت النمو االقتصادي. وتشير املسوح الدولية الصادرة عن املنتدى االقتصادي العاملي إىل أن الشركات اخلاصة يف أمريكا الالتينية تعاين عموما من أوجه قصور مقارنة بشرق آسيا يف القدرات التكنولوجية التي تدعم مزاولة األعمال وهو ما يتضح من حجم اإلنفاق على البحوث والتنمية والقدرات االبتكارية وعدد براءات االختراع. وإىل جانب جماالت التحسين املذكورة ينبغي على حكومات أمريكا الالتينية االستفادة من املنتدى اجلديد املشترك بين الصين وجماعة دول أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي يف إيجاد وسائل لتنويع جتارة صادرات املنطقة وزيادة االستثمارات األجنبية املباشرة من الصين. ومن املفترض أن تتيح إعادة التوزان االقتصادي يف الصين على نحو ما أشرنا آنفا فرصا للنمو يف صادرات املنطقة من السلع املصنعة يف ظل االرتفاع املتوقع يف قيمة اليوان وارتفاع مستويات األجور واالستهالك على املستوى احمللي. وبمرور الوقت يفترض أن تساعد هذه اجلهود أمريكا الالتينية على االستفادة بدرجة أكبر من عالقاتها االقتصادية واملالية مع الصين التي أصبحت أحد أهم شركائها يف االقتصاد العاملي. وزيارة الرئيس الصيني ألمريكا الالتينية يف عام 2014 دليل ملموس على أن هذه التطورات لها أهمية استراتيجية للصين أيضا. أنطوين إلسون مدرس يف جامعتي ديوك وجونز هوبكنز ومؤلف كتاب بعنوان Globalization and Development: Why East Asia.Surged Ahead and Latin America Fell Behind املراجع Gallagher, Kevin, and Roberto Porzecanski, 2010, Dragon in the Room: China and the Future of Latin American Industrialization (Palo Alto, California: Stanford University Press). 46 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
49 اجلانب الطيب يف البيانات الكبيرة كريستوفر سورداك وسارة أغاروول يستخدم املزارع جهاز هاتف حممول صغير ملعرفة أسعار احملاصيل ومن ثم العثور على املشتري الذي سيدفع أعلى سعر وهذا من أكثر األمثلة شيوعا على دور التكنولوجيا يف تعزيز التطور االجتماعي واالقتصادي. ولكن هذا املثال يصبح أكثر تشويقا يف ظل تكنولوجيا العصر احلايل. فباستخدام جهاز هاتف حممول ذكي وتطبيقات بسيطة يمكن للمشترين معرفة عدد املزارعين الذين يقابلونهم يوميا كما يستطيع املزارعون متابعة إيراداتهم خالل العام. ويمكن للمزارعين استخدام تطبيق تسجل عليه معلومات تم جمعها خالل عام ملعرفة أفضل يوم ومكان لبيع سلعهم. فالتطبيقات تربط بين الطلب السوقي والطقس بحيث يمكن للمزارعين معرفة أفضل يوم للزراعة وجني احملاصيل. وتساعد هذه األدوات التحليلية املزارعين أيضا على فهم معدل هطول األمطار وأحوال التربة وتأثير ذلك على احملاصيل. وبضغطة زر واحدة يمكن لهذه األدوات أن تنبه املزارعين أيضا إىل انتشار األمراض التي تصيب احملاصيل وطرق الوقاية منها. ومن خالل استخدم البيانات الكبيرة يمكن لصغار املزارعين اتخاذ قرارات أفضل تؤدي إىل زيادة الكفاءة والربحية. وغالبا ما تعرف البيانات الكبيرة بأنها عملية جمع وحتليل واستخدام كميات هائلة من البيانات. ولكن األدوات املوجودة حاليا تقوم بذلك بالفعل. غير أن ما يميز البيانات الكبيرة هو قدرتها على اكتشاف العالقات التي مل تكتشف سابقا من خالل مصادر كبيرة غير ذات صلة أحيانا. ويمكننا اآلن طرح أسئلة جديدة واحلصول على إجابات جديدة. ويمكن القيام بذلك من خالل بنية حتتية مشتركة )كاحلوسبة السحابية( حتى يكون استخدامها متاحا للجميع. ويمكننا اآلن أن نتعلم املزيد عن السلوك اإلنساين أكثر من أي وقت مضى حيث يرتبط السلوك ارتباطا وثيقا بحل املشكالت. وللبيانات الكبيرة جانب مظلم كما هو احلال مع جميع التكنولوجيات. فجمع كميات كبيرة من البيانات من شأنه حتسين حياة الناس ولكنه قد ي ستخدم أيضا يف السيطرة والتحايل واالستغالل. وأغلب املؤسسات تستخدم املعلومات بنية حسنة ولكن العكس صحيح يف حالة البعض منها. ويوجد اهتمام متزايد بتأثير البيانات على الناس وتدرك حكومات عديدة يف الوقت احلايل ضرورة تنظيم استخدام البيانات. ويتطلب حتقيق هدف تنمية االقتصادات باستخدام البيانات الكبيرة ثورة يف استخدام التكنولوجيا وتطبيقها على حد سواء. فاالستفادة من البيانات الكبيرة يف تعزيز التنمية لن تتأتى إال من خالل حدوث تغيير كبير يف اجملالين. وتضطلع بدور كبير يف هذا الصدد احلكومات واملنظمات غير احلكومية واجلهات املانحة واملؤسسات التي تدعمها. مزارع يف أحد حقول البطاطا يستخدم الهاتف الذكي منشيغوجن بنغالديش يمكن استخدام أدوات حتليل البيانات من أجل تعزيز النمو يف العامل النامي. التمويل والتنمية ديسمبر
50 وسرعان ما أصبحت البيانات الكبيرة تستخدم يف طرح أسئلة جديدة وأفضل. ففي كل مرة تستخدم هاتفك أو تنشر تعليقا لك يف أحد مواقع التواصل االجتماعي فإنك تقوم بذلك بإنتاج بيانات حتتشد يف بحر أكبر من البيانات الرقمية. ويمكن للمحللين االستفادة من هذه البيانات وبدال من االكتفاء بالسؤال»ماذا حدث«يمكنهم اآلن طرح السؤال األقوى يمكننا اآلن أن نطرح أسئلة جديدة ونحصل على إجابات جديدة. ملاذا. ملاذا يفعل الناس ما يفعلونه وملاذا أفضت مدخالت معينة إىل نتائج معينة وتكشف اإلجابة على هذه األسئلة عن أمور كثيرة. فعلى سبيل املثال ويف حماولة لفهم أسباب زيادة عدد األفراد الذين يعانون من مشكالت صحية مؤدية للوفاة يف منطقة ما مقارنة باملناطق األخرى قد يالحظ حملل البيانات أن قلة من سكان تلك املنطقة يقومون بمراجعة الطبيب يف أوقات معينة من العام. وبتحليل البيانات من خالل مقارنتها ببيانات أخرى ي كتشف وجود ارتباط بين زيارة الطبيب وانخفاض منسوب املياه خالل ذلك الوقت من العام. فعندما ينخفض منسوب املياه يمكن لألعداء يف إحدى املناطق احلدودية العبور إىل املنطقة التي يوجد به املستشفى احمللي. لذلك يتجنب الناس الذهاب إىل املستشفى خوفا على حياتهم حتى ولو كانوا مصابين بمرض ما. ويمكن حل هذه املشكلة بنقل املستشفى إىل مكان آخر وهو حل جديد ملشكلة قديمة. حلول عملية ساعد برنامج»ايرث إنسايتس«Earth Insights الذي ص مم بالتعاون بين املنظمة الدولية للحفاظ على البيئة Conservation International وشركة هيوليت باكارد على تطوير عملية جمع وحتليل وتبادل البيانات عن النباتات والسالالت وخمزون الكربون واملناخ. وقضى العلماء عدة أسابيع يف تسجيل بيانات خمتلفة وعدد ضخم من صور ال يجمعها أي رابط واضح حليوانات برية يف 17 غابة استوائية يف 15 بلدا. وباستخدام برامج البيانات الكبيرة يف دمج جمموعات خمتلفة من البيانات وإجراء حسابات وعمليات حماكاة يمكن للعلماء اآلن قياس االجتاهات بعدد الدقائق وتعميق فهمهم النحسار بقعة الغابات والتغيرات املناخية وكيفية تأثير ذلك على انقراض السالالت. ومن ثم يمكن للمنظمة الدولية للحفاظ على البيئة اقتراح حلول يف الوقت املناسب وحتديد أكثر هذه احللول فعالية. ومن األمثلة األخرى شركة كريديتك Kreditech وهي شركة خاصة تستخدم نظم البيانات الكبيرة يف تقييم السجل االئتماين للمقترضين احملتملين من خالل املعلومات العامة املتاحة بما يف ذلك مواقع التواصل االجتماعي. وهو أمر يف غاية األهمية نظرا ألن قلة من األشخاص يف البلدان النامية لديها تاريخ ائتماين تقليدي مما يحد من قدرتهم على احلصول على أي قروض على اإلطالق أو من قدرتهم على احلصول على قروض بأسعار فائدة معقولة. ولكن الوسائل البديلة التي تستخدمها شركة كريديتك قد تشجع على منح ائتمان بدون ضمان إىل أشخاص كانوا يعتبرون يف السابق غير مؤهلين للحصول على قروض. فعلى سبيل املثال إذا كان للمتقدم بطلب للحصول على قرض صديق جنح يف احلصول على قرض فإن ذلك يعتبر عامال إيجابيا يف حتديد اجلدارة االئتمانية للمتقدم. وقد حققت الشركة حتى اآلن معدل سداد بلغ يف بعض األسواق %93 مما يشير إىل أن املعايير التي وضعتها الشركة ليست منطقية فحسب بل ربما أفضل من املقاييس التقليدية. وبهذا يمكن العمل خارج إطار مكاتب االستعالم االئتماين التقليدية مما يعني أن ماليين األشخاص ممن ليست لهم درجة جدارة ائتمانية حمددة قد يصبحون مؤهلين قريبا للحصول على ائتمان. وتوجد أمثلة إضافية على تأثير البيانات الكبيرة على التنمية. ومن ذلك الشركة الفرنسية لالتصاالت متعددة اجلنسيات أوراجن Orange ومؤسسة فلومايندر Flowminder السويدية غير الهادفة للربح وكلتاهما تستخدمان البيانات الصوتية والنصية للهواتف احملمولة بهدف رصد حركة السكان ومن ثم حتديد األماكن التي ستكون فيها مراكز عالج اإليبوال أكثر فعالية على اإلطالق يف مواجهة املرض. وباستخدام البيانات الكبيرة يمكن تطوير آليات حتليل املشكالت التنموية احلالية ولكن بشرط توافر العقول الالمعة التي يمكنها التعامل مع هذه األمور وإدارة اجلهود الهادفة إىل عالج املشكالت االجتماعية واالقتصادية. وهنا تتضح أهمية املعلومات السياقية فهناك فرق بين اكتشاف حقائق مثيرة لالهتمام وحقائق يمكن التصدي لها حمليا. لذلك فإن استقدام علماء البيانات من اخلارج ليس كافيا ألن املواطنين احملليين امللمين باملشكالت والثقافة احمللية أقدر على حتليل البيانات. ويتعين بالتايل على اجلهات املانحة الدولية واحلكومات االطالع بدور رئيسي يف دعم توفير التعليم الالزم حملللي البيانات احملليين. كذلك يجب على صناع السياسات أن يكونوا بدورهم على استعداد لتجربة ما تتيحه البيانات الكبيرة من حلول جديدة مبتكرة وجريئة على مستوى السياسات. جرعة تكنولوجية منشطة يتساءل الكثيرون عما إذا كان يمكن للبيانات الكبيرة سد الفجوات املعلوماتية يف احلاالت التي تكون فيها املعلومات املتاحة من مصادر البيانات احلكومية التقليدية غير كاملة أو غير دقيقة. ويمكننا بالفعل تعلم الكثير من البيانات املتاحة يف البلدان النامية عن طريق الهواتف وعدادات الكهرباء واألقمار الصناعية )أنماط السفر أو النشاط االقتصادي على سبيل املثال(. ولكن يمكن حتقيق مزيد من الفوائد مع تطور البنية التحتية. ويمكن احلصول على مزيد من البيانات من خالل اإلصدار األحدث من الهاتف احملمول الذي يمتلكه معظم الناس يف األسواق الصاعدة بالفعل. فكلما ازداد عدد الناس الذين يستبدلون الهواتف الذكية بهواتفهم احملمولة التقليدية زادت جمموعة البيانات املهمة املتاحة. ذلك ألن الهواتف الذكية تشجع السلوك التفاعلي من خالل التطبيقات وبالتايل تمثل مصدرا أكثر ثراء يمكن للمحللين االستفادة منه. وتشجيع االعتماد على الهواتف الذكية يف حل مشكالت قطاعات معينة )كالصحة والزراعة( وأماكن معينة )مثل بعض حجم املدن( قد يؤدي إىل زيادة كمية ونوعية يف املعلومات املتاحة. وكانت اجلهات املانحة واحلكومات تتردد يف االستثمار يف الهواتف الذكية ملن ال يستطيع حتمل تكلفتها ألنها قد تبدو من الكماليات مثلها مثل جهاز التلفزيون. ولكن نظرا للقيمة التي تعود على اجملتمع من تلك البيانات ينبغي على احلكومات النظر يف دعم تكلفة الهواتف الذكية أو خطط البيانات املرتبطة بها بهدف جمع بيانات املستخدمين. ويمكن استرداد هذه التكاليف من خالل بيع هذه البيانات ملن يرغب يف احلصول عليها ألغراض جتارية على أن تراعى يف ذلك اجلوانب األخالقية ودون الكشف عن هوية املستخدمين الذين تخصهم تلك البيانات. وهكذا فإن الهواتف الذكية ليست كماليات يف عامل جمع البيانات ولكنها اجلزء النهائي يف البنية التحتية العامة التي تربط هذه البنية باملستخدم. وبمجرد أن تصبح الهواتف الذكية يف يد عدد أكبر من الناس سيكون هناك حاجة ملزيد من التطبيقات التي تعكس السياق احمللي. فالتطبيقات التي تساعد الناس يف حتديد أماكن املياه النظيفة بالقرب من منازلهم والتي حتذر من تفشي الكوليرا أو اإليبوال أو التطبيقات التي تساعد الناس يف دعم املدرسة احمللية ستفرز جميعها مزيدا من املعلومات التي ستسهم يف حتسين آليات حتليل البيانات وجتيب عن أسئلة مل نفكر حتى يف طرحها. ولن يمكننا بالطبع معرفة جميع األمور التي يمكن القيام بها باستخدام هذه التطبيقات حلين استخدامها بالفعل. ومن الضروري توافر تطبيقات يقوم بتصميمها وإدارتها متخصصون حمليون على معرفة مباشرة باحتياجات البلدان اجملاورة. فاملصممون 48 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
51 احملليون لهم دور كبير يف هذه اجلهود وينبغي تشجيع مبادراتهم يف هذا اجملال. وسوف تؤدي زيادة استخدام الهواتف الذكية إىل خلق سوق أكبر ملصممي التطبيقات ويمكن للحكومات واجلهات املانحة واملنظمات غير احلكومية توفير التدريب ومكان العمل وغير ذلك من أشكال الدعم. وينبغي النظر إىل عمل مصممي البرامج اإللكترونية كامتداد لعمل املكتب اإلحصائي الرسمي فدورهما يف جمع املعلومات على نفس القدر من األهمية. ويشعر البعض بالقلق من احتمالية استخدام البيانات الكبيرة يف االقتصادات الصاعدة والنامية لدعم احلكومات املستبدة التي قد تستخدم هذه املعلومات لالستمرار يف السلطة. وأقل ما يمكن قوله أن سوء استخدام البيانات التي يجري جمعها قد يؤدي إىل انتهاكات للخصوصية. ولكن احلكم على أي تكنولوجيا بأنها جيدة أو سيئة يعتمد على طريقة استخدامنا لتلك التكنولوجيا - وليس على التكنولوجيا نفسها. ومن الضروري توافر سياسات حلماية اخلصوصية وغيرها من الضمانات لبناء الثقة يف عملية جمع البيانات وضمان استخدامها بالشكل املالئم. ويحتفظ بالبيانات التي تم جمعها يف الوقت احلايل لدى شركات الهاتف احملمول واحلكومات وشركات التطبيقات وشبكات التواصل االجتماعي. ومن الضروري للغاية إتاحة هذه البيانات يف صورة جممعة دون اإلشارة إىل مصدرها بغرض حتليلها وينبغي أن يكون للحكومات دور يف تشكيل سياسات تسمح بإتاحة هذه البيانات )بما يف ذلك للشركات اخلاصة( يف حاالت الضرورة. زيادة فعالية ناموسيات البعوض قد يرى البعض أن البيانات الكبيرة وما تتطلبه من استثمارات ليست بأهمية ناموسيات البعوض بالنسبة للبلدان النامية على سبيل املثال. ولكن ماذا لو كان من املمكن االستفادة من البيانات الكبيرة يف حتديد التوقيت املالئم لتوزيع الناموسيات بدقة أكبر وهو أمر ممكن بالفعل حيث يخزن نظام معلومات دعم اتخاذ قرارات مكافحة البعوض بيانات صور األقمار الصناعية ونماذج الطقس واحلقائق البيولوجية حول البعوض لتحديد موعد هجمات البعوض احملتملة حتى قبل أن يفقس البيض مما يتيح يف نهاية املطاف معلومات قيمة ملنتجي الناموسيات ومستخدميها عن أفضل أماكن استخدامها. ويوضح هذا املثال كيف أن االستخدام األفضل للبيانات يمكن أن يعزز اجلهود اإلنمائية احلالية من خالل االستخدام األمثل للموارد احملدودة. فالبيانات الكبيرة ال تعني فقط وعيا أكبر أو تنبؤات أكثر دقة بل تعني أيضا حتقيق أهداف كثيرة بموارد قليلة. ويستلزم استخدام األدوات التحليلية يف تعزيز النمو يف العامل النامي اتخاذ اخلطوات التالية: االستثمار يف نظم تكنولوجية وتعليمية سليمة ودعم أصحاب املشروعات وتغيير طرق التفكيرر التقليدية وتنفيذ سياسات حلماية اخلصوصية والبيانات العامة. ومن األفضل أن تنفذ جميع هذه اجلهود بالتزامن مع بعضها البعض نظرا ألن أي قصور يف أي من تلك اجملاالت سيعوق اجلهود األكبر املبذولة. ويمكن أن يكون للبيانات الكبيرة دور أساسي يف االقتصادات النامية وسوف يكون لها بالفعل ولكن معرفة سرعة حتقيق هذا الدور ومدى فعاليته يعتمد على ما نفعله يف الوقت احلايل. فاالستفادة من كامل اإلمكانات التي تتيحها البيانات الكبيرة تستلزم منا توفير مصادر معلومات جديدة وأفكار جديدة حول كيفية استخدام تلك البيانات. وسيمكننا حينها املساهمة يف تنمية مزيد من االقتصادات النامية باستخدام هذه األداة اجلديدة القوية. كريستوفر سورداك هو مؤلف كتاب Data Crush: How the Information Tidal Wave Is Driving New Business Opportunities وأعمال أخرى يف جمال استخالص البيانات من املصادر اإللكترونية وأدوات التحليل وسارة أغاروول هي مدير منظمات التمويل الدولية يف شركة هيوليت باكارد. Program in Economic Policy Management (PEPM) Confront global economic challenges with the world s leading economists, policymakers, and expert practitioners, including Jagdish Bhagwati, Guillermo Calvo, Robert Mundell, Arvind Panagariya, and many others. A 14-month mid-career Master of Public Administration focusing on: rigorous graduate training in micro- and macroeconomics emphasis on the policy issues faced by developing economies option to focus on Economic Policy Management or International Energy Management tailored seminar series on inflation targeting, international finance, and financial crises three-month capstone internship at the World Bank, IMF, or other public or private sector institution The program begins in July of Applications are due by January 5, pepm@columbia.edu ; (fax) To learn more about SIPA, please visit: التمويل والتنمية ديسمبر
52 عودة إلى األسس املبادئ الضريبية حتقيق أقصى استفادة من شر ضروري رود دو مواج ومايكل كين من الصعب التفكير يف أي شيء مل تقم حكومة ما يف وقت من األوقات بإخضاعه للضرائب. فأوراق اللعب والبول واملدافئ والعبيد واألقليات الدينية والنوافذ جميعها أشياء جذبت انتباه حمصل الضريبة يف وقت ما. ويف الوقت احلايل ننظر إىل ضرائب الدخل وضرائب القيمة املضافة وضرائب السجائر وغيرها على أنها األدوات األساسية املدرة لإليرادات. ولكن املبادئ األساسية لفهم جميع أنواع الضرائب وتقييمها مماثلة تقريبا. ونتناول تلك املبادئ يف هذه املقالة وهي واحدة من مقالتين عن الضريبة. وسوف يتضمن عدد مارس 2015 من جملة التمويل والتنمية تطبيق هذه املبادئ على بعض اإلشكاليات احلالية. وتعرف منظمة التعاون والتنمية يف امليدان االقتصادي الضريبة بأنها»مبلغ إلزامي ي دفع للحكومة بدون مقابل«. أي أنه مبلغ يتعين دفعه دون احلصول على أي شيء يف املقابل ليس بشكل مباشر على األقل. )فقد تتحقق لك بعض الفوائد من اإلنفاق العام الذي يساعد هذا املبلغ يف تمويله ولكن إن مل تستفد من منظور جمع الضرائب فسيكون ذلك أمر سيء للغاية(. غير أنه جتدر اإلشارة إىل أن هناك كثيرا من أدوات السياسات التي ال تعتبر ضرائب من الناحية القانونية ولكن لها نفس التأثير تقريبا. ومن أهم األمثلة على ذلك املساهمات االجتماعية فهي عبارة عن مدفوعات مرتبطة بدخل الفرد من عمله أو نشاطه التجاري تمنحه احلق يف احلصول على معاشات تقاعدية أو مزايا اجتماعية أخرى. وكون هذه املزايا شخصية يعني أنها ليست ضرائب على وجه التحديد. غير أن العالقة بين املدفوعات واملساهمات غالبا ما تكون غير عادلة على اإلطالق من الناحية االكتوارية واملزايا املتوقعة بعيدة للغاية بحيث يكون تأثيرها مشابها للغاية لتأثير الضرائب املباشرة. كفاءة النظام الضريبي تنقل الضريبة املوارد من القطاع اخلاص إىل القطاع العام وبالتايل فهي تفرض بالطبع خسارة حقيقية على القطاع اخلاص بغض النظر عن أي منافع يمكن حتقيقها من أي من اجملاالت التي تمولها اإليرادات الضريبية. ولكن سينتج عن جميع الضرائب تقريبا ضرر أكبر من ذلك نظرا ألنها حتدث اختالال بين السعر الذي يدفعه املشتري للحصول على شيء ما واملبلغ الذي يتلقاه البائع مما قد يمنع حتقيق الطرفين ملنافع متبادلة من عملية البيع والشراء. ففرض ضريبة على الدخل املتأتي من العمل على سبيل املثال يعني أن التكلفة التي يتحملها صاحب العمل لتوظيف شخص ما تتجاوز املبلغ الذي يحصل عليه املوظف. فقد يكون املوظف مستعدا لقبول 100 دوالر أمريكي )على األقل( وصاحب العمل مستعدا لدفع هذا املبلغ )أو مبلغ أقل( ولكن فرض ضرائب على األجر سيحول دون إتمام هذه املعاملة احلوافز الضريبية الهادفة إىل تشجيع أنشطة معينة على سبيل املثال غالبا ما تنشأ عنها فرصا للتهرب الضريبي. التجارية. وهذا التراجع يف مستويات الرخاء نتيجة الضرائب إىل جانب اخلسارة الناجمة عن االنتقال املباشر للموارد احلقيقية من القطاع اخلاص يطلق عليه اسم اخلسارة الصافية )أو العبء الضريبي الزائد( أو التشوهات الضريبية يف لغة خبراء االقتصاد. )يف املثال املذكور آنفا مل يتم توظيف العامل ومل تدفع أي ضرائب بالتايل ولكن اخلسارة الصافية ال تزال موجبة(. وتهدف النظم الضريبية التي تتسم بكفاءة التصميم إىل احلد قدر اإلمكان من هذه اخلسائر التي يعتمد حجمها على عاملين رئيسيين. أوال تزداد اخلسائر كلما ازدادت مرونة الوعاء الضريبي جتاه فرض الضريبة. فلنفترض على سبيل املثال أن حجم الطلب على العمالة غير مرن على اإلطالق أي أن صاحب العمل على استعداد لدفع أي سعر مقابل خدمات العامل. لذلك فبتطبيق معدل ضريبة %20 يف املثال املذكور آنفا يحصل املوظف على 100 دوالر أمريكي يف حين تكون التكلفة على صاحب العمل 120 دوالرا أمريكيا. ويتم بالفعل تعيين املوظف وال تنشأ أي تشوهات. ولكن عندما يتوافر لطرف واحد يف السوق أي بديل عن املعاملة التي تخضع للضرائب تظهر التشوهات وتزداد كلما كان البديل سهال. ويصح هذا االفتراض )آخذا يف االعتبار افتراضات قليلة أخرى( سواء كانت الضريبة تؤثر على قرارات مثل توظيف عاملين أو قرارات التحايل أو التهرب الضريبي. وثانيا الزيادة يف معدل الضريبة تؤدي إىل زيادة أكبر يف حجم اخلسائر أي أن زيادة التشوهات من خالل رفع معدل الضريبة تتسبب يف ضرر أكبر عندما تكون التشوهات ضخمة بالفعل. 50 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
53 وفيما يلي وصفتان لضمان كفاءة السياسة الضريبية: زيادة معدل الضريبة على البنود التي ال تبدي مرونة على جانبي العرض أو الطلب وفرض الضريبة على بنود كثيرة قدر اإلمكان بحيث يظل معدل الضريبة منخفضا. ويتعين مراعاة بعض التحفظات يف تطبيق هذين املبدأين نظرا ألن اتباع هذه القواعد العامة قد يؤدي يف بعض احلاالت إىل نتائج عكسية. ففرض ضريبة على سلعة منعدمة املرونة على جانب الطلب مثال سيكون له تأثير طفيف على حجم الطلب على تلك السلعة ولكنه يؤدي إىل انخفاض النقود املتاحة لإلنفاق على السلع األخرى مما قد يؤدي إىل تغيرات حادة يف أسواق أخرى )ونتناول هذا املوضوع بمزيد من التفاصيل يف عدد مارس(. ويجب أيضا يف تطبيق القاعدة التي تقضي بتوسيع الوعاء الضريبي قدر اإلمكان التقيد بأحد أقوى الضوابط يف جمال املالية العامة وهو عدم فرض أي ضرائب على املعامالت بين الشركات. والسبب يف ذلك أن الضرائب حتدث اختالال يف العالقة بين سعري الشراء والبيع للمدخالت الوسيطة مما قد يدفع الشركات إىل اختيار مدخالت خمتلفة عما كانت ستختاره يف حالة عدم إخضاع تلك املعامالت للضرائب. ويؤدي ذلك يف نهاية املطاف إىل قيام الشركات بخفض إنتاجها عن املستوى املمكن. ولذلك فإن توسيع الوعاء الضريبي بتضمينه املعامالت الوسيطة قد يؤثر تأثير سلبيا كبيرا على الكفاءة. فالوعاء الضريبي للضريبة على رقم املبيعات مثال والتي تفرض على جميع أنواع املعامالت بما يف ذلك عمليات البيع بين الشركات أكبر كثيرا مقارنة بأي ضريبة قد تفرض على االستهالك النهائي )كضريبة القيمة املضافة( ويمكن من خاللها جمع نفس القدر من اإليرادات بمعدل ضريبة أقل كثيرا. ولكنها ستؤدي أيضا إىل تشوهات أكثر بكثير مقارنة بالضرائب األخرى. وتوجد جمموعة أخرى من التحفظات مرتبطة باملؤثرات اخلارجية أي تأثير القرارات )اجليد أو السيء( على أطراف ال عالقة لها بتلك القرارات. ومن أهم األمثلة يف هذا الصدد األضرار البيئية كالتغيرات املناخية على سبيل املثال. فقد تدعو احلاجة يف هذه احلالة إىل ضريبة تصحيحية. والغرض من الضرائب التصحيحية والتي يطلق عليها أيضا اسم ضريبة بيجو )وهو عامل االقتصاد أرثر بيجو الذي اقترح هذه الضريبة( تعديل السلوك نحو اجتاه معين بما يف ذلك عمليات الشركات يف حاالت الضرورة مع مراعاة االستخدام السليم ملا يتم جمعه من إيرادات بالطبع. )راجع مقالة»ما معنى املؤثرات اخلارجية«يف عدد ديسمبر 2010 من جملة التمويل والتنمية(. حتمل األعباء وتقاسمها قد ال يكون الشخص الذي يتحمل العبء الضريبي الفعلي يف نهاية املطاف هو الشخص املسؤول بموجب القانون عن دفع الضريبة. ففي املثال املذكور آنفا عندما كان الطلب على عنصر العمل ثابتا تماما كان صاحب العمل هو من حتمل خسائر بقيمة 20 دوالرا وليس العامل ويظل الوضع كذلك بغض النظر عن من منهما املسؤول بموجب القانون عن دفع الضريبة للحكومة. ويتضح هنا أيضا املبدأ العام الذي يقضي بأن العبء الضريبي - الفعلي - يقع يف معظمه على الطرف األقل مرونة يف املعاملة أي الطرف الذي يجد صعوبة أكبر يف التحول عن النشاط اخلاضع للضريبة. وغالبا ما يتم جتاهل هذه االنعكاسات. ومن أمثلة ذلك شعور الغضب السائد يف الوقت احلايل بسبب ضريبة الشركات منخفضة القيمة التي تدفعها الكثير من الشركات متعددة اجلنسيات. فالشركات ليست أشخاص واألشخاص احلقيقيون فقط هم من يستطيعون دفع الضرائب - املساهمون والعمال والعمالء. وقد ال يبدو هذا اجلدال حول ضريبة الشركات منطقيا إذا مل نأخذ يف اعتبارنا املستفيد احلقيقي من انخفاض معدالت الضريبة الفعلية. والعدالة الضريبية من القضايا املهمة ولها بعدان. البعد األول هو العدالة الرأسية املرتبطة بكيفية التعامل مع األشخاص خمتلفي الدخل. وتأثير النظام الضريبي على هذا البعد متوقف على تصاعدية هذا النظام - أي معدل زيادة اجلزء املقتطع من الدخل لسداد الضريبة مع ارتفاع مستوى الدخل. ويتمثل البعد الثاين يف العدالة األفقية التي يقصد بها أن األشخاص املتماثلين يف جميع اجلوانب املهمة ينبغي معاملتهم معاملة موحدة. وكل من هذين املفهومين أقل وضوحا مما قد يبدو عليه. إذ تختلف اآلراء بالطبع حول الدرجة املالئمة لتصاعدية الضريبة. ولكن قد يختلف الناس أيضا مثال حول ما إذا كان ربط الضريبة التصاعدية ينبغي أن يكون على أساس الدخل السنوي أم ال وهي فترة يكون القياس على أساسها جزافيا للغاية - أو على أساس الدخل مدى احلياة. وقد تبدو ضريبة االستهالك تنازلية إذا ما تم ربطها على أساس الدخل السنوي ولكنها أقل تنازلية كثيرا إذا ما تم ربطها على أساس النفقات مما قد يكون مؤشرا أفضل لدخل الفرد مدى احلياة. وبالنسبة للعدالة األفقية فهي ال تبدو فكرة جدلية ولكن ما املقصود بمصطلح»التماثل«هل من املقبول أن تقسم الضرائب إىل فئات حسب العمر واحلالة االجتماعية واملنطقة والنوع والطول وماذا عن التقسيمات الضمنية هل الضرائب املرتفعة املفروضة على مرطبات ما بعد احلالقة التي يستخدمها الرجال يف الغالب غير عادلة أفقيا جمع الضرائب اخلط الفاصل بين التهرب الضريبي )خمالف للقانون( والتحايل الضريبي )قانوين( غير واضح كما قد يبدو فاحملامون الضريبيون مرتفعو األجر يقضون وقتا طويال يف دراسة الفوارق بين املفهومين. واملفهومان من القضايا املهمة يف جميع البلدان ويفرضان حتديات يف تصميم الضرائب وتنفيذها. فعلى جانب السياسات جند أن احلوافز الضريبية الهادفة إىل تشجيع أنشطة معينة على سبيل املثال غالبا ما تنشأ عنها فرصا للتهرب الضريبي. واإلدارة الضريبية هي األداة الرئيسية املستخدمة يف التعامل مع حاالت عدم سداد الضرائب. فهي تساعد على تيسير اإلجراءات على املمولين الراغبين يف دفع أي ضرائب مستحقة وذلك عن طريق صياغة قواعد ضريبية يسهل فهمها )وإن كان من الصعب تصميم نظام ضريبي سهل نظرا جملموعة األهداف والظروف التي يجب أن يغطيها النظام( واالطالع عليها. )القواعد الضريبية يف عهد اإلمبراطور الروماين كاليغوال نشرت بخط صغير ويف مكان يصعب الوصول إليه(. ومهمة نظم اإلدارة الضريبية يف نهاية املطاف هي أن تضمن أن احتماالت اكتشاف حاالت عدم االمتثال وما تترتب عليها من عقوبات كبيرة بدرجة تشجع على االمتثال إىل جانب إلقاء الضوء على عدد املمولين الكبير الذي يرغب يف اتباع القواعد وتوفير الدعم الالزم لهم. ويجب أن تتوافر جميع تلك العناصر يف نظام اإلدارة الضريبية السليم وأن يكون قادرا يف الوقت نفسه على تخفيض تكلفته )تكلفة اإلدارة( وتكلفة ممويل الضرائب )تكلفة االمتثال( إىل أدنى حد ممكن. وأحيانا ما تتوافق خمتلف األهداف التي ناقشناها آنفا كاستبدال ضريبة استهالكية بالتعريفة اجلمركية )ضرائب الواردات( بنفس املعدل. وال يؤثر هذا التحول على سعر الواردات بالنسبة للمستهلكين ولكنه يؤدي إىل زيادة اإليرادات احلكومية )نظرا ألن الضريبة تطبق حاليا على املبيعات احمللية أيضا( ورفع الكفاءة من خالل احلد من احلمائية. ولكن هذه احلاالت نادرة. فالصعوبة احلقيقية يف فرض الضرائب تنشأ عن تضارب األهداف وسنتناول هذا املوضوع يف عدد مارس. رود دو مواج نائب رئيس قسم ومايكل كين نائب مدير يف إدارة شؤون املالية العامة بصندوق النقد الدويل. التمويل والتنمية ديسمبر
54 تقاسم الثروة ساجنيف غوبتا وأليكس سيغورا-أوبييرغو وإنريكي فلوريس البلدان التي تشهد طفرة يف املوارد ينبغي أن تتوخى احلكمة يف توزيعها كلها بشكل مباشر على شعوبها أنغوال هي ثاين أكبر منتجي النفط يف إفريقيا جنوب الصحراء وأحد أغنى بلدان القارة. ولكن نسبة الوفاة بين األطفال دون عمر اخلامسة هناك أعلى من معظم بلدان العامل. وتفتقر معظم البلدان الغنية باملوارد الطبيعية إىل أنواع املؤسسات الالزمة إلدارة ثرواتها من املوارد الطبيعية على نحو يتسم بالفعالية كما أن أداء البلدان التي تشهد طفرة يف إيراداتها من املوارد الطبيعية مل يكن مرضيا يف السابق. فالكثير من مواطني هذه البلدان يعيشون يف فقر مستمر وتكاد أن تكون فرص حدوث أي حتسن كبير يف مستويات املعيشة منعدمة. ومن األمثلة احلية على ذلك معدل الوفيات بين األطفال دون سن اخلامسة يف أنغوال. ويف السنوات األخيرة أدى ارتفاع أسعار السلع األولية واكتشاف موارد طبيعية جديدة إىل زيادة اإليرادات من املوارد الطبيعية يف بلدان كثيرة كنسبة من املوازنة وكنسبة من إجمايل الناجت احمللي مما يتيح فرصا جديدة لرفع املستوى املعيشي للسكان )راجع الشكل البياين 1(. ولكننا ال نرى أمثلة جيدة على فعالية إدارة ثروات املوارد الطبيعية إال يف بلدان قليلة. وتمثل بوتسوانا وشيلي والنرويج ووالية أالسكا األمريكية بعضا من هذه احلاالت االستثنائية. وتشير جتارب البلدان الناجحة إىل أن إدارة ثروات املوارد الطبيعية تتطلب االلتزام بثالثة مبادئ مرتبطة ببعضها البعض وهي شفافية املالية العامة ووضع قواعد يستند إليها تطبيق سياسة املالية العامة ومؤسسات قوية يف جمال اإلدارة املالية العامة. فعلى سبيل املثال جند يف النرويج وأالسكا نموذجا للشفافية يف طريقة جمع إيرادات املوارد الطبيعية واستخدامها يف املوازنة. وتساعد هذه الشفافية الناس على فهم واستخدام ثروات املوارد الطبيعية وتضمن مساءلة القادة السياسيين عن قراراتهم. ويف شيلي حتمي قواعد املالية العامة ثروات املوارد الطبيعية من تأثير أي تغيرات قد تنشأ نتيجة الضغوط السياسية كما تستطيع مؤسساتها القوية إدارة االستثمارات العامة. ويساعد ذلك يف حتويل ثروة املوارد الطبيعية إىل أصول منتجة بما يف ذلك البنية التحتية ورأس املال البشري. خط أنابيب يف أالسكا حتت أضواء الشفق القطبي بالقرب من ميلن بوينت أالسكا الواليات املتحدة األمريكية. 52 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
55 ويقترح البعض أن على احلكومات التنازل عن إيرادات املوارد الطبيعية وتوزيعها مباشرة على السكان. وهناك من احلجج املنطقية ما يؤيد هذا الرأي ومن احلجج املعارضة ما يدحضه. ولكن التوزيع املباشر ليس حال سحريا جلميع املشكالت )راجع دراسة Gupta, Segura-Ubiergo, and.)flores, 2014 فضالت الشيطان األداء الضعيف ملعظم البلدان الغنية باملوارد الطبيعية يف استخدام اإليرادات الناجتة عن تلك املوارد يؤيد الرأي القائل بأن اكتشاف موارد جديدة قد يكون نقمة ونعمة يف الوقت نفسه. ولكن ملاذا يحدث ذلك فقد تؤدي طفرات املوارد إىل ارتفاع سعر الصرف احلقيقي للعملة مما يحد من تنافسية صادرات البلد ويؤدي إىل حتول املوارد إىل القطاعات االقتصادية التي ال تشارك يف نشاط التجارة اخلارجية وهو ما يطلق عليه الكثيرون اسم املرض الهولندي. كذلك توصل احملللون إىل أن ثروات املوارد الطبيعية غالبا ما يقترن بها فساد حكومي يقوض نظام املساءلة الديمقراطية. وغالبا ما يستند إىل هذه احلجج يف إثبات أن ثروة املوارد الطبيعية قد تتحول إىل»لعنة موارد«. وقد عبر بطالقة عن هذه الفكرة خوان بابلو بيريز الفونسو وزير املناجم واملواد الهيدروكربونية األسبق يف فنزويال والذي شارك يف تأسيس منظمة البلدان املصدرة للبترول حيث وصف البترول بأنه»فضالت الشيطان«حمذرا من أنه قد يكون سببا يف إهدار املوارد والفساد واالستهالك املفرط والدين. وتفتقر الكثير من البلدان الغنية باملوارد إىل وجود نظم يف جمال إدارة املالية العامة لضمان شفافية وكفاءة عملية إعداد املوازنة وإىل نظم الضوابط والتوازنات الالزمة لضمان فعالية استخدام ثروة املوارد الطبيعية. فبدون تلك النظم عانت تلك البلدان يف تطبيق نماذج إيجابية مثل بوتسوانا وشيلي والنرويج. ولكن بناء مؤسسات قوية ومستقرة يستغرق وقتا طويال. ويف الوقت نفسه يشير بعض العلماء إىل ضرورة قيام البلدان بتوزيع إيراداتها من املوارد الطبيعية على السكان مباشرة بهدف تعزيز النمو االقتصادي وحتسين مستويات املعيشة )راجع مقالة بعنوان»اإلنفاق أم التوزيع«يف عدد ديسمبر 2012 من جملة التمويل والتنمية(. وتوجد حجج خمتلفة تؤيد هذا الرأي ال سيما القول بأن التوزيع يحول دون سوء استخدام احلكومة إليرادات املوارد وزيادة حجم املؤسسات احلكومية. وقد ترحب بعض البلدان الغنية باملوارد بتوزيع اإليرادات مباشرة بشكل ما ولكن التوزيع املباشر على هذا النحو قد يؤثر سلبا على كفاءة بلدان أخرى يف توفير السلع العامة. وحتى ولو كان الهدف هو تقليص حجم احلكومة من خالل احلد من اإليرادات التي تتوافر لها من املوارد توجد بدائل ربما أكثر فعالية من ذلك كتخفيض الضرائب على سبيل املثال. وتركز حجة أخرى على تأثير الضرائب على املساءلة )دراسة.)Sandbu, 2006 فإذا ما تم توزيع إيرادات املوارد على الشعب وفرض ضريبة عليها لتمويل جزء من السلع العامة سيدفع ذلك املواطنين إىل طلب إخضاع برامج اإلنفاق العام ملزيد من املساءلة. ولكن هذه احلجة تفترض بذلك أن املكاسب املتأتية من زيادة مساءلة احلكومة تفوق خسائر عدم الكفاءة الناجمة عن حتويل اإليرادات إىل الشعب واستعادة بعضها الحقا كما أنها ال تراعي أن آلية التحويل قد تنطوي على نفس الرسم البياني ١ الكبير والا كبر إيرادات الموارد الطبيعية كبيرة ومتزايدة في بلدان كثيرة. (إيرادات الموارد الطبيعية من مجموع الا يرادات ٢٠١١) إيرادات البترول إيرادات نشاط التعدين إيرادات نشاط التعدين والبترول متوسط إيرادات الموارد في عام ٢٠١١ متوسط إيرادات الموارد في عام ٢٠٠١ المصدر: تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي. ٨٠ ٦٠ ٤٠ ٢٠ عمان ليبيا الكويت البحرين الا مارات أنغولا جمهورية الكونغو نيجيريا تيمور-ليشتي الجزاي ر إيران اليمن ترينيداد وتوباغو قطر السودان فنزويلا بوتسوانا ماليزيا المكسيك موريتانيا إكوادور روسيا جمهورية الكونغو الديمقراطية غينيا منغوليا سوريا إندونيسيا شيلي فييت نام النرويج سيراليون النيجر جمهورية قيرغيزستان ناميبيا ١٠٠ صفر مظاهر القصور املؤسسي والفساد املتفشية عادة يف البلدان الغنية باملوارد. كم وملن التوزيع املباشر هو وسيلة لتحويل بعض أو كل املوارد املتأتية من اإليرادات إىل املواطنين للحد من السلطات االستنسابية للحكومة على هذه املوارد وتعزيز آليات املساءلة. وتوجد عالقة بين السلطة االستنسابية واملساءلة ألن املواطنين لن يطالبوا على األرجح بزيادة املساءلة إذا كان يمكن لرجال السياسة حتديد الفئات التي ستتلقى إيرادات املوارد. وتختلف اآلراء حول كم املوارد التي ينبغي توزيعها. أحد اآلراء اجلاحمة يدعو إىل توزيع جميع اإليرادات املتأتية من املوارد الطبيعية على املواطنين يف حين توجد مقترحات أكثر وسطية اقترحت دراسة (2004) Subramanian Birdsall and توزيع نصف إيرادات العراق على األقل بإعادة جزء فقط من اإليرادات أو جزء فقط من دخل االستثمار من صناديق املوارد الطبيعية. ويتمحور اجلدال بشأن كم املوارد التي ينبغي توزيعها حول التبعات االقتصادية للتوزيع بما يف ذلك تأثير التوزيع على حوافز العمل وعلى مدخرات قطاع األسر واستقرار االقتصاد الكلي بوجه عام. وبالنسبة للسؤال حول من الذي ينبغي أن يتلقى إيرادات املوارد الطبيعية فإن خيار توزيع املوارد على جميع املواطنين يتسم بأنه سيحول دون استئثار رجال السياسة بأي سلطة استنسابية يف حتديد اجملموعات املنتفعة. ولكن قد تؤدي التحويالت العامة إىل تداعيات غير حمسوبة كتشجيع األسر على زيادة نسلها وهو ما يمكن جتنبه عن طريق خفض التحويالت املوزعة على الكبار. ويشير البعض إىل إمكانية حتقيق األهداف االجتماعية من خالل استهداف أفقر الفئات السكانية أو فرض شروط كإحلاق األطفال باملدارس. وهذه األهداف موضع ترحيب من الكثيرين مما قد يساعد يف حشد الدعم الالزم لتلك اآلليات. غير أنها قد تؤدي إىل شد وجذب ما بين تضييق نطاق تغطية التحويالت من خالل استهداف قطاعات معينة من السكان ال سيما التمويل والتنمية ديسمبر
56 الفقراء الذين ال يكون لهم صوت قوي عادة يف العملية السياسية وزيادة املساءلة. كذلك فإن الفقراء ال يستطيعون حتمل تقلبات الدخل وهي مشكلة يجب أن تعاجلها تلك اآلليات. ويقترح البعض توزيع اإليرادات مباشرة خارج إطار املوازنة األمر الذي قد يفتح الباب أمام الفساد احلكومي. ويقوم هذا املقترح على التعامل مع إيرادات املوارد خارج إطار حسابات املوازنة وإخضاعها للتدقيق ربما بمعرفة جهة مستقلة بخالف البرملان. ويمكن أيضا تكليف مؤسسة أخرى بخالف مصلحة الضرائب الوطنية بجمع اإليرادات وتوزيعها. ويزعم مقترحو هذه الفكرة أن وجود آلية منفصلة التوزيع املباشر على نطاق واسع مل تتم جتربته يف أي مكان على مستوى العامل لتوزيع إيرادات املوارد سيزيد من مصداقية النظام لدى الشعب. ولكن التوزيع املباشر بغض النظر عن الوسيلة املستخدمة يف تنفيذه ليس حال للقضاء على الفساد. ومن السذاجة أن نفترض أن أي حكومة فاسدة ستوافق على توزيع اإليرادات مباشرة حلل املشكلة. وال توجد أي ضمانات أيضا على أن آلية التوزيع لن تشوبها مظاهر فساد مماثلة. من واقع اخلبرة نفذت أالسكا أفضل وربما أجنح مثال معروف آلليات التوزيع املباشر. ولكنه نموذج تقليدي يقوم على توزيع نسبة قليلة نسبيا تبلغ %3 إىل %6 فقط من نصيب الفرد من الدخل يف أالسكا. ويستثمر جزء فقط من اإليرادات النفطية يف الصندوق ويقتصر التوزيع على دخل االستثمار من هذا الصندوق بحد أقصى %5 من إجمايل القيمة السوقية للصندوق. وتدير هذا الصندوق مصلحة الضرائب يف أالسكا وتخضع املوازنة لضوابط وتوازنات جتعلها مثاال للشفافية يف جوانب كثيرة. ويرى الكثيرون أن هذه التجربة القت جناحا كبيرا ولكنها جتربة استندت بالطبع إىل قوة املؤسسات والشفافية ومل تكن حال ملشكلة مؤسسية. ونظرا ألن آليات التوزيع املباشر عددها قليل حول العامل فإن حتليل السياسات املقترنة بها يتيح لنا فكرة واضحة عن مسببات النجاح ومسببات الفشل. ومن اخلطر دائما استنباط القرائن من السياسات ذات الصلة ولكن احلاالت التالية تنطوي على بعض الدروس التي يمكن االستفادة منها: قامت فنزويال بإنشاء جمموعة من البرامج االجتماعية أطلقت عليها اسم بعثات أو.misiones ويركز أحد هذه البرامج على تعليم الكبار وفتح فصول تعويضية للمتسربين من التعليم الثانوي ويركز برنامج آخر على نظام الرعاية الصحية األولية العام يف حين تركز برامج أخرى على إنشاء منازل جديدة وتقديم معاشات تقاعدية للفقراء وتوفير أغذية بأسعار خمفضة وتقديم منح للدراسات العليا. ووفقا لدراسة (2012) Monaldi Rodrίguez, Morales, and تمول هذه البرامج مباشرة من شركة النفط احلكومية وال تدرج بالتايل يف املوازنة مما يزيد من السلطات االستنسابية للحكومة. وتشير بعض الدراسات إىل أن هذه البرامج تنطوي على نفس القدر من الفساد والضغوط اجلماهيرية الذي تنطوي عليه املوازنة العامة نفسها مما يشكك يف قدرة اآلليات املباشرة خارج املوازنة على القضاء على الفساد. ويتضح من برامج دعم الدخل يف االقتصادات املتقدمة اآلثار السلبية لتحويالت التوزيع املباشر على عرض العمالة. فالغرض من هذه البرامج توفير نوع من أنواع الدعم األساسي لألسر منخفضة أو منعدمة الدخل. ويستقطع جزء من هذا الدعم يف صورة ضريبة. وقد تم انتقاد هذه البرامج ألنها ال تنطوي على حوافز كافية لتشجيع منخفضي الدخل على العمل. لذلك يمكن االستعاضة عن هذه البرامج ببرامج اخلصم الضريبي على الدخل املكتسب التي يحق للعاملين فقط االنتفاع بها. برامج التحويالت النقدية املشروطة التي يكثر استخدامها يف اقتصادات نامية كثيرة قد تؤدي أيضا إىل تقويض احلوافز املشجعة على العمل. وتسعى هذه البرامج إىل احلد من الفقر من خالل توفير الدعم يف صورة حتويالت نقدية وفق شروط معينة كإحلاق األطفال باملدارس أو إعطائهم التطعيمات الالزمة. والهدف من هذه البرامج كسر دائرة الفقر بمساعدة اجليل احلايل وتشجيع االستثمار يف اجليل القادم. وتوصلت معظم الدراسات إىل أن تأثير هذه البرامج على عرض العمالة يكون حمدودا عندما تكون التحويالت منخفضة القيمة واملنافع موجهة نحو أفقر األسر. أما البرامج التي تقدم حتويالت أكبر وتغطي نطاقا أوسع بما يف ذلك القطاعات السكانية األفضل حاال فتؤدي إىل احلد من نسبة املشاركة يف القوة العاملة. ويشيع يف الدول الغنية بالنفط تقديم دعم كبير على الطاقة نظرا لتوقع السكان االنتفاع من وفرة املوارد النفطية. ويبلغ حجم الدعم قبل الضرائب الذي يتيح للشركات واألسر دفع أسعار تقل عن األسعار السائدة دوليا %8.5 تقريبا من إجمايل الناجت احمللي يف منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا. ويؤدي تعميم الدعم على جميع الفئات إىل احلد من كفاءة توزيع املوارد مما يؤثر سلبا على النمو وعدم التكافؤ بسبب انتفاع الفئات األفضل حاال من الدعم بما يزيد من عدم املساواة يف توزيع الدخل. ورغم أوجه القصور املذكورة يؤيد اجلمهور برامج الدعم ألنهم ال يرون وسيلة أخرى يمكنهم من خاللها االنتفاع باملوارد الطبيعية الوفيرة. تمثل حتويالت املغتربين األموال التي يرسلها العاملون باخلارج إىل بلدانهم موارد إضافية يتم ضخها يف قطاع األسر على غرار آليات التوزيع املباشر. وتشير التجارب إىل استخدام معظم التحويالت يف االستهالك اجلاري وال توجد أي أدلة دامغة على تأثيرها على النمو يف األجل الطويل. ويشكك ذلك يف املزاعم التي تقول بأن التوزيع املباشر ال يؤدي إىل تفاقم آثار املرض الهولندي نظرا لقيام القطاع اخلاص باالدخار عندما يتلقى إيرادات مفاجئة على غرار ما تقوم به احلكومة. الدروس املستفادة نخرج من جتربة أالسكا والسياسات ذات الصلة بعدة دروس. أوال يمكن أن يتضمن التصميم العام لسياسات املالية العامة آليات توزيع مباشر على أن تكون نسبة اإليرادات املوزعة صغيرة يف البداية للحد من تأثيرها على عرض العمالة. وتؤكد دراسة Hjort ( 2006 )على أن احلد من نسبة اإليرادات املوزعة مباشرة سيضمن توافر موارد كافية للحكومة لتقديم السلع العامة األساسية وتقليص اآلثار الناجمة عن املرض الهولندي. 54 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
57 ثانيا ينطوي التوزيع املباشر على نفس القدر من الفساد املوجود يف البرامج العامة وينبغي بالتايل اإلبقاء على برامج التوزيع املباشر داخل إطار املوازنة. وأخيرا من املهم أن نتذكر أن التوزيع املباشر لإليرادات املتأتية من املوارد ال يضمن تلبية احتياجات األجيال القادمة. وقبل أن يبدأ أي بلد يف توزيع إيرادات املوارد مباشرة على مواطنيه يجب عليه إعداد إطار املالية العامة لهذا الغرض من خالل: حتديد مستوى اإليرادات والنفقات العامة الالزم لضمان استقرار االقتصاد الكلي احمللي واستمرارية األرصدة اخلارجية تطبيق سياسات من شأنها احلد من تأثير تقلبات أسعار السلع األولية على اإليرادات مراعاة درجة عدم اليقين بشأن مستوى إنتاج املوارد الطبيعية وحجم اإليرادات التي يمكن لالقتصاد استيعابها ادخار اإليرادات لصالح األجيال القادمة. وال يعني التوزيع املباشر أننا لن نحتاج إىل مواجهة هذه القضايا على نحو مسبق. فرغم أن البعض يزعم أن حتويل عبء إدارة التقلبات إىل القطاع اخلاص قد يؤدي إىل نتائج أفضل ال تؤيد هذا االدعاء شواهد كثيرة. فكما أشرنا آنفا تشير الدالئل املستمدة من جتربة البلدان املتلقية لتحويالت املغتربين إىل أن اجلزء األكبر من التحويالت التي يتلقاها البلد يستخدم يف االستهالك وليس يف االدخار. ورغم أن إدارة القطاع العام للتقلبات يف البلدان الغنية باملوارد الطبيعية مل تكن فعالة على اإلطالق تشير دراسة صادرة عن صندوق النقد الدويل يف عام 2012 إىل حتسن نظم اإلدارة على ما يبدو مع حتول هذه البلدان من سياسات أدت إىل تغيرات حادة يف أسعار السلع األولية بين عامي 1970 و 1999 إىل سياسات حمايدة بوجه عام خالل العقد املاضي. ويمكن أن يكون للتوزيع املباشر لإليرادات تأثير حاد على توزيع الدخل. ففي غانا على سبيل املثال تبلغ اإليرادات من املوارد الطبيعية حوايل %5 من إجمايل الناجت احمللي يف حين ال يحصل أفقر %10 من السكان سوى على %2 من إجمايل الناجت احمللي مما يعني أن التوزيع املباشر على جميع الفئات السكانية سيؤدي إىل زيادة دخل هذه الفئة بنسبة %25 تقريبا. ولكن توزيع اإليرادات سيحد من موارد املوازنة املتاحة لتوفير اخلدمات العامة مما قد يؤدي بدوره إىل تداعيات عكسية على توزيع الدخل. ومن اآلثار األخرى الناجتة عن التوزيع املباشر لإليرادات تقليص حجم احلكومة بالطبع. فتحويل اإليرادات إىل القطاع اخلاص قد يحد من النفقات املهدرة يف بعض البلدان الغنية باملوارد ولكنه قد يؤدي يف البعض اآلخر إىل خفض اإلنفاق العام إىل مستوى يهدد توفير البنية التحتية والسلع العامة الضرورية. ويبلغ متوسط إجمايل املصروفات يف البلدان الغنية باملوارد حوايل %28 من إجمايل الناجت احمللي وهو مستوى مقارب عموما ملستوى اإلنفاق يف االقتصادات غير الغنية باملوارد. ولكن توجد اختالفات ملحوظة يف حجم احلكومة والقدرات املؤسسية بين البلدان الغنية باملوارد )راجع الشكل البياين 2(. وهذه اآلثار احملتملة على توزيع الدخل وتوفير السلع العامة تؤكد على ضرورة البدء بآلية توزيع مباشر حمدودة كما ذكرنا آنفا. هل يجدي االستمرار تلقى اآلراء التي تربط بين التوزيع املباشر وزيادة املساءلة استحسانا كبيرا ولكن برامج التوزيع املباشر واسعة النطاق مل جترب يف أي بلد على مستوى العامل. وال توجد شواهد كثيرة على مدى فعالية توزيع جميع اإليرادات املتأتية من املوارد على السكان ولكن يوجد من احلجج ما يؤيد التوزيع املباشر جلزء بسيط من اإليرادات كما يف حالة أالسكا. ولكن حتى التوزيع الرشيد للموارد يجب أن يتم من خالل إطار مالية عامة مالئم وأن يكون على نطاق حمدود للحد من خماطر واردة للغاية قد تنجم عن توزيع اإليرادات وتتمثل يف تقويض القدرة على توفير اخلدمات العامة الضرورية أو انخفاض نسب املشاركة يف القوة العاملة أو تقويض القدرات اإلدارية للحكومة. ساجنيف غوبتا نائب مدير وإنريكي فلوريس اقتصادي أول يف إدارة شؤون املالية العامة بصندوق النقد الدويل وأليكس سيغورا- أوبييرغو املمثل املقيم لصندوق النقد الدويل يف موزامبيق. املراجع Birdsall, Nancy, and Arvind Subramanian, 2004, Saving Iraq from Its Oil, Foreign Affairs, Vol. 83, No. 4, pp Gupta, Sanjev, Alex Segura-Ubiergo, and Enrique Flores, 2014, Direct Distribution of Resource Revenues: Worth Considering? IMF Staff Discussion Note 12/08 (Washington: International Monetary Fund). Hjort, Jonas, 2006, Citizen Funds and Dutch Disease in Developing Countries, Resources Policy, Vol. 31, No. 3, pp International Monetary Fund (IMF), 2012, Macroeconomic Policy Frameworks for Resource-Rich Developing Countries (Washington). Rodrίguez, Pedro L., José R. Morales, and Francisco J. Monaldi, 2012, Direct Distribution of Oil Revenues in Venezuela: A Viable Alternative? Center for Global Development Working Paper 306 (Washington). Sandbu, Martin E., 2006, Natural Wealth Accounts: A Proposal for Alleviating the Natural Resource Curse, World Development, Vol. 34, No. 7, pp الشكل البياني ٢ حكومة متضخمة أم حكومة ضامرة يتفاوت حجم الحكومة بين البلدان الغنية بالموارد ولكنه لا يرتبط دوما بدرجة فعاليتها. (المصروفات الحكومية من إجمالي الناتج المحلي) النرويج أنغولا ٥٠ ٤٥ ٤٠ غينيا الاستواي ية ٣٥ ٣٠ ٢٥ ٢٠ سيراليون الا مارات ١٥ ٠ ٥ ١ ٠ ١ ٥ ٢ ٠ صفر ٠ ٥ ١ ٠ ١ ٥ ٢ ٠ مو شر فعالية الحكومة متوسط الفترة ٢٠١٠-٢٠١٢ المصادر: مو شر فعالية الحكومة الصادر عن البنك الدولي وتقديرات خبراء صندوق النقد الدولي. ملحوظة: المصروفات الحكومية هي متوسط التواريخ المتاحة لكل بلد خلال الفترة ١٩٨٠-٢٠١٣. ويعكس المو شر التصورات بشا ن جودة الخدمات العامة والخدمة المدنية ودرجة الاستقلال عن الضغوط السياسية وجودة آليات صياغة السياسات وتنفيذها ومصداقية الحكومة في التزامها بتلك السياسات. التمويل والتنمية ديسمبر
58 استعراض الكتب احلكمة والفضيلة راس روبرتس Russ Roberts كيف يستطيع آدم سميث أن يغير حياتك How Adam Smith Can Change Your Life دليل غير متوقع للطبيعة اإلنسانية والسعادة An Unexpected Guide to Human Nature and Happiness Portfolio/Penguin, New York, 2014, 272 pp., $27.95 (cloth). عادت األخالق على ما يبدو إىل دائرة الضوء يف علم االقتصاد. والسبب دون شك هو األزمة املالية العاملية التي كشفت عن الكثير من األنشطة غير القانونية والسلوكيات غير األخالقية يف القطاع املايل والتي ترتبت عليها تداعيات كارثية بالنسبة لالقتصاد العاملي وحياة الناس. ولكن يرتبط جتدد التركيز على األخالق أيضا بشعور عميق بعدم الرضا إزاء االقتصاد احلديث الذي يقوم يف معظمه على مذهب النفعية والتركيز الضيق على التنمية التكنوقراطية. فليس من قبيل املصادفة أن يزداد عدد من يسعون نحو إيجاد منهج أوسع نطاقا لدراسة االقتصاد يضم أهم عناصر الفلسفة وعلم النفس والتاريخ وعدد من يطالبون بذلك أحيانا كحق مشروع لهم. ويف ظل هذه األفكار التي تغلب على عاملنا اليوم فإن الوقت مناسب للغاية إللقاء نظرة على كتاب يتناول الفلسفة األخالقية آلدم سميث. وبالرغم من أن آدم سميث هو مؤسس علم االقتصاد احلديث فهو يف األصل أستاذ يف الفلسفة األخالقية. وإن كان أهم أعماله الفلسفية وهو نظرية الوجدان األخالقي The Theory of Moral Sentiments غير معروف للكثيرين. ويحاول راس روبرتس يف كتابه اجلديد أن يسد هذه الفجوة ويلقي الضوء على احلكمة الدفينة يف هذا العمل الكالسيكي الذي يجهله الكثيرون. ويكتب روبرتس بروح طفل يبدأ مغامرة جديدة وممتعة كالذي تغلب عليه مشاعر الذهول والتعجب يف صباح ليلة عيد امليالد. فحماسه ينتقل إىل القارئ وهو يصف استغراقه يف كتاب ال يستطيع تركه من يده. والكتاب مكتظ بقصص ال تنسى ومقاالت قصيرة نابضة باحلياة ويعكس إجماال أسلوبا سهال وجذابا ومقدمة جيدة عن الفلسفة األخالقية آلدم سميث. ووفقا لكتاب روبرتس تتلخص النظرية األخالقية لسميث يف قواعد حياتية مبسطة:»ابحث عن احلكمة والفضيلة. وتصرف وكأن متفرجا حياديا يراقبك«. ويف حين يتناول اجلزء األول من الكتاب يف معظمه مفهوم»التطوير الذاتي«وهو تصرف وكأن متفرجا حياديا يراقبك مصطلح قديم نوعا ما يركز اجلزء الثاين على كيفية التفاعل بين أفراد اجملتمع. ويشير روبرتس يف هذا السياق إىل إحدى أهم أفكار سميث رغم أننا قد نميل بطبيعة احلال إىل تقديم سعادتنا على سعادة غيرنا فمن اخلطأ أن نعيش حياتنا على هذا النحو وأن نلحق الضرر بغيرنا أو نستغلهم لتحقيق مصلحة شخصية. ولكن ملاذا ألن املتفرج احليادي لن يوافق على ذلك وهو احلكم األساسي يف نظرية سميث األخالقية. وفكرة املتفرج احليادي كدافع للسلوك األخالقي فكرة قوية للغاية. فعلى سبيل املثال يؤكد عامل االقتصاد أمارتيا سن احلائز على جائزة نوبل أن لهذا املنطق البسيط والعملي مزايا كثيرة مقارنة باملنهج الفلسفي الشائع الذي يركز على نظم العدالة واملؤسسات السليمة. غير أن روبرتس مل يبحث يف جميع االنعكاسات الضمنية لطريقة التفكير تلك ألنه يتعامل مع كتاب الوجدان األخالقي يف الغالب ككتاب عن مساعدة الذات. ويتناول روبرتس بالفعل يف الفصل األخير من الكتاب انعكاسات اآلراء األخالقية لسميث على أليات عمل االقتصاد احلديث ولكنه أضعف فصول الكتاب. وتناولت كتب عديدة على مر السنوات»مشكلة آدم سميث«الشهيرة وهي كيفية التوفيق بين مفهوم اإليثار يف كتاب الوجدان األخالقي والتركيز على املصلحة الشخصية يف كتاب ثروة األمم. واإلجابة املنطقية على هذا السؤال هي أن الكتاب األخير يركز على الشروط الدنيا لالستفادة من املبادالت السوقية بينما يركز الكتاب األول على الركائز األعمق التي نستند إليها يف عالقاتنا االجتماعية األوسع. ووفقا لسن ركزت أفكار سميث تركيزا ضيقا على عمليات التبادل التجاري مع جتاهل مفاهيم أخرى على نفس القدر من األهمية مثل اإلنتاج والتوزيع. وحتى يف عمليات التبادل السوقي بمعناها احلريف قد تغلب املصلحة الشخصية مما يستوجب وجود ثقة متبادلة يف أخالقيات جميع األطراف املشاركة. وبعبارة أخرى يجب أن يكون مفهوم الوجدان األخالقي حاضرا يف جميع العالقات. ويأخذ روبرتس يف كتابه مسارا مغايرا. فهو يرى أن كتابي سميث يناقشان جمالين خمتلفين وغير متداخلين من جماالت التفاعل اإلنساين. فاستنادا إىل رأي االقتصادي والفيلسوف فريدريك هايك يقول روبرتس:»علينا أن نعيش يف عاملين خمتلفين يف نفس الوقت للتعامل مع عائالتنا واخلروج إىل دائرة العالقات التجارية للتعامل مع الغرباء«. وهكذا فإن كتاب الوجدان األخالقي يتناول مفهوم»الفضاء الشخصي«أي عامل األصدقاء والعائلة واملعارف املقربين بينما يصب كتاب ثروة األمم أكثر تركيزه على التعامالت بين األفراد يف»عامل الغرباء«. عاملان خمتلفان وسلوكيات خمتلفة. ومناقشة كتابات سميث من منظور هايك ليست باألمر املقنع على اإلطالق. ففرض املنظور الفلسفي الضيق لهايك عن العامل على فلسفة سميث يؤثر عليها سلبا ويختزل إسهاماته يف نطاق ضيق للغاية. وينصب اهتمام سميث األكبر على الفضيلة ال سيما اإليثار والشجاعة والوسطية والعدالة والتبصر. وتشير ديردرا مكلوسكي بالفعل إىل أن سميث هو آخر علماء أخالقيات الفضيلة الذي حلق بركب طويل بدأ بسقراط. وعندما نتكلم عن الفضيلة فنحن نفكر بطبيعة احلال يف ازدهار احلياة اإلنسانية يف جميع جوانبها. 56 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
59 فالفضيلة ال تتجزأ وليست فكرة مطلقة غير قابلة للتحول إىل واقع ملموس. ونظرا ألن روبرتس يرسم يف كتابه خطا رفيعا بين خمتلف جماالت احلياة فإنه مل يتطرق إىل االنعكاسات الضمنية لفلسفة سميث األخالقية على االقتصاد يف الوقت احلايل وهو ما ينبغي أن يكون جمال اهتمامنا الفعلي. وهو أمر مؤسف ألن أفكار سميث لها قيمة كبيرة للغاية يف الوقت احلايل. فعلى سبيل املثال ماذا كان املتفرج احليادي ليقول عن سلوك القطاع املايل يف السنوات األخيرة عندما هيمن االستهتار والرغبة يف حتقيق أرباح سريعة يف األجل القصير على جميع مفاهيم الفضيلة وبوجه أعم ماذا كان املتفرج احليادي ليقول عن نموذج نشاط يغلب أهمية األرباح يف األجل القصير على الواجبات جتاه األطراف املعنية مثل العاملين والعمالء والبيئة الطبيعية واجملتمع بوجه عام فهذه هي األسئلة املهمة التي مل يجب عليها الكتاب. أنطوين أنيت مستشار التغير املناخي والتنمية القابلة لالستمرار معهد األرض جامعة كولومبيا نايجل دود Nigel Dodd اجلانب االجتماعي للنقود The Social Life of Money Princeton University Press, Princeton, New Jersey, 2014, 456 pp., $35.00 (cloth). ما رأي عابر هي النقود هذا ما نكتشفه مع نايجل دود أستاذ علم االجتماع يف كلية لندن لالقتصاد يف كتابه»اجلانب االجتماعي للنقود«Money).(The Social Life of ويعرض الكتاب على صفحاته أفكارا عن النقود لكبار األدباء والفالسفة وعلماء االجتماع وغيرهم من جماالت عديدة. وهذا الكتاب من فئة األدب احلديث أكثر منه كتاب علمي. فهو يخرج بنا خارج نطاق معتقداتنا التقليدية ال سيما دارسي االقتصاد منا ويضعنا يف حيرة من أمرنا متعمدا ترك سؤاله دون إجابة. وينتقل بنا املؤلف من أفكار عن أحد جوانب النقود لشخصيات ال نعتبرهم عادة من أصحاب النظريات النقدية مثل خورخي لويس بورخيس وجاك دريدا وميشيل فوكو وكيث هارت وفريدريك نيتشه وجان جاك روسو وفريديناند دي سوسير إىل مفاهيم مناقضة إىل حد ما ولكنها تعكس أيضا فهما متعمقا لطبيعة النقود. ويحاول القارئ أن يفهم جميع هذه األفكار واملفاهيم وهو ليس باألمر السهل التي يرى دود أنها تقدم جميعها مضمونا ما للقارئ. فطبيعة النقود متغيرة للغاية بحيث ال يمكن التعبير عنها بفكرة واحدة. ودود يف كتابه ال يطرح منظورا جديدا عن النقود بل يسعى إىل إطالعنا على منظورات كثيرة. ومن هذا املنطلق يهدف دود إىل هدم الفكرة التقليدية عن النقود التي تقول بأنها تقوم على قوانين جامدة ال يفهمها سوى رجال القانون اخملضرمين. وبدال من ذلك يذكرنا املؤلف بأن النقود عموما والنقود الورقية الصادرة عن احلكومة حتديدا هي عبارة عن مفهوم اجتماعي. فنحن ال نشك يف القيمة االقتصادية لورقة بقيمة 100 دوالر أمريكي مطبوعة على قطعة من القطن والكتان تبلغ تكلفتها 12.5 سنتا ألننا نثق أن احلكومة األمريكية ستفي بالتزاماتها يف ضوء قدرتها على فرض ضرائب على مواطنيها ومواردها مدعومة بقوتها العسكرية. فحتى يف حالة وجود موارد وفيرة وأشخاص أثرياء تنهار قيمة النقود إذا غابت الثقة عن اجملتمع مثلما حدث يف فنزويال يف عصرنا احلايل ويف األرجنتين والبرازيل يف عام 1990 ويف جمهورية فايمار يف عام ويذكرنا دود أيضا استنادا إىل آراء جورج زيمل وآخرين أن ال صحة يف القول بأن النقود تمثل مطالبة على اجملتمع. ولكن له كل احلق يف تكرار اإلشارة إىل هذه احلقيقة. فال تزال الفكرة التقليدية عن النقود أنها كانت يف األصل أداة بدائية غير مسجلة يف كتب التاريخ تستخدم لزيادة كفاءة عمليات املقايضة. ولكن هذا املفهوم يتجاهل أحداث السرقة وسفك الدماء التي كانت دوما حاضرة يف اجملتمعات األصلية. فقد كان استخدام النقود يف األصل يف صورة إتاوات تدفعها الفئات املغلوبة وأرباح من عمليات بيع وشراء العبيد أكثر منها أداة لزيادة كفاءة عمليات التجارة السلمية. فالنقود مل تنشأ ألسباب بريئة. ويحاول دود طرح أفكار أكثر تعمقا عن هذا املوضوع. فيشير إىل أن الهيكل االجتماعي ال يعني الدولة بالضرورة. فقد يقصد به جمموعة شبكات التبادل االجتماعية غير املنظمة التي يقوم األفراد من خاللها بمبادلة عملهم مقابل أجر ما أو قد يقصد به نظام الدفع غير املركزي املسمى بيتكوين.Bitcoin ولكن حماولة اإلسهاب يف الكتاب أجبرت املؤلف يف نهاية املطاف على االنحراف عن طبيعة النقود متغيرة للغاية بحيث ال يمكن التعبير عنها بفكرة واحدة. املوضوع األصلي. فيشعر القارئ أحيانا مثال أن الكاتب يلقي باللوم على النقود بوصفها السبب يف وقوع األزمة املالية العاملية وغيرها من املشكالت التي ظهرت يف اآلونة األخيرة. ولكن نظرية النقود كهيكل اجتماعي تقوم على توقعات أكثر إقناعا. فهيكل اجملتمع وتنظيم السلطات فيه يخلقان حوافز تنشأ عنها دورات االنتعاش وما يتبعها من كساد. وأخذت هذه احلوافز شكل نقود ولكن كان من املمكن أن تأخذ أي شكل آخر من أشكال القوة. وبالنسبة لنظرية املؤلف عن أن النقود يمكن أن يكون لها وجود خارج الهيكل االجتماعي فهي فكرة مفهومة ولكن املؤلف مل يسق حججا مؤيدة لها. فنظام بيتكوين سيفشل ال ألنها عملة رقمية ال تغطيها أي احتياطيات ولكن ألنها غير مدعومة بسلطة جمع الضرائب اخملولة للدولة وتتعارض طبيعتها مع القواعد الدولية املنظمة لنشاط مكافحة غسل األموال. والفكرة احلقيقية التي نستقيها من هذا الكتاب هي أن الشكل يأتي يف املرتبة الثانية بعد الهيكل. فإذا كنا نرغب يف نقود»أفضل«فتغيير شكلها لن يكون له أي تأثير يذكر ما مل تتغير احلوافز الراسخة يف هيكل اجملتمع. أفيناش بيرساد زميل أول غير مقيم معهد بيرسون لالقتصاد الدويل التمويل والتنمية ديسمبر
60 مطبوعات الصندوق اجلديدة آسيا الواعدة والنامية اجليل الثاين لألسواق الصاعدة حرره ألفريد شيبكي يبلغ التعداد السكاين اجملمع لبلدان آسيا الواعدة والنامية 350 نسمة بما يف ذلك فييت نام وكمبوديا وبنغالديش وهي تقع يف املنطقة األسرع نموا يف العامل وتتمتع بخصائص ديمغرافية مواتية. وبالرغم من تباين هذه البلدان فهي تشترك يف عدد من التحديات االقتصادية الكلية واملالية والهيكلية. ويتناول الكتاب القضايا املتعلقة بالنمو االقتصادي والتحول الهيكلي إىل جانب خماطر فخ الفقر وتزايد عدم املساواة يف الدخول كما يحلل عددا من قضايا القطاع املايل وإطار السياسة النقدية. السعر 25 دوالرا ISBN أمريكا الالتينية: احلفاظ على النمو واالستقرار يف مشهد عاملي متغير تأليف: دورا الكوفا ولويس كوبيدو وغوستافو أدلر وسيباستيان ساسو على مدار اخلمسة عشر عاما املاضية حققت بلدان أمريكا الالتينية تقدما هائال يف تقوية اقتصاداتها وحتسين مستوياتها املعيشية. وبالرغم من هبوط الناجت مؤقتا أثناء األزمة املالية فقد حققت معظم االقتصادات تعافيا سريعا. غير أن النشاط االقتصادي بدأ يهدأ واملنطقة تواجه فترة أكثر صعوبة. ويقول هذا الكتاب إن أمريكا الالتينية يمكنها التصدي لهذا التحدي وصناع السياسات يف املنطقة بدأت بالفعل تنفيذ إصالحات يف التعليم والطاقة وقطاعات أخرى. ويتطلب األمر مزيدا من اجلهود كما يمكن حتقيق املزيد يف سعي أمريكا الالتينية ملواصلة حتسين مستويات املعيشة. السعر 25 دوالرا أمريكيا ISBN املرشد إىل اختبارات صندوق النقد الدويل لتحمل الضغوط: األساليب والنماذج حرره يل ليان أونغ سلطت األزمة املالية العاملية الضوء على اختبارات حتمل الضغوط للبنوك املنفردة والنظم املالية ككل ملعرفة ما إذا كانت لديها رؤوس أموال كافية وإجراءات كافية الجتياز الفترات العصيبة. وقد كان للصندوق مشاركة مكثفة يف اختبارات حتمل الضغوط بالنسبة للنظم املالية منذ إطالق برناجمه املعني بتقييم القطاع املايل ( FSAP )منذ أكثر من عقد مضى. ويتناول هذا الكتاب جمموعة من األساليب والنماذج التي يمكن استخدامها يف الرقابة واإلشراف على املؤسسات املنفردة والنظم املالية حول العامل مستندا إىل ذخيرة من التجارب العملية مع تقنيات حتمل الضغوط وتطبيقها العملي. السعر 65 دوالرا أمريكيا ISBN زوروا مكتبة الصندوق على الرابط التايل: imfbookstore.org التمويل والتنمية ديسمبر ٢٠١٤ 4 التمويل والتنمية ديسمبر 2014
Ακαδημαϊκός Λόγος Εισαγωγή
- سا قوم في هذه المقالة \ الورقة \ الا طروحة بدراسة \ فحص \ تقييم \ تحليل Γενική εισαγωγή για μια εργασία/διατριβή سا قوم في هذه المقالة \ الورقة \ الا طروحة بدراسة \ فحص \ تقييم \ تحليل للا جابة عن هذا
الناتج المحتمل وفجوة االنتاج في االقتصاد الفلسطيني دائرة األبحاث والسياسة النقدية ايار 5102
الناتج المحتمل وفجوة االنتاج في االقتصاد الفلسطيني دائرة األبحاث والسياسة النقدية ايار 5102 i آيار.5102 جميع الحقوق محفوظة. في حالة االقتباس يرجى اإلشارة إلى هذه المطبوعة كالتالي: سلطة النقد الفلسطينية
بحيث ان فانه عندما x x 0 < δ لدينا فان
أمثلة. كل تطبيق ثابت بين فضائين متريين يكون مستمرا. التطبيق الذاتي من أي فضاء متري الى نفسه يكون مستمرا..1.2 3.اذا كان f: R R البرهان. لتكن x 0 R و > 0 ε. f(x) = x 2 فان التطبيق f مستمرا. فانه عندما x
توازن الذخل المومي الفصل الرابع أ. مروه السلمي
1 توازن الذخل المومي الفصل الرابع 2 سنتعرف ف اآلت : على الفصل هذا توازن الدخل القوم التوازن ف جانب الطلب ف االقتصاد أثر التغ ر ف األسعار على توازن الدخل التوازن والتوظف الكامل - الفجوة االنكماش ة - الفجوة
أسئلة استرشادية لنهاية الفصل الدراسي الثاني في مادة الميكانيكا للصف الثاني الثانوي العلمي للعام الدراسي
أسئلة استرشادية لنهاية الفصل الدراسي الثاني في مادة الميكانيكا للصف الثاني الثانوي العلمي للعام الدراسي 4102 4102 تذكر أن :1- قانون نيوتن الثاني : 2- في حال كان الجسم متزن أو يتحرك بسرعة ثابتة أوساكن فإن
ΚΕΝΤΡΟ ΑΛΛΗΛΕΓΓΥΗΣ ΘΕΣΣΑΛΟΝΙΚΗΣ
Υπάρχει μια ομάδα που μπορούμε να στηριχτούμε και στις πιο δύσκολες συνθήκες. Το Solidarity Now είναι μια ομάδα αλληλεγγύης. Ένα δίκτυο ανθρώπων και οργανώσεων στην Ελλάδα που συνεργάζονται για να βοηθήσουν
عرض المنشأة في األجل القصير الفصل العاشر
عرض المنشأة في األجل القصير الفصل العاشر أولا: مفهوم المنافسة الكاملة وجود عدد كبير من البائعين والمشترين, تجانس السلع. حرية الدخول والخروج من السوق. توافر المعلومات الكاملة للجميع. فالمنشأه متلقية للسعر
- سلسلة -2. f ( x)= 2+ln x ثم اعط تأويل هندسيا لهاتين النتيجتين. ) 2 ثم استنتج تغيرات الدالة مع محور الفاصيل. ) 0,5
تارين حلل ف دراسة الدال اللغاريتمية السية - سلسلة - ترين ]0,+ [ لتكن f الدالة العددية للمتغير الحقيقي المعرفة على المجال بما يلي f ( )= +ln. (O, i, j) منحنى الدالة f في معلم متعامد ممنظم + f ( ) f ( )
Εμπορική αλληλογραφία Παραγγελία
- Κάντε μια παραγγελία ا ننا بصدد التفكير في اشتراء... Επίσημη, με προσοχή ا ننا بصدد التفكير في اشتراء... يس ر نا ا ن نضع طلبي ة مع شركتك... يس ر نا ا ن نضع طلبي ة مع شركتك... Επίσημη, με πολλή ευγενεία
( ) ( ) ( ) ( ) v n ( ) ( ) ( ) = 2. 1 فان p. + r بحيث r = 2 M بحيث. n n u M. m بحيث. n n u = u q. 1 un A- تذآير. حسابية خاصية r
نهايات المتتاليات - صيغة الحد العام - حسابية مجمع متتابعة لمتتالية ) ( متتالية حسابية أساسها + ( ) ملاحظة - متتالية حسابية + أساسها ( ) متتالية حسابية S +... + + ه الحد الا ل S S ( )( + ) S ه عدد المجمع
الدور المحوري لسعر الفائدة: يشكل حلقة وصل بين سوقي السلع والنقود حيث يتحدد سعر الفائدة في سوق
: توازن سوقي السلع والنقود مقدمة: نحصل على نموذج الطلب الكينزي المطور )نموذج )/ عن طريق إدخال سوق النقود للمعالجة وتطوير دالة االستثمار لتعكس العالقة العكسية بين االستثمار وسعر الفائدة مع بقاء السعر ثابت.
)Decisions under certainty(
) مترين ( نظرية القرارات: مراحل عملية اختاذ القرار: معرفة بيئة وطبيعة القرار حتديد احلوادث أو األخطار حصر مجيع اخليارات والبدائل املتوفرة حتديد مقياس الفعالية )اهلدف من القرار( وضع جدول القرار أو ما يسمى
Le travail et l'énergie potentielle.
الشغل و الطاقة الوضع التقالية Le travail et l'énergie potentielle. الا ستاذ: الدلاحي محمد ) السنة الا ولى علوم تجريبية (.I مفهوم الطاقة الوضع الثقالية: نشاط : 1 السقوط الحر نحرر جسما صلبا كتلتھ m من نقطة
- سلسلة -3 ترين : 1 حل التمرين : 1 [ 0,+ [ f ( x)=ln( x+1+ x 2 +2 x) بما يلي : وليكن (C) منحناها في معلم متعامد ممنظم
تارين وحلول ف دراسة الدوال اللوغاريتمية والسية - سلسلة -3 ترين [ 0,+ [ نعتبر الدالة العددية f للمتغير الحقيقي المعرفة f ( )=ln( ++ 2 +2 ) بما يلي. (O, i, j) وليكن منحناها في معلم متعامد ممنظم ) ln يرمز
مقدمة: التحليل الخاص باإلنتاج والتكاليف يجيب عن األسئلة المتعلقة باإلنتاج الكميات المنتجة واألرباح وما إلى ذلك.
مقدمة:.1.2.3 التحليل الخاص باإلنتاج والتكاليف يجيب عن األسئلة المتعلقة باإلنتاج الكميات المنتجة واألرباح وما إلى ذلك. المنشأة في النظام الرأسمالي أيا كان نوعها هي وحدة القرار الخاصة باإلنتاج وهدفها األساسي
Immigration Studying ا ود التسجيل في الجامعة. ا ود التقدم لحضور مقرر. ما قبل التخرج ما بعد التخرج دكتوراه بدوام كامل بدوام جزي ي على الا نترنت
- University Stating that you want to enroll ا ود التسجيل في الجامعة. ا ود التقدم لحضور مقرر. Stating that you want to apply for a course Θα ήθελα να εγγραφώ σε πανεπιστήμιο. Θα ήθελα να γραφτώ για. ما
مجلس التعاون لدول الخليج العربية
مجلس التعاون لدول الخليج العربية االجتماع السنوي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية 5 أكتوبر 3 الرياض المملكة العربية السعودية إصالحات سوق العمل لتعزيز التوظيف واإلنتاجية في مجلس التعاون لدول الخليج
تمارين توازن جسم خاضع لقوتين الحل
تمارين توازن جسم خاضع لقوتين التمرين الأول : نربط كرية حديدية B كتلتها m = 0, 2 kg بالطرف السفلي لخيط بينما طرفه العلوي مثبت بحامل ( أنظر الشكل جانبه(. 1- ما نوع التأثير الميكانيكية بين المغنطيس والكرية
Tronc CS Calcul trigonométrique Cours complet : Cr1A Page : 1/6
1/ وحدات قياس زاوية الدرجة الراديان : (1 العلقة بين الدرجة والراديان: I الوحدة الكأثر استعمال لقياس الزوايا في المستويات السابقة هي الدرجة ونعلم أن قياس الزاوية المستقيمية هو 18 rd هناك وحدة لقياس الزوايا
1- عرض وتحليل النتائج الفرضية األولى: يبين مقارنة بين األوساط الحسابية واالنح ارفات المعيارية وقيمتي )T(
1- الفرضية األولى: جدول رقم )06(: يبين مقارنة بين األوساط الحسابية واالنح ارفات المعيارية وقيمتي )T( - المحسوبة والمجدولة بين العينتين التجريبية والضابطة لالختبار القبلي. اختبار التوافق الداللة df T t
األستاذ: بنموسى محمد ثانوية: عمر بن عبد العزيز المستوى: 1 علوم رياضية
http://benmoussamathjimdocom/ 55:31 5342-3-41 يم السبت : األستاذ: بنمسى محمد ثانية: عمر بن عبد العزيز المستى: 1 علم رياضية إحداثيات نقطة بالنسبة لمعلم - إحداثيات متجهة بالنسبة ألساس: األساس المعلم في الفضاء:
( ) ( ) ( ) ( ) ( )( ) z : = 4 = 1+ و C. z z a z b z c B ; A و و B ; A B', A' z B ' i 3
) الحدة هي ( cm ( 4)( + + ) P a b c 4 : (, i, j ) المستي المرآب منسب إلى المعلم المتعامد المتجانس + 4 حل في مجمعة الا عداد المرآبة المعادلة : 0 6 + من أجل آل عدد مرآب نصع : 64 P b, a أ أحسب (4 ( P ب عين
الجزء الثاني: "جسد المسيح الواحد" "الجسد الواحد )الكنيسة(" = "جماعة المؤمنين".
اجلزء الثاين من حبث )ما هو الفرق بني الكلمة اليواننية )سوما )σῶμά بقلم الباحث / مينا سليمان يوسف. والكلمة اليواننية )ساركس σάρξ ((!. الجزء الثاني: "جسد المسيح الواحد" "الجسد الواحد )الكنيسة(" = "جماعة
( ) [ ] الدوران. M يحول r B و A ABC. 0 2 α فان C ABC ABC. r O α دورانا أو بالرمز. بالدوران r نكتب -* النقطة ' M إلى مثال لتكن أنشي 'A الجواب و 'B
الدران I- تعريف الدران 1- تعريف لتكن O نقطة من المستى المجه P α عددا حقيقيا الدران الذي مرآزه O زايته من P نح P الذي يربط آل نقطة M بنقطة ' M ب: M = O اذا آانت M ' = O - OM = OM ' M O اذا آان - OM ; OM
دليل المو ش ات ا دلة المنهجية والجودة - دليل رقم (9)
دليل المو ش ات الا حصاي ية ا دلة المنهجية والجودة - دليل رقم (9) www.scad.ae قائمة المحتويات دليل المو ش ات الا حصاي ية المقد مة 3 جودة المؤشرات 5 ا دلة المنهجية والجودة - دليل رقم (9) الفصل األول: اإلحصاءات
مقدمة: في هذا الفصل سنفترض سيادة المنافسة الكاملة وبالتالي فإن سلوك المنشأة في ظل هذا االفتراض سيتبع خصائص المنافسة الكاملة.
مقدمة: للتعرف على عرض المنشأة في السوق نرجع إلى تحليل اإلنتاج والتكاليف وإلى وضع المنشأة بالسوق االذي تعمل به. وضع المنشأة بالسوق الذي تعمل به يمكن استيعابه من خالل دراسة هيكل السوق وما إذا كان تنافسيا
مادة الرياضيات 3AC أهم فقرات الدرس (1 تعريف : نعتبر لدينا. x y إذن
أهم فقرات الدرس معادلة مستقيم مادة الرياضيات _ I المعادلة المختصرة لمستقيم غير مواز لمحور الا راتيب ( تعريف ; M ( التي تحقق المتساوية m + هي مستقيم. مجموعة النقط ( المتساوية m + تسمى المعادلة المختصرة
اختالل التوازن والسياسات المالية والنقدية
: اختالل التوازن والسياسات المالية والنقدية مقدمة: انزحاف أي من منحنيي )IS( أو )( أو كالهما معا يؤدي الختالل توازن أحد السوقين )سوق السلع والخدمات سوق النقود واألصول( بالتالي يختل توازن االقتصاد العام
Engineering Economy. Week 12
Egieerig Ecoomy Week Depreciatio Methods شرح النوت فيديو متوفر على قناتكم HS Egieers نوت اإلكونومي تتكون النوت من عشرة أجزاء. يحتوي نوت كل أسبوع على شرح وحلول ألمثلة وتمارين من هوموركات وامتحانات سابقة.
ضمان االستثمار عدد خاص االفتتاحية... 3 مجلساإلدارة... 4 أنشطةالمؤسسة... 4 آفاق االقتصادات العربية لعام
ضمان االستثمار االفتتاحية. 3 مجلساإلدارة 4 أنشطةالمؤسسة. 4 الùسنة الثالثة والثالثون العدد الفüصلي الأول )يناير مارSس 2015( عدد خاص آفاق االقتصادات العربية لعام 2015. 5 تطور التقييمات السيادية في الدول
( ) ( ) ( ) = ( 1)( 2)( 3)( 4) ( ) C f. f x = x+ A الا نشطة تمرين 1 تمرين تمرين = f x x x د - تمرين 4. نعتبر f x x x x x تعريف.
الثانية سلك بكالوريا علوم تجريبية دراسة الدوال ( A الا نشطة تمرين - حدد رتابة الدالة أ- ب- و مطاريفها النسبية أو المطلقة إن وجدت في الحالات التالية. = ج- ( ) = arctan 7 = 0 = ( ) - حدد عدد جذور المعادلة
X 1, X 2, X 3 0 ½ -1/4 55 X 3 S 3. PDF created with pdffactory Pro trial version
محاضرات د. حمودي حاج صحراوي كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير جامعة فرحات عباس سطيف تحليل الحساسية في البرمجة الخطية غالبا ما ا ن الوصول ا لى الحل الا مثل لا يعتبر نهاية العملية التي استعملت
حالة انعدام األمن الغذايئ يف العامل
٢٠١٥ حالة انعدام األمن الغذايئ يف العامل تحقيق الغايات الدولية الخاصة بالجوع لعام 2015: تقييم التقد م املتفاوت الرسائل الرئيسية Jيعاني نحو 795 مليون نسمة من نقص التغذية على مستوى العالم بعدما تراجع بنحو
يط... األعداد المركبة هذه التمارين مقترحة من دورات البكالوريا من 8002 إلى التمرين 0: دورة جوان 8009 الموضوع األول التمرين 8: دورة جوان
األعداد المركبة 800 هذه التمارين مقترحة من درات البكالريا من 800 إلى 800 المضع األل التمرين 0: حل في مجمعة األعداد المركبة المعادلة: = 0 i ( + i) + نرمز للحلين ب حيث: < ( عدد حقيقي ) 008 - بين أن ( المستي
مكافحة الجوع في العالم أوضاع التغذية المدرسية على المستوى العالمي برنامج األغذية العالمي
مكافحة الجوع في العالم أوضاع التغذية المدرسية على المستوى العالمي 2013 برنامج األغذية العالمي أوضاع التغذية المدرسية على المستوى العالمي 2013 ن رش بواسطة: برناجم األغذية العالمي روما إيطاليا أعد هذه الدراسة
( D) .( ) ( ) ( ) ( ) ( ) ( ) الا سقاط M ( ) ( ) M على ( D) النقطة تعريف مع المستقيم الموازي للمستقيم على M ملاحظة: إذا آانت على أ- تعريف المستقيم ) (
الا سقاط القدرات المنتظرة *- الترجمة المتجهية لمبرهنة طاليس 1- مسقط نقطة مستقيم D مستقيمين متقاطعين يجد مستقيم حيد مار من هذا المستقيم يقطع النقطة يازي في نقطة حيدة ' ' تسمى مسقط نقطة من المستى تعريف )
تقرير التجارة والتنمية 2013
مؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية األونكتاد تقرير التجارة والتنمية 213 تقرير من إعداد أمانة مؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية األمم املتحدة مؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية جنيف تقرير التجارة
مسح الموازنة المفتوحة 2015 الموازنات المفتوحة. تطوير مستويات المعيشة.
مسح الموازنة المفتوحة 2015 الموازنات المفتوحة. تطوير مستويات المعيشة. شركاء مسح الموازنة المفتوحة لعام 2015 قطر For inquiries, please contact the International Budget Partnership رومانيا A&A Expert Advice
( ) ( ) ( ) ( ) تمرين 03 : أ- أنشيء. ب- أحسب ) x f ( بدلالة. ب- أحسب ) x g ( تعريف : 1 = x. 1 = x = + x 2 = + من x بحيث : لتكن لكل. لكل x من.
عمميات حل الدال العددية السنة الا لى علم تجريبية علم رياضية تذآير : إشارة دالة تا لفية ثلاثية الحدد طريقة المميز المختصر ( 4 ): ( ) I- زجية دالة عددية : -( أنشطة : تمرين 0 : أدرس زجية الدالة العددية في
ΣΥΜΦΩΝΙΑ ΣΥΝΕΡΓΑΣΙΑΣ ΣΤΟΥΣ ΤΟΜΕΙΣ ΤΗΣ ΑΝΩΤΕΡΗΣ ΕΚΠΑΙΔΕΥΣΗΣ ΚΑΙ ΤΩΝ ΕΠΙΣΤΗΜΩΝ ΜΕΤΑΞΥ ΤΗΣ ΚΥΒΕΡΝΗΣΗΣ ΤΗΣ ΚΥΠΡΙΑΚΗΣ ΔΗΜΟΚΡΑΤΙΑΣ ΚΑΙ
ΣΥΜΦΩΝΙΑ ΣΥΝΕΡΓΑΣΙΑΣ ΣΤΟΥΣ ΤΟΜΕΙΣ ΤΗΣ ΑΝΩΤΕΡΗΣ ΕΚΠΑΙΔΕΥΣΗΣ ΚΑΙ ΤΩΝ ΕΠΙΣΤΗΜΩΝ ΜΕΤΑΞΥ ΤΗΣ ΚΥΒΕΡΝΗΣΗΣ ΤΗΣ ΚΥΠΡΙΑΚΗΣ ΔΗΜΟΚΡΑΤΙΑΣ ΚΑΙ ΤΗΣ ΚΥΒΕΡΝΗΣΗΣ ΤΟΥ ΚΡΑΤΟΥΣ ΤΟΥ ΚΟΥΒΕΙΤ 1 Συμφωνία Συνεργασίας στους τομείς
)الجزء األول( محتوى الدرس الددراتالمنتظرة
األعداد العقدية )الجزء األل ) 1 ثانية المنصر الذهبي التأهيلية نيابة سيدي البرنصي - زناتة أكا يمية الدار البيضاء الكبرى األعدا القددية )الجزء األل( األستاذ تباعخالد المستى السنة الثانية بكالريا علم تجريبية
Μετανάστευση Έγγραφα ا ين يمكنني ا يجاد استمارة ل ا ين تم ا صدار [مستند] الخاص متى تنتهي صلاحية هويتك هل يمكنك مساعدتي في ملء الاستمارة
- Γενικά Πού μπορώ να βρω τη φόρμα για ; Για να ρωτήσετε που μπορείτε να βρείτε μια φόρμα Πότε εκδόθηκε το [έγγραφο] σας; Για να ρωτήσετε πότε έχει εκδοθεί ένα έγγραφο Πού εκδόθηκε το [έγγραφο] σας; Για
( ) تعريف. الزوج α أنشطة. لتكن ) α ملاحظة خاصية 4 -الصمود ليكن خاصية. تمرين حدد α و β حيث G مرجح
. المرجح القدرات المنتظرة استعمال المرجح في تبسيط تعبير متجهي إنشاء مرجح n نقطة 4) n 2 ( استعمال المرجح لا ثبات استقامية ثلاث نقط من المستى استعمال المرجح في إثبات تقاطع المستقيمات استعمال المرجح في حل
الغالف والتصميم: لويزا منجفار وجورج ساالزار اجلمع التصويري: شركة ميريلند للجمع التصويري
213 International Monetary Fund الطبعة العربية صندوق النقد الدويل 213 الغالف والتصميم: لويزا منجفار وجورج ساالزار اجلمع التصويري: شركة ميريلند للجمع التصويري Cataloging-in-Publication Data Joint Bank-Fund
تايضاير و مولع يئاهن Version 1.1 اي ل
ر ي ا ض ي ا ت نهائي علم Version أ ج ل م ن ب د ا ي ة ح س ن ة ك م ا ل ح ا م د ي 0 الدرجة الثانية... عمميات على الدال... 3 قاعد احلساب على املتباينات... تطبيقات...6 a مع 0 p() = a + b + c p() = a [( + b )
مثال: إذا كان لديك الجدول التالي والذي يوضح ثلاث منحنيات سواء مختلفة من سلعتين X و Yوالتي تعطي المستهلك نفس القدر من الا شباع
- هذا الا سلوبعلى أنه لا يمكن قياس المنفعة بشكل كمي بل يمكن قياسها بشكل ترتيبي حسب تفضيلات المستهلك. يو كد و يقوم هذا الا سلوب على عدد من الافتراضات و هي:. قدرة المستهلك على التفضيل. -العقلانية و المنطقية.
تمرين 1. f و. 2 f x الجواب. ليكن x إذن. 2 2x + 1 لدينا 4 = 1 2 أ - نتمم الجدول. g( x) ليكن إذن
تمرين تمارين حلل = ; دالتين عدديتين لمتغير حقيقي حيث = + - حدد مجمعة تعريف الدالة - أعط جدل تغيرات لكل دالة من الدالتين - أ) أنقل الجدل التالي أتممه - D ب) حدد تقاطع C محر الافاصيل ( Oi ج ( المنحنيين C
قياس و تحليلكفاءة األنظمة الصحية العربية باستخدام أسلوب التحليل التطويقي للبيانات
مجلة أداء المؤسسات الجزائرية العدد /5002 08 قياس و تحليلكفاءة األنظمة الصحية العربية باستخدام أسلوب التحليل التطويقي للبيانات Measurement and analysis of Arab health systems efficiency Using Data Envelopment
تقرير استشاري. March 2018 / KS DP024-ARA النمو من خالل التنوع وكفاية الطاقة: إنتاجية الطاقة في المملكة العربية السعودية 1
النمو من خالل التنوع وكفاية الطاقة: إنتاجية الطاقة في المملكة العربية السعودية تقرير استشاري March 218 / KS-218--DP24-ARA النمو من خالل التنوع وكفاية الطاقة: إنتاجية الطاقة في المملكة العربية السعودية
المحتويات المحاضرة الثالثة تعريف السوق أشكال األسواق وظائف السوق المحاضرة ال اربعة قوى السوق: الطلب والعرض تعريف جدول الطلب قانون الطلب
مقرر مبادئ االقتصاد واإلدارة االقتصاد مبادئ األول: الجزء 1 المحتويات المحاضرة األولى تعريف علم االقتصاد طبيعة علم االقتصاد الحاجات اإلنسانية أنواع الحاجات والرغبات خصائص الحاجات والرغبات الموارد االقتصادية
تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية
تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية االبتكار الخارق والنمو االقتصادي سلسلة اقتصاديات وإحصائيات الويبو 2015 تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية االبتكار الخارق والنمو االقتصادي سلسلة اقتصاديات واحصائيات
حامل لمرض الخلية المنجلية
حامل لمرض الخلية المنجلية معلومات حول حاملي األمراض الهيموجلوبية من البالغين أنت حامل لمرض الخلية المنجلية توضح نتيجة التحليل الخاص بك: حامل لهيموجلوبين (Hb AS) S Arabic Version: Information for adult
( ) ( ) ( ) - I أنشطة تمرين 4. و لتكن f تمرين 2 لتكن 1- زوجية دالة لكل تمرين 3 لتكن. g g. = x+ x مصغورة بالعدد 2 على I تذآير و اضافات دالة زوجية
أ عمميات حل الدال العددية = [ 1; [ I أنشطة تمرين 1 لتكن دالة عددية لمتغير حقيقي حيث أدرس زجية أدرس رتابة على آل من[ ;1 [ استنتج جدل تغيرات دالة زجية على حيز تعريفها ( Oi ; ; j 1 استنتج مطاريف الدالة إن
[ ] [ ] ( ) ( ) ( ) ( ) ( ) I و O B بالنسبة ل AC) ( IO) ( بالنسبة C و S M M 1 -أنشطة: ليكن ABCD معين مرآزه O و I و J منتصفي
O ( AB) تحيلات في المستى القدرات المنتظرة - التعرف على تقايس تشابه الا شكال استعمال الا زاحة التحاآي التماثل. - استعمال الا زاحة التحاآي التماثل في حل مساي ل هندسية. [ AD] التماثل المحري التماثل المرآزي
( ) / ( ) ( ) على. لتكن F دالة أصلية للدالة f على. I الدالة الا صلية للدالة f على I والتي تنعدم في I a حيث و G دالة أصلية للدالة حيث F ملاحظات ملاحظات
الا ستاذ محمد الرقبة مراآش حساب التكامل Clcul ntégrl الدال الا صلية (تذآير آل دالة متصلة على مجال تقبل دالة أصلية على. الدالة F هي الدالة الا صلية للدالة على تعني أن F قابلة للا شتقاق على لكل من. F لتكن
جاء تأسيس منتدى االستراتيجيات األردني ترسيخا إلرادة حقيقية من القطاع الخاص باملشاركة في حوار بناء حول
جاء تأسيس منتدى االستراتيجيات األردني ترسيخا إلرادة حقيقية من القطاع الخاص باملشاركة في حوار بناء حول األمور االقتصادية واالجتماعية التي ي عنى بها املواطن األردني ويجمع املنتدى مؤسسات وشركات رائدة وفاعلة
أثر النمو االقتصادي على البطالة يف االقتصاد األردني خالل الفرتة) (
ISSN : 2352-9822 العدد السادس / ديسمرب 2016 OEB Univ. Publish. Co. أثر النمو االقتصادي على البطالة يف االقتصاد األردني خالل الفرتة) 2012-1990 ( Impact of Economic Growth on employment in the Jordanian
تحليل اقتصادي كلي ويتغير مع تغيراته.
الدوال االقتصادية الكلية تعرف الدالة بأنها عالقة تربط بين كل عنصر في مجموعة تسمى "مجال الدالة" وعنصر واحد فقط في مجموعة أخرى تسمى "مدى الدالة". وهناك أنواع مختلفة من الدوال كالخطية واألسية واللوغاريتيمة..إلخ.
نقص مناعي مشترك حاد هذا الكتاب وضع للمرضى و ألسرهم فهو إذن ال يغني عن استشارة الطبيب
نقص مناعي مشترك حاد هذا الكتاب وضع للمرضى و ألسرهم فهو إذن ال يغني عن استشارة الطبيب 1 متوفر أيضا : - عوز مناعي شائع متغير - متالزمة فرط إجM - نقص غاما غلوبني املرتبط بX - الورم احلبيبي اإلنثنائي املزمن
آفاق االقتصاد العاملي ضعف الطلب: األعراض والعالج
دراسات استقصائية لألوضاع االقتصادية واملالية العاملية أكتوبر ٢٠١٦ آفاق االقتصاد العاملي ضعف الطلب: األعراض والعالج آفاق االقتصاد العاملي ضعف الطلب األعراض والعالج أكتوبر ٢٠١٦ صندوق النقد الدويل صندوق النقد
اثر التقلبات االقتصادية العالمية على اسعار النفط. The Impact of Global Economic Fluctuations on Oil Prices
1 اثر التقلبات االقتصادية العالمية على اسعار النفط 3 محمد 2 لميا عبدالرحمن الحقباني ملخص: نشوى مصطفى تتميز الد ارسة الحالية عن غيرها من الد ارسات بحداثة البيانات والفترة المستخدمة حيث تندر الد ارسات التي
دراسات استقصائية لألوضاع االقتصادية واملالية العاملية
دراسات استقصائية لألوضاع االقتصادية واملالية العاملية آفاق االقتصاد العاملي تركات وغيوم وعدم يقين أكتوبر ٢٠١٤ صندوق النقد الدويل دراسات استقصائية لألوضاع االقتصادية واملالية العاملية آفاق االقتصاد العاملي
دور العوامل الشخصية والبيئية في نجاح ممارسات العمل الحر "د ارسة تطبيقية على خريجي مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة"
The Islamic University Gaza Research and Postgraduate Affairs Faculty of Commerce Master Business Administration الجامعة اإلسالمية غزة شئون البحث العلمي والد ارسات العليا كلية التجارة ماج ست ير إدارة األعمال
ق ارءة ارفدة في نظرية القياس ( أ )
ق ارءة ارفدة في نظرية القياس ( أ ) الفصل األول: مفاهيم أساسية في نظرية القياس.τ, A, m P(Ω) P(Ω) فيما يلي X أو Ω مجموعة غير خالية مجموعة أج ازئها و أولا:.τ τ φ τ الحلقة: τ حلقة واتحاد أي عنصرين من وكذا
العمالة الوافدة في األردن: تحليل للواقع وسياسات اإلحالل
المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية National Center for Human Resources Development مشروع المنار Al-Manar Project العمالة الوافدة في األردن: تحليل للواقع وسياسات اإلحالل اشراف أ.د. عبد هللا عبابنة اعداد
=fi Í à ÿ ^ = È ã à ÿ ^ = á _ n a f = 2 k ÿ ^ = È v 2 ح حم م د ف ه د ع ب د ا ل ع ز ي ز ا ل ف ر ي ح, ه ف ه ر س ة م ك ت ب ة ا مل ل ك ف ه د ا ل و
ت ص ح ي ح ا ل م ف ا ه ي م fi Í à ÿ ^ = È ã à ÿ ^ = á _ n c f = 2 k ÿ ^ = È v ك ت ب ه ع ض و ه ي ئ ة ا ل ت د ر ي س ب ا مل ع ه د ا ل ع ا يل ل ل ق ض ا ء ط ب ع و ق ف فا هلل ع ن ا ل ش ي خ ع ب د ا هلل ا جل د
جداول احلياة اإلقصائية لألورام الرسطانية وأثرها عىل مأمول احلياة عند امليالد يف الكويت
EMHJ Vol. 19 Supplement 3 213 Eastern Mediterranean Health Journal La Revue de Santé de la Méditerranée orientale جداول احلياة اإلقصائية لألورام الرسطانية وأثرها عىل مأمول احلياة عند امليالد يف الكويت
االتصال والمنافسة والتغيير من أجل النمو الشامل
آفاق القدرة التنافسية لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعام 2015 االتصال والمنافسة والتغيير من أجل النمو الشامل 25 5 8 الخرباء المفكرين دراسات الحالة المالمح القطرية ديمومة أثر التجارة جمیع الحقوق محفوظة
مرونات الطلب والعرض. العراق- الجامعة المستنصرية
مرونات الطلب والعرض أ.د.عبد الستارعبد الجبار موسى http://draamusa.weebly.com العراق- الجامعة المستنصرية مفهوم المرونات لقد وضحت النظرية االقتصادية اتجاه تأثير المتغيرات الكمية )السعر الدخل اسعار السلع
إدارة صناديق استقرار اإليرادات النفطية: إطار لوضع السياسات نادر الكثيري وطارق عطااهلل وفريدريك ميرفي وأكسل بيرو. October 2017 / KS DP021-ARA
إدارة صناديق استقرار اإليرادات النفطية: إطار لوضع السياسات نادر الكثيري وطارق عطااهلل وفريدريك ميرفي وأكسل بيرو October 2017 / KS-2017--DP021-ARA عن كابسارك مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية
محاضرات في النظرية االقتصادية الكلية
جامعة: حممد بوضياف املسيلة كلية: العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم: العلوم المالية والمحاسبة محاضرات في النظرية االقتصادية الكلية سنة ثانية مالية ومحاسبة من إعداد: د/عنتر بوتيارة 6102 6102/
ما هي متلازمة بلاو/داء الساركويد الشبابي
www.printo.it/pediatric-rheumatology/lb/intro ما هي متلازمة بلاو/داء الساركويد الشبابي نسخة من 2016 1- ما هي متلازمة بلاو/داء الساركويد الشبابي 1-1 ما هي متلازمة بلاو هي مرض وراثي. وي عاني المصابين به
سوق االحتكار الفصل 11 أ/ سميرة بنت سعيد المالكي جامعة الملك سعود
سوق االحتكار الفصل 11 أ/ سميرة بنت سعيد المالكي جامعة الملك سعود تعريف االحتكار الوضع في السوق حيث يوجد منتج أو بائع واحد للسلعة الفرق بين االحتكار والمنافسة الكاملة المنافسة الكاملة االحتكار المنشاة ال
دائرة البحوث الإقتüصادية والإحüصاء
18 9 Ω2016 ȪàÑ S دائرة البحوث الإقتüصادية والإحüصاء Uص.ب 1161,روي, الرمز الربيدي 112, سلطنة عمان تليفون:,)968( 24777113 فاك س )968( 24777714 املوقع الإلكرتوين: http://www.cbo.gov.om الربيد الإلكرتوين:
برعاية سيدا شارة التحدي. U N i T E D N AT i O N S. C h A l l E N G E B A D G E الخاصة باملياه CBD :: FAO :: UN-WATER :: WAGGGS :: WOSM
سلسلة التعلم والعمل من االتحاد العالمي للشباب واألمم المتحدة برعاية سيدا WATER U N i T E D N AT i O N S C h A l l E N G E B A D G E شارة التحدي الخاصة باملياه CBD :: FAO :: UN-WATER :: WAGGGS :: WOSM سلسلة
60 طبعة الذكرى السنوية الستين asdf التنمية في عالم يشيخ دراسة الحالة االقتصادية واالجتماعية في العالم 2007 إدارة الشؤون االقتصادية
إدارة الشؤون االقتصادية دراسة الحالة االقتصادية واالجتماعية في العالم 2007 التنمية في عالم يشيخ واالجتماعية 60 طبعة الذكرى السنوية الستين 2007-1948 asdf األمم المتحدة E/2007/50/Rev.1 ST/ESA/314 إدارة الشؤون
التمرين الثاني )3 2-( نعتبر في المستوى المنسوب إلى معلم متعامد ممنظم التي معادلتها : 3-( بين أن المستوى مماس للفلكة في النقطة.
التمرين األل) 3 نقط ) نعتبر في الفضاء المنسب إلى معلم متعامد ممنظم مباشر التي معادلتها : النقطتين الفلكة الفلكة هي النقطة أن شعاعها ه تحقق من أن تنتمي إلى 1-( بين أن مركز 2-( حددمثلث إحداثيات المتجهة بين
تقرير حالة البيئة في إمارة أبوظبي 2017
تقرير حالة البيئة في إمارة أبوظبي 2017 تقرير حالة البيئة في إمارة أبوظبي 2017 المحتويات المحتويات 139 89 االفتتاحية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان 5 معالي محمد أحمد البواردي 7 سعادة رزان خليفة المبارك
١٤ أغسطس ٢٠١٧ العمليات الحسابية الا ساسية مع الا شع ة ٢ ٥
ح اب الا شع ة (ال هات) ١٤ أغسطس ٢٠١٧ ال ات ٢ الا شع ة ١ ٣ العمليات الحسابية الا ساسية مع الا شع ة ٢ ٥ هندسة الا شع ة ٣ ٩ الضرب التقاطعي - Product) (eng. Cross ٤ ١ ١ الا شع ة يمكننا تخي ل الا عداد الحقيقية
دائرة البحوث الإقتüصادية والإحüصاء
18 11 Ω2016 Ȫaƒf دائرة البحوث الإقتüصادية والإحüصاء Uص.ب 1161,روي, الرمز الربيدي 112, سلطنة عمان تليفون:,)968( 24777113 فاك س )968( 24777714 املوقع الإلكرتوين: http://www.cbo.gov.om الربيد الإلكرتوين:
مجلة جامعة النجاح لألبحاث )العلوم اإلنسانية( المجلد 32)1( 2018
دراسة تحليلية كمية ألساليب التنبؤ بأعداد الطلبة في المدارس الفلسطينية * Analytical Quantitative Study for Forecasting Methods of the Numbers of Students in Palestinian Schools رجاء البول* وأنمار زيد الكيالني**
التاسعة أساسي رياضيات
الرياضيات المهدي بوليفة الدرس الت اسع www.monmaths.com التاسعة أساسي رياضيات التعيين في المستوي جذاذة التلميذ محتوى الدرس 1 1. أنشطة إستحضاري ة... 4 8 مسقط نقطة على مستقيم وفقا لمنحى معطى... تعيين نقطة
Contents مقدمة. iii. vii. xxi
Contents iii vii xxi ٣ ٥ ١١ ١١ ١٣ ١٦ ٢٠ ٢٣ ٢٦ ٢٧ ٢٩ ٣٢ ٣٥ ٣٥ xi مقدمة قاي مة الرموز المستعملة الفصل الا ول مفاهيم ا ساسية عن الجودة مقدمة ١ ملامح تاريخية عن تطور مفهوم الجودة و ا دارهتا ٢ ما هي الجودة
الترقيم الدولي المعياري للدوريات
المجلد 11 العدد 2 صفر 1346 ه / ديسمبر 2014 م الترقيم الدولي المعياري للدوريات 1996 2339 تقصي دقة تقدير النموذج اللوجستي ثالثي المعلمة لمعالم الفقرة وقدرة األفراد في ضوء تغير طول االختبار وحجم العينة: دراسة
المجاالت المغناطيسية Magnetic fields
The powder spread on the surface is coated with an organic material that adheres to the greasy residue in a fingerprint. A magnetic brush removes the excess powder and makes the fingerprint visible. (James
P. Benameur nabil مفهوم املنفعة املنفعة الكلية واملنفعة احلدية. توازن املستهلك. التبادل. اشتقاق منحىن الطلب. األثر االحاليل واألثر الدخلي.
P Benameur nabil مفهوم املنفعة املنفعة الكلية واملنفعة احلدية توازن املستهلك التبادل اشتقاق منحىن الطلب األثر االحاليل واألثر الدخلي 1 2 3 4 5 كانه تايرظن ليلحتل و ةسارد في هيعس ىصقأ( عابشإ )تاجاحلل في
مبادئ الاقتصاد الكلي 301 قصد الدخل والا نفاق
مبادئ الاقتصاد الكلي 301 قصد إعداد وتقديم : د. أحمد سالمة شمعون الوحدة» «الثالثة الدخل والا نفاق أولا : الاستهلاك مكونات الناتج المحلي(بطريقة الا نفاق (. 1 االستهالك. (C).2 االستثمار (I) 3. االنفاق الحكومي.
أسئلة استرشادية لنهاية الفصل الدراسي الثاني في مادة الحاسوب للصف السابع للعام الدراسي
أسئلة استرشادية لنهاية الفصل الدراسي الثاني في مادة الحاسوب للصف السابع للعام الدراسي - 1024 1025 س 1 / : أكمل ما يلي إدراج التبويب باختيار واختيار صورة من مجموعة رسومات توضيحية. 1- يمكن إدراج صورة من
Health. My 2016 األساسيات تسهيل اتخاذ الخيارات الصحية إلى أي مدى تكون األنفلونزا نشطة في الوالية أو المدينة التي تقطن بها
المجلد رقم 2 Health My 2016 بالداخل: رعاية مرضى السكري من األلف إلى الياء التغلبعلى األنفلونزا األساسيات هل كنت تعلم أنه بإمكانك اإلعداد من اآلن لالستمتاع بصحتك حتى في موسم األنفلونزا إلى أي مدى تكون األنفلونزا
البريد اإللكتروني:
Minisèr d l'nsignmn suériur d la rchrch scinifiqu Univrsié 8 mai 45 Gulma Faculé ds scincs économiqus commrcials scincs d gsion Déarmn ds scincs d gsion زارة التعليم العالي البحث العلمي جامعة 8 ماي 45
البرنامج هو سلسلة متتالية من التعليمات يمكننا تشبيهها بوصفة إعداد وجبة غذائية, نوتة موسيقية أو
الفصل األول باسكال البرمجة بلغة البرمجة إلى مدخل 1.1 المقدمة البرنامج هو سلسلة متتالية من التعليمات يمكننا تشبيهها بوصفة إعداد وجبة غذائية, نوتة موسيقية أو نموذج حياكة, وتتميز عنها ب ارمج الحاسوب بشكل
ظاهرة دوبلر لحركة المصدر مقتربا أو مبتعدا عن المستمع (.
ظاهرة دوبلر وهي من الظواهر المألوفة إذا وجدت سرعة نسبية بين مصدر الصوت والسامع تغيرت درجة الصوت التي تستقبلها أذن السامع وتسمى هذه الظاهرة بظاهرة دوبلر )هو التغير في التردد او بالطول الموجي نتيجة لحركة
Factors affecting the rate of unemployment in Palestine ( )
إق ارر أنا الموقع أدناه مقدم الرسالة التي تحمل العنوان: العوامل المو ثرة على معدل البطالة في فلسطين (2012-1996) Factors affecting the rate of unemployment in Palestine (1996-2012) أقر با ن ما اشتملت علیه
Y = AD, AD = C + I + G Y = C + I + G
: توازن سوق السلع والخدمات مقدمة: يتكون االقتصاد في النموذج الكينزي المبسط من سوق واحدة هي سوق السلع والخدمات. يتشكل سوق السلع والخدمات من القطاعات األساسية التالية: قطاع االستهالك: هم األفراد واألسر الذين
( ) ( ) [ [ ( ) ( ) ( ) =sin2xcosx ( ) lim. lim. α; ] x حيث. = x. x x نشاط 3 أ- تعريف لتكن. x نهاية l في x 0 ونرمز لها ب ب- خاصية نهاية على اليمين في
الاشتقاق تطبيقاته دراسة الدال www.woloj.com - الاشتقاق في نقطة- الدالة المشتقة ( A أنشطة نشاط باستعمال التعريف ادرس اشتقاق الدالة في حدد العدد المشتق في إن جد ثم حدد معادلة المماس أ نصف المماس لمنحنى الدالة
المواضيع ذات أهمية بالغة في بعض فروع الهندسة كالهندسة الكهربائية و الميكانيكية. (كالصواريخ و الطائرات و السفن و غيرها) يحافظ على إستقرار
بسم اللهجلال الحاج الرحمن عبدالرحيم يشرح المقال هذا بعض أهم المفاهيم و المواضيع النظرية للتحكم هذه المفاهيم و المواضيع ذات أهمية بالغة في بعض فروع الهندسة كالهندسة الكهربائية و الميكانيكية. تظهر أهمية
Acceptance Sampling Plans. مقدمة المستهلك.
الباب الخامس ضبط الجودة عن طريق خطط الفحص و عينات القبول Acceptance Sampling Plans د. محمد عيشوني أستاذ مساعد قسم التقنية الميكانيكية - ٢٠٠٤ m_aichouni@yahoo.co.uk مقدمة تقتني الشرآات الصناعية المواد الخام
المؤتمر العلمي الدولي عولمة اإلدارة في عصر المعرفة 51-51( ديسمبر ) 2152 جامعة الجنان ط اربلس- لبنان إعداد
المؤتمر العلمي الدولي عولمة اإلدارة في عصر المعرفة 51-51( ديسمبر ) 2152 جامعة الجنان ط اربلس- لبنان البحث عنوان نظريات الفكر اإلداري تطور وتباين أم تنوع و تكامل إعداد األستاذ الدكتور عبد الفتاح بوخمخم
ﻉﻭﻨ ﻥﻤ ﺔﺠﻤﺩﻤﻟﺍ ﺎﻴﺠﻭﻟﻭﺒﻭﺘﻟﺍ
The Islamic iversity Joural (Series of Natural Studies ad Egieerig) Vol.4, No., P.-9, 006, ISSN 76-6807, http//www.iugaza.edu.ps/ara/research/ التوبولوجيا المدمجة من نوع * ا.د. جاسر صرصور قسم الرياضيات